28 مارس، 2024 7:28 م
Search
Close this search box.

“خرمشهر” الإيراني .. خطوة استباقية لنوايا أميركية حاسمة ضد طهران في الاتفاق النووي

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في الوقت الذي تتجه فيه الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون نحو تعديل الاتفاق النووي بحيث يتضمن بنوداً لوقف برنامج طهران الصاروخي المثير للجدل، أعلن الرئيس الإيراني “حسن روحاني”، الجمعة 22 أيلول/سبتمبر 2017، أن بلاده عازمة على تعزيز قدراتها العسكرية و”الباليستية”.

وتأتي تصريحاته في وقت استعرضت إيران صاروخاً جديداً خلال عرض عسكري نظم في ذكرى اندلاع الحرب الإيرانية – العراقية عام 1980.

تعزيز القدرات العسكرية..

قائلاً “روحاني”، في خطاب نقله التليفزيون الرسمي: “شئتم أم أبيتم، سنعزز قدراتنا العسكرية الضرورية على صعيد الردع، لن نقوم بتطوير صواريخنا فحسب بل كذلك قواتنا الجوية والبرية والبحرية”، مضيفاً: “نحن لا نستأذن أحداً للدفاع عن أراضينا”.

ولطالما قالت إيران أن لا خيار أمامها غير تعزيز أنظمتها الدفاعية بعد توقيع إسرائيل والسعودية على عقود تسليح ضخمة مع واشنطن ودول غربية أخرى.

وهاجم “روحاني” أولئك “الذين يفتعلون المشكلات للشعوب في منطقتنا كل يوم، ويتباهون ببيع الأسلحة إلى الكيان الصهيوني المتعطش للدماء، والذي يعتدي على شعوب منطقتنا منذ سبعين عاماً مثل غدة سرطانية”.

وتتركز انتقادات إدارة الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” للاتفاق النووي، الذي أبرم عام 2015 بين ايران والقوى الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة، على مضي طهران في تطوير برنامجها “الباليستي”.

توسيع الاتفاق وعدم إلغاؤه..

تبدي فرنسا بعض التعاطف مع الموقف الأميركي، مؤكداً رئيسها “ايمانويل ماكرون” على أنه بالإمكان توسيع الاتفاق ليشمل حظر الاختبارات الصاروخية، وإلغاء بند فيه يتيح لإيران معاودة بعض عمليات تخصيب “اليورانيوم” اعتباراً من العام 2025، إلا أنه أصر كذلك على ضرورة عدم إلغاء الاتفاق الأساسي.

استعراض صاروخ جديد..

في نفس الوقت، استعرضت إيران صاروخ “خرمشهر” الجديد، على اسم مدينة واقعة في جنوب غرب البلاد، خلال عرض عسكري جرى في العاصمة.

ونقلت وكالة “ارنا” الرسمية، عن قائد القوات الجوفضائية في “الحرس الثوري” الإيراني، العميد “أمير علي حاجي زاده”، قوله إن “لدى صاروخ خرمشهر مدى يبلغ 2000 كلم وبإمكانه حمل رؤوس حربية عدة”.

وأعلن “زاده” عن بدء تدريب أفراد قوات الصواريخ على استخدام الصاروخ الجديد، الذي من المتوقع أن يدخل الخدمة قريباً.

وتقول إيران إن جميع صواريخها مصممة لحمل رؤوس حربية تقليدية فقط، وإن مداها لا يتجاوز 2000 كلم كحد أقصى، رغم أن قادة في الجيش يؤكدون على توافر التكنولوجيا اللازمة لتجاوز ذلك.

وبذلك، تعد الصواريخ الإيرانية متوسطة المدى، وهي قادرة على بلوغ إسرائيل أو القواعد الأميركية في الخليج.

ولكن “روحاني” ردد، الجمعة، أن “قوتنا العسكرية ليست مصممة للاعتداء على أي بلد”، رافضاً أي تغيير في موقف بلاده السياسي في المنطقة.

يتحدد المصير منتصف الشهر المقبل..

حتى الآن، أكدت كل من “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، التابعة للأمم المتحدة، ووزارة الخارجية الأميركية على أن طهران لا تزال ملتزمة ببنود الاتفاق.

ولكن “ترامب”، الذي وصف الاتفاق هذا الأسبوع بأنه “معيب” للولايات المتحدة، سيبلّغ الكونغرس في 15 تشرين أول/أكتوبر 2017، إن كان يعتقد بأن إيران تمتثل لبنوده.

وفي حال وجد أنها لا تلتزم، وهو الأرجح، فسيفتح ذلك المجال أمام عقوبات أميركية جديدة بحق الجمهورية الإسلامية ولربما ينتهي الأمر إلى انهيار الاتفاق. وقال “ترامب”، الأربعاء 20 أيلول/سبتمبر الجاري، إنه اتخذ قراره ولكنه ليس جاهزاً للكشف عنه.

واتهمت واشنطن كذلك طهران بأنها لم تكن على مستوى التوقعات في أداء دور يحقق مزيداً من الاستقرار في الشرق الأوسط.

وقال وزير الخارجية الأميركي “ريكس تيلرسون” لصحافيين في الأمم المتحدة، “للأسف، منذ إقرار الاتفاق، رأينا كل شيء عدا منطقة أكثر سلاماً واستقراراً. وهذه قضية أساسية”.

تجارب سابقة..

كانت إيران قد اختبرت صاروخ “خرمشهر” في أواخر كانون ثان/يناير الماضي، بالإضافة إلى تجربة صاروخ آخر هو صاروخ “عماد” بعيد المدى، القادر على حمل رأس نووي في 11 تشرين أول/أكتوبر 2015.

وقالت وزارة الدفاع الأميركية في حينها إن كوريا الشمالية صممت صاروخ “خرمشهر”، لتقوم إيران بإطلاق صاروخ مماثل بخبرات إيرانية لصاروخ “موسودان “، الذي يعتبر من أكثر الصواريخ تقدماً في الترسانة العسكرية لكوريا الشمالية.

ومنذ مطلع العام الماضي فرضت واشنطن عدة حزم من العقوبات على أفراد ومؤسسات وشركات متورطة في دعم البرنامج الصاروخي الإيراني، وأغلبها مؤسسات تابعة للحرس الثوري.

يطلق يدها في المنطقة ويجعلها قوة توسعية..

من جانبه، أكد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، الدكتور “أنور قرقاش”، على إن سعي إيران لتطوير قدرتها الصاروخية مقلق جداً، مضيفاً أن إيران ليست جادة في الإلتزام بتعهداتها التي قطعتها للمجتمع الدولي.

لافتاً “قرقاش” إلى أن “ما يقلق أيضاً تفسير إيران للاتفاق النووي بأنه يطلق يدها في المنطقة ويجعلها قوة توسعية، فيما يجب كبح السياسة الإيرانية في تغولها وتدخلها في المنطقة”.

ويخشى المجتمع الدولي من عدم التعاطي مع مشكلة الصواريخ “الباليستية” في إيران، وعدم إتاحة إجراءات تفتيش كافية، ما قد يمكن طهران من أن تصبح “كوريا شمالية” أخرى وأن تنتج صواريخ ذات رؤوس نووية.

خرقت الاتفاق النووي 14 مرة..

أجرت إيران منذ توقيعها الاتفاق النووي، الذي وقعته في حزيران/يوليو 2015، 14 عملية إطلاق صواريخ “باليستية” على الأقل، وذلك حتى شهر شباط/فبراير من العام 2017.

وينص الاتفاق على حظر بيع إيران أسلحة تقليدية أو عتاد يتعلق ببرنامجها الصاروخي حتى 2020.

كذلك حاولت إيران استيراد أسلحة مرتين خارج نطاق مجلس الأمن، الأمر الذي يتعارض مع قرار مجلس الأمن رقم 2231 (2015)، الذي تدعو الفقرة 3 من مرفقه، إيران إلى عدم القيام بأي نشاط يتصل بالقذائف التسيارية المعدة لتكون قادرة على إيصال الأسلحة النووية، بما في ذلك عمليات الإطلاق باستخدام تكنولوجيا من هذا القبيل للقذائف التسيارية.

لا ينتهك الاتفاق..

من جهتها، تزعم إيران أن إطلاقها للصواريخ “الباليستية” لا ينتهك خطة العمل الشاملة المتعلقة بالاتفاق النووي، لأن هذه الصواريخ لم تكن مصممة بشكل علني لحمل الرؤوس النووية، غير أن تاريخ برنامج الصواريخ “الباليستية” الإيرانية يفند هذا الادعاء، بحسب تقييمات المخابرات الأميركية.

بالإضافة إلى ذلك، فقد صادرت القوات الدولية الموجودة في بحر العرب والبحر الأحمر أكثر من مرة أسلحة مهربة من إيران إلى اليمن والصومال، وهو ما يتعارض أيضاً مع قرار مجلس الأمن الدولي الذي يحظر توريد وبيع ونقل الأسلحة حتى 2020.

خوف وقلق..

المتخصص في الشأن الإيراني “د. محمد محسن أبو النور”، يقول لـ(كتابات)، أن التصريحات الإيرانية في الأيام الأخيرة تنم عن خوفٍ وقلق. خوفٌ من أمر تعرفه طهران ولا تفصح عنه، وقلق من تصريحات الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”، الذي قال في خطابه بالجمعية العامة للأمم المتحدة إن بلاده توصلت إلى قرار بشأن الاتفاق النووي غير أنه لم يفصح عنه.

موضحاً أنه يمكن ملاحظة الخوف والقلق من خلال تصريحات المسؤولين الإيرانيين من أعلى مفاصل الدولة إلى أدناها.. من خلال حديث الرئيس “حسن روحاني” عن أن “إيران لن تستأذن أحداً في الدفاع عن أراضيها”.. ومن خلال حديث قائد مقر خاتم الأنبياء المركزي العميد “غلام علي رشيد” عن أن “إيران ستحول حدودها إلى مقصلة للأعداء”.. ومن خلال دعوة المساعد والمستشار الأعلى للقائد العام للقوات المسلحة الإيرانية اللواء “يحيى رحيم صفوي”: “الدول الإسلامية إلى تشكيل قطب إسلامي ضد الأعداء”.. ومن خلال إعلان “الحرس الثوري” عن إطلاق صاروخ “خرمشهر”، الذي يعد أحدث صاروخ “باليستي” ويبلغ مداه 2000 كيلومتر.

مضيفاً “أبو النور” أن تلك التصريحات المتتابعة في وقت واحد تذَكّر بالتصريحات التي كان يطلقها المسؤولون العراقيون في عهد الرئيس الأسبق “صدام حسين” قبيل الغزو الأميركي، وتعطي انطباعاً دلالياً عن أن إيران لديها معلومات عن نية أميركية حاسمة ضد طهران، وما علينا إلا الانتظار.

أكبر مخزون أسلحة في الشرق الأوسط..

الكاتب “غيفري كمب” يوضح أن إيران لديها حالياً أكبر مخزون أسلحة في الشرق الأوسط، يتضمن صواريخ أرض – أرض وصواريخ “كروز”، وبرنامجاً فضائياً يعتمد على الصواريخ التي بوسعها نقل الأقمار الصناعية إلى الفضاء. وإلى هذا، فقد أمدت إيران “حزب الله” في لبنان بآلاف الصواريخ التي تمكن الجماعة الشيعية المسلحة من إصابة معظم الأهداف المدنية في إسرائيل.

مشيراً إلى أنه نتيجة لهذا، يهتم عدد كبير من الدول في المنطقة بالاستثمار في عمليات تطوير كبيرة لإمكانياتها الخاصة بصد الصواريخ ودعم قدراتها القتالية الجوية لاستهداف المواقع الصاروخية الإيرانية. وحذرت طهران من أنه إذا انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، فحينها ستكون إيران غير مقيدة بالاتفاق وتستطيع بناءً على ذلك استئناف برنامجها لإنتاج الأسلحة النووية، الذي تجمد إلى حد كبير عام 2015. والنتيجة ستكون على الأرجح سباق تسلح مكتمل العناصر في الشرق الأوسط، حيث تسعى دول أخرى، بخلاف إيران وإسرائيل، إلى الحصول على أسلحة نووية. وهذا سيتمخض عن أكثر الأوضاع خطورة، ويهدد الاستقرار الدولي والاقتصاد العالمي تماماً مثل الأزمة في شبه الجزيرة الكورية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب