برلمان كردستان قرر في جلسة استثنائية في الخامس من شباط (فبراير) عام 2015 عقدت في مونومينت حلبجة، عزل المدينة عن محافظة السليمانية وجعلها محافظة مستقلة وبذلك أصبح إقليم كردستان يتكون من أربع محافظات (أربيل، السليمانية، دهوك وحلبجة) ولكن لم يتم الاعتراف بها رسميا على مستوى العراق ولم تصبح المحافظة التاسعة عشرة.
ومن الناحية الإدارية تم توزيع مناصب المحافظة بين الأطراف الرئيسة في إقليم كردستان (الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني وحركة التغيير والاتحاد الاسلامي والجماعة الاسلامية) الا انه لا توجد وثيقة رسمية تفرح سكانها بكونها قد أصبحت محافظة.
وجاءت فكرة جعل حلبجة محافظة تعويضاً لها عن التضحيات التي قدمها أهالي المدينة عندما اقدم النظام البعثي السابق في آذار (مارس) عام 1988 بقصف المدينة بالأسلحة الكيمياوية وقتل منهم خمسة آلاف شخص وجرح آلافا آخرين.
وتشمل محافظة حلبجة مركز قضاء حلبجة والنواحي الثلاث (سيروان، خورمال وبيارة) ولم تلحق اقضية (سيد صادق، بينجوين وشهرزور) بالمحافظة الجديدة بسبب اعتراض بعض سكانها وقد ترك القرار للأهالي أنفسهم.
ويشير إحصاء رئاسة البلدية الى ان عدد سكان حلبجة ومحيطها (مركز قضاء حلبجة ونواحي سيروان وخورمال وبيارة) يبلغ (120) ألف شخص، فيما يضم مركز قضاء حلبجة(14) ألف أسرة تتألف من (66) ألف شخص.
اذا صادفت اي شخص من حلبجة وسألته من اين أنت؟ يرد مباشرة “من محافظة حلبجة” ولكن المكتوب فوق هوية أحوالهم الشخصية هو اسم محافظة السليمانية كما تحمل لوحات ارقام سياراتهم اسم السليمانية ايضا وكذلك لم ينشأ مفتاح التلفون الخاص بالمحافظة وليس لديها مديرية الجوازات والاقامة الخاصة بها والسبب في كل ذلك هو عدم اعتراف بغداد بالمحافظة رسمياً.
ويشير ايوب عبدالله رئيس لجنة الداخلية والمجالس المحلية في برلمان كردستان الى ان برلمان ورئاسة اقليم كردستان عرفا حلبجة رسميا بأنها محافظة وحدد لها محافظ ونائب له، وما بقي انهم ينتظرون خطوات الحكومة العراقية.
وقال ايوب لـ”نقاش”: انه “ربما كان جزء من مشكلة الحكومة العراقية هو انها لا تملك الميزانية حيث كان من المقرر أن تدعم محافظة حلبجة بميزانية خاصة ولكنها لم ترسلها أيضاً”.
ممثلو الأكراد في مجلس النواب العراقي حاولوا إيجاد بوابات قانونية من اجل الاعتراف رسمياً بالمحافظة على مستوى العراق الا ان جميع محاولاتهم اصطدمت بعقبات الحكومة العراقية.
وكان مجلس النواب العراقي قرر تخصيص مبلغ ملياري دولار لمحافظة حلبجة في مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2016 ولكن القرار الغي بسبب طعنه من قبل الحكومة العراقية.
واشار مثنى امين رئيس كتلة الاتحاد الاسلامي في مجلس النواب الى انه تم مناقشة موضوع جعل حلبجة محافظة عدة مرات ولكن كان الرأي السائد هو ان القرار من صلاحيات حكومة الاقليم نفسها وكل ما على مجلس النواب والحكومة العراقية هو احترام قرار الإقليم.
وقال امين لـ”نقاش”: كان “هدفنا من تخصيص ذلك المبلغ هو ان يذكر اسم حلبجة في الوثائق القانونية حتى يسجل اسمها كمحافظة جديدة”.
واشار امين الى ان إلغاء قرار منح ميزانية خاصة لحلبجة لا يعني عدم الاعتراف بها كمحافظة، بل كانت شكوى الحكومة المركزية هي من عدم احقية مجلس النواب بصرف مجالات اخرى في قانون الموازنة، وان كانت هذه الحجة ضعيفة لان الامر لم يكن عبارة عن زيادة في الموازنة بل كان عبارة نقل اموال من فقرة الى اخرى.
وفي مجلس الوزراء العراقي كذلك لم يتمكن ممثلو الكرد من احداث ضغوط وتوجيه قرارات الحكومة نحو الاعتراف بمحافظة حلبجة.
ولم يخف فرياد رواندزي وزير الثقافة العراقي وهو كردي في حديثه لـ”نقاش” ان ممثلي الكرد في مجلس الوزراء العراقي لم يقدموا اية مقترحات بشأن محافظة حلبجة حتى الآن.
وقال: “صحيح أن معظم الأطراف الأخرى ليس لديها اعتراض على جعل حلبجة محافظة ولكنهم في الوقت نفسه لديهم شرط للقبول بذلك وهو ان تحول اقضية ومناطق اخرى الى محافظات أيضاً”.
واضاف رواندزي: “نحن كممثلين للأكراد نستطيع تقديم ذلك الى رئيس مجلس الوزراء ليضيفه الى جدول الاعمال، ولكن الامر لا يتحقق برئيس الوزراء فقط بل يجب التهيئة له مسبقا.
اما حكومة اقليم كردستان فلها ايضا مبرراتها بشأن عدم اقامة الدوائر والمؤسسات في محافظة حلبجة رافضة ان يكون اعتراف الحكومة العراقية بمحافظة حلبجة له علاقة بالمشكلات بين بغداد واربيل.
وحول ذلك قال سفين دزائي المتحدث باسم حكومة اقليم كردستان لـ”نقاش”: ان “عدم افتتاح الدوائر والمؤسسات الرسمية في محافظة حلبجة يتعلق بعدم توفر الميزانية والا فإن جعل حلبجة محافظة امر محسوم”.
واضاف دزائي: “لم يقصر النواب الأكراد في مجلس النواب في الحفاظ على خصوصية حلبجة، ولا اعتقد ان تكون للمشكلة بين بغداد واربيل علاقة بحلبجة لانها في حد ذاتها رمز للمعاناة والتضحية لدى الجميع”.
الكلام لا يغني عن شيء عند اهالي حلبجة وان ما يهمهم هو ان تتحول مدينتهم من منطقة مدمرة بعد الحرب الى محافظة متماسكة ومعمرة والخطوة الاولى نحو ذلك دون شك تبدأ من نقل قرار جعلها محافظة على الورق إلى ارض الواقع.