4 مارس، 2024 3:06 م
Search
Close this search box.

حوار “الحريري” المتلفز .. هل هو محاولة سعودية جديدة لفتح باب الحوار مع إيران بعد فشل حملتها التصعيدية ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بعد أسبوع من إعلان استقالته، ظهر رئيس الوزراء اللبناني “سعد الحريري” أخيراً في أول لقاء متلفز استغرق نصف ساعة فقط؛ أكد فيه أنه سيعود مُجددًا إلى لبنان في وقت قريب، قبل أن ينفي – خلال حواره مع تليفزيون (المستقبل) اللبناني – ما يتردد حول احتجازه من قبل السلطات السعودية، في إطار حملة الفساد التي طالت وزراء وأمراء سعوديون.

هذا اللقاء التليفزيوني الأول بعد أسبوع من إعلان “الحريري” استقالته من السعودية، موجهاً سهامه نحو “حزب الله” اللبناني وإيران، وهو الأمر الذي أثار لغطاً كبيراً وتراشقاً بالتهم بين عدة أطراف.

كما أثارت الاستقالة الكثير من الجدل وسط اتهامات للسعودية بإخضاع رئيس وزراء لبنان للإقامة الجبرية ضمن حملة احتجزت فيها الرياض عشرات الأمراء والوزراء السابقين والحاليين في إطار ما وصفته بالحرب ضد الفساد، وهو ما نفاه “الحريري” قطعاً.

الاستقالة جاءت من أجل مصلحته..

في حواره تحدث “الحريري” في أكثر من تصريح بخصوص “حزب الله”، والرئيس “ميشال عون”، وحقيقة احتجازه بالسعودية، علاوة على تأكيده بالعودة إلى لبنان قريباً، فضلاً عن رسالته لكتلة “المستقبل” اللبنانية، موضحاً أن ما يجري إقليمياً خطر على لبنان وأن استقالته جاءت من أجل مصلحته، مؤكداً على أنه سيدرس الإجراءات الأمنية للعودة إلى بيروت خلال يومين أو ثلاثة.

“عون” يرحب بإعلان عودته..

رحب “ميشال عون” رئيس لبنان، بالملاحظات التي أدلى بها رئيس الوزراء المستقيل “سعد الحريري” باستعداده للعودة إلى بلاده، قائلاً “عون”، فى تغريدة له على الموقع العالمي للتدوين القصير (تويتر): “أعرب عن سروري بإعلان رئيس الوزراء الحريري أنه سوف يعود إلى لبنان قريباً، وسوف نناقش عندئذ كل الظروف والقضايا وبواعث القلق التي تستلزم مناقشتها”.

أنباء عن الدعوة إلى طاولة حوار..

كانت مصادر لبنانية قد كشفت، في وقت سابق، عن اعتزام “عون” الدعوة إلى طاولة حوار في الأسابيع القادمة، قائلة المصادر، إن رئيس الحكومة “سعد الحريري” لن يقدم استقالة خطية إلى رئيس الجمهورية بل سيشارك في الحوار.

مشيرة إلى أن “الأكيد أن هناك غطاء عربياً دولياً روسياً – أميركياً يضمن الاستقرار اللبناني ووحدة لبنان وسيادة لبنان”.

لن يعود.. وهو محتجز في السعودية..

الباحث السياسي اللبناني “طلال العتريسي”، قال إن المقابلة لا تبدو أنها أجريت في منزل “سعد الحريري” كما قُدم في بداية الحوار، ويبدو أيضاً أن أشخاصاً آخرين حضروا المقابلة، ولذلك لا أتوقع عودته إلى لبنان خلال أيام كما قال.

مضيفاً أن “شكل وإخراج المقابلة التليفزيونية عززت فرضية احتجاز الحريري في السعودية، كما كُتب ونشر في العديد من وسائل الإعلام اللبنانية والعالمية، رغم محاولات الحريري المتكررة لنفيها”.

يطالب سياسة النأي بالنفس..

أشار “العتريسي” إلى أن لهجة “الحريري” خلال اللقاء التليفزيوني، كانت أقل حدة من خطاب الاستقالة قبل أسبوع، قائلاً: “أعتقد أن الحريري ترك باب الاستقالة مفتوحاً، خاصة أنه تحدث عن عودته إلى لبنان لبحث الاستقالة، ويبدو أنه غير مُصر عليها.. هو يطلب سياسية النأي بالنفس”.

يتهرب من الإجابة..

الباحث اللبناني يضيف بالقول: “أعتقد أن هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق، خاصة أن التسوية الحكومية التي جاءت بالحريري رئيساً للحكومة كانت بالتشاور مع كل القوى الداخلية والخارجية، علاوة على أن الحريري لم يُقدم أجوبة شافية على الأسئلة وكان واضحاً أنه يتهرب منها”.

التهرب يعزز وضعه تحت الإقامة الجبرية..

فيما يرى رئيس “مركز دلتا للدراسات المعمقة” في بيروت، الدكتور “محمود حيدر”، إن رئيس الحكومة “سعد الحريري” ظهر عليه “الوهن والارتباك” خلال المقابلة “المفاجئة”، التي أجراها في العاصمة السعودية الرياض.

قائلا “حيدر”، إنه من ناحية الشكل كان “الحريري” يحاول التهرب من الأسئلة القوية والعميقة التي طرحتها عليه المحاورة، مما يُعزز ما قيل عن وضعه قيد الإقامة الجبرية أو الاحتجاز في المملكة.

مضيفاً أنه من ناحية المضمون جاءت إجابات “الحريري” مختلفة عن خطاب الاستقالة الذي ألقاه قبل أسبوع، وكان يستخدم فيه عبارات قوية وشنّ خلاله هجوماً عنيفاً وغير مسبوق على إيران و”حزب الله”.

محاولة سعودية لفتح الباب للحوار..

متوقعاً أن يكون القصد من المقابلة هو محاولة سعودية لفتح الباب أمام حوار مع إيران؛ بعد “فشل حملتها التصعيدية الأخيرة، وخاصة أنها لم تجد دعماً أميركياً أو أوروبياً أو حتى عربياً”.

لافتاً “حيدر” إلى إن السعودية لديها “زلزال داخلي؛ وهو حملتها الأخيرة التي أطلقت عليها محاربة الفساد”، فضلاً عن وصول الوضع في اليمن وسوريا إلى أفق مسدود، ولذلك فإنها ترى أنه لا تستطيع فتح جبهة جديدة في لبنان.

متوقعاً: “أنه عند عودة الحريري إلى لبنان خلال أيام أن يرفض الرئيس عون الاستقالة أو أن يقبلها ويعيد ترشيحه مرة أخرى لرئاسة الحكومة ليبدأ الحريري المشاورات مع الفرقاء اللبنانيين”.

ينفي أقاويل احتجازه..

المحلل السياسي اللبناني، “لقمان سليم”، أوضح أن اللقاء المتلفز لرئيس الوزراء اللبناني المستقيل، “سعد الحريري”، به نقطتان بارزتان، الأولى خروجه بهذا الشكل من خلال مقابلة تديرها إعلامية لبنانية معروفة، ينفي الكثير مما قيل عن احتجازه أو وضعه تحت الاقامة الجبرية في السعودية، مشدداً على أهمية تلك المقابلة، لأنها تعيد الأمور إلى نصابها فيما يتعلق بحيثيات وجود “الحريري” في المملكة.

نسخة ملطفة من بيان الاستقالة..

مضيفاً “سليم” أن الأمر الثاني هو أن ما قاله “الحريري” يمكن وصفه بالنسخة “الملطفة” من بيان استقالته، بمعنى أن كل البنود التي جاءت بشكل فج، بعض الشيء، في الاستقالة من الهيمنة على القرار اللبناني وغيرها كررها اليوم “الحريري”.

يريد أن يحيد لبنان..

لافتاً إلى أن “رئيس الوزراء المستقيل أشار إلى أن التسوية التي كانت قائمة في لبنان باتت في حاجة إلى المراجعة، والبند الأساسي بها هو النأي بالنفس”، مؤكداً على أن ما يطرحه “الحريري” هو أن يُحيّد لبنان نفسه، والذي يفترض عملياً قراراً إيرانياً بالكف عن استخدام لبنان كمنصة؛ والتوقف عن اعتبار “حزب الله” كميلشيا عابرة للبلدان.

“جنبلاط” يرحب..

في إطار ردود الأفعال اللبنانية على حوار “الحريري”، قال رئيس (اللقاء الديمقراطي) النائب “وليد جنبلاط”، عبر (تويتر): “رغم كل الصعاب والعقبات والعثرات تبقى يا شيخ سعد رجل التسوية، رجل الحوار، رجل الدولة، تحية حارة مني.. وليد جنبلاط”.

كما قال رئيس (حزب القوات اللبنانية)، “سمير جعجع”، عبر (تويتر) أيضاً: “الشيخ سعد الحريري حلقة استثنائية نحن بانتظارك”.

من جانب آخر، وفور انتهاء المقابلة التليفزيونية مع “سعد الحريري”، تجمع شبان في ساحة الملعب البلدي في الطريق الجديدة بالعاصمة اللبنانية بيروت رافعين أعلام “تيار المستقبل” ورددوا هتافات مؤيدة للحريري.

سقف الأهداف السعودية انخفض..

الإعلام الإيراني أيضاً تابع المقابلة التليفزيونية، خاصة وأن استقالته ترافقت مع تحميله طهران مسؤولية الأوضاع بالمنطقة، وبرز في هذا الإطار مقال تحليلي لوكالة (تسنيم)، قالت فيه إن ما وصفته بـ”سقف الأهداف السعودية من قطع الأذرع الإيرانية في المنطقة” قد انخفض إلى “إجراء مفاوضات على دور حزب الله الإقليمي”.

وكالة (تسنيم) الإيرانية، المقربة من “الحرس الثوري”، شككت في الكثير مما ورد في مقابلة “الحريري”، وعلقت بشكل موسع على ظهوره والظروف المحيطة به، قبل أن تستطرد في تعليقها بالقول: “الحريري.. جاء بسقف أقل انخفاضاً من الشعارات السعودية التي نطق بها عند تقديم بيان الاستقالة، وتحولّ كلام قطع الأذرع الإيرانية في المنطقة إلى تفاوض لإخراج حزب الله من حالته الإقليمية المزعجة للسعودية إلى حالة لبنانية صرفاً بانتظار أيّ جديد”.

الضغط على “حزب الله” من أجل الملف اليمني..

معتبرة الوكالة الإيرانية أن “حزب الله” لن ينفذ بالضرورة تلك المتطلبات، وقد لا ينسحب من سوريا “إن كانت مصلحته البقاء”، مضيفة أن الهدف سيكون الضغط على الحزب من أجل الملف اليمني.

وبحسب المقال الذي لم يحمل اسم كاتبه، فقد رأت الوكالة أن السعودية “أطلقت سراح الحريري الذي سيعود إلى لبنان خلال الأيام القليلة المقبلة لمفاوضة الحزب على الخروج من الإقليم بشكل عام واليمن بشكل خاص، بيد أن حزب الله الذي قد يستطيع المفاوضة حول تواجده في سوريا، خصوصاً وإن غائلة الإرهاب شارفت على نهايتها في هذا البلد فهو لن يستطيع المفاوضة على المأزق السعودي في اليمن لعدم تواجده عمليًّا في اليمن” على حد قولها.

قد تدخل الركود أو تصبح ساحة لاتفاقات أكبر..

خاتمة الوكالة مقالها التحليلي بالقول إن من وصفتهم بـ”المراقبين” يرون أن الساحة اللبنانية “قد تدخل في ركود سياسي جديد لا أفق له، أو ربّما تكون ساحة لاتفاقات أكبر من الخريطة اللبنانية بين إيران والسعودية حول مسائل المنطقة”، معتبرة أن الخيار الثاني لن يمر إلا بحال اقتنعت الرياض بالدخول في مفاوضات جدية تنقذ المنطقة من الأزمات التي تعيشها، وفق قولها.

كان هادئاً ومحبط..

لم يتوقف الرصد التحليلي فقط عند التحليل السياسي، وإنما اهتم خبراء لغة الجسد أيضاً بالمقابلة التليفزيونية، فقال خبير لغة الجسد، “محمد حسن”، إن “الحريري” كان فى المجمل هادئاً جداً، إلا أن علامات الإحباط وفقدان الأمل ظهرت عند حديثه عن الوضع الحالى فى لبنان، وبدا عليه ذلك فى إشارات تدني جانبي الفم، فحينما يتسعان يقال إن هذا الشخص متفائل وعندما يضيقان يكون العكس تماماً، مضيفاً أن نبرة صوته كانت هادئة ومتزنة لكي يوضح أنه غير مضغوط بأي شكل ويتحدث بأريحية.

وأكد “حسن” على أن “الحريري” بدت عليه علامات الصدق عند حديثه عن الجهود المبذولة في الأزمة اللبنانية، لكنها مشبعة بالحزن، ما يدل على أنه قد يرى أنها جهود غير مثمرة، كما ظهر الصدق في أريحيته خلال اللقاء وعدم وجود إشارات قلق عند الحديث عن علاقته بملك السعودية “سلمان بن عبدالعزيز” وولي العهد “محمد بن سلمان”.

مضيفاً أن “الحريري” استخدم يديه كثيراً أثناء الحديث؛ وهذا من علامات الصدق، حيث تتفاعل اليدان مع الجسد لتؤكدا على ما يقوله المتحدث، فالجسد يتفاعل تلقائياً مع الكلام الصادق.

متوتر ويحاول تهدئة نفسه..

أضاف خبير لغة الجسد أن رئيس الوزراء اللبنانى المستقيل بدت عليه علامات التوتر، وقام بمحاولات لتهدئة نفسه عند الحديث عن الأسلوب الذي تمت به استقالته، وتجلى ذلك من خلال قوله للمحاورة إنها تقاطعه كثيراً كما أنه “مسك كأس الماء وشرب بيديه” في محاولة لتهدئة نفسه، مشيراً إلى أن حركة عينيه الكثيرة تدل على قلقه من الكلام حول طريقة استقالته.

لم يكتب بيان استقالته..

موضحاً “حسن” أن “الحريري” لم يكن صادقاً في الغالب عند قوله إنه هو بنفسه مَن كتب بيان استقالته الذي أذاعه من الرياض، وظهر ذلك من خلال نظره للأرض كثيراً “وبلع ريقه” أكثر من مرة، لأنه لا يوجد أمر يدعو لذلك بعد أن شرب المياه وليس موجوداً في مكان حار يجبره على العطش؛ لذلك لا يوجد مبرر غير التوتر وعدم الصدق عند الحديث في هذه النقطة.

عبر عن خلافه مع “حزب الله”..

يؤكد خبير لغة الجسد على إن “سعد الحريري” كان صادقاً عند حديثه عن أنه مهدد طوال عمره ويعيش حياة مهددة، كما عبَّر جسده عن خلافه الشديد مع “حزب الله”؛ عندما تطرق للحديث عنه وظهر ذلك من خلال تشبيكه لليدين وغلقه لمساحة صدره “قفلة الجسم” كما يقال عنها، تدل على أنه مختلف معهم وغير متقبل لهم.

غير صادق في العودة للبنان..

لافتاً خبير لغة الجسد إلى أن “الحريري” لم يكن صادقاً في الحديث عن العودة إلى لبنان، وتجلى ذلك من خلال ضم الشفتين وسحبهما للجانبين ما يسبب ارتفاع الخدين نسبياً، وهذا دليل على أنه غير واثق مما يقول، لكن رغبته في العودة قوية لأن عينيه اتسعتا، كما أنه مستعد للعودة إلى منصبه، فحينما سألته المحاورة عن إمكانية عودته لمنصبه “فرد صدره، وضهره انتصب وحدث انفتاح تلقائي” ما يدل على تقبله للفكرة جداً.

مترقب وحذر..

من جانبها، قالت “رغدة السعيد”، خبيرة لغة الجسد، أن عينا “الحريري” معظم اللقاء كانت تنظر للأسفل في الاتجاه الأيمن ما يعطي انطباعاً بالترقب والحذر، كما أن إمساكه بالقلم يعتبر نوعاً من التحكم في التوتر، وكانت حركة يديه دفاعية في معظم الحديث من خلال ضم الأصابع وتحريكها أمام الصدر، وأيّدت “السعيد” عدم صدقه في الحديث عن العودة إلى لبنان خلال أيام؛ حيث انخفض صوته ولم يكن هناك اتصال مباشر من العين.

مضيفة أن استخدامه لاسمه “سعد الحريري” والحديث عن نفسه بـ”أنا” مصاحبة بالإشارة إلى صدره؛ دليل على اعتزاز بالرأي والنفس، كما أنه في العموم لم يحدث اتصال العين لمدد طويلة واعتمد على الرمشة المطولة، ما يدل على تعرضه لتعب أو إرهاق أو تفكير كثير.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب