خاص : ترجمة – محمد بناية :
“حملت قبل سنوات مريض إلى مستشفى سجن (أيفين)، ورأيت هناك رجل دين قادماً من السجن الخاص برجال الدين؛ كان الرجل سميناً ويبلغ من العمر حوالي 60 عاماً؛ وكانت تهمته تهريب الفتيات إلى (دبي). يخدع (الحاج السيد) الفتيات ويرسلهن إلى عصابات التهريب في دبي، التي تسلبهن جوازات سفرهن وتجبرهن على العمل بالدعارة. ويكفي الفتيات إبداء الرفض حتى تبدأ التهديدات من الإعدام حال العودة إلى إيران”.
هكذا علق “محمد أولیایي فرد”، على تورط المؤسسات الدينية والأمنية الإيرانية في تصدير الدعارة إلى الدول العربية.
المبالغ الزهيدة للفتيات والطائلة للقواد والعقوبة المخففة لرجل الدين !
تحصل الفتيات على مبالغ زهيدة، بينما يحصل القواد على أموال طائلة. وقد اقتصرت عقوبة رجل الدين على السجن لمدة قصيرة، بينما؛ وطبقاً للمادة 286 من قانون العقوبات الإسلامي؛ يواجه كل من ينشر أو يدير شبكة تهريب الفتيات إلى الدول العربية وإدارة أو حتى المساهمة في إدارة شبكة دعارة تهمة “الافساد في الأرض”، وهي تهمة تستوجب الإعدام.
“الحاج السيد”.. هو نموذج لكل من راح الكثير من الفتيات ضحية أعمالهم خلال السنوات الأخيرة.
إذ طرح موقع “إيران واير”، خلال الأسابيع الماضية عدداً من الأسئلة التي وردت إلى القسم القانون بالموقع؛ بشأن إمكانية عودة الإيرانيات العاملات في الدعارة بمدينة “دبي” إلى إيران والعقوبة التي تنتظرهن.
وقد أكدن على تورط قوات الشرطة و”الحرس الثوري” مع القوادين والمهربين. والواقع أن عمليات تهريب النساء بغرض إدارة شبكات دعارة تمثل مشكلة اجتماعية كبيرة وتهديد للنظام والأمن. إذ يربح المهربون فقط سنوياً، من السوق العالم للدعارة حوالي 7 مليار دولار، ويحصل القواد من كل عاهرة على ملبغ شهري يعادل 40 ألف دولار.
قصة “بيت الهداية” و”الخالة كُرده”..
طبقاً للتقارير تحتل تجارة النساء المرتبة الثانية، بعد الاتجار بالمخدرات، من حيث المكسب المالي. وإيران تعاني، كالكثير من دول العالم، هذا التهديد، وأبرز دليل على ذلك هو أن القبض على أعضاء تهريب الإيرانيات إلى الدول العربية كشف سر إنشاء (بيت الهداية) في “الكرج وطهران” شتاء 2000، وكذلك القبض على عصابة (الخالة كُرده) في مدينة “قم” عام 2011، التي كانت تقوم بتهريب الفتيات والنساء في الداخل والخارج.
والخالة “كُرده”، هي سيدة مطلقة تبلغ من العمر 50 عاماً، وانتقلت للاقامة في “قم”، وشرعت في تشكيل شبكة تهريب الفتيات من “قم” وسائر المدن الأخرى. وفصلت محكمة قم في القضية وحكمت بالسجن على 60 من اعضاء العصابة.
مع هذا ورغم أن قانون العقوبات ينص على جلد القواد 75 جلدة ونفيه، بل وإعدامه بتهمة الإفساد في الأرض، إلا أن سوق الدعارة لايزال منتعش. إذ يبدو أن تغاضي القضاة على مثل هذه الجرائم دفع عناصر الشرطة الإيرانية و”الحرس الثوري” إلى التعاون مع القوادين والمهربين، وبالتالي لا يكون التعامل القانوني مع هذه العصابات جاداً، وحتى لو تم القبض على المتهمين في مثل هذه القضايا فإنهم يتلقون عقوبات خفيفة.
يعلق “أولیایي فرد”، معد تقرير موقع “إيران واير”، “وهو ما يذكرني بحديثي مع مراسل ميداني، كان يعد تقريراً عن بيوت الدعارة، وأخبرني أن العاملون في هذا البيت لديهم جهاز قارئ بطاقات الهوية. وأخبرني أنه ذات مرة وقع خلاف بين القواد والزبون، والذي طلب تحكيم الشرطة في الموضوع”.
وعليه فلا يمكن تجاهل عدم الحسم القضائي في التعامل مع قوات الشرطة و”الحرس الثوري”، في تنامي نشاط هذه العصابات تحت مظلة الأمن. مع هذا أحياناً ما تباشر المؤسسات الأمنية العمل في قطاع الدعارة بشكل غير معلن، إذ تعتبر عمليات إدارة مراكز كـ”بيوت العفاف”، جزء من هذه السياسات الأمنية في هذه الحوزة.