قررت الحكومة العراقية اثر اجتماع طارئ عقدته اليوم الاحد التراجع عن قرارها السابق بالغاء البطاقة التموينية واستفتاء مواطنين عن موقفهم منها وذلك تحت ضغوط شعبية وسياسية ودينية كبيرة شهدت تقاذف المسؤولين الاتهامات بالمسؤولية عن المس بسلة الشعب الغذائية التي تستفيد منها ستة ملايين عائلة.
وقال مصدر رسمي عراقي ان الحكومة ناقشت في جلسة طارئة اليوم برئاسة رئيسها نوري المالكي تداعيات قرارها الاخير بالغاء البطاقة التموينية واستبدالها بمبلغ مالي والمعارضة الواسعة من مختلف اطياف الشعب السياسية والمدنية والدينية للقرار. واضاف ان الحكومة ستوزع استمارات استبيان لمعرفة موقف المواطنين من الابقاء على البطاقة او ستلام مبالغ نقدية بدلها .واوضح ان مجلس الحكومة وافق على الغاء قراره السابق الذي اتخذه الثلاثاء الماضي بعد استشارات قام بها مع اقتصاديين ومختصين. واشار الى انه تم التأكيد خلال الاجتماع على ضرورة تحسين مفرات البطاقة التموينية واتخاذ الاجراءات التي تكفل وقف عمليات الفساد التي تشوب صفقات شراء هذه المفردات وبيعها الى المواطنين.
وبرغم هذه التوضيحات الا انه يعتقد ان الابقاء على البطاقة التموينية جاء تخوفا من الكتل السياسية التي صادق وزراءها على الالغاء من تدني التصويت لها خلال الانتخابات المحلية التي ستجري في 20 نيسان (ابريل) المقبل خاصة مع تصاعد التظاهرات الشعبية المعارضة للقرار في اكثر من مدينة عراقية.
وقد ادى الغاء مجلس الوزراء الثلاثاء الماضي البطاقة التموينية استياء قوى سياسية ومراجع دينية حيث دعا المرجع الشيعي الاعلى آية الله السيد علي السيستاني الحكومة الى اعادة النظر بقرارها مشككا بقدرتها على السيطرة على الاسعار ومنع ارتفاعها. كما وصف رئيس ملس النواب اسامة النجيفي قرار الحكومة بالخطير مؤكدا انه سيؤثر على قوت الشعب موضحا ان الاصلاح الذي بررته الحكومة لايتم على حساب الشريحة الاكثر تضررا من الغاء البطاقة التموينية والذين سيزيد من اعدادهم . ورأى “ان معالجة الخلل الذي اثر على توفير مواد البطاقة التموينية اجدر من الغائها بالطريقة التي غابت عنها ضمانات توفير المواد الغذائية بالاسواق ولابد من حصول توافق وطني لاتخاذ مثل هكذا قرار مصيري” .
وردا على معارضة الغاء البطاقة فقد وعد المالكي بدراسة زيادة التعويض النقدي عن البطاقة التي تمثل سلة العراقيين الغذائية من 15 الف دينار (12 دولارا) الى 25 الف دينار (22 دولارا). واكد في تصريحات متلفزة ان حكومته ستراقب الاسواق ولن تسمح بالتلاعب في اسعار المواد الغذائية او زيادتها بما يضر بقوت المواطنين. واشار الى ان مبالغ البطاقة التعويضية ستوزع على المواطنين عن طريق الوكلاء والمصارف او مع المرتبات الشهرية للمستفيدين.
وكانت الحكومة العراقية قررت الثلاثاء الماضي استبدال البطاقة التموينية التي تعمل بها البلاد منذ فرض العقوبات الاقتصادي عام 1991 بالنقد ،على امل الحد من الفساد الذي يشوب هذا الملف. وقال علي الموسوي مستشار المالكي ان “مجلس الوزراء قرر استبدال البطاقة التموينية بمبلغ مالي يبلغ 15 الف دينار (12 دولار) لكل فرد شهريا اعتبارا من الاول من اذار (مارس) المقبل”. كما قررت السلطات وضع ضوابط ملزمة لتسعيرة الطحين بما يضمن عدم التلاعب بالأسعار إبتداءاً من الاول في شهر آذار 2013 وتشكل لجنة برئاسة وزير التجارة وعضوية وزيري التخطيط والمالية ومحافظ بغداد وممثل عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء تتولى وضع ضوابط تنفيذ هذا القرار.
ومثلت البطاقة التموينية للعائلة العراقية خلال ايام الحصار الذي دام حتى عام 2003 ملاذا امنا لتامين جانب محدد من المعيشة لانها غطت الاحتياجات الضرورية للفرد العراقي خاصة المواد الاساسية من طحين وارز وسكر وزيت.