خبير : هكذا حولت مافيا الاحزاب وزاراتنا لساحة صراع!

خبير : هكذا حولت مافيا الاحزاب وزاراتنا لساحة صراع!

شكك الخبير الاقتصادي والمسئول في محافظة نينوى أرسلان سالم العباسي ، بقدرة العراق على ‏التخلص من ظاهرة الفساد المالي والإداري خلال المديين القصير والمتوسط ، عازيا أسباب ضعف ‏العلاجات إلى تحول الوزارات ومؤسسات الدولة كافة إلى ساحة صراع ما بين الأحزاب التي تمكنت ‏من شق الولاء الوطني وهيمنة كل منها على عدد من موظفي ومسئولي الدوائر ، وبشكل يصعب معها ‏إخضاعهم للحساب . ‏

وتابع العباسي خلال دراسة أعدها حول الواقع الإداري للدولة العراقية ،بثها مكتبه الإعلامي من ‏محافظة نينوى ، أن” القطاع الإداري الحكومي يعاني من حالات غير صحية يمكن درجها تحت طائلة ‏الفساد الإداري و التي تتمثل بتحجيم الطاقات الشابة و تغييب الكفاءات العلمية و التي تؤثر سلباً على ‏العمل المنجز في الوحدة ,كما يؤثر على نوعية الخدمة المقدمة لصالح المواطن .‏
كما وتلعب الطبيعة الاشتراكية لنظام الدولة العام دوراً أساسياً في تكريس ما يسمى بـ (الديكتاتوريات ‏الصغرى) في المستويات الإدارية المختلفة في الوحدة الإدارية الواحدة .و التي تساهم و بشكل كبير إلى ‏خلق حالة من” الفوبيا” في نفوس من تتقدم بهم سني الخدمة يعزى سببها إلى الأسباب التالية.‏
الانتماء الكلي للموظف إلى أبوية الحكومة و عدم الإحساس بالمسؤولية الكاملة , فالموظف جزء ‏صغير من كلٍ كبير مهما تقدم الموظف في الخدمة، وعدم إدراك التغيير البطيء في حركة عجلة ‏التطور في المجتمع الاشتراكي , حيث تتركز الربحية بالاستثمار الواقع في رأس الهرم والخاص ‏بـحوالات الخزينة الحكومية.‏
من هنا أصبحت مؤسساتنا الحكومية مستودع لكم هائل من العاملين (البطالة المقنعة) يجددون ولاءهم ‏للدولة دون فهم لماهية عجلة التطور و الوصول إلى أفضل السبل للإنجاز و تحقيق الربحية.‏
نتيجة لما ورد يتملك الشخص حال وصوله إلى مرحلة التقاعد رعب و خوف بأنه سيصبح خارج دائرة ‏الحياة و الدولة.‏
كما أن كفاءة الفرد في الإدارة العليا تنحسر بالسيطرة المطلقة على العاملين في المستويات الدنيا ‏لديمومة العمل اليومي الأمر الذي يقتل الكفاءة و قوة الشباب و يحجم الخبرة.‏
أن الهيكلية أعلاه تخلق نوع عقيم من الاتصال يمكن تسميته بالاتصال ذات الاتجاه الواحد (الأوامر) ‏دون السماح للاتصال العكسي الذي يسمح بمرور المقترحات التطويرية في العمل .‏
تساهم جميع الأسباب أعلاه و بشكل مباشر في خلق مؤسسة من الدوائر المغلقة تستمد قوتها من ‏المصالح الشخصية على حساب المصلحة العامة , الأمر الذي يؤدي إلى تعرض الأشخاص العاملين ‏في تلك الدوائر إلى المضايقات و الضغوط النفسية والتي يمكن تسميتها بالوسواس القهري الذي يساهم ‏و بشكل مؤثر في قتل الطموح بين الأشخاص العاملين ضمن المستوى الوظيفي الواحد و موظفي ‏القيادات العليا لهم و الذين ارتضوا في أن يكونوا آلهة صغيرة في المؤسسة ترفض التغيير و تشجب ‏الأفكار الجديدة التي قد تقع خارج قدرتهم في تمييز الأشياء و التي يمتد تأثيرها في أغلب الأحيان ‏خارج الوحدة الإدارية تلبية للمصالح الفردية.‏
إذا ما درسنا الآثار السلبية لطبيعة الإدارة في هذه الكيانات و مدى تأثيرها على عجلة التطور في ‏المجتمع, فنجد أن داخل كل وحدة إدارية في العراق وحدة مافيا صغيرة تستوطن في المفصل الحيوي ‏للدائرة و المكون الإداري , و التي تدور في فلك السيطرة و الكسب اللامشروع لدعم بقاءها و الحفاظ ‏على مصالحها الشخصية و التي غالبا ما تتطلع إلى البحث عن مصادر قوة خارجية أو إدارات عليا ‏لحمايتها.‏
و من الظواهر السلبية التي يعاني منها التنظيم الإداري في العراق و التي تنعكس على سلوك و طبيعة ‏توجه العاملين فيها هو عدم انتماء الموظف إلى المؤسسة التي يعمل فيها إي أن بقاءه في دائرته مقترن ‏بكسب العيش و ليس باقتران شخصه بكيان المؤسسة و هو شعور يتولد نتيجة تغييب دوره في دائرته ‏الأمر الذي يؤدي إلى انقطاع التواصل بينه و بين عمله لعدم وجود دور فعال له في الوحدة.و هناك عدة ‏صور لمثل هذا الانقطاع يمكن ذكر بعضها في أدناه:-‏
أن نقل الموظف دون الرجوع إليه أو حتى محاولة معرفة اهتمامه أو ما يميزه عن أقرانه في العمل ‏حالة سلبية تؤثر و بشكل مباشر على دور الموظف و موقعه في المؤسسة و الذي ينعكس سلباً على ‏سير العمل في الوحدة الإدارية.‏
عدم امتلاك القيادات الإدارية الثقافة الشاملة والكاملة لصناعة القرار وإفقتقارها للشجاعة الشخصية ‏الكافية للتغيير أثر مهم في تعطيل عجلة التطور.‏
ازدواجية الفكر البرجوازي المتطرف لكثير من القيادات الإشتركية في الدوائر العراقية و الذي نما ‏بشكل ملفت للنظر بعد عام 2003 , أدى إلى حصول صراع نفسي أشبه بالتسابق الداخلي بين الشعور ‏بالحيف الاجتماعي في ظل فكرة التحول الرأسمالي المجرد من كل المعايير الصحيحة و الفساد ‏الإداري الداعم للحكومة العراقية. و الذي يمكن أن نطلق عليه تعويض الماضي بالشراكة و التراضي.‏
أن ظهور مافيات صغيرة في القطاع العام أدى إلى وقوع الكوادر العاملة تحت طائلة الترهيب و ‏الخوف .‏
حجب الكفاءات العلمية و تحجيم دورها و خصوصاً تلك التي تمتلك بعض أدوات التغيير.‏
يؤدي عدم التواصل و الإحساس بالخوف و التهميش إلى خلق حالة من الإحباط و الصراع السلبي في ‏المؤسسة و الذي يكرس حالات من التباعد و النفور.‏
انعدام قيمة الفرد الذي ينتمي إلى دولة و أنظمة فاسدة يؤدي إلى خلق موظف بعيد عن الأنظمة ‏الاقتصادية الصحية.‏
أن بقاء الكائن الحي و اكتساب قيمته الإنسانية في المجتمع الاشتراكي تعتبر امتداد و جزء لا يتجزأ ‏من الكيان الاقتصادي للدولة , حيث يمثل جزء من الحلقات الحية التي تربط قيمة الفرد الحيوية بحاجة ‏المجتمع و التي تدور في فلك دورة الحياة الاقتصادية , فإذا ما تعرض هذا الكيان إلى العزلة و الفساد و ‏بالتالي إلى الانهيار فأن قيمة الفرد و شعوره بالانتماء ستنهار و تتحول دورة العمالة الاقتصادية إلى ‏حلقة مفرغة تصب في مصلحة الكيانات الانتهازية الصغرى للمتنفذين في الدولة.‏
أما في المجتمع الرأسمالي تتمثل قيمة الفرد بزيادة رأس المال التشغيلي للمؤسسة و الذي يصب في ‏خدمة التنافس السلعي على حساب قدرة المواطن و التي تعتبر جزء من حلقة دورة رأس المال ‏الاستثمارية و التشغيلية فإذا ما حصل أي خلل في الدورة المذكورة يتحول الإنسان إلى آلة استهلاكية و ‏يدخل في دوامة الاستغلال و الاستنزاف. ‏
و أخيراً و ليس آخراً فأن الكيانات الإدارية ما هي إلا مفصل من مفاصل المجتمع المتعددة كل حسب ‏طبيعة عملها و التي تحافظ على استمرارية الحركة الفعالة لدورة رأس المال و التي تدعم الموارد ‏البشرية و الاقتصادية على حد سواء.كما أنها بمكانة الدم لجسد الإنسان الذي يديم الحياة لجميع أجزاء ‏الجسد في الكائن الحي. و من هنا تلعب الإدارات الالكترونية (الحكومة الالكترونية) دوراً إيجابياً في ‏حلحلة جميع العقد و تفكيك جميع العصابات المتنفذة, كما أنها توفر سهولة أكبر و عامل زمني أقل ‏لإنجاز و تحقيق و دعم عجلة الاقتصاد النموذجية الخاصة ببلدنا العظيم. ‏

 

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة