20 أبريل، 2024 12:17 ص
Search
Close this search box.

حماية النظم العربية وخطاب إعلامي مناسب .. تحصينات إسرائيل من إنتفاضة تتوقعها

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب – سعد عبد العزيز :

باتت مسألة نقل السفارة الاميركية في إسرائيل من تل أبيب للقدس تشغل بال صناع القرار داخل الدولة العبرية. فرغم تراجع الإدارة الأميركية بعض الشيء عن تنفيذ ذلك الوعد الإنتخابي إلا أن الإسرائيليين يريدون إستغلال فترة ترامب وتحقيق أسرع المكاسب في عهده.

مؤخراً نشر “مركز دراسات الأمن القومي في إسرائيل” دراسة هامة عن تداعيات نقل السفارة الأميركية للقدس. واكد مُعد الدراسة “عاموس يادلين” على أن نقل السفارة كان أحد تعهدات الرئيس “دونالد ترامب” خلال حملته الإنتخابية. لكن خلافاً لقضايا أخرى – مثل الهجرة والتجارة – التي اتخذ ترامب بشأنها قرارات سريعة في الأيام الأولى لولايته، فقد أعلن أن نقل السفارة يُعد أمراً معقداً وسيتم بحثه خلال الأشهر المقبلة. ويبدو أن زيارة ملك الأردن إلى واشنطن، بالإضافة إلى رسائل من بعض الدول العربية، وضعت مخاطر وعقباتٍ أمام هذا الإجراء، وربما أدى ذلك إلى مزيد من التفكير والتروي. لكن سيكون على الإدارة الأميركية قبل حزيران/يونيو 2017، أن تتخذ قراراً بقبول أو وقف مشروع قانون كان الكونغرس قد سنّه منذ عام 1995 بخصوص نقل السفارة إلى القدس، وهو التاريخ نفسه الذي يجب أن يصدر فيه قرار رئاسي (كل ستة أشهر).

يشير “عاموس” في دراسته إلى ان “إسرائيل من حيث المبدأ، لا يمكنها إلا أن ترحب بتلك الخطوة الأميركية الهامة في حال المصادقة عليها. لأن نقل السفارة من شأنه أن يعزز مكانة القدس كعاصمة لإسرائيل على الصعيد الخارجي، وبالتالي ليس من الصواب أن تعارض إسرائيل تلك الخطوة، لاسيما في ظل السياق السياسي واعتبارات التوقيت. مع الأخذ في الإعتبار أن هذا الإجراء هو شأن أميركي خاصّ لا ينبغي لإسرائيل أن تتدخل فيه البتة؛ وبالتالي يجب عليها أن تتعامل معه بحذر وهدوء. ومع ذلك، فمن المتوقع أن تفكر إسرائيل مليًّا في عواقب هذا الأمر ومخاطره واحتمالاته، كي تتحسّب لها. وفي هذا الإطار ينبغي أن تقدم إسرائيل لواشنطن وبشكل سرّي توصياتها بشأن كيفية وتوقيت نقل السفارة، لتقليل المخاطر المحتملة”.

مخاطر محتملة في وجه إسرائيل
“من الخطأ ألا تدرس إسرائيل المخاطر المتعلقة بنقل السفارة”، حسب ما اقرت به الدراسة، مضيفة “حتى لو افترضنا أن تلك المخاطر يتم تضخيمها والمبالغة بشأنها من قبل الفلسطينيين أو معارضي تلك الخطوة من الأميركان والإسرائيليين. وتتلخص أبرز هذه المخاطر فيما يلي:

“أولاً: إندلاع إنتفاضة فلسطينية جديدة في الضفة الغربية، مستغلة رمزية القدس ورافعة شعار “الأقصى في خطر”، وقد يصحب ذلك تصعيدٌ في غزة التي هي على وشك الإشتعال أصلاً، ثم وقوع أعمال شغب من جانب عرب 48.

ثانياً: تجميد عملية السلام، بحيث يكون من الصعب إستئنافها مستقبلاً.

ثالثاً: إن تأكيد نقل السفارة إلى القدس الغربية سيُضعف عمليًّا موقف إسرائيل المطالب بأن تكون القدس الموحدة تحت سلطتها كعاصمة لها. وبعبارة أخرى فإن نقل السفارة سيعزز الإعتراف الدولي بالقدس الشرقية كعاصمة لفلسطين”.

تضيف الدراسة الإسرائيلية، بأن هناك خطر آخر يتمثل في تدهور العلاقات الإسرائيلية مع كل من مصر والأردن، مع توقع إندلاع الغضب الشعبي فيهما، بما يهدد استقرار النظام داخل الدولتين. “علماً بأن التعاون الإسرائيلي مع كلا البلدين ينمو بشكل مطرد في السنوات الأخيرة على أساس المصالح الأمنية المشتركة؛ خاصة أن القضية الفلسطينية لم تعد على قائمة الإهتمامات الشعبية فيهما. ولكن نقل السفارة من شأنه أن يقلب الطاولة، ويؤدي إلى تدهور علاقات إسرائيل مع هذين البلدين، بل وحتى مع دول إسلامية أخرى. إن هذه التطورات قد تتسبب في وقوع أعمال إرهابية ضد أهداف أميركية في أماكن مختلفة من العالم، وهو ما سيُحسب على إسرائيل”.

مبررات إيجابية
على جانب آخر، وحسب وجهة النظر الإسرائيلية، هناك عدد من المبررات التي ترجح الكفة لصالح نقل السفارة إلى القدس، ويمكن تلخيصها فيما يلي:

أولاً: إن تأكيد مكانة القدس عاصمةً لإسرائيل يمثل مصلحة عليا للدولة العبرية. فتعديل الوضع الخاطئ المتمثل حالياً في إتخاذ السفارة الأميركية من تل أبيب مقراً لها بينما مقر القنصلية الأميركية هو القدس لا يخدم إلا المصلحة الفلسطينية فقط، فنقل السفارة سيقضي تماماً على فكرة تدويل القدس المنصوص عليها في القرار الأممي رقم 181.

ثانياً: إن هذه الخطوة ستجعل الفلسطينيين يدركون بوضوح أن الوقت في عصر ترامب ليس لصالحهم، بما قد يدفعهم للتراجع عن سياسة رفض المفاوضات التي انتهجوها إبان عهد أوباما.

ثالثاً: من منظور دولي موسسي، يعتبر نقل السفارة إلى القدس أفضل رد على قرار منظمة “اليونسكو” أحادي الجانب بتبني إقتراح فلسطيني ينفي أية علاقة يهودية وإسرائيلية بالقدس.

رابعاً: بالرغم من حساسية الموضوع وأثره البالغ على الصعيد الديني، إلا أنه من حيث المبدأ لا ينبغي الإستسلام لمخاوف حدوث إحتجاجات شعبية في الشارع العربي أو وقوع عمليات إرهابية. لأن إدراك العالم الإسلامي وبخاصة الفلسطينيين أن الولايات المتحدة وإسرائيل تخافان من ردود الأفعال السلبية المتوقعة على نقل السفارة سوف ينعكس مستقبلاً على تحركات وإجراءات في قضايا أخرى.

خامساً: إن إظهار الدعم الواضح من الولايات المتحدة لإسرائيل أمر لابد منه في هذا الوقت، وسيجسد التحالف الإستراتيجي بين البلدين، فتاريخ دعم الولايات المتحدة لإسرائيل يثبت أنه لا يضر بموقفها في العالم العربي، والعكس هو الصحيح غالباً.

التوقيت المناسب يقلل المخاطر
خلصت الدراسة إلى أنه من خلال الموازنة بين التداعيات الإيجابية والسلبية “يتبين بوضوح أن الكفة تميل لصالح نقل السفارة الأميركية إلى القدس. وهي خطوة مناسبة ومرغوبة إسرائيلياً، إذا تمت بشكل وتوقيت وسياق مناسب، بحيث يتم تحقيق المصالح ودرء المفاسد. في هذا السياق، من المهم أن تقوم الولايات المتحدة وإسرائيل بإجراء حوار سري مع الأردن ومصر، للرد على متطلباتهما في هذه القضية وغيرها من القضايا، ولمنع تدهور علاقاتهما بإسرائيل”.

“إن معظم المخاوف المطروحة، ليست بالخطورة التي يُروَّج لها، لذا يمكن تلافيها بإتخاذ إجراءات مدروسة. فالعملية السياسية متوقفة أصلاً ولا أمل في الأفق لحدوث إنفراجة، بسبب الإستراتيجية الفلسطينية المتبعة منذ عام 2008، بهدف تدويل الصراع كبديل للمفاوضات الثنائية المباشرة. ولذلك فإن نقل السفارة سيُحدث صدمة لدى الفلسطينيين، بما يجبرهم على إعادة التفكير وقبول إستئناف المفاوضات. وها هو رئيس السلطة الفلسطينية “محمود عباس” قد أقرَّ مؤخراً وللمرة الأولى منذ عقد من الزمان، أن “الوقت ليس في صالح الشعب الفلسطيني”.

“إن إحتمالية اندلاع إنتفاضة أخرى ليست مؤكدة؛ لأن الشعب الفلسطيني لا يرغب في جولة جديدة من المواجهة الشاملة. ومن خلال الاستعداد التوعوي والإعلامي السليم يمكن تقليل التأثير السلبي للحملات الدعائية والتحريضية التي من المتوقع أن تصف نقل السفارة على أنه استباحة لمقدسات الإسلام في المسجد الأقصى. أما التهديد الأشد فيكمن في الإضرار بالعلاقات الإسرائيلية مع كل من “مصر والأردن” بالإضافة إلى الضرر الذي سيلحق بالنظام في الدولتين (والأمر ينطبق هنا إلى حد ما على المغرب). لكن من الممكن أيضاً الحدّ من خطورة ذلك من خلال تنفيذ نقل السفارة عبر التشاور مع الإدارة الأميركية ومع الدولتين العربيتين بما يعزز مصالحها الحيوية، بما في ذلك التأكيد على الوضع الخاص للأردن كراعية للأمكان المقدسة في القدس، وفقاً لما تنص عليه معاهدة السلام بينها وبين إسرائيل. ويمكن أن تقوم كلا البلدين بإستدعاء سفيريهما للتشاور، وبعد فترة من الزمن تعيدانهما لتل أبيب كما في السابق.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب