وكالات- كتابات:
تم إغلاق حالة التجارة الخارجية الإيرانية في عام 1402هـ (20 آذار/مارس 2023 – 19 آذار/مارس 2024)، بينما شهدت صادرات “إيران” انخفاضًا كبيرًا في القيمة في مقابل استمرار نمو الواردات. كما وصل العجز التجاري للبلاد إلى مستوى قياسي منخفض بلغ: (16.8) مليار دولار، والذي يمكن تقيّيمه بما يتماشى مع سياسة الحكومة للسيّطرة على الأسعار في السواق المحلية.
وحسّب تقرير لصحيفة (دنياي اقتصاد) الإيرانية؛ على الرُغم من هذه التغيّرات، فإن الأرقام التجارية الإجمالية في العام السابق لا تختلف اختلافًا كبيرًا للوهلة الأولى عن العام الذي سبقه. لم تتغيّر وجهات التصدير الرئيسة الخمس لـ”إيران”؛ وظلت قائمة الواردات الرئيسة ثابتة؛ لا تزال تجارة “إيران” تقتصّر على قائمة قصيرة، وتم إرسال: (73%) من الصادرات إلى (05) دول، وتم توفير: (77%) من احتياجات استيراد البلاد من (05) مصادر.
ومع ذلك؛ فإن النظر في تفاصيل الإحصاءات يمكن أن يحتوي على رسائل لصانعي السياسات والناشطين الاقتصاديين في البلاد التي من المهم الانتباه إليها.
تأثر الواردات والصادرات..
وفي العام الماضي؛ قدمت “الجمارك” إحصاءات تتسّم بقدرٍ أكبر من الشفافية. في الأشهر الأخيرة من عام 1402هـ، ولأول مرة منذ عدة سنوات، تم تقديم أرقام مبيعات “النفط الإيراني” من قبل هيئة رسّمية، في إشارة إلى تخفيف تشديد العقوبات على “النفط الإيراني”. وهذا بدوره يمكن أن يؤثر على حجم الواردات الإيرانية في عام 1403هـ.
تغييّر آخر يتعلق بصادرات “إيران”. على الرُغم من أن قائمة أكبر: (10) عملاء للبضائع الإيرانية في عام 1402 لم تتغيّر عن عام 1401هـ، إلا أن قيمة الصادرات إلى الشريكين الرئيسيين؛ (تركيا والعراق)، قد انخفضت بشكلٍ كبير. وأخيرًا، فإن معالجة نتائج الدبلوماسية الاقتصادية للحكومة في العام الماضي هي تفصيل آخر ملحوظ لتجارة “إيران” في عام 1402.
سرية الإحصاءات..
بعد انسّحاب “الولايات المتحدة” من “خطة العمل الشاملة المشتركة”؛ وبدء جولة جديدة من العقوبات ضد “إيران”، كان هناك ضغط إضافي على مبيعات “النفط” الإيرانية، وهذا هو السبب في أن صانعي السياسة الإيرانيين كانوا يحاولون حماية أسواق التصدير الإيرانية في قطاع النفط من خلال الحفاظ على سرية الإحصاءات.
واعتبارًا من نهاية الخريف الماضي، قدمت “الجمارك” بيانات عن مبيعات النفط الإيرانية؛ بالإضافة إلى إحصاءات التجارة غير النفطية. وبحسّب هذه البيانات، كانت موارد “إيران” من الصادرات النفطية في العام الإيراني المنصرم: (35.9) مليار دولار، والتي ارتفعت بنسّبة: (8.6) بالمئة مقارنة بعام 1401.
الصادرات النفطية..
لكن السؤال هو: ما هو تأثير الإعلان عن إحصاءات الصادرات النفطية على تحليل القطاع غير النفطي ؟
الجواب هو أنه الآن مع العدد الدقيق لصادرات النفط الإيرانية، يمكن القول صراحة أن يد الحكومة للواردات أكثر انفتاحًا مما كانت عليه في السنوات السابقة. وبسبب ارتفاع معدل تضخم المنتجات الغذائية، تحاول الحكومة التعويض عن أسعار ضروريات الناس من خلال الواردات؛ ويمكن تقييّم واردات بقيمة: (12.5) مليار دولار من السلع الغذائية الأساسية في عام 1402، و(14.5) مليار دولار في عام 1401؛ في هذا الصّدد؛ لذلك، ينبغي أن يتوقع الناشطون الاقتصاديون المحليون اتباع سياسة زيادة الواردات، وخاصة واردات السلع الأساسية هذا العام.
وبالإضافة إلى أرقام مبيعات النفط، قدمت “الجمارك” بيانات أخرى مثل إحصاءات صادرات الخدمات الفنية والهندسية وإحصاءات إيرادات المرور العابر شهريًا في العام الماضي، مما يسُّهل عملية التحليل للخبراء.
وجهات التصدير الإيرانية..
لدى “إيران” أسواق تصدير محدودة وفي السنوات الأخيرة لم يشاهد سوى عدد قليل من الأسماء المألوفة على قائمة دول المقصّد. كانت هذه القائمة ثابتة في عام 1402؛ وكانت “الصين والعراق والإمارات العربية المتحدة وتركيا والهند” أكبر خمس وجهات تصدير لـ”إيران”.
ومع ذلك؛ فإن التغييّر الأكثر أهمية هو الانخفاض الكبير في الصادرات إلى “تركيا”. وفي العام الماضي، انخفضت صادرات “إيران” إلى “تركيا” بنسّبة: (48) في المئة من حيث الوزن؛ و(45) في المئة من حيث القيمة. وفي عام 1401، صّدرت “إيران” بضائع بقيمة: (7.629) مليار دولار إلى “تركيا”، ما شهدا انخفاضًا في عام 1402 إلى (4.16) مليار دولار.
انخفاض الصادرات الإيرانية إلى العراق..
وتُظهر هذه الظاهرة أيضًا في حالة “العراق”، وجهة التصدير الثانية لـ”إيران”. في عام 1402، انخفضت صادرات “إيران” إلى “العراق” بنسّبة: (10%) إلى: (9.216) مليار دولار عام 1401. وبطبيعة الحال، فإن انخفاض الصادرات إلى “العراق” لا يمكن مقارنته بـ”تركيا”، ولكن نظرًا لأهمية “العراق” في خريطة التجارة الإيرانية، فإن الاهتمام الجاد ضروري.
إلى إندونيسيا..
“إندونيسيا”؛ هي دولة أخرى انخفضت صادرات “إيران” إليها بشكلٍ كبير. تتمتع “إندونيسيا” باقتصاد متنامي، حيث يبلغ عدد سكانها حوالي: (300) مليون نسّمة من ذوي الأغلبية المسلمة، وهي واحدة من أكثر الأسواق جاذبية لـ”إيران”، ومع ذلك فقد انخفضت الصادرات إلى البلاد بشكلٍ مطرد خلال العامين الماضيين.
في عام 1400، صّدرت “إيران” بضائع بقيمة: (1.82) مليار دولار إلى “إندونيسيا”؛ في عام 1401، شهدت الصادرات إلى البلاد انخفاضًا بنسّبة: (22%) في القيمة، ووصلت إلى: (847) مليون دولار. لم يكن عام 1402 عامًا جيدًا للصادرات إلى “إندونيسيا”. هذا العام، صّدرت “إيران” ما مجموعه: (655) مليون دولار من البضائع إلى “إندونيسيا”، بانخفاض (23) في المئة عن العام السابق.
تحت تهديد المنافسين..
كل هذه الإحصاءات تُظهر بوضوح أنه حتى الأسواق الإيرانية التقليدية مهددة من قبل المنافسين. وبالنظر إلى الوضع الخاص في “إيران”، من الضروري أن يُعطي صناع السياسات الأولوية للحفاظ على أسواق التصدير الرئيسة؛ وإلا فإن التسّويق سيكون قريبًا التحدي الجديد لصانعي السياسات في قطاع التجارة الخارجية الإيراني. لمنع حدوث ذلك، من المهم توقيع مذكرة تفاهم مع شركاء الأعمال وخلق مصالح مشتركة.
منذ بداية العام الماضي؛ تُحاول الحكومة توسّيع أسواق التصدير الإيرانية وقواعد الاستيراد من خلال تمكين الدبلوماسية الاقتصادية. وتُعد “شنغهاي وبريكس والاتحاد الأوراسي”، إلى جانب الدول الإفريقية، أهم أهداف “إيران” التجارية. وعلى عكس التوقعات، لم تتنوع أسواق “إيران”؛ في العام الماضي، لكن الصادرات إلى قارات “أوروبا” انخفضت بنسّبة: (37) في المئة، وإلى “إفريقيا” بنسّبة: (41) في المئة، وإلى الأميركتين بنسّبة: (37) في المئة.
المجموعات الاقتصادية..
ومن بين المجموعات الاقتصادية التي تنتمي إليها “إيران”، انخفضت قيمة صادرات “إيران” إلى دول “منظمة التعاون الاقتصادي” بنسّبة: (19) في المئة؛ و”منظمة التعاون الإسلامي” بنسّبة: (10) في المئة، وزادت الصادرات إلى دول “معاهدة شنغهاي” بنسّبة: (1) في المئة فقط. أيضًا، وفقًا للإحصاءات، زادت صادرات “إيران” إلى دول “الاتحاد الاقتصادي الأوراسي” بنسّبة: (10) في المئة وزادت الواردات من هذه البلدان بنسّبة: (5) في المئة.
بالطبع، من المهم أن نُلاحظ أنه من إجمالي: (1.865) مليار دولار من الواردات الإيرانية من الدول الأعضاء، يرتبط: (1.691) مليار دولار بالواردات من “روسيا”، والباقي: (174) مليون دولار من: “بيلاروسيا وكازاخستان وقيرغيزستان وأرمينيا”.
بالنسبة لصادرات “إيران”، من إجمالي: (1.669) مليار دولار، يرتبط: (946) مليون دولار؛ (57%)، بالصادرات إلى “روسيا”. مع ارتفاع الصادرات إلى “روسيا” بنسّبة: (26%) العام الماضي، فإن معظم التغيّيرات في التجارة مع (EAEU) ترتبط في الواقع بتطوير التجارة مع “روسيا”، ولم تزد التجارة مع الدول الأعضاء الأخرى بشكلٍ كبير.
نتائج الدبلوماسية الاقتصادية..
توضح نتائج الدبلوماسية الاقتصادية الإيرانية في العام الماضي نقطتين. القضية الأولى هي أنه على الرُغم من دعاية الحكومية، فإن العلاقات الاقتصادية غير ممكنة على المدى القصير وتتطلب التخطيط والبُنية التحتية، وبالتالي فإن مجرد سفر كبار المسؤولين وإبرام الاتفاقيات التجارية لا يمكن أن يزيد من حجم التجارة الإيرانية.
النقطة الثانية هي؛ أنه من أجل زيادة التبادلات التجارية، فإن إنتاج السلع بما يتناسب مع احتياجات أسواق التصدير أمر ضروري. على سبيل المثال، معظم الدول الإفريقية متوسطة الدخل هي دول منتجة للنفط، لذلك لن تشتري هذه الدول النفط أو المشتقات النفطية من “إيران”، لذلك يجب وضع أبحاث السوق بجدية على جدول أعمال صانعي السياسة الإيرانيين لتوفير المعلومات اللازمة للتجار الإيرانيين للإنتاج وفقًا لاحتياجات أسواق التصدير المستهدفة، ونتيجة لذلك، يتم توفير إمكانية تطوير العلاقات الاقتصادية مع الدول المستهدفة؛ وإلا ينبغي توفير مذكرة التفاهم وفي غير ذلك سيكون للإعلانات التجارية استهلاك إعلاني فقط.