خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في جولة أوروبية لمدة ثلاثة أيام، بدأت يوم الإثنين 4 حزيران/يونيو 2018، حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، إقناع الأوروبيين بتبديل موقفهم المتمسك بالاتفاق النووي مع “إيران”، بدأها بـ”ألمانيا” ثم “باريس” ثم “بريطانيا”.
قبل الزيارة صرح “نتانياهو”، قائلاً: “سأتباحث معهم في سبل عرقلة الطموحات النووية والتوسع الإيراني في الشرق الأوسط”. مضيفًا أنها مسائل “حيوية بالنسبة إلى أمن إسرائيل”.
وتخشى إسرائيل من أن تملك “إيران” السلاح النووي، الذي تُعتبر أنها ستكون هدفه الأول، خصوصًا إذا واصلت الجمهورية الإسلامية برنامجها (الباليستي).
ويخضع الأوروبيون لضغوط مباشرة من الولايات المتحدة في هذا الشأن.
وكانت واشنطن قد حددت مهلة للشركات الأجنبية لوقف تعاملها مع إيران، في تحذير يستهدف بصورة رئيسة الأوروبيين، ولا سيما الشركات “الفرنسية” و”الألمانية”.
يجب منعها من تطوير أي قدرات نووية..
قال السفير الإسرائيلي في ألمانيا، “غيريمي إيساشاروف”، قبل الزيارة، إنه ينبغي منع إيران بأي ثمن من “تطوير أي قدرات نووية”.
وأضاف أنه: “قد تكون لدينا خلافات في وجهات النظر حول سبل مراقبة إيران في المجال النووي، لكننا نسعى لتحقيق هدف مشترك”.
الحفاظ على الاتفاق..
“ألمانيا وفرنسا وبريطانيا”؛ هي من الدول الموقعة على الاتفاق النووي، الذي أُبرم في 2015، بين الدول الكبرى الست وطهران لمنع الجمهورية الإسلامية من حيازة السلاح النووي.
ويدافع قادة هذه الدول عن الاتفاق بشدة رغم إنسحاب واشنطن منه، في الثامن من أيار/مايو الماضي، ويعملون على إنقاذه بالتنسيق مع “روسيا والصين”، الدولتان الآخريان الموقعتان على الاتفاق.
واستقبل وزير الخارجية الألماني، “هايكو ماس”، الخميس الماضي، في برلين نظيره الصيني، “وانغ يي”، لبحث هذه المسألة، مشيرًا إلى أن ألمانيا “تريد الحفاظ على الاتفاق النووي والعمل على إبقاء إيران فيه”.
وانتقد الوزير الصيني من جهته؛ قلة مصداقية الولايات المتحدة في عهد الرئيس، “دونالد ترامب”، وقال: “من مسلمات القانون الدولي أن نذكر بأن الاتفاقات الدولية يجب أن تحترم”. مؤكدًا على أن “على الدول الكبرى أن تكون القدوة وليس العكس”.
تسوية غير مثالية..
وإن كان الأوروبيون يرون أن الاتفاق الموقع هو أفضل وسيلة للحد من طموحات إيران النووية، إلا أنهم يدركون في المقابل حدود تسوية وصفتها “ميركل” مؤخرًا بأنها “غير مثالية”.
وأقترحوا التفاوض مع “طهران” على اتفاق مكمل؛ يعالج برنامجها (الباليستي) وسياسة بسط نفوذها في الشرق الأوسط، من “لبنان وسوريا” وصولاً إلى “اليمن”، وهي سياسة يعتبرها الغربيون مزعزعة للاستقرار في المنطقة، كما تعتبرها “إسرائيل” تهديدًا مباشرًا لوجودها.
وقد يتوصل “نتانياهو” إلى توافق مع محاوريه الأوروبيين حول هاتين النقطتين.
اتهام بإنتهاج سياسة اللين مع طهران..
في أولى جولاته، اتهم “نتانياهو”، المستشارة الألمانية، “إنغيلا ميركل”، بإنتهاج سياسة لينة بشكل زائد عن الحد تجاه إيران، وفي الوقت نفسه بعث بإشارة تهدئة بين بلاده وألمانيا.
وفي أعقاب لقاء مع “ميركل”، قال “نتانياهو”، في برلين، إن “إيران تدعو إلى تدميرنا”، وأضاف أن “إيران” لا تزال تحاول إمتلاك أسلحة نووية لتحقق هذه “الإبادة الجماعية”.
يجب التمسك بالاتفاق..
في المقابل، حثت “ميركل” على التمسك بالاتفاق النووي مع “إيران”؛ رغم خروج الولايات المتحدة منه، وذلك للحيلولة دون إمتلاك إيران للسلاح النووي.
واتفق “نتانياهو” و”ميركل” على العودة إلى عقد الاستشارات الحكومية الإسرائيلية الألمانية من جديد، في الرابع من تشرين أول/أكتوبر المقبل في إسرائيل، وذلك بعد أشهر من توتر العلاقات بين الجانبين.
وقالت “ميركل” إن هذه المشاورات سيصاحبها تبادل وفد اقتصادي من أجل تحسين التبادل التكنولوجي، وأضافت أنها تتطلع إلى هذا.
وكانت اللقاءات الاستشارية للحكومتين، التي تتم بحضور العديد من الوزراء، توقفت بعد أن أجلتها “ميركل” مطلع 2017، إلى أجل غير مسمى، وذلك بسبب غضبها من سياسة الإستيطان الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأعرب “نتانياهو” عن إعتقاده بأن ما يهم “إيران” هو قتل ستة ملايين يهودي آخرين، ولفت إلى أن بلاده لن تسمح بهذا.
واتهم “نتانياهو”، إيران، أيضًا بالسعي إلى توسيع نطاق نفوذها الإقليمي داخل كل من سوريا واليمن “فإيران هي الراعي الرئيس للأنشطة الإرهابية في العالم”.
الهدف موحد بعدم إمتلاك إيران للنووي..
قالت “ميركل”: “الهدف المتمثل في عدم السماح لإيران بالحصول على سلاح نووي، يوحدنا”، مشيرة إلى أن الإختلاف يكمن فقط في طريق تحقيق هذا الهدف.
وأعرب “نتانياهو” عن إعتقاده بأن “إيران” حصلت على مليارات الدولارات بعد رفع حظر الصادرات النفطية الإيرانية وإجتذاب استثمارات بالمليارات إلى إيران من شركات أجنبية، وقال إن إيران يمكن أن تستخدم هذه المليارات في شن حرب.
وطالب “نتانياهو” بفرض عقوبات اقتصادية لتجفيف تدفق الأموال إلى إيران، وقال إن الإيرادات التي تجمعها إيران يمكنها من تعزيز وجودها في سوريا ودعم الأنشطة الإرهابية.
إسرائيل تسرب مستندات..
وأستبقت إسرائيل الجولة الأوروبية بتمرير مستندات سرية تتعلق بملف إيران النووي للدول الكبرى في الاتحاد الأوروبي.
فذكرت صحيفة (ذي تايمز) البريطانية؛ إن الوثائق تظهر سعي إيران لأن تصبح دولة ذات قدرات نووية، موضحة أن المستندات حُوّلت إلى الاستخبارات البريطانية والألمانية والفرنسيّة إستباقًا لجولة رئيس الحكومة الإسرائيليّة، “بنيامين نتانياهو”، لهذه الدول.
وواحد من بين الملفات التي حولت للاستخبارات الغربية؛ وحصلت الصحيفة على نسخة منها، هو مستند صادر عن جهات رسمية في الحكومة الإيرانية توجه وزارة الأمن الإيرانية بمسؤولية “تخصيب اليورانيوم لأهداف عسكرية”.
يُذكر أن المستندات التي تم تحويلها؛ هي قسم من “100 ألف” مستند إدعى الكيان الإسرائيلي الحصول عليها، الشهر الماضي، عن طريق عملية استخباراتية في إيران خلال مؤتمر صحافي استعراضي لـ”نتانياهو” في مقر وزارة الأمن الإسرائيلية بتل أبيب.
تعليمات بزيادة قدرات تخصيب “اليورانيوم”..
رغم المحاولات الإسرائيلية ضد إيران، وجه المرشد الأعلى الإيراني، آية الله “علي خامنئي”، تعليمات بإتخاذ الترتيبات والمقدمات اللازمة بسرعة للوصول إلى 190 ألف “سو”، (وحدة فصل)، في تخصيب (اليورانيوم)، في إطار الاتفاق النووي بدءًا من يوم الثلاثاء.
كما قال “خامنئي”، في خطاب بثه التليفزيون الرسمي على الهواء مباشرة: “سترد طهران الصاع عشرة أضعاف إذا هاجمها الأعداء… الأعداء لا يريدون إيران مستقلة في المنطقة… أعداؤنا يشنون حرباً اقتصادية ونفسية ضدنا والعقوبات الأميركية الجديدة جزء منها”.
وأضاف “خامنئي”: “إن هدف الأعداء من العقوبات الاقتصادية؛ الضغط على الشعب الإيراني حتى يستسلم النظام”.
وأكد “خامنئي” على أن “القوة الصاروخية لإيران تؤدي دوراً كبيرًا في أمن البلاد”.
وفند “خامنئي” قول القائلين؛ بأن “الحرب هي البديل عن الاتفاق النووي”، وقال: “هذا ليس صحيحاً وهذه دعاية الأعداء”.
مهمة شبه مستحيلة..
تعليقًا على مساعي “نتانياهو” في جولته الأوروبية، يقول الدكتور “أحمد يوسف”، المدير التنفيذي لمركز دراسات الشرق الأوسط في باريس، إن مهمة “نتانياهو” في أوروبا شبه مستحيلة، لأن أوروبا إذا كانت قد اتفقت على شيء فإنها اجتمعت واتفقت على أهمية الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران.
وأشار “يوسف” إلى أنه كان هناك إقتراح باتفاق ثالث، بديل للحالي، مع إيران عرضه الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، حينما كان في واشنطن تضع فيه الولايات المتحدة الأميركية كل ما تخشاه خصوصًا ما يتعلق بالصواريخ (الباليستية). مضيفًا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي ربما يستطيع إقناع القادة الأوروبيين بفتح هذا الملف وإقتراح اتفاقية جديدة إذا لم يكن من الممكن تعديل الاتفاقية السابقة.