حل الملف السوري ميدانيًا أو تفاوضيًا .. آخر كروت “إردوغان” الانتخابات عشية إنعقادها !

حل الملف السوري ميدانيًا أو تفاوضيًا .. آخر كروت “إردوغان” الانتخابات عشية إنعقادها !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

ألقى الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، آخر كروته الانتخابية قبل ساعات من إنعقاد الانتخابات البلدية التركية، مدليًا، أمس، بتصريحات مفاجئة حول الوضع في “سوريا”.

ونقلت وكالة الـ (أناضول)، عن “إردوغان”، قوله: “بعد الانتخابات سنحلّ حتمًا بالدرجة الأولى الملف السوري، إما عن طريق المفاوضات إذا أمكن، أو حتمًا في الميدان”، مضيفًا: “عقدنا العزم على إنهاء الإرهاب الاقتصادي بقدر ما أبدينا تصميمًا على القضاء على الإرهاب المسلح”.

تأتي هذه التصريحات في الوقت الذي توجّه فيه، اليوم الأحد، أكثر من 57 مليون ناخب تركي للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات المحلية، والتي تُعد أول انتخابات من نوعها بعد إقرار النظام الرئاسي في “تركيا”.

وبحسب وكالة الـ (أناضول)، فإن الناخبين الأتراك سيدلون بأصواتهم لاختيار رؤساء بلديات 51 ولاية، و519 قضاء مدينة كبرى، و403 أقضية، و386 بلدة، فضلًا عن اختيار 50 ألفًا و313 مختار.

البدء بخطوة تجاه المعركة..

وتزامنًا مع تصريحاته، أنشأ “الجيش التركي”، أمس السبت، مركز عمليات مشتركًا لإدارة عملية “مكافحة الإرهاب”، التي تخطط “أنقرة” لخوضها في “سوريا”، حسبما أفادت وكالة الـ (أناضول) التركية الرسمية.

وأوردت الوكالة أن وزير الدفاع التركي، “خلوصي أكار”، قد شارك، إلى جانب قادة عسكريين آخرين، في مراسم تدشين المركز أثناء زيارة تفقدية قام بها لوحدات الجيش المتمركزة على الحدود مع “سوريا”.

وذكر الوزير أن القوات الجوية الوطنية تشن، منذ الساعة 4:00 من صباح أمس، غارات جوية على مواقع “الإرهابيين” شمالي “العراق”، في إطار عملية أطلق عليها، “المخلب”.

وأكد “أكار” على أن العملية تستهدف، قادة التنظيمات “الإرهابية”، مضيفًا أن عمل القوات المسلحة ضدهم سيستمر، سواءً كان ذلك في جنوب أو جنوب شرق “تركيا”، أو في شمال “العراق”، أو داخل الأراضي السورية.

وتتلخص مهمة المركز في التنسيق بين مختلف صنوف القوات التي ستشارك في العملية المخطط لها شرقي “نهر الفرات” في “سوريا”.

مجرد شعارات في الانتخابات المحلية..

عن تصريحات “إردوغان”؛ علق المحلل السياسي، “خالد الزعتر”، قائلًا في تغريدة له عبر موقع التواصل الاجتماعي، (تويتر)، أن: “تصريحات إردوغان عن حل أزمة سوريا ميدانيًا، بعد انتخابات الأحد، مجرد شعارات في الانتخابات المحلية”.

وأكد على أن “تركيا مستفيدة من استمرارية الأزمة السورية لمواصلة التوغل في سوريا وضرب الأكراد تارة، تحت مسمى مكافحة (داعش)، الذي دعمته أنقرة وسهلت دخوله، وتارة تحت مسمى إنشاء المنطقة الأمنة”.

وعود انتخابية خارجية سابقة..

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يطلق فيها “إردوغان” وعوده الانتخابية، حيث أنه قد ألقى وعودًا انتخابية خارجية كثيرة، أبرزها، إنهاء وجود ميليشيات (بي. كي. كي)، في منطقة “عفرين” السورية، وإعادة اللاجئين السوريين إلى مناطقهم، حيث نفذه جزئيًا بإعادة جزء من اللاجئين السوريين إلى مناطق تسيطر عليها “أنقرة” شمالي “سوريا”.

وفي الآونة الأخيرة؛ قدم “إردوغان” وعودًا بالتصدي لأي محاولات ضد المسلمين والأتراك، وذلك على خلفية هجوم “نيوزيلندا” الإرهابي، حيث أطلق “إردوغان” الوعود في مؤتمر انتخابي قبل أن يقوم بعرض المقطع المصور للعملية الإرهابية على الجماهير، مما دفع إلى هجوم واسع ضد الرئيس التركي.

وعود “إردوغان” الانتخابية الداخلية..

يُذكر أن أبرز وعود “إردوغان” الانتخابية، هو التحسن الاقتصادي، حيث وعد “إردوغان” في الانتخابات العامة، حزيران/يونيو الماضي، بتحسين الوضع الاقتصادي، الذي كان في وضع متأزم على إثر أزمة القس الأميركي مع “الولايات المتحدة”.

وقبيل الانتخابات البلدية المرتقبة، انخفض سعر “الليرة التركية” مقابل “الدولار” بشكل حاد، لكن “إردوغان” اتهم تقارير مضللة بالتسبب في ما حدث.

وتعد تلك الانتخابات هي الأصعب على حزب الرئيس التركي الحاكم، حزب “العدالة والتنمية”، وسط مؤشرات تؤكد أنه سيفوز بالانتخابات، ولكن بنسبة ضئيلة وبصعوبة بالغة، لكن محاولات الرئيس التركي قد تسهل المهمة على حزبه.

وتقول وكالة الـ (أناضول) التركية، أن تلك الانتخابات هي النسخة الـ 19 من الانتخابات البلدية في البلاد، لكنها هي الأولى منذ تحول نظام الحكم في البلاد من “النظام البرلماني” إلى “الرئاسي”.

يضاعف وعوده خوفًا من انشقاق قاعدته..

وفي تحليل مطول؛ تحدثت صحيفة (لوموند) الفرنسية عن “31 آذار/مارس”، عندما يختار الناخبون الأتراك رؤساء بلدياتهم ومجالسهم البلدية. ومع دخول الاقتصاد في حالة ركود، يبذل حزب الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، كل ما بوسعه.

معتبرًة أن: “إعادة تسمية كنيسة (آيا صوفيا) القديمة في إسطنبول باسم (مسجد آيا صوفيا)، هي واحدة من الأفكار التي اقترحها، رجب طيب إردوغان، خلال مقابلة تليفزيونية بُثت، مساء يوم الأحد 24 آذار/مارس 2019. ويضاعف الرئيس التركي، في الفترة التي تسبق الانتخابات البلدية في 31 آذار/مارس، وعوده لقاعدته الانتخابية المُحافظة، والتي يُخشى انشقاقها ضد إردوغان وسط الركود الاقتصادي”.

كما ذكرت أنه: “قبل ساعاتٍ قليلة، قام بتنفيذ عمليته المفضلة، فقد قام بحشد الآلاف من مؤيديه في يني قابي، على الجانب الأوروبي من إسطنبول. في مشهدٍ مُدبر بإتقان. تم نقل المُتظاهرين مجانًا بالحافلة أو بالقارب إلى المنتزه الواسع في هذه المنطقة، والأعلام بأيديهم، وهم ينشدون الأغاني الوطنية وشعارات التفاني”.

وجاء في التحليل الذي نشرته الصحيفة الفرنسية: ظهرت “تانسو تشيلر” على المنبر، كضيفة شرف، وهي رئيسة وزراء “تركيا” الأسبق، (1996 – 1993)، التي كان سِجلها مَحط نزاع وغالبًا ما كان ظهورها العلني نادرًا. وظهر “الريس”، (أحد ألقاب السيد إردوغان)، على الساحة بعد تدخل حليفه القومي المتطرف، “دولت بهغلي”. وسعى لشد إنتباه الرأي العام من خلال تكرار تهديداته للأستراليين والنيوزيلنديين – المُشتبهين بإضمار نوايا سيئة -، بالوعد الذي قطعه “إردوغان”، في وقت سابق، بإرسالهم إلى بلادهم “في توابيت”.

استغلال هجومي نيوزيلندا..

ورأت الصحيفة الفرنسية أنه: “من أجل استغلال الهجومين الإرهابيين على المسجدين في نيوزيلندا، أعاد إحياء ذكرى معركة الدردنيل عندما اضطرت قوات الحلفاء، بما فيها فيلق أستراليا ونيوزيلندا، المعروفة باسم (أنزاك)، إلى الاستسلام، في 25 نيسان/أبريل 1915. (وذلك بفضل أتاتورك بعد فشل الخليفة العثماني)، ومنذ ذلك الحين، يتم الإحتفال بالمعركة كل سنة كمقدمة للمقاومة التي أدت إلى بزوغ الجمهورية الأتاتوركية، في عام 1923. وفي هذه الفترة التي تسبق الانتخابات، أصبحت اللهجة أكثر عدائية”.

الخوف من خسارة إسطنبول..

واعتبرت الصحيفة الفرنسية أن: “انتخابات 31 آذار/مارس مصدر قلق للرئيس التركي. فقد أرهق نفسه مع تسلسل الاجتماعات بشكلٍ جنوني، في حملة الانتخابات البلدية كما وصفها، (بأنها مسألة بقاء)”.

بالأحرى، لبقاء “حزب العدالة والتنمية”، (حزب العدالة والتنمية، الإخواني)، ووفقًا لاستطلاعات الرأي، يجد مرشحوه أنفسهم، في موقفٍ ضعيفٍ في العديد من مدن البلاد – “أنقرة”، “أضنة”، “أنطاليا”، “مرسين بورصة”، “إسطنبول”، كما قالت الصحيفة الفرنسية.

وبيّن التحليل المطول أن “خسارة إسطنبول، مسقط رأسه، والمدينة التي أصبح رئيسًا لبلديتها، في عام 1994، كانت بمثابة نقطة إنطلاق لمهنته السياسية المُبهرة، ستكون كارثة لإردوغان. إلا أنها فرصةً، بالنسبة لرئيس الوزراء السابق، بن علي يلدريم، الذي لا يمتلك الكاريزما والمُتحدث الرديء، الذي يُكافح من أجل فرض نفسه في المعركة المُتوقعة للفوز بمدينة العالم”.

وأشارت (لوموند) إلى أن “الرئة الاقتصادية والمالية للبلاد، مدينة إسطنبول، التي يبلغ عدد سكانها مليون نسمة – من أصل 80 مليون نسمة في البلاد – هي مورد لا ينضب وخسارتها ستُلحق الضرر بحزب العدالة والتنمية. فهي مصدر رئيس للتوظيف، غنية بالمُناقصات، وبالمشاريع العقارية، والبنية التحتية، ووسائل المواصلات، حيث إن هذه المدينة الواقعة على مضيق البوسفور، أكثر حتى من جميع البلديات الأخرى في تركيا، هي حجر الزاوية في نظام العميل التي أنشأها المُحافظان الإسلاميان في سبعة عشر عامًا من السلطة المُطلقة”.

مُعارضة غير بارزة..

والمُعارضة – تحالف بين الكماليين من “حزب الشعب الجمهوري”، (CHP)، والقوميين اليمينيين في “حزب الخير”، (Iyi Partisi) – تأمل أن تكون نتائج الانتخابات صحيحة وأن تنجح في سرقة بعض معاقل “حزب العدالة والتنمية”. لكن المُرشحين يكافحون من أجل أن يُسمع صوتهم، حيث تتجاهلهم وسائل الإعلام الحكومية، والتي يسيطر عليها “إردوغان” والسلطة القائمة بنحو 95%، والتي لا تبُث سوى اجتماعات الرئيس، على ما ذكر التحليل.

فتارةً يظهر “إردوغان” وهو يتجول في مدن المحافظات على متن حافلته، مُوزعًا عبوات الشاي على المعجبين به، وتارةً تسلط الضوء القناة التليفزيونية المُوالية للحكومة، (Ülke TV)، على تصريحاته التحريضية على المسؤولة عن الشؤون الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، “فيديريكا موغيريني”، ومفوّض سياسة الجوار الأوروبية ومُفاوضات التوسع، “غوهانس هان”، وعضوة البرلمان الأوروبي، “كاتي بيري”، الذي يصِفُها “بعدوة الإسلام”، كما تقول الصحيفة الفرنسية.

وعلاوة على ذلك، فإنه يصف زعيم المُعارضة، “كمال كيليتشدار أوغلو”، والأمين العام لحزب الشعب الجمهوري، “ميرال أكشينار”، الناطقة باسم “حزب الخير”، بـ”الإرهابيين”. فيما بدأت المُحاكمات القضائية ضدهما. كما أن المُحاكمة القضائية بدأت ضد مُرشح “حزب الشعب الجمهوري” في بلدية أنقرة، “منصور يافاش”، الذي أصبح ـ وفق الصحيفة ـ “الوحش الأسود” بالنسبة للسلطات منذ أن ترشح في الانتخابات.

التضخم يلعب ضد “إردوغان”..

لكن منافسًا من نوعٍ آخر أكثر حرجًا يتجلى على السطح، قالت (لوموند)، وصب “إردوغان”، يوم الأحد، جام غضبه على المصرفيين وهدد بمعاقبتهم إذ يُشتبه في تسببهم في الانخفاض الأخير في قيمة العملة المحلية: “الليرة التركية”، التي خسرت خلال ساعات معدودة 5% من قيمتها، يوم الجمعة، مقارنة بـ”الدولار”. وهدد من وسط تجمع “يني قابي” قائلًا: “نحن نعرف من أنتم !.. ستدفعون ثمن ذلك بعد الانتخابات !”.

الاقتصاد، ومنذ دخوله في ركود لأول مرة، في 2009، يبدو أنه الخصم الوحيد المُحتمل الذي من شأنه أن يُقصي “حزب العدالة والتنمية”. منذ ذلك الوقت الذي حرص فيه “إردوغان” على تدليل الفرد بزيادة نصيبه من الناتج المحلي إلى ثلاثة أضعاف حتى الآن، في الوقت الذي أصبح فيه رئيسًا للوزراء، عام 2003، وهو يدأب على الوفاء بوعوده. هذا ما دفعه للإعتماد على جانبي الإيديولوجيا والهوية في حملته الانتخابية مُتجنبًا المواضيع الاقتصادية والاجتماعية التي تُشكل، رغمًا عن ذلك، مصدر القلق الأول للناخبين الأتراك.

الثقة بدأت، والناتج المحلي للفرد قُدر بنحو 10 آلاف و597 دولارًا، في عام 2017، ثم تراجع إلى 9 آلاف و632 دولارًا، في عام 2018. ولم يتراجع التضخم عن الرقمين، (20% في شباط/فبراير)، والبطالة في ارتفاع، (12.3% في تشرين ثان/نوفمبر 2018).

التضخم ضرب حقائب المستهلكين المالية، وخوفًا من تجدد أزمة دبلوماسية مع “الولايات المتحدة” في القريب العاجل، مثل الأزمة التي حدثت، في صيف 2018، والتي تسببت في إنهيار “الليرة التركية” بنسبة 30%، توجهت الأسر المعيشية ومُتعهدو الأعمال إلى “العملة الخضراء”. وبناءً على ذلك تم شراء أربعة مليارات دولار، بين 11 و15 من آذار/مارس 2019، لم يُشهد له مثيل منذ 2012. وأثار الانخفاض المفاجيء لإحتياطات النقد الأجنبي في “البنك المركزي التركي” بـ (6.3 مليار دولار)، شكوك المحللين الماليين المُقتنعين بأن المؤسسة قد باعت دولارات من إحتياطها لدعم “الليرة التركية” بصورة وصفها مؤخرًا بنك “جي. بي. مورغان” في مذكرة لعملائه بـ”غير المحتملة”.

ولم يكن الأمر يستدعي أكثر من ذلك؛ كي يجد البنك الأميركي نفسه تحت رقابة “هيئة تنظيم قطاع المصارف التركية”، (BDDK)، التي أجرت تحقيقًا معتبرةً أن المذكرة التي كتبها الاقتصاديون في بنك “جي. بي. مورغان” أضرت بـ”سمعة المصارف التركية”؛ وعززت من أمر المضاربة وتقلبات العملة المحلية، كما ختمت الصحيفة الفرنسية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة