خاص : ترجمة – محمد بناية :
أقال الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، بطريقته المعهودة، مستشاره للأمن القومي، “جون بولتون”، عبر تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي، (تويتر). وقيل إن السبب الرئيس هو الخلاف بين الرجلين بشأن مفاوضات السلام الأفغانية، فلم يكن “بولتون” يعتقد في الاتفاق مع جماعة “طالبان”؛ وشكا بشدة من التفاوض مع قيادات “طالبان” في “كامب ديفيد”، قبيل أيام من ذكرى هجمات 11 أيلول/سبتمبر السنوية. بحسب الدكتور “صلاح الدين هرسني”؛ الخبير الإيراني في الشأن الدولي، بمقاله التحليلي المنشور في صحيفة (همدلي) الإيرانية الإصلاحية.
أسباب متعددة ومتفرعة..
لكن يبدو مستبعدًا أن يكون هذه الخلاف هو السبب الرئيس والعامل الوحيد للإطاحة بـ”بولتون”، وإنما هناك مجموعة من العوامل منها؛ أزمة شبه الجزيرة الكورية النووية، والتوتر التجاري مع “الصين”، وفتور علاقات “واشنطن” مع “الاتحاد الأوروبي”، والتشدد بشأن “كاراكاس”، واختلاف وجهات النظر بشأن “إيران”، وأخيرًا عدم التناغم مع مسؤولي الإدارة الأميركية.
عمومًا مهما كانت دوافع “ترامب” للإطاحة بـ”بولتون”، لكن ما هي رسائل هذه الإطاحة بالنسبة لـ”الجمهورية الإيرانية” ؟.. وهل يعني إنتهاء معضلة “جون بولتون”، داخل مجموعة عمل “دونالد ترامب”، نهاية مشكلة (طهران-واشنطن) ؟.. هذه سذاجة للأسباب التالي :
لم يكن بمفرده..
أولاً: لم يكن “جون بولتون” العنصر الوحيد المناويء لـ”إيران”، داخل مجموعة عمل وحلقة مستشاري “دونالد ترامب”.
لقد كان المحفز للقرارات المعادية لـ”إيران” داخل إدارة “ترامب”. كان بمفرده نصل مقص سياسة المضايقات في مجموعة عمل “دونالد ترامب”، ومظهر سياسات “البيت الأبيض” السادية تجاه “إيران”.
وعلى أحسن الفروض؛ يلعب وزير الخارجية، “مايك بومبيو”، دور النصل الثاني للمقص. والحقيقة يضطلع مقص (بولتون-بومبيو) بتنفيذ سياسات “البيت الأبيض” السادية تجاه “طهران”.
والآن وبعد الإطاحة بـ”بولتون” من إدارة “ترامب”؛ تزداد حدة النصل الثاني، (بومبيو)، في تنفيذ السياسات السادية والعدائية. وعليه سيظل الجزء الأكبر من مشكلات “واشنطن” مع “طهران” ببقاء “بومبيو”، ناهيك عن إمكانية تطور الموقف العدائي جراء تدخلات المبعوث الأميركي الخاص بإيران، “برايان هوك”، الخفية والمعلنة. من ثم لا يجب أن تثير الإطاحة بـ”جون بولتون” التفاؤل في تحسن أجواء العلاقات بين “إيران” و”الولايات المتحدة الأميركية”.
خطوة غير مفرحة لإيران..
ثانيًا: لا تُعتبر خيارات، “دونالد ترامب”، المحتملة للقيام بأعباء الاستشارات داخل جهاز الأمن القومي، خبرًا مفرحًا بالنسبة لـ”الجمهورية الإيرانية”.
وكما يبدو يُطرح اسم، “تشارلي كوبر”، كأحد الخيارات المحتملة، وهو كسابقه، “بولتون”، من حيث السياسات العدائية تجاه “طهران”، بل موقفه لا يختلف كثيرًا من “الاتفاق النووي”، بالمقارنة مع “بولتون”.
وكان قد علق، في وقت سابق، على “الاتفاق النووي”؛ بقوله: “وقعت على عريضة مركز واشنطن للسياسات الأمنية وحلقة المحافظين الجدد، والتي تطلب إلى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، إلغاء الاتفاق النووي مع إيران”.
والآن؛ إذ كان عزم “ترامب” على اختيار “كوبر” قويًا، فسوف تزداد بالتأكيد قوة حملة الضغط لأقصى درجة بالتآزر مع “بومبيو” ضد “إيران”.
ليس مؤشرًا على تقدم الدبلوماسية..
ثالثًا: الإطاحة بـ”جون بولتون” من دائرة علاقات “واشنطن” الدبلوماسية ليس شرطًا كافًا للتعامل والمرونة تجاه “إيران”.
إذ تضطلع دوائر المحافظين، (والتي تتشارك نفس التوجه مع “بولتون”)، بإتخاذ جزء ليس بالقليل من علاقات “واشنطن”، وهذه الدوائر لن ترضى بأقل من قصف “إيران”. وبغض النظر عن ماهية الشخص الذي سوف يجلس على مقعد “جون بولتون”، فإن هذه التنقلات قد تؤثر بشكل كبير على مستقبل سياسات (طهران-واشنطن) الخارجية والأمنية، تلك التأثيرات التي لن تؤثر بالقطع على المشهد الأميركي الداخلي قبيل أشهر من انتخابات 2020، وإنما قد ترسل أيضًا إشارات ورسائل إلى العالم.