27 أبريل، 2024 8:09 ص
Search
Close this search box.

حكومة التيه في العراق .. طاعة عمياء لأمريكا أو خضوع لإيران ولا عزاء للعرب

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص / بغداد – كتابات

يقول التاريخ القديم إن أتباع النبي موسى قد عوقبوا بالتيه في الصحراء لـ 40 سنة فقط لأنهم عصوه في بعض ما طلبه منهم .. وعلى ذات المسار مع اختلاف المكان والزمان وأبطال الحدث ، يسير العراق الذي بات بين أمرين أحلاهما مر.. فإما طاعة عمياء من بغداد إلى واشنطن تلفظ أي وجود أو نفوذ إيراني مع السماح بتقارب لا يضر مصالحها، أو خضوع مذهبي لطهران يرفض التقارب مع العرب أو منح عراق على بياض للأمريكان..

وياويله العراق إذا ما رفع لأحدهما راية العصيان في التيه سيغيب بلد الرافدين ولا أمل حينها في تشكيل حكومة عراقية رغم ما وقع من تزوير وتمرير في انتخابات آيار 2018 فذاك أمر لا يعني أحدهما إن وقع؛ طالما أن مصالحهما لم تنقطع، وأما العرب من العراق فلا مكان لهم في تلك الحسابات!.

تلك فحوى مقال كتبه الإعلامي والكاتب العراقي د. حميد عبد الله بعنوان “ثنائية التزوير والتمرير في انتخابات العراق!” يتحدث خلاله عن الموقف العراقي الآن والولادة المتعثرة لحكومة يرى أنها لن تشكل إلا بشروط وتنازلات خاصة رغم ما جرى من تزوير وتمرير متعمد لأسماء بعينها شاركت فيه إيران وإن لم تباركه في العلن!.

داخل الغرف السوداء طُبخت عملية التزوير

يبدأ حميد مقاله بالكشف عن ما جرى من تزوير في الانتخابات العراقية داخل ما وصفها بالـ “الغرف السوداء”، فضلا عن اكتمال ما عدها خطة جهنمية أخرى تقوم على ركنين أساسيين : تمرير الانتخابات بما فيها وعليها من انتهاكات وخروقات وفضائح وتزوير، وتشكيل حكومة بمن فيها من وزراء يمثلون القوى الفائزة بالتزوير أو التمرير!.

يقول الكاتب العراقي في مقاله إنه اذا كان التزوير لعبة فاسدة نفذها لاعبون فاسدون بلغوا مراتب متقدمة في إتقان طرق الدس والالتفاف والسرقة، فإن التمرير خطة وضعتها قوى سياسية مدعومة من أطراف إقليمية للقبول بالأمر الواقع، والرضوخ لإرادة المزورين تحت ذريعة ( الخوف من المجهول)!.

ثم يتساءل “هل ثمة علاقة بين لعبة التزوير وسيناريو التمرير؟ ربما تكون ثمة علاقة خيطية بين الاثنين، أو أن أصحاب التمرير وجدوا مصالحهم متطابقة مع أصحاب التزوير!.

تدقيق الانتخابات يعد في نظرهم اختطافا لكأس ظفروا به

يؤكد “حميد” أن الفائزين في لعبة التزوير كانوا يرون في التدقيق في نتائج الانتخابات ( اختطافا) للكأس الذي ظفروا به في مباراة كان التحكيم فيها لم يراع الحد الأدنى من قوانين اللعب، على حد قوله، فالحكم يجاهر بانحيازه..

وأولئك ( الفائزون ) – برأيه – هم أنفسهم من تغاضوا عن حريق صناديق الرصافة، أو من وصفوا الحديث عنه بـ( التهويل)، وهم أنفسهم من حذروا من نفق قد تدخله البلاد، وأهوال قد تضيع في لججها العباد، إذا تغيرت النتائج وبقي من فاز باستحقاق محتفظا بكرسيه، وأزيح من تسلل إلى كرسيه بالدس والاحتيال، أو من ( سرق ) الفوز بالمال المسروق!.

فريقان يتصارعان .. فضح التزوير أوالتمرير

يتحدث الإعلامي العراقي عن تزوير أنتج فريقين متصارعين، فريق يسعى إلى فضح التزوير ومنع التمرير، وآخر يصر على تمرير الانتخابات بما فيها وعليها، وفي النهاية يرى حميد أن الفريق الأول انتصر في الجولة الأولى لكنه لم يكسب المعركة بعد، فثمة صفحات من الإزاحة والإزاحة المضادة، وجولات شرسة من لي الأذرع مازالت لم تحسم بعد!.

ويتطرق حميد إلى نقطة أخرى، تتمثل في أنه حتى و”إذا اعترفنا بدور الإرادة الخارجية بما يجري على الأرض العراقية، وهو اعتراف يفرضه الواقع وتؤكده الوقائع، فإن هذه الإرادة لا يهمها كثيرا إن كانت الانتخابات نزيهة أو مدلسة، ما يهمها هو أن تحقق أهدافها في عراق مهشم متناحر لا يقوى على درء المخاطر عنه، فضلا عن غياب إرادته الوطنية الموحدة، وضعف موقفه إزاء ما يحدث قربه وفي محيطه!”.

مصير العراق بين واشنطن وطهران

وهنا يفند كاتب المقال المتحكمين في مصير العراق إلى : أولا الطرف الأمريكي..، فأمريكا (الترامبية) – من وجهة نظره – لم يعد يعنيها كثيرا شكل النظام السياسي في العراق، ما يعنيها أكثر هو كيف تنجح في توظيف العراق لتحقيق أهدافها في المنطقة!.

وأنه ليس مهما لدى صانع القرار الأمريكي الآن أن تكون الحكومة العراقية نتاج انتخابات شرعية أو مزورة، ما يهمه أن تبقي الحكومة العراقية القادمة فاصلة بينها وبين إيران، وأن تطمئن واشنطن لرئيس حكومة في بغداد لا يرتمي بالكامل بأحضان الجار الإيراني، ويدعم حديثه بأنه لم يسمع من الأمريكان سوى تمنيات مشفوعة بنصائح لساسة العراق أن يشكلوا حكومتهم بأسرع وقت، أما عن شرعية هذه الحكومة ومقبوليتها شعبيا فهذا أمر يقع في ذيل الاهتمامات الأمريكية!.

ثم يأتي للطرف الآخر المتحكم في الأوضاع بالعراق، إيران، فيقول إن هدفها الأساس هو إبقاء الحليف الشيعي متماسكا لا تضعفه خلافات، ولا تمزقه تناحرات، ولا تهتم طهران كثيرا بالسجالات بين رؤوس هذا التحالف.

ويتابع قوله “مبعوثو إيران يأتون إلى بغداد، ويعرجون على النجف، محملين برسائل ناعمة، فتطييب الخواطر، وإصلاح ذات البين بين (الأشقاء الصغار) هو الهدف الأهم عند (الأخ الأكبر)!.

ويستطرد د. حميد مقاله بقوله عن التدخلات الإيرانية : “كان الجنرال قاسم سليماني يبرق يوميا إلى مكتب المرشد الإيراني ما يترشح عن حواراته مع الفرقاء الشيعة، والمرشد يبارك مرة، ويصحح تارة، ويوجه ثالثة لتصحيح المسار ليتطابق مع الهدف الإيراني الأكبر وهو إحياء التحالف الشيعي الذي فتته بريق السلطة، وأهز عليه التهافت على المكاسب والغنائم، وأنه حين تأخر سليماني في  تحقيق الهدف التحق به المجتبى خامنئي وشكل الاثنان مع السفير ايرج مسجدي خلية عمل  دؤوبة أبقت قنوات الاتصال مفتوحة مع الجميع وبين الجميع.

لا أحد من رموز شيعة العراق يتقاطع مع إيران

في رأيه، فقد أثبت الثلاثي الإيراني أن لا أحد من رؤوس القوى الشيعية في العراق متقاطع مع طهران، وحتى إن أبدى أحدهم تمنعا هنا، وتحفظا هناك فإنه بالنتيجة ينصاع تحت تأثير السطوة الروحية، أو المشترك المذهبي، أو المصالح العليا، أو الامتثال لأوامر ورغبات ( الشقيق الاكبر)!.

وإيران، كعادتها، – حسب كاتب المقال – تلعب بهدوء وتتغلغل بعمق، وتستعمل القفازات في أية مهة لا تريد إبقاء بصماتها واضحة فيها وعليها، فنجد اللاعب الإيراني لم يبح برغبته بتمرير الانتخابات المزورة لكنه سعى إلى ذلك بكل ما أوتي من قوة، مرة بالتلميح وتارة بالهمس في آذان من يعنيهم الأمر، وثالثة في تطييب خواطر الخاسرين، وتهنئة الفائزين، كل ذلك من أجل تشكيل حكومة  تلعب فيها القوى الشيعية دورا محوريا، وتكون الأغلبية فيها للأصوات التي تمرر المشروع الإيراني أو تسنده!.

العرب اللاعب الأضعف في العراق

يبين د. حميد ما وصل إليه العرب كلاعب إقليمي مهم للعراق، بقوله : هذا اللاعب هو الأضعف على الأرض، كما أنه الأقل تأثيرا في التحكم بقواعد اللعبة السياسية في العراق، إذ يرى أن أدوات اللاعب العربي تتسم بزئبقية الموقف، وضعف التأثير، وضبابية الهدف!.

وفي نهاية مقاله، يتطرق إلى فتوى المحكمة الاتحادية وكيف أنها كانت الحاسمة لكل تلك الفرضيات والمساعي والسيناريوهات والخطط المتداخلة والمتقاطعة على الساحة العراقية!.

وأنه في لحظة ما أوشك فريق التزوير والتمرير أن ينجح في مسعاه ، ويحقق مأربه بسبب حالة التراخي التي ظهرت على القوى الرافضة لكن جلسة البرلمان الاستثنائية، وتعديل قانون الانتخابات – بحسب حميد – أسعف كفة الرافضين ليأتي قرار المحكمة الاتحادية قاطعا قول كل خطيب!.

رغم ذلك فإن كاتب المقال يرى أن اللعبة لم تنته عند هذا الحد، ويعتقد أن “الصفحات القادمة أكثر تعقيدا، وأكثر اشتباكا، وأن تشكيل حكومة عراقية تحظى بمستوى مقنع من المشروعية أمر ليس بالقريب ولا بالسهل أيضا والأيام حبلى بالمفاجآت وما أكثرها في العراق!، على حد قول د. حميد..

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب