24 يونيو، 2025 10:06 ص

حياة سكان أضيق زقاق في بغداد  .. معاناة بلا نهاية

حياة سكان أضيق زقاق في بغداد  .. معاناة بلا نهاية

سكان زقاق يقع في حي الكسرة بالعاصمة العراقية بغداد ويعتقد انه أضيق زقاق في المدينة يعانون بشدة في متابعة حياتهم اليومية..بل ان بعضهم يقول ان معاناتهم تستمر حتى بعد الوفاة .. ويوصل هذا الزقاق الضيق الى زهاء 14 منزلا مبنية بشكل غير رسمي. ويبلغ عرض هذا الزقاق المتعرج المقام منذ عشرينيات القرن الماضي نحو 40 سنتيمتر عند أوسع نقطة فيه ويضيق الى أقل من 30 سنتيمترا عند أضيق نقطة الأمر الذي يجعل من المستحيل مرور شخصين قادمين من اتجاهين مختلفين معا.
ويقول مقيم في الزقاق يدعى شاكر السوداني ان الحياة والموت معاناة مستمرة في هذا الزقاق الضيق ويضيف ان “معاناة هذه الدربونة (الزقاق) انه الغراض (الاغراض) مالتهم صعبة أن يطببوها (يدخلوها) داخل الدربونة فيضطرون شنو من السطوح يعبرون أهل السطوح من سطح لسطح الى ان يدخلها . في واحدة من المعاناة توفت امرأة عجوز شالوها (حملوها) ببطانية وخلوا (وضعوا) التابوت بالشارع يالاخلوها (وضعوها) لان ماكو شلون ينقلون الجثة. مثل ما يكول (يقول) معاناة جدا صعبة لأن الدربونة.” 
ويزيد من معاناة سكان هذا الزقاق الضيق الانقطاع المتكرر للكهرباء في بغداد والارتفاع الكبير في درجات الحرارة بالعراق.
وتابع السوداني “الكهرباء من تنطفىء عندهم جهالهم (الاطفال الصغار) وأطفالهم كلهم يطلعون بالشارع لأنه ما كو (لا يوجد) مثل مايكول (يقول) تنفس. هسة (الان) أي واحد سمين من يطب مثل الي يضيق عنده التنفس ويختنق لأن الدربونة جدا ضيقة.”
وحتى حين تمطر السماء يعاني سكان هذا الزقاق أيضا من الماء الذي يخر عليهم من كل جانب. ويسكن منازل هذا الزقاق المقام في حي خاص بأبناء الطبقة العاملة في العراق أسر بها أعددا كبيرة تنحشر في منازل صغيرة تقل مساحة المنزل منها عن 100 متر.
ويوضح حاتم جاسم عيسى المقيم منذ 35 عاما ببيت في هذا الزقاق مع أفراد أسرته وعددهم 13 ان الحياة أصبحت في غاية الصعوبة بالنسبة له خاصة كلما كان ابنه مصطفى (20 عاما) يتعرض لأزمة ربو. ففي كل مرة كان يتعرض فيها الفتى لأزمة كان الزقاق يحول دون محاولات إسعافه على عجل بنقله الى المستشفى حتى هوفي في عام 2008.
وقال عيسى (60 عاما) لتلفزيون رويترز “والدته كل مرة تشيله على ظهرها هالشكل وتطلع بيه. رغم ماهي يأخذها الحايط هذا ويأخذها الحايط هذا هو يتأذى يتجلخ (يجرح من الاحتكاك بالحائط) وهي تتجلخ. هاي الحالة الاخيرة التي صارت بينما نزلوه نزلوه من الدرج واخذوه. بس هو متأزم منتهي. أخوته اثنين فواحد يقول لللاخ(للاخر) أني أشيله..اني اشيله فأثنينهم وهو ثلاثة. هو نفر واحد يا دوب يفوت (يمر). في ربع الطريق من الدربونة لغاية راس الدربونة وانطاكم عمره (أعطاكم عمره) توفى وما لحكنا (لحقنا) عليه.”
وفي مأساة أخرى يقول عيسى انه حين قتل ابنه الشيخ عدي في معارك بمدينة النجف في عام 2004 لم يستطع إدخال نعشه الى منزل الأسرة حتى تودعه أمه وأخواته. وحتى نقل المواد الغذائية الى المنازل الواقعة على جانبي هذا الزقاق يعد مشكلة.
فالشاب مصطفى المقيم مع أسرته في منزل بالزقاق يقول “هنا أكل كوة (بصعوبة) نطببه (ندخله). روحتنا طبتنا (عندما ندخل) طلعتنا. هسة (الان) اني ماخذ ركيتين ( بطيختين) للبيت كوة (بصعوبة) اطب (ادخل) صفح علمود (لكي) اشيلهن (احملهن). الشي الثاني أحنا من يطب (يدخل) لو واحد يطلع واحد يبقى براس الدربونة وواحد اللاخ (الاخر) ينتظر علمود (لكي) شنو اللاخ (الاخر) المقابل يطب ( يدخل). الشي الثاني احنا عندنا براس الدربونة بيت مرلا (امرأة) اسمها أم يحيى فغراضنا كلها نعبرها على هذا البيت يعني ثلاجة.. يعني أحنا أذا تعطل ثلاجة شلون (كيف)؟ أذا واحد راد (اراد) يشيل (ينتقل) شلون؟ يعني مأساة.”
وعلى الرغم من ان هذا الزقاق لم يصب بأذى خلال الهجمات التي تعرضت لها بغداد إبان الغزو الأمريكي فان المعاناة اليومية للقاطنين بأضيق زقاق في العاصمة العراقية لا تزال أسلوب حياة.
ولأهمية هذا الحي القديم والراقي، فقد أقامت به كبرى العائلات البغدادية الراقية التي بنت فيه منذ الأربعينات أجمل الفللات الفاخرة خاصة في شارع الزهاوي، كما تم بناء أول ملعب رياضي في العراق (ساحة الكشافة) الذي استضاف كبرى البطولات العربية في كرة القدم، وينتصب أمامه تمثال رائد الكرة العراقية جمولي.
وتقع منطقة الكسرة وسط بغداد، وتعد من المناطق الشعبية القديمة، وتربط بين منطقتي الأعظمية والوزيرية. وتعتبر ذات أعلى نسبة كثافة في بغداد؛ إذ إن العائلات التي سكنت منذ أكثر من سبعين سنة في بيت لا تتجاوز مساحته مائة متر مربع بقيت في البيت نفسه، وأغلب عائلات هذه المنطقة من صغار الكسبة والعمال.
يذكر أن هذا الحي سمي بـ«الكسرة» نسبة إلى الكسرة التي حدثت في سدته من جهة النهر بسبب فيضان دجلة سنة 1925م وإغراق المدينة، وهي تمتد من شارع «المغرب» إلى شارع «طه» باتجاه الأعظمية.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة