حملة مقاطعة البضائع الفرنسية .. تجبر “ماكرون” على تصحيح تصريحاته المسيئة للإسلام !

حملة مقاطعة البضائع الفرنسية .. تجبر “ماكرون” على تصحيح تصريحاته المسيئة للإسلام !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بدأت فرنسا تتخذ خطوات جادة لإصلاح ما حدث مع دول العالم الإسلامي نتيجة تصريحات الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، المسيئة للإسلام، والتي أدت لحملة متصاعدة كان أهم أسلحتها مقاطعة البضائع الفرنسية؛ مما كبدها خسائر فادحة جعلت الرئيس الفرنسي يتراجع عن موقفه؛ أو بمعنى آخر يحاول تصحيح تصريحاته وإيصال المعنى الحقيقي المقصود منها، ومن إحدى هذه الخطوات ما ذكرته صحفية (ذا غارديان) البريطانية، أمس الأول الأربعاء، أن فرنسا تدرس تعيين مبعوث خاص في الدول الإسلامية لشرح وجهات نظر الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، في العلمانية وحرية التعبير، وذلك في محاولة من باريس لوقف ردود الفعل المناهضة لها في بعض الدول الإسلامية.

حرب ضد الانفصالية وليس الإسلام..

كما أن “ماكرون” رد على مقال نشرته اليومية البريطانية، الإثنين، على موقعها الإلكتروني قبل أن تسحبه بعد ساعات، مؤكدًا، مساء الأربعاء، في مقال آخر لصحيفة (فايننشال تايمز)؛ أن: “فرنسا في حرب ضد الانفصالية الإسلامية، وليست بتاتًا ضد الإسلام”.

مقال اليومية البريطانية؛ اتهم ماكرون “بأنه شوّه سمعة المسلمين الفرنسيين لغايات انتخابية، والأسوأ من ذلك بأنه أبقى على مناخ من الخوف والتشكيك حيالهم”.

تصريحات تم تحريفها..

وفي رده المطول الذي نشرته الصحيفة، وكذلك أيضًا الموقع الإلكتروني لقصر “الإليزيه”، قال “ماكرون”: “لن أسمح لأحد بأن يقول إن فرنسا ودولتها تزرعان العنصرية تجاه المسلمين”، معتبرًا أن تصريحاته قد تم تحريفها.

وعلى غرار التصريحات التي أطلقها خلال مقابلته مع قناة (الجزيرة) القطرية، الأسبوع الماضي، أراد الرئيس الفرنسي أن يوضح للخارج أن معركته ضد “الانفصالية الإسلامية” ليست بتاتًا حربًا ضد الإسلام، وذلك في الوقت الذي قوبلت فيه تصريحاته حول رسوم كاريكاتورية تصوّر النبي “محمد” ونشرتها صحيفة (شارلي إيبدو) برد فعل غاضب من جانب دول عدة ودعوات لمقاطعة المنتجات الفرنسية.

وبعد أن ذكّر بسلسلة الإعتداءات التي تعرضت لها بلاده؛ منذ الهجوم على (شارلي إيبدو)، عام 2015، والتي خلّفت 300 قتيل، اعتبر “ماكرون” أن فرنسا تتعرض للهجوم بسبب قيَمها وعلمانيتها وحرية التعبير فيها، مشددًا على أنها: “لن تستسلم”.

أرض خصبة للدعوات الإرهابية..

واستفاض “ماكرون” في وصف حالات “الانفصالية” الإسلامية، معتبرًا إياها: “أرضًا خصبة للدعوات الإرهابية”. وأشار في هذا السياق إلى: “مئات الأفراد المتطرفين الذين يُخشى من أنهم قد يلتقطون في أي وقت سكينًا ويذهبون ويقتلون فرنسيّين”.

وقال الرئيس الفرنسي إنه: “في أحياء معينة، وكذلك على الإنترنت، تقوم جماعات مرتبطة بالإسلام الراديكالي بتعليم أبناء فرنسا كراهية الجمهورية، وتدعوهم إلى عدم احترام القوانين”، مضيفًا: “ألا تصدقونني ؟.. أقرأوا مجددًا الرسائل المتبادلة والدعوات إلى الكراهية التي انتشرت باسم إسلام مضلّل على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي أدت في نهاية المطاف إلى موت الأستاذ، صامويل باتي، قبل أيام. زوروا الأحياء التي ترتدي فيها فتيات صغيرات أعمارهن ثلاث أو أربع سنوات النقاب” ويتلقّين تربية في ظل جو “من الكره لقيَم فرنسا”.

وتابع “ماكرون”: “هذا ما تنوي فرنسا محاربته اليوم، وليس أبدًا (محاربة) الإسلام”، مشددًا على أن بلاده تريد مواجهة “الظلامية والتعصب والتطرف العنيف، وليس الدين”.

تحركات من “ماكرون” لتوضيح موقفه..

كما تحدث “ماكرون” عبر الهاتف مع الرئيس الفلسطيني، “محمود عباس”، لطمأنته أنه يميّز بين الإرهاب والتطرف من جهة، والإسلام والتفكير الإسلامي من جهة أخرى.

وقالت “وزارة الخارجية” السعودية إنها: “ترفض أي محاولة لربط الإسلام بالإرهاب؛ وتدين الرسوم المسيئة للنبي”.

كما دعت حكومتها إلى: “أن تكون الحرية الفكرية والثقافية منارة للاحترام والتسامح والسلام الرافض للممارسات والأفعال التي تولد الكراهية والعنف والتطرف وتتعارض مع قيم التعايش”.

وكتب رئيس الوزراء الماليزي السابق، “مهاتير محمد”، عبر حسابه على موقع (تويتر) أن: “للمسلمين الحق في أن يغضبوا ويقتلوا ملايين الفرنسيين بسبب مذابح الماضي، لكن المسلمين بشكل عام لم يطبقوا قانون “العين بالعين”. المسلمون لا يفعلون ذلك. يجب على الفرنسيين تعليم شعبهم احترام مشاعر الآخرين”. وتابع “محمد” إن موقف الرئيس الفرنسي كان “بدائيًا للغاية”.

الإمارات تقف في صف “ماكرون”..

بينما قال وزير الدولة الإماراتي لشؤون الخارجية، الدكتور “أنور قرقاش”، إن “ماكرون” محق تمامًا، ويجب الاستماع إليه.

وطبقًا لما نقلته وسائل إعلامية، فإن “قرقاش” دافع، في حديث له مع صحيفة (دي فيلت) الألمانية، عن موقف الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، على خلفية الجدل الذي طاله في أوساط المسلمين في العالم والمتعلق بموقفه من رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي “محمد”.

ورفض الوزير الإماراتي فكرة أن يكون “ماكرون” عبر عن رغبة في إقصاء المسلمين.

وقال، حسب ما نقلت عنه الصحيفة: “يجب الاستماع إلى ما قاله ماكرون فعلاً في خطابه، هو لا يريد عزل المسلمين في الغرب، وهو محق تمامًا”.

وأضاف الوزير الإماراتي: “يجب على المسلمين أن يندمجوا بشكل أفضل، ومن حق الدولة الفرنسية البحث عن طرق لتحقيق ذلك بالتوازي مع مكافحة التطرف والإنغلاق المجتمعي”.

واعتبر “قرقاش” أنه بمجرد أن يرى الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”؛ “ثغرة أو نقطة ضعف، فإنه يستخدمها لزيادة نفوذه”، لافتًا إلى أن “إردوغان”؛ “لا يبدي استعدادًا للتفاوض؛ إلا عندما نبين له الخط الأحمر”.

توحيد الاتحاد الأوروبي ضد الإرهاب وخطاب الكراهية..

بموازاة ذلك، دعا “الاتحاد الأوروبي” إلى ضرورة أن يقف الاتحاد موحدًا، مناشدًا شركاء التكتل في العالم إلى: “العمل معنا عن كثب لمحاربة الإرهاب وخطاب الكراهية والمعلومات المضللة”.

وأكد الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، “غوزيب بوريل”، أنه ينبغي: “أن نحدد بدقة نوع الإرهاب الذي نواجهه، عادة ما نطلق عليه (الإرهاب الإسلامي)، لأن الجناة والمؤيدين يزعمون تنفيذ هذه الأعمال الإرهابية باسم الإسلام”، مضيفًا: “يجب أن نتجنب ربط هذا الإرهاب بالإسلام”، واعتبر أن هذا الإرهاب لا يشير إلا إلى تطرف قلة من الناس، سعيًا وراء تبريرات كاذبة لحماقتهم، مؤكدًا في الوقت ذاته؛ أن حرية التعبير هي حجر الزاوية في قيم “الاتحاد الأوروبي” ويجب حمايتها ودعمها.

محاولة لتخفيف حدة توتر وردود أفعال العالم الإسلامي..

وتعليقًا على هذا الموضوع؛ قال رئيس المركز “الأوروبي” لدراسات لمكافحة الإرهاب، “جاسم محمد”، إن: “تصريحات الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي؛ هي محاولة لتخفيف حدة التوتر وردود الأفعال من العالم العربي والإسلامي، وكذلك من الجاليات المسلمة داخل أوروبا في أعقاب حديث الرئيس الفرنسي، حيث أدركت المفوضية الأوروبية بأن هنالك خطاب أوروبي يقوم على التحريض والكراهية”، مؤكدًا أن: “المفوضية الأوروبية تسعى لمحاربة التطرف”، معربًا عن إعتقاده أن سياسات الرئيس الفرنسي باقية بدون تغيير وأن فرنسا ستشهد تصعيدًا وتحريضًا على الكراهية؛ بالرغم من أن فرنسا من الدول التي حاربت التطرف والإرهاب.

توجد فجوة بين المهاجرين والمواطنين الأصليين..

من جانبه؛ قال الدكتور خبير أمن المعلومات، “غسان مراد”، إن: “الأخبار المضللة ليست وحدها المسؤولة عن تبني الإرهاب والكراهية، فعند الحديث عن وضع المهاجرين فإنهم دائمًا على هامش الدول المضيفة ووضعهم الاقتصادي متدني، الأمر الذي يترتب عليه فجوة معرفية عند الأفراد ويصبح استغلالهم سهلاً، وبهذا استطاعت المنظمات الإرهابية استخدام التكنولوجيا للتأثير على الأفراد”.

موضحًا أن هناك عددًا كبيرًا من العاملين في الـ (فيس بوك) للبحث في المنشورات التي تدعو إلى التطرف، كما أنهم يحاولون حاليًا بناء برمجيات ذكية للتعرف علي هذا النوع من الكتابات، إلا أن هذا لا يكفي.

دول تسعى لإشعال الفتنة بين الشعوب..

قال خبير مكافحة الإرهاب الدولي، الدكتور، “زكريا سالم”، إن: “المعالجة العالمية لظاهرة الإرهاب تبدأ بعد تنفيذ العملية وليس مع بداياته وجذوره، محملاً المسؤولية في إذكاء التطرف إلى المعلومات المغلوطة من خلال الإنترنت”، منبهًا إلى أن هناك دولاً تسعى لإشعال نار الفتنة بين الشعوب، داعيًا لتتبع جذور الحركات الإرهابية ووضع القوانين المناسبة التي تضمن الرقابة الكافية على الإنترنت أو منع تسليح الجماعات المتطرفة مع الوضع في الاعتبار آلية التنفيذ.

وكان “إردوغان” قد اتهم “ماكرون”، بالتهجم على الإسلام، ودعا لمقاطعة المنتجات الفرنسية.

وعمت احتجاجات كبيرة ودعوات للمقاطعة، العالم الإسلامي، ردًا على تصريحات لـ”ماكرون” دافع فيها عن الحق في نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي “محمد”، معتبرًا أنها: “حرية التعبير”.

وجاء موقف “ماكرون” ردًا على مقتل مدرس فرنسي بقطع الرأس، في 16 تشرين أول/أكتوبر الماضي، على يد شاب متطرف، بعدما كان هذا المدرس قد عرض على تلاميذه رسومًا كاريكاتورية للنبي “محمد”، في إطار حصة دراسية حول حرية التعبير.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة