9 أبريل، 2024 2:13 م
Search
Close this search box.

حل لأزمة أم سقوط في هاوية .. أسباب “خراب” الدول المقترضة من صندوق النقد الدولي !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – آية حسين علي :

عندما تواجه الدول, وخاصة النامية منها, أزمة مالية فإن الطريق الأسهل هو اللجوء إلى الاقتراض، لكن المشكلة تكمن في أن هذه الدول غالباً ما تفشل لاحقاً في سداد دفعات القروض التي حصلت عليها مضافاً إليها الفوائد العالية التي تضعها الجهة المقرضة لاستغلال الأزمة.

وفي ظل الأزمات المالية العالمية يكون الاختيار الأقرب للدول النامية هو الاقتراض من “صندوق النقد الدولي”، وهو المؤسسة المركزية الأقوى في النظام النقدي وتابعة لمنظمة الأمم المتحدة, تم إنشاءها في 1945, بهدف العمل على تعزيز الاقتصاد العالمي.

ويحق للدول الأعضاء في الصندوق الحصول على قروض تبعاً لحصة كل منها، وتسيطر الولايات المتحدة على النسبة الأكبر حيث تبلغ حصتها 17.6%.

الصندوق ينتهك سياسات الدول ولا يلتزم بالقوانين..

بالنظر إلى التاريخ الحديث والواقع الراهن نجد أن أغلب تجارب البلدان التي تعاملت مع الصندوق باءت بالفشل لأن هذه الأنظمة في الغالب لا تستخدم الأموال المحصلة من القروض في عمل مشروعات تدر الأرباح وتخفف من الأزمة وإنما تذهب لسداد فواتير أو ديون سابقة, وبعد الحصول على القرض تتحول الجهود من مجرد محاولة علاج الأزمة إلى البحث عن سبل لسداد الديون وفوائدها، كما لوحظ انتهاك الصندوق لسيادة الدول في بعض الأحيان.

وتنص قوانين الصندوق على عدم التسبب في مشكلات للدول وعدم ممارسة ضغوط على الدول المقترضة أو إجبارها على تبني سياسات لا علاقة لها بالمشكلة الاقتصادية, لكن هذه اللوائح لا يتم الإلتزام بها في كثير من الأحيان.

سياسات تخريبية..

في تصريحات خاصة لـ(كتابات), أكد الباحث الاقتصادي، “مجدي عبد الهادي”، أن سياسات الصندوق تخريبية ولا يمكن اعتبارها علاج للأزمة, كما أنه يتعامل بمعايير مزدوجة بحسب قوة كل دولة ومصدر التمويل، بدليل اختلاف تعامله مع “اليونان” بطريقة أقل حدة لمجرد أن الاتحاد الأوروبي مشارك بالنصيب الأكبر في التمويل، ما يعني أن الإجراءات والتوصيات ليست إجبارية ولا ضرورية ولا بديل لها بالطريقة التي يصورها الصندوق دائماً.

وأضاف “عبد الهادي” أن هناك بدائل ممكنة أمام الدول التي تعاني من العجز بدلاً من اللجوء إلى المؤسسة النقدية، لكن عندما تكون طبقات ومصالح اجتماعية أخرى هي التي تتحكم في هذه الدول يصبح اللجوء للصندوق في جانب منه تحقيق لمصالح الطبقات الحاكمة غير كونه استسهالاً.

وذكر الباحث الاقتصادي أن أبرز البدايل المتاحة هي؛ وضع سياسات كلية شاملة تقوم على التحكم في التجارة الخارجية وحركة رؤوس الأموال والتركيز على تنمية القطاعات السلعية بريادة الصناعة التحويلية، فضلاً عن التمويل قصير الأجل وضبط الإنفاق على الواردات، وإعادة هيكلة التجارة الخارجية بطريقة تقلل العجز المزمن.

ولفت إلى أنه على مستوى الدول العربية فقد ساهم الصندوق في تخريب عدة دول لجأت إلى الاقتراض منه، وذكر على سبيل المثال نموذج “مصر”، موضحاً أن الانفتاح هو ما “ركّعها” على جميع الأصعدة، من خلال تصفية صناعتها جزئياً حتى أصبحت مدينة باستمرار.

وأضاف أن بالنسبة للعراق فإن القرض الذي منحه الصندوق للعراق لا يعتبر شيئاً بالنظر إليه باعتباره بلداً نفطياً، موضحاً أن العراق تدهورت كل مؤشراته بعد الحصار والغزو ووصلت حصة العمل في الناتج فيه لواحد من أقل الحصص في العالم بسبب ثنائية النيوليبرالية والحرب وهما ثنائبة متكاملة.

تدمير الدول النامية لضمان تبعيتها..

ذكر المؤلف “جون بيركنز” في كتابه (الاغتيال الاقتصادي للأمم), أن صندوق النقد يعد أحد أدوات بناء إمبراطورية عالمية تسيطر من خلالها منظومة الشركات الكبرى على اقتصاد العالم، وتقوم بنهب وتدمير اقتصاد الدول النامية لضمان تبعيتها للسياسة المالية العالمية، وتخلق المنظمات المالية الدولية ظروف تؤدي إلى خضوع الدول النامية لهيمنة النخبة المالية العالمية، التي تدير المنظمات والشركات والبنوك، وبناء على ذلك توافق المنظمات المالية على تقديم قروض للدول النامية المستهدفة، بغرض تطوير البنية الأساسية وإصلاح الاقتصاد.

“الأرجنتين” تجربة فشل..

من بين التجارب الفاشلة للتعامل مع الصندوق, وأشهرها, تجربة الأرجنتين كنموذج لدولة نامية تقع في أميركا الجنوبية، حيث اضطرت إلى الاقتراض من الصندوق إثر تأثرها بالأزمة الاقتصادية العالمية عام 1999, وتضمنت شروط الحصول على القرض تطبيق برامج لترشيد الإنفاق والخصخصة ورفع الرسوم والضرائب.

وسعت الحكومة الأرجنتينية, آنذاك, إلى تطبيق شروط الصندوق, ومع ذلك ارتفع حجم الدين إلى 128 مليار دولار، وتدنى سعر صرف العملة المحلية “البيزو الأرجنتيني”، وارتفعت نسب الفوائد على القروض وانخفض الناتج المحلي ونسبة العمالة وارتفعت معدلات البطالة وانخفضت مؤشرات ثقة المستهلكين، كما شهدت البلاد احتجاجات عمالية اعتراضاً على الوضع الاقتصادي الذي عانت منه الطبقات الفقيرة والمتوسطة.

ويرى الخبير الاقتصادي الأرجنتيني، “كروغمان”، أن صندوق النقد يعد أحد فروع وزارة المالية الأميركية وينفذ سياساتها، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي للصندوق هو حماية الجهات المقرضة وأموالها وليس سلامة الاقتصاد في الدول المقترضة.

“البرازيل” دخلت في دوامة الاقتراض..

كما اضطرت “البرازيل” إلى الاقتراض أيضاً من الصندوق, بسبب تأثرها بأزمة مالية أواخر القرن الماضي، وتمكنت بفضل السياسات التقشفية من سداد الديون, لكن ذلك كان له بالغ الأثر على الاقتصاد وعلى المواطنين إذ أن نصف الشعب أصبح يتقاضى أقل من نحو 80 دولاراً شهرياً، ودفعت الحكومة البرازيلية خلال أربع سنوات 90 مليار دولار فوائد فقط للديون، ثم لجأت الحكومة إلى الاقتراض مرات أخرى ودخلت في دوامة من القروض وفوائدها، ومع ذلك لا يعتبر الخبراء الاقتصاديون تجربة “البرازيل” فاشلة, لأنها استطاعت النهوض في فترات أخرى.

روسيا” تجسد ازدواجية معايير الصندوق..

من الدول التي تعاملت مع “صندوق النقد” وحصلت من خلاله على قروض كانت “روسيا”، لكن تجربتها تعد فريدة تجسد ازدواجية المعايير، إذ اقترضت موسكو من الصندوق 20 مليار دولار لتكون بذلك أكبر مقترض من الصندوق، ورغم أنها لم تطبق الشروط والإصلاحات المفروضة، إلا أن التحويلات لم تتوقف واستمر الصندوق في إقراضها.

ماليزيا” ترفض توصيات الصندوق..

من التجارب الناجحة على مستوى قارة آسيا، نجد تجربة الرئيس الماليزي الأسبق، “مهاتير محمد”، الذي يجسد رفض الاقتراض من الصندوق رغم أن بلاده عانت من تبعات الأزمة المالية عامي 1997 و1998 وانخفض سعر العملة المحلية إلى أكثر من 40%، لكنه لم يستجيب لتوصيات صندوق النقد، وكان اختيار موفق حيث نجح الرئيس في وضع خطة بديلة للنهوض باقتصاد بلاده والخروج من هوة الأزمة الاقتصادية من خلال الاهتمام بالتعليم وبالصناعة.

وقال عالم الاقتصاد “ميشيل تشوسودوفيسكي”، إن “برنامج صندوق النقد الدولي” قد يترك البلد في بعض الأحيان فقيراً كما كانَ من قبل، لكن مع مديونية أكبر وصفوة حاكمة أكثر ثراء.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب