خاص: ترجمة- د. محمد بناية:
شرعية التوقّيع على مذكرات تفاهم بين “وزارة التربية والتعليم”، والشرطة، هو موضع شك كبير بالناحية القانونية، ويبدو من الضروري إعلان عدم قانونية وبطلان مثل هذه التفاهمات. بحسّب “کامبیز نوروزي”؛ في التقرير المنشور بصحيفة (شرق) الإيرانية.
وبخلاف عدم مراعاة مثل هذه التفاهمات للأسس والأهداف التعليمية، فإنها تخرج عن حدود صلاحيات الوزير والوزارة.
تحت مظلة القانون..
والحقيقة أن مبدأ تصرف الدولة كبير وأساس وهو المنع أو الحظر، أي أن الدولة وأجهزتها التابعة لها لا يمكنها القيام إلا بالأعمال التي أجازتها القوانين، ويجب تفسيّر صمت القانون على أنه يعني الحظر. وفي كل بنود مذكرة التفاهم تقريبًا تعهدت “التربية والتعليم” بالتعاون مع جهاز الشرطة للحيلولة دون وقوع جرائم.
فإذا كان على النظام التعليمي العمل في جميع القطاعات بطريقة تتناسب مع السياسة العامة للوقاية من الجريمة؛ لكن الوقاية من الجريمة يخرج عن نطاق وظائف “وزارة التربية والتعليم” ومهامها القانونية.
وعليه لا تستطيع هذه الوزارة المشاركة بشكلٍ مباشر من خلال التعاون مع أجهزة الشرطة، في موضوع الحيلولة دون وقوع الجرائم.
بين مسؤولية المعلم والشرطي..
فإذا كان ولا بُدّ من طرح الموضوعات المتعلقة بالوقاية من الجريمة في الكتب الدراسية والخطط التربوية، يجب على المتخصصين في علم نفس الأطفال والشباب، وعلم اجتماع الأطفال والشباب، والتعليم والتربية القيام بهذا العمل، لا قوات الشرطة المعنية من الناحية النظرية والعملية بالتعامل مع المجرمين.
وفي مذكرة التفاهم تتبادل “التربية والتعليم” والشرطة التعهدات. في حين لا يترتب على مذكرة التفاهم في القانون الداخلي أي التزامات. والتعهد والالتزام يعني العمل الذي يترتب على عدم القيام به مسؤولية، و”وزارة التربية والتعليم” لا يمكن أن تتحمل مسؤولية قانونية تجاه الشخصية الاعتبارية لقوات الأمن، وإذا لم تنفذ ما لم يرد في مذكرة التفاهم، فلا يمكن محاسبتها من قبل هذه القوات.
فقرات قانونية..
هذا المنطق ينطبق أيضًا على قوات الأمن. وفقًا للفقرة (5) من المادة (10) من قانون أهداف وواجبات “وزارة التربية والتعليم”، فإن التعاون مع وزارتي “الثقافة والتعليم العالي”، و”وزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي”، والجهات الأخرى المعنية بالشؤون التعليمية، يُعد أمرًا مُقررًا بهدف تنسيق الجهود التعليمية في إطار النظام التعليمي للبلاد.
ووفق ملحق نفس الفقرة، يتعين على “وزارة التربية والتعليم” وغيرها من الأجهزة المعنية، إعداد اللوائح التنفيذية واعتمادها من مجلس الوزراء، ولا توجد معلومات متاحة عن إقرار مثل هذه اللائحة في مجلس الوزراء.
كذلك وطبقًا للمحلق رقم (2) يضطلع “المجلس الأعلى للثورة الثقافية” بتحديد ماهية الأجهزة المشاركة في مسألة التعلم.
والأصل أن الأجهزة الشرطية ليست من الأجهزة المشاركة بأي شكل في شؤون التعليم العام والثانوي. وعليه تنتهك البنود الثمانية في مذكرة التفاهم بين “التربية والتعليم” والشرطة، القانون بوضوح.
وتتبع كل الأعمال التعليمية والتربوية في كل المراحل التعليمية، ضوابط واسعة ودقيقة للغاية في مجالات علم النفس، واجتماع الأطفال والشباب. وهذا المجال يخرج عن نطاق تخصص أجهزة الشرطة؛ بل إن فهم عناصر الشرطة لتلك المفاهيم، بالنظر إلى طبيعة المهام المكلفون بها والمتعلقة بعلم النفس الجنائي وعلم الاجتماع الجنائي وعلوم الشرطة، لا يمكن أن يرتبط ولو بشكل بسيط بأعمال التربية والتعليم، إلا إذا كان السيد الوزير يعتبر البيئة التعليمية بيئة للمجرمين.
وبعض الأعمال المسنَّدة إلى قوات الشرطة بحسّب مذكرة التفاهم، على شاكلة تطهير البيئة المحيطة بالمراكز التعليمية هو بالأساس من مهام الأجهزة الشرطية.
والعُرف أن المدارس تتعاون منذ سنوات مع أقسام الشرطة في المنطقة للقيام بهذا العمل، والحديث عن مثل هذه الأمور تحت مسَّمى مذكرة تفاهم يُحتمل أن يُفسّر بشكل خاطيء، وهو أن قوات الأمن لن تقوم بهذه المهمة بدون هذه المذكرة، وهو تفسّير لا توافق عليه قوات الأمن نفسها.
وباختصار تهيَّمن على النص نظرة أمنية أكثر منها تربوية أو تعليمية. ومن يُريد إدارة التربية والتعليم بفكر شرطي، لا يفقه شيئًا عن التربية والتعليم.