20 مايو، 2024 1:07 م
Search
Close this search box.

خطر “المجاعة” يتزايد على الفلسطينيين في “غزة” .. فهل يستطيع القانون الدولي معاقبة إسرائيل ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: كتبت- نشوى الحفني:

تزايدت التحذيرات الأممية مؤخرًا من تعرض أكثر من نصف مليون شخص في “غزة” لخطر المجاعة في ظل الحصار المستمر الذي فرضته “إسرائيل” على القطاع خلال الأسابيع الأخيرة، حيث اتهمت منظمات حقوقية “إسرائيل” باستخدام السلاح كأداة لتجويع السكان برفضها دخول المساعدات للقطاع.

“مكتب الأمم المتحدة لتنسّيق الشؤون الإنسانية”؛ قال مؤخرًا إن رُبع سكان “غزة”؛ على بعد خطوة واحدة من المجاعة، محذرًا من أن مثل هذه الكارثة ستكون: “شبّه حتمية” إذا لم يحدث تغييّر ملموس.

وإذا انتشرت المجاعة بين السكان في “غزة”؛ فإن عدد الذين سيموتون بسبب الجوع أو المرض قد يفوق عدد الوفيات بين المدنييّن في الحرب بين “إسرائيل” و(حماس).

وتؤكد منظمات أممية أن: “نافذة العمل تضيق” لمواجهة مخاطر المجاعة ما لم يتوقف القتال وتحّد “إسرائيل” من أساليب الحصار التي تمنع تنفيذ عمليات إغاثة واسعة النطاق.

تزايد الخلاف بين “واشنطن” و”إسرائيل”..

وتزايدت حّدة الخلاف بين الإدارة الأميركية وأقرب حلفاءها في المنطقة؛ “إسرائيل”، بعد قيام “واشنطن” بعملية إنزال لـ (38) ألف وجبة طعام على “قطاع غزة”، السبت الماضي.

ووفقًا لصحيفة (واشنطن بوست)؛ كان المشهد الرائع لحزم المساعدات الأميركية التي تصل إلى الفلسطينيين الذين يُعانون من الجوع، هو أوضح مثال حتى الآن على الخلاف المستمر بين إدارة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، والحكومة الإسرائيلية بقيادة؛ “بنيامين نتانياهو”، بشأن “حرب غزة”.

ولعدة أشهر؛ قاومت “إسرائيل” ضغوط “واشنطن” للسّماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع، حتى مع اعتمادها على القنابل الأميركية والدعم الدبلوماسي لتنفيذ حملتها العسكرية.

الصبر بدأ ينفذ..

وحسّب مسؤولين فلسطينيين؛ سلطت مأساة قافلة المساعدات التي وقعت؛ يوم الخميس الماضي، والتي قُتل فيها أكثر من: (100) شخص وأصيب: (700) آخرين، الضوء على يأس المدنييّن في “قطاع غزة”، الذي يندفع نحو مجاعة.

وقال مسؤولو الإغاثة الإنسانية؛ إنها من صنع “إسرائيل” إلى حدٍ كبير، مشيّرين إلى القيود التي تُفرضها “إسرائيل” على نقاط الدخول البرية للمساعدات؛ والتي تتضمن عمليات تفتيش مرهقة ومّربكة، وقنوات فض الاشتباك الخاطئة بين منظمات الإغاثة والجيش الإسرائيلي؛ بالإضافة إلى الجهود الإسرائيلية لتقويض “الأمم المتحدة”؛ واستهداف جيشها الأخير للشرطة في “غزة”؛ التي كانت ذات يوم تحمّي بعثات المساعدات.

وتقول “إسرائيل” إنها لا تحّد من تسّليم المساعدات إلى “غزة”، وألقت باللوم على “الأمم المتحدة” لفشلها في توزيعها على المحتاجين – أو ما هو أسوأ من ذلك، تحويل المساعدات إلى (حماس). لكن صبر “واشنطن” بدأ ينفد إزاء هذه الحجج.

وقال الرئيس؛ “بايدن”، يوم الجمعة الماضي، عندما أعلن عن خفض المساعدات: “سنُصّر على أن تقوم إسرائيل بتسّهيل المزيد من الشاحنات، والمزيد من الطرق لتزويد المزيد والمزيد من الناس بالمساعدة التي يحتاجون إليها. لا توجد أعذار، لأن الحقيقة هي أن المساعدات المتدفقة إلى غزة ليست كافية على الإطلاق”.

عرقلة إسرائيلية للمساعدات..

وذكرت الصحيفة الأميركية في تقريرها؛ أن نحو: (500) شاحنة كانت تدخل “غزة” يوميًا قبل الحرب، وهو رقم لم تتمكن وكالات الإغاثة من الوصول إليه منذ بداية الصراع.

وأوضحت أنه؛ في شباط/فبراير الماضي، عبرت: (98) شاحنة فقط إلى “غزة” يوميًا في المتوسّط، وفقًا لـ”الأمم المتحدة”، مقارنة بمتوسّط: (170) شاحنة يوميًا في كانون ثان/يناير الماضي. وأشارت إلى أن الادعاءات بأن “إسرائيل” تُعرقل عمدًا دخول المساعدات إلى “غزة”، هي جوهر قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها “جنوب إفريقيا” ضد “إسرائيل” في “محكمة العدل الدولية”.

ولم تحكم المحكمة في “لاهاي”؛ في مسألة الإبادة الجماعية، لكنها أمرت في أواخر كانون ثان/يناير الماضي؛ “إسرائيل”: “باتخاذ تدابير فورية وفعالة، لتمكّين توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي تشّتد الحاجة إليها”.

ومع ذلك؛ لم تصل أي مساعدات تقريبًا إلى الشمال، حيث تعيش بعض الأسر على العشُب وعلف الحيوانات. وقد توفي ما لا يقل عن: (15) طفلاً بسبب سوء التغذية، وفقًا للسلطات الصحية المحلية.

بيئة مليئة بالتحديات..

ومن جهته؛ قال المفوض العام لـ”وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشّغيل اللاجئين الفلسطينيين”؛ (الأونروا)، “فيليب لازاريني”، إن: “الأمر المذهل للغاية هو مدى السرعة التي تطور بها الوضع، في مكان لم يواجه فيه الجوع من قبل قط”، مضيفًا: “هذا وضع مصّطنع من صنع الإنسان، ويمكننا عكسّه بسهولة إذا أردنا ذلك. ونحن نعلم ما يجب القيام به”.

وقال مسؤول أميركي رفض الكشف عن هويته؛ إن: “الممثلين الأميركيين العاملين لدى؛ السفير ديفيد ساترفيلد، الذي عيّنه بايدن، في تشرين أول/أكتوبر الماضي، لرئاسة الجهود الإنسانية في المنطقة، ينخرطون بانتظام في محادثات مكثفة مع المسؤولين الإسرائيليين، للحّث على السماح بدخول المزيد من المواد، لكن الأمر يُمثل بيئة مليئة بالتحديات”.

وضغطت منظمات الإغاثة وإدارة “بايدن”؛ على “إسرائيل”، من أجل إعادة إدخال البضائع التجارية إلى “غزة” في الخريف، بحجة أن المساعدات الإنسانية وحدها لا تستطيع إطعام سكان “غزة”. وعلى الرُغم من السّماح لأول الشاحنات التجارية بالعبور؛ في كانون أول/ديسمبر الماضي، إلا أن منظمات الإغاثة تقول إنه يجب زيادة العدد بشكلٍ كبير.

وانخفض حجم المساعدات التي تصل إلى “غزة”؛ خلال الشهر الماضي، حيث قام المتظاهرون الإسرائيليون – الذين يزعمون أن المساعدات الإنسانية تُفيد (حماس) – بإغلاق معبر (كرم أبو سالم) بشكلٍ منتظم.

وتقول “هيئة تنسّيق الأنشطة الحكومية في الأراضي”، وهي الهيئة الإسرائيلية المكلفة بالإشراف على القطاع بانتظام: “لا يوجد حدّ لكمية المساعدات الإنسانية التي يمكن أن تدخل غزة”.

وعلى الرُغم من صعوبة إدخال المساعدات إلى “غزة”، فقد أصبح توزيعها تحديًا أكبر من أي وقتٍ مضى، إذ يصعب اجتياز الطرق في جنوب “غزة”، فهي مكتظة بالنازحين والرُكام، كما لا يزال القتال عنيفًا في أجزاء من وسط وشمال “قطاع غزة”.

وتصف منظمات الإغاثة على نطاقٍ واسع؛ عملية فض الاشتباك – الحصول على ضمانات من القوات الإسرائيلية بعدم مهاجمة القوافل – بأنها: “فاشلة”.

وأوضح التقرير؛ أن جميع سكان “غزة” تقريبًا يواجهون مستويات أزمة الجوع. وذكرت “الأمم المتحدة” أنه في الشمال، حيث يُقّدر أن حوالي: (300) ألف شخص ما زالوا هناك، كان حوالي: (16%) من الأطفال دون سّن الثانية يُعانون من سوء التغذية الحاد؛ حتى كانون ثان/يناير الماضي، مشيرة إلى معّدل: “غير مسّبوق” من التدهور في الوضع الغذائي لسكان “غزة”.

تعديل “ميثاق الأمم المتحدة”..

وحول إمكانية معاقبة “إسرائيل” بتهمة التجويع، دعا أستاذ القانون الدولي؛ الدكتور “صلاح الطحاوي”، بضرورة تعديل “ميثاق الأمم المتحدة” حتى لا يكون حق النقض؛ (الفيتو)، للأعضاء الدائمين فقط داخل “مجلس الأمن”، ويجب اتخاذ القرارات داخله ضد من يستخدم السلاح بهذا الشكل ويكون بثُلثي الأعضاء وليس بموافقة الدول الدائمة فقط.

وقال الدكتور “صلاح الطحاوي”؛ لموقع (24) الإماراتي؛ إن سبب عدم اللجوء للقانون الدولي في منع المجاعة التي تُحدث في “غزة” هو لجوء “أميركا” لحق النقض؛ (الفيتو)، داخل “مجلس الأمن” لاتخاذ قرار مُلزم لـ”إسرائيل” بمنع ذلك وتسّهيل دخول المساعدات إلى “قطاع غزة”، مشيرًا إلى أن “إسرائيل” طبقًا لـ”ميثاق الأمم المتحدة” وعلى ضوء اتفاقيات “جنيف” الأربع والبروتوكول الملحق بها خالفت كل الأعراف الدولية والقوانين الدولية العامة بالمخالفة لقرار (242) والقرار (338) الصادرين عن “مجلس الأمن”، حيث لا تُعطي “إسرائيل” أي أهمية لهذه القرارات.

كما أشار “الطحاوي” إلى أن “الولايات المتحدة” لا تُعطي تأييدًا واضحًا لإدخال المساعدات إلى “غزة” لدرجة إرسّالها عمليات إنزال جوي لـ”غزة”؛ وكأنها لم تستطع إجبار “إسرائيل” على إدخال المساعدات عبر الشاحنات من خلال المعابر الإسرائيلية المختلفة، وهو ما يؤكد أن “واشنطن” تُكيّل بمكيّالين في هذه الأزمة.

ما هو مصطلح المجاعة ؟

لكي يتم إقرار حدوث مجاعة في منطقةٍ ما؛ تعتمد “الأمم المتحدة” على وكالاتها المتخصصة التي تتخذ من “روما” مقرًا، مثل “برنامج الأغذية العالمي” و”منظمة الأغذية والزراعة”؛ (الفاو)، اللتين تعتمدان من جانبهما على هيئة فنية تُسّمى: “التصّنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي”.

وتجري هذه الهيئة تحليلاً لشدة انعدام الأمن الغذائي على سُلم مبني على معايير دولية.

وتُعدّ المجاعة المرحلة الأكثر خطورة في إطار مقياس انعدام الأمن الغذائي الحاد وفق: “التصّنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي”، الذي يُعدد خمس مراحل: المرحلة الأولى: “حد أدنى”، المرحلة الثانية: “إجهاد”، المرحلة الثالثة: “أزمة”، المرحلة الرابعة: “طواريء”، وأخيرًا المرحلة الخامسة: “كارثة أو مجاعة”، وفقًا لتقرير نشرته وكالة (فرانس برس).

ويتم بلوغ المرحلة الخامسة عندما تسّتوفي منطقة معينة المعايير التالية: يواجه: (20%) على الأقل من الأُسر نقصًا حادًا في الغذاء، ويُعاني: (30%) من الأطفال على الأقل من نقص التغذية الحاد، ويموت كل يوم شخصان على الأقل من كل (10) آلاف شخص، أو ما لا يقل عن أربعة أطفال دون سّن الخامسة من كل (10) آلاف طفل، بسبب الجوع أو بسبب التفاعل بين سوء التغذية والمرض.

ويحظر القانون الدولي الإنساني حظرًا مطلقًا تجويع السكان المدنيّين كأسلوب من أساليب الحرب، بحسّب “اللجنة الدولية للصليب الأحمر”.

وتؤكد منظمة (هيومان رايتس ووتش)؛ أن القانون الإنساني الدولي، وقوانين الحرب تحظر تجويع المدنييّن كأسلوب من أساليب الحرب.

وتُشير المنظمة إلى أن إثبات هذا الأمر في “غزة”: “لا يتطلب القصّد الإجرامي اعتراف المهاجم، ولكن يمكن أيضًا استنتاجه من مُجّمل ملابسات الحملة العسكرية”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب