حفلة الصراعات السياسية .. تعطل تشكيل الحكومة يضع “لبنان” أمام موجة احتجاجات جديدة !

حفلة الصراعات السياسية .. تعطل تشكيل الحكومة يضع “لبنان” أمام موجة احتجاجات جديدة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة قد تكون بمثابة صرخة تحذرية للأزمة اللبنانية المزمنة.. نفذ “الاتحاد العمالي العام”، إضرابًا وطنيًا عامًا وشاملاً، يوم الجمعة الماضي، شاركت فيه أغلب الإدارات الحكومية وبعض القطاعات الخاصة، احتجاجًا على تأخر تشكيل الحكومة وتردي الأوضاع الاقتصادية.

وشهد “القطاع العام” إستجابة كبيرة لدعوات الإضراب، حيث توقف موظفو مرفأ “بيروت” عن العمل، وكذلك “مؤسسة الكهرباء، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومصلحة المياه”، إضافةً إلى بعض المصالح العامة في مختلف المناطق اللبنانية.

فيما لم تلق دعوات الإضراب صدى واسعًا لدى المؤسسات الخاصة، حيث استمر العمل بشكل طبيعي في معظم الأسواق الرئيسة بالعاصمة، “بيروت”، وواصلت المحال التجارية فتح أبوابها أمام الزبائن كالمعتاد.

للمبادرة إلى تأليف حكومة من الأكفاء ونظيفي اليد..

عن الإضراب؛ قال رئيس الاتحاد العمالي العام، “بشارة الأسمر”: إن “الإضراب موجه إلى كل المسؤولين أن يبادروا إلى تأليف حكومة من الأكفاء ونظيفي الكف”، وشكر “الأسمر” كل من “إستجاب لدعوتنا إلى الإمتناع عن الخروج إلى العمل وإلتزم منزله بهدف الضغط من أجل تشكيل الحكومة”، ولفت إلى أن “حجم الضغوط التي مورست على العمال من أجل إفشال الإضراب كان هائلًا”.

في المقابل؛ دعا رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، “محمد شقير”، في بيان، مؤسسات الأعمال على اختلافها، إلى اعتبار يوم الجمعة يوم عمل عاديًّا، والاستمرار في العمل والإنتاجية منعًا للمزيد من الخسائر وحفاظًا على المؤسسات والعاملين فيها وعلى الاقتصاد الوطني، ولعدم تكبيده خسائر فادحة لا طاقة له بتحملها.

يذكر أن “لبنان” يمر بظروف اقتصادية صعبة جراء تعطل تشكيل الحكومة المكلف بها الرئيس، “سعد الحريري”، منذ 8 أشهر نتيجة للخلافات السياسية.

حفلة صراعات سياسية..

وقال نائب رئيس الاتحاد العمالي العام، “حسن فقيه”، إن: “الاتحاد العمالي العام عند الكثير من اللبنانيين تأخر للدعوة للإضراب، لا سيما وأنه كانت هناك موجة تفاؤل بتشكيل الحكومة، كنا نقوم بتحركات نحن والهيئات الاقتصادية والمؤسسات والنقابات، والتقينا أكثر من مرة ورفعنا طلب لرئيس الجمهور وللرؤساء الثلاثة لضرورة الإسراع بتشكيل الحكومة، كذلك ناشدنا الكتل النيابية والأحزاب لأن الوضع لم يعد يحتمل، لا سيما وأن هناك ضغط على المؤسسات الإنتاجية وعلى العمال”.

وأشار “فقيه” إلى أن “الوضع الاقتصادي غير جيد في البلاد، وأن وجود حكومة هو ضرورة من الضرورات القصوى، ولكن للأسف نحن ضائعون بحفلة صراعات سياسية على الحصص بينما المواطن يتألم ويتعذب؛ وبخاصة العامل”.

مضيفًا أنه: “يجب أن تتشكل الحكومة اليوم قبل الغد للاستفادة من مؤتمر (سيدر) ومن المشاريع، وليكون هناك هيئة تنفيذية في البلد تشكو إليها الناس، رأينا أنه يجب أن يطلق الصرخة الاتحاد العمالي العام، صرخة مشوبة بالألم لعلها تكون بارقة الأمل لتشكيل الحكومة”.

ويرى “فقيه” أنه “اليوم عندما ترفع المصارف الفوائد بهذا الشكل المريع هذا ليس دليل عافية، هذه الخطوة أدت إلى حدوث إنكماش في السوق، فليقدم كل سياسي خطوة بإتجاه الآخر لتتشكل الحكومة”.

ولفت إلى أن نواب “اللقاء الديمقراطي”، والنائب “سامي الجميل”، رئيس “حزب الكتائب”، سيزورون الاتحاد للتضامن مع الإضراب، “وثمة العديد من القوى السياسية متضامنة معنا وتشاطرنا الهم والخوف والألم، كذلك النائب، نعمة إفرام، تحرك بإتجاه الاتحاد”.

وأكد “فقيه” أن هذه الخطوة سيتبعها خطوات أخرى، ولكن نحن ما نخشاه أن يبدأ التهويل كما بدأتها وسائل الإعلام أن هذه الخطوة ضد العهد، هذه خطوة لتشكيل الحكومة بأي شكل من الأشكال.

جشع وحسابات مستقبلية..

من جانبه؛ يقول النائب، “أيوب حميد”، إنه: “من حيث المبدأ لا يمكن لأي شخص يواكب الواقع الاجتماعي والمالي والاقتصادي اللبناني، إلا وأن يكون مع الصرخة التي يطلقها الاتحاد العمالي العام وسائر القطاعات النقابية الأخرى، نحن جزء من الاتحاد كإطار نقابي، ونحن نسعى لكي نستطيع أن نلائم ما هو واقع لبنان على كل المستويات، لأنه بالفعل بات واقع اللبنانيين أليمًا على كل المستويات”.

ويضيف: “إن تشكيل الحكومة اللبنانية بات واضحًا أن هناك جشع عند البعض، وحسابات مستقبلية لدى البعض وسعي للاحتكار لدى البعض، وهذه العوامل تتقاطع مع الجهات المعنية بتشكيل الحكومة؛ ولذلك لم تشكل الحكومة حتى الساعة”.

عدد من المعلقين رأوا أن الإضراب كان “منقوصًا وغير شامل”، بينما تساءل آخرون عن “خلفيات زج الشارع والعنصر النقابي” من أجل تشكيل الحكومة.

اعتراض تحت عباءة السلطة..

في صحيفة (النهار) اللبنانية، كتبت “سلوى بعلبكي”: “يبدو واضحًا أن دعوة الاتحاد العمالي العام وحزب سبعة إلى الإضراب… لم يأت بالنتيجة المرجوة؛ وإن كان قد حظي بدعم من بعض السياسيين والنقابيين. فغالبية المؤسسات والشركات لم تقفل أبوابها”.

وقال “خضر حسان”، في صحيفة (المدن) اللبنانية الإلكترونية، إن الإضراب بمثابة “اعتراض تحت عباءة السلطة”.

وأوضح أنه: “في الأصل، تمثّل النقابات والروابط والاتحادات، التي شاركت في الإضراب، الفئات الوظيفية المتضررة من التراجع الاقتصادي والتعقيدات السياسية. لكنها، ومنذ سيطرة السلطة عليها، عبر التحالف في انتخاباتها الداخلية، أصبحت هذه المرجعيات إنعكاسًا للإصطفاف الشعبي حول السلطة. وعليه، حاولت المرجعيات العمّالية رفع صوتها، مع مراعاة عدم إزعاج السلطة، وعدم استعمال الشارع الذي يمثّل مكان الاعتراض الحقيقي”.

وقال الكاتب: “عدم الإحراج إذاً، هي كلمة السر التي قالتها الأحزاب للمرجعيات النقابية التابعة لها. فجمهور الأحزاب لم يعد يحتمل الأوضاع، والأحزاب لا تحتمل فتح باب الاعتراض في وجهها، فكان لا بد من توليفة لتنفيس الإحتقان من جهة، وللضغط على الخصوم السياسيين، من أجل تشكيل الحكومة”.

وترى صحيفة (القدس العربي) أن: “هذا الإضراب جاء منقوصًا وغير شامل مع إلتزام الهيئات الاقتصادية قرار عدم المشاركة، ومع فتح العديد من الإدارات الرسمية والبلديات أبوابها في الكثير من الأقضية والمحافظات وإقتصار الإضراب على العاملين في مؤسسة كهرباء والضمان الاجتماعي ومرفأ بيروت، فيما توقفت الحركة في مطار بيروت الدولي مدة ساعة”.

منحى جديد لدخول العامل السياسي..

وأشارت “وفاء عواد”، في صحيفة (البيان) الإماراتية، إلى أن الإضراب “إتخذ منحىً جديدًا، نتيجة دخول العامل السياسي على الخطّ. ذلك أنه، وبعدما كان الانقسام في البداية محصورًا بطرفي الإنتاج، (العمال وأرباب العمل)، إمتدّ ليشمل الأطراف السياسية، بين مؤيّد للإضراب ومعارض له”.

وأضافت: “بين الإضراب العام الذي لم تفهم دوافعه… وبين دعوة رئيس المجلس النيابي لتفعيل حكومة تصريف الأعمال من أجل إقرار موازنة العام 2019، لم تبد دوافع الدعوتين سوى الدفع بإتجاه الإسراع بتشكيل الحكومة، على الرغم من أن هذه العملية هي غاية جميع المعنيّين بتأليف الحكومة”.

كسر المراوحة في المشهد الحكومي..

وأشارت صحيفة (الرأي) الكويتية؛ إلى أن بيروت “تمضي في حال مفرطة من (إنعدام الجاذبية) بسبب المأزق السياسي-الدستوري الناجم عن إحتجاز عملية تشكيل الحكومة الجديدة، منذ نحو 8 أشهر، وتعاظم التحديات المالية نتيجة الإنكماش الاقتصادي… والإنكشاف على العالم العربي بمشهد داخلي هش”.

ورأت الصحيفة الكويتية أن الإضراب “كسر المرواحة في المشهد الحكومي”؛ واعتبرته بمثابة “التحذير الأولي” الذي يحمل “عنوان الضغط لتشكيل الحكومة والدعوة لوقف شلل المؤسسات وتدهور الاقتصاد”.

وأضافت الصحيفة أنه: “مجرد إطلاق مساره، (وبمعزل عن الإستجابة غير الكبيرة له)… ترك علامات استفهام حول خلفيات زجّ الشارع والعنصر النقابي في آليات الضغط بالملف الحكومي، وسط خشية من توظيف هذا المعطى (المتفلّت) في سياق عملية (عض الأصابع)، التي تبدو مفتوحة على جولات جديدة”.

أمام موجة جديدة من الاحتجاجات..

في هذا الصدد؛ قال المحلل السياسي اللبناني، “حسن حردان”، إن “دعوة الإضراب العام في لبنان لاقت صدىً كبيرًا، باعتبار أن لبنان يعيش أزمة اقتصادية واجتماعية متفاقمة ومتراكمة، بسبب غياب الدولة وعدم قيامها بمسؤولياتها الفعلية، وتأخر تشكيل الحكومة”.

وأضاف أن “المعطيات الحالية تقول أن لبنان أمام موجة جديدة من الاحتجاجات، حيث يتم الإعداد حاليًا لتظاهرة كبيرة، يوم 13 كانون ثان/يناير الجاري، فضلًا عن تظاهرة أخرى يوم 20 من نفس الشهر، مما يعني أن هناك تتابع واستمرار لسياسة التظاهرات، للضغط على المسؤولين من أجل سرعة تشكيل الحكومة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة