خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
مضت ثمانية أشهر على وصول (طالبان) إلى السلطة في “كابول”، والآن يقع على عاتق هذه الحركة مسؤولية فرض الأمن في عموم “أفغانستان”؛ وبخاصة العاصمة، لكن حتى الآن لم تتخذ الحركة أي خطوات مؤثرة للحيلولة دون تكرار الهجمات الإرهابية في مختلف المناطق الأفغانية؛ بحسب “د. حامد رحيم بور”؛ في تحليله الذي نشرته صحيفة (خراسان) الإيرانية المحسوبة على (الحرس الثوري).
عجز “طالبان”..
وقد اندلع انفجار هائل؛ صباح الثلاثاء الماضي، في مركز “ممتاز” التعليمي؛ بمنطقة “قلعه نو”، غرب “كابول”. تلاه بدقائق انفجارين متتالين في مدخل ثانوية؛ “عبدالرحيم شهيد”، بمنطقة “تانك تيل”، راح ضحيته: 30 من الطلاب الأبرياء في “شهر رمضان المبارك”.
ومن المتوقع والطبيعي أن تفرض (طالبان) المزيد من الأمن في “كابول”؛ بالمقارنة مع باقي المدن والولايات الأفغانية الأخرى، باعتبارها مركز الثقل السياسي والاقتصادي للدولة، وأن تحمل (طالبان) حساسية خاصة تجاه الاستقرار والتهدئة في العاصمة.
لكن وقوع هذه التفجيرات الإرهابية المتتالية في “كابول”؛ إنما يعكس عجز (طالبان)؛ (بعكس الإدعاءات)، عن فرض الأمن اللازم في العاصمة، الأمر الذي راح ضحيته عشرات المواطنين الأبرياء نتيجة إهمال (طالبان) في تحمل مسؤولياتها تجاه فرض الأمن لكل المواطنين وجميع العراقيات في “أفغانستان”.
تأمين الأقلية الشيعية..
ومنذ بداية إعتلاء (طالبان) للسلطة مجددًا؛ في آب/أغسطس 2021م، وقعت العديد من التفجيرات الإرهابية في مختلف المناطق الأفغانية؛ اسفرت عن مصرع وإصابة المئات. مع الأخذ في الاعتبار إلى أن بعض هذه الهجمات كان يستهدف بشكل أساس شيعة “أفغانستان”، في الوقت الذي كانت (طالبان) قد تعهدت بتوفير الأمن للمواطنين وأموالهم؛ وبخاصة للأقليات في “أفغانستان”.
والحقيقة لولا دائرة الهجمات الإرهابية الأخيرة في “أفغانستان”، والتي لم تكن تقتصر على الشيعة فقط، وإنما طالت حتى قيادات وكبار أهل السُنة، مع هذا فقد كان أبناء الطائفة الشيعية الضحية الأولى لمثل هذه الهجمات الإرهابية.
ففي تشرين أول/أكتوبر الماضي، استهدفت العمليات الإرهابية مسجدين للطائفة الشيعية؛ في ولايتي: “قندوز” و”قندهار”، أسفرت عن مصرع وإصابة المئات، وتسببت في حالة من الانتقادات العارمة ضد حكومة (طالبان).
في حين كان من المتوقع أن تضطلع (طالبان)؛ (مع الأخذ في الاعتبار للشعارات)، أن تولي المزيد من الاهتمام بأوضاع الشيعة، والإجابة على سؤال: إذا ما كانت لا تمتلك القدرة على التعامل مع مثل هذه الهجمات، أم أنها لا تمتلك الإرداة للقيام بهذا العمل ؟.. على سبيل المثال يعيش حوالي: 02 مليون شخص أغلبهم من الشيعة “الهزارة”؛ منطقة “دشت برچي”، التي شهدت التفجيرات الأخيرة وعدد من الهجمات السابقة، وتضم هذه المنطقة مركزين فقط للشرطة يقومان على توفير الأمن.
تقصير متعمد..
وهذا مؤشر يوضح تقصير (طالبان) المتعمد في فرض الأمن بتلك المنطقة. والواقع؛ ورغم مطالب المجتمع الشيعي المتكررة بشأن اهتمام حكومة (طالبان) بمواجهة التهديدات التي تتعرض لها الطائفة الشيعية في البلاد، لكن ماتزال الأقليات تواجه أخطار جادة من جانب التنظيمات الإرهابية.
علاوة على ذلك، فقد اندلعت التفجيرات الإرهابية في “كابول”؛ رغم التحذيرات الشعبية والمؤسسات المدنية في “أفغانستان” بل والدول الأخرى، من خطر (داعش) المتنامي وعمليات التنظيم المميتة، ومع هذا مازال (داعش) يُمثل خطرًا كبيرًا على استقرار وأمن “أفغانستان”.
ولم تتبنى أي حركة مسؤولية التفجيرات الأخيرة في “كابول”؛ حتى الآن، لكن الشكوك توحي بضلوع (داعش) في تخطيط وتنفيذ هذه العمليات. وذهب بعض المراقبين إلى أبعد من ذلك، واتهم (طالبان) بالتنسيق مع (داعش)؛ في أكبر عملية تطهير عرقي تستهدف “الهزاره” الشيعة. وهو الإتهام الذي نفته (طالبان) تمامًا.
على كل حال، السمة الرئيسة للهجمات الإرهابية الأفغانية في هذه المرحلة، هي التفرق وتنفيذ عمليات على مستويات صغيرة. وتشرف حركات محسوبة ومنسوبة إلى تنظيم (داعش) على تنسيق وتنفيذ مثل هذه العمليات، وفي بعض الحالات تتبنى حركات محلية موالية للتنظيم الإرهابي (داعش)؛ مسؤولية مثل هذه العمليات الصغيرة والمتفرقة والمتعددة.
ومع مراعاة تكرار هذه العمليات، يتضح أن الهدف الرئيس هو إثبات الضعف الأمني وعدم الاستقرار في “أفغانستان”. من جهة أخرى المتوقع مع اقتراب فصل الصيف أن تزداد هذه العمليات الإرهابية، ولذلك يُجدر تشكيل حكومة شاملة تضم جميع القوميات في أسرع وقت على نحو يُسهم في تنسيق وتنظيم الأوضاع الأفغانية ولو قليلًا.