وكالات – كتابات :
سلّط تقرير صحافي، الضوء على تكرار الحرائق في “العراق”، والأسباب التي تقف وراء تكرار هذه الحوادث، وما تسببه من إضرار بالمال العام والممتلكات، إضافة إلى أعداد الضحايا التي تُسجل؛ نتيجة تلك الحوادث، وذلك بدءًا بفاجعة “مستشفى ابن الخطيب”، بالعاصمة “بغداد”.
ويقول التقرير، الذي نشرته الوكالة (الصحافية الفرنسية): “سواء تعلق الأمر بالأسلاك المتشابكة في حالة من الفوضى فوق المباني والأزقة المكتظة؛ أو انتشار المولدات الكهربائية المعرضة للحرارة الشديدة، وضعف عمليات التفتيش على السلامة، كلها تُشكل عوامل أساسية لتكرار إشتعال الحرائق المدمرة في العراق”.
7 آلاف حريق على مدار 3 أشهر فقط..
تكاد الحرائق أن تكون مشهدًا يوميًا في البلاد، حيث سجلت “وزارة الداخلية” العراقية، بين كانون ثان/يناير وآذار/مارس 2021، 7000 حريق، أكثرها دموية شب، ليل الأحد في “مستشفى ابن الخطيب” المخصص لمرضى (كوفيد-19)، بالعاصمة “بغداد”.
قُتل 82 شخصًا وأصيب 110 آخرون، في هذا الحادث، الذي أثار صدمة وغضبًا عارمًا.
وتُبتلى “بغداد”، المترامية الأطراف، ويبلغ عدد سكانها: 10 ملايين نسمة، بالعدد الأكبر من هذه المآسي سنويًا.
فقد ذكر المتحدث باسم الدفاع المدني، العميد “جودت عبدالرحمن”، أن: “بغداد؛ أكثر مدن العراق تعرضًا للحرائق، إذ تُسجل فيها: 40 بالمئة من حرائق البلاد، وقد أحصي فيها: 2800 حريق، خلال الأشهر الثلاثة الأولى من 2021”.
منهجية “كيفما اتفق” !
وتعاني المدن العراقية، عمومًا؛ من حالة من الفوضى العمرانية، إذ يعيش واحد تقريبًا، من كل 10 أشخاص، في أحياء عشوائية، حيث توصل المنازل بشبكات المياه والكهرباء كيفما اتفق. كما تُبنى مراكز التسوق الجديدة دون تخطيط عمراني.
وقال مدير الدفاع المدني، اللواء “كاظم بوهان”، أمام هذه المعاناة؛ إن: “جميع الأبنية دون المواصفات، وهناك آلاف منها دون موافقات”.
ونتيجة لهذه الفوضى؛ لا تخضع المباني شروط السلامة وتكثر مخاطر اندلاع الحرائق.
إنعدام الوعي الشعبي..
وقال صاحب محل، في سوق “الشورجة”، وسط “بغداد”، إن “الدفاع المدني” طلب، في 2014، من كل المحلات والمراكز التجارية إقتناء مطافيء حريق.
وأضاف، رافضًا الكشف عن اسمه: “البعض أشترى؛ ونصبها في محله، والبعض الآخر تجاهل ذلك”.
لكنه أضاف؛ أن: “لا أحد يريد معالجة القضايا الأساسية وإصلاح منظومة الكهرباء لديه بالكامل”، في بلد عانت بنيته التحتية؛ بسبب 40 عامًا من الصراعات، تخللتها عشرة أعوام من الحظر الدولي.
وقال صاحب المتجر: “معظم أصحاب المحال غير قادرين حتى على التعرف على الأسلاك الكهربائية التي توفر الطاقة لهم، ولا يعرفون حتى من أين تأتي”.
داخل المباني، يمكن لمزيج من مواد البناء الرخيصة القابلة للإشتعال والأسلاك الكهربائية سيئة التوصيل؛ أن تحول شرارة بسهولة إلى جحيم في غضون دقائق.
من جانبه، قال رئيس الوزراء، “مصطفى الكاظمي”، في اجتماع طاريء لمجلس الوزراء، بعد احتراق “مستشفى ابن الخطيب”: “يجب أن لا يقول أحد أنه تماس كهربائي … هذا أمر معيب. … الإهمال بمثل هذه الأمور؛ ليس مجرد خطأ بل جريمة”.
كوارث أزمة الطاقة الكهربائية..
ولكن الأخطار تتربص كذلك بالسكان في الخارج أيضًا.
فعلى مدى سنوات عديدة؛ لم تتمكن الدولة سوى من توفير بضع ساعات من الطاقة الكهربائية يوميًا، مما جعل الناس يعتمدون على المولدات الخاصة، التي تُوضع عادة بجانب خزانات الوقود في الخارج، تحت ألواح رقيقة حديدية بالكاد تحميها من أشعة الشمس الحارقة؛ وحرارة يمكن أن تصل إلى 55 درجة مئوية في الصيف يوميًا.
ويكاد لا يمر يوم، في “العراق”، دون أن تذكر وسائل الإعلام المحلية حريقًا في متجر أو محطة وقود أو منزل شخص ما.
نقص المياه..
ففي اليوم الذي شهد الحريق الدامي في “مستشفى ابن الخطيب”، شب حريق في مركز تجاري في “كركوك”، وفي اليوم الذي تلاه؛ اندلع حريق في “تكريت”، شمال “العراق”، وآخر في مطعم في مدينة “أربيل”، في “إقليم كُردستان”، حوله إلى رماد.
وقبل يومين، تعرضت منظومة المصاعد في مستشفى، في “الحلة”، إلى تماس كهربائي، لكن تمت السيطرة عليه.
علاوة على ذلك، يُمثل نقص المياه مصدر ضغط آخر، إذ فقد “العراق”: 50 في المئة من مياهه، في السنوات الأخيرة، بسبب السدود التي أقيمت على مجرى نهري “دجلة” و”الفرات”، في “إيران” و”تركيا”.
ففي وسط وشمال “العراق”، حيث ما زال للتنظيمات الإسلامية المتطرفة موطيء قدم، تحترق آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية كل عام، خاصة بسبب اندلاع مئات الحرائق في بداية كل صيف حارق.
وفي حين تنجم بعض الحرائق عن شدة الحرارة؛ أو بسبب خطأ بشري أو مشكلات كهربائية، فإن الغالبية العظمى من الحرائق متعمدة وتُضرم على خلفية نزاعات عرقية أو خصومات أو يشعلها المسلحون المتطرفون انتقامًا من المزارعين الذي يرفضون الخضوع للإبتزاز.
إحتراق العراق..
وتهدد الحرائق القطاع الزراعي العراقي، الذي يعاني بالفعل من ضائقة شديدة.
وما يُزيد الطين بلة، هو نقص الموارد، فالمكلفون بمكافحة الحرائق في “العراق”، عليهم أن يفعلوا ذلك بموارد محدودة. إذ أكد “بوهان” نقص فوهات الإطفاء وأسطول سيارات الإطفاء الذي عفا عليه الزمن، إذ أن أحدثها عمره: عشر سنوات.
وقال “بوهان”؛ إن “الدفاع المدني” مُعطّل في غياب مروحيات لإطفاء الحرائق، رغم تعرض مناطق زراعة: “الحنطة والشعير”، لحرائق متكررة سنويًا؛ تلتهم مساحات واسعة في مختلف مناطق “العراق”.
ويرى المسؤول أن ذلك يعود إلى الظروف الاقتصادية التي تعاني منها بلاده والتي أثرت على تأمين مستلزمات الدفاع المدني.
ويقول “بوهان”؛ إنه في خلال 18 عامًا شهدنا: “أكثر من 420 وفاة”، بين عناصر “الدفاع المدني”.