15 يونيو، 2025 10:34 م

“حشد العتبات” .. المسمار الأخير في نعش “الحشد الولائي” !

“حشد العتبات” .. المسمار الأخير في نعش “الحشد الولائي” !

وكالات : كتابات – بغداد :

قُرب مقر الحوزة العلمية الشيعية في “النجف”، يُهدد صراع ظلّ كامنًا لأعوام بين فصائل (حشد العتبات)، الخاضعة للمرجعية الشيعية؛ وأخرى موالية لـ”إيران”، بتقسيم (هيئة الحشد الشعبي) العسكرية؛ التابعة للدولة العراقية.

وهناك فجوة متنامية داخل (هيئة الحشد الشعبي)؛ بين جناح موال لـ”إيران”، وأربعة فصائل مرتبطة بالمرجعية الشيعية في مدينتي “كربلاء” و”النجف”، هي فرقتا (الإمام علي القتالية) و(العباس القتالية) ولواءا (علي الأكبر) و(أنصار المرجعية).

وتتجمع تلك الفصائل تحت اسم (حشد العتبات)؛ وتضم حوالى عشرين ألف عنصر. وقد عقدت أول مؤتمر لها بين الأول والثالث من كانون أول/ديسمبر الجاري؛ تحت شعار: “حشد العتبات: حاضنة الفتوى وبناة الدولة”، في المدينتين الواقعتين جنوب “بغداد”.

على امتداد ثلاثة أيام، حاول المشاركون إبراز مصدرين لشرعية هذه الفصائل، وهما: “عراقيتها” وإلتزامها الصارم بتوجيهات المرجعية الدينية الشيعية ممثلة في آية الله “علي السيستاني”.

واعتبر المتحدث باسم المؤتمر، “حازم صخر”، في تصريح لوكالة (فرانس برس)؛ أن: “حشد العتبات هو أصل الحشد”. وأضاف أنهم: “ملتزمون بالقانون العراقي ووصايا المرجعية الدينية”؛ ويعملون وفق: “توجيهات الوكيلين الشرعيين في العتبتين الحسينية والعباسية”.

وتحدث قائد أكبر هذه الفصائل، فرقة (العباس القتالية)، “ميثم الزيدي”، بخطاب يظهر نزعة وطنية وإصلاحية. وقال إن: “الأسباب الرئيسة لتشكيل (حشد العتبات)؛ هي خدمة الوطن وتصحيح المسير والمسار”.

أما آمر لواء (علي الأكبر)، “علي الحمداني”، فأشار إلى أن المؤتمر “معني فقط” بالفصائل التي “إلتزمت، منذ صدور فتوى الجهاد الكفائي، بتوصيات المرجع السيستاني”.

من جهته، قدّر الباحث المتخصص بالتنظيمات المسلحة الشيعية، “حمدي مالك”، أن فصائل (حشد العتبات)؛ تعمل حاليًا على تسريع انفصالها عن (الحشد الشعبي) الأوسع.

وأضاف، في تصريح لـ (فرانس برس)؛ أنها: “تصعّد عبر هذا المؤتمر، وترغب في تسريع ذلك المسار”.

الانتقائية في الدعم اللوجيستي..

تشكل (الحشد الشعبي)، عام 2014، إثر إصدار المرجع الشيعي، آية الله “علي السيستاني”؛ “فتوى الجهاد الكفائي”، التي حثّ فيها العراقيين على قتال “تنظيم الدولة الإسلامية” لوقف تمدده بعد سيطرته على ثلث العراق.

وأدت دعوة “السيستاني” إلى توحد تنظيمات مسلحة قائمة مع أخرى حديثة التشكيل، كان من بينها فصائل (حشد العتبات). وقاتلت تلك الشبكة الواسعة من الفصائل المسلحة إلى جانب الجيش العراقي ضد “تنظيم الدولة الإسلامية”.

لكن بدأت، منذ 2016، تظهر خلافات داخل (الحشد الشعبي)؛ وأشار “مالك” إلى تركزها حول ثلاثة محاور اختلاف.

فقد تذمرت فصائل (حشد العتبات) من حرمانها من الإمكانيات؛ وحملت مسؤولية ذلك إلى “أبومهدي المهندس”، نائب رئيس (هيئة الحشد الشعبي)، الذي قُتل في ضربة جوية أميركية، في كانون ثان/يناير 2020، رفقة الجنرال الإيراني، “قاسم سليماني”، قرب “مطار بغداد”.

واتهم (حشد العتبات)، “المهندس”، بإعطاء الأولية في تقسيم الموارد التي تشمل معدات عسكرية ورواتب من الدولة، إلى الفصائل الموالية لـ”طهران”.

ويشير “حمدي” إلى شرخ ثان أكثر عمقًا، يتمثل في: “انقسام إيديولوجي حقيقي”؛ حول الروابط مع “إيران”، المجاورة التي توفر دعمًا لعدد من التنظيمات، حتى قبل تأسيس الحشد، عام 2014.

الولاء الأول لمن ؟ 

ويُطلق على تلك الفصائل وصف: “الحشد الولائي”؛ لإرتباطاتها المفترضة بـ”طهران” وتبجيلها على الولاء لـ”بغداد”.

حرص المشاركون في مؤتمر (حشد العتبات) على عدم انتقاد “إيران” بشكل مباشر، لكنهم عبروا عن رفضهم الولاء للخارج.

وقال “حازم صخر”؛ إن: “التدخل الخارجي موضوع خطير (…) من يتبع إلى جهات خارجية أو جهات خارجة عن إطار الدولة بعيد عن توجهاتنا”.

ولم يُعلن “السيستاني”، علنًا، دعمه للمؤتمر، لكنه يُعرف بتخوفه من النفوذ الإيراني. وأشار “مالك” إلى أن عقد الفعالية لم يكن ممكنًا دون ضوء أخضر منه.

وقدر الباحث في (ذي سانشري فاوندايشن)، “ساجد جياد”، أنه: “من المهم لهم وللسيستاني أن يرتّب بيته ما دام حيًا”.

أما محور الاختلاف الثالث فيتعلق بالإنخراط في العمل السياسي.

عدم الإحتراق بنيران السياسة..

أعربت الفصائل المرتبطة بالعتبات الشيعية المقدسة عن رفضها لإنخراط (الحشد الشعبي) في العمل السياسي.

وأوضح “حمدي مالك” أن: “السيستاني أعطى توجيهات واضحة بألا ينخرط أعضاء الحشد في السياسة. لكن الفصائل الموالية لإيران في الحشد أنشأت تحالف (الفتح)؛ وشاركت في الانتخابات التشريعية عام 2018”.

وشكّل تحالف (الفتح)، ثاني أكبر كتلة في البرلمان، وصار يتمتع بنفوذ واسع داخله وفي عدة وزارات.

مع اقتراب موعد الانتخابات المبكرة، المقررة في حزيران/يونيو 2021، أعادت فصائل (حشد العتبات) التأكيد على عدم إنخراطها في السياسة تنفيذًا لتوصيات “السيستاني”.

وقال رئيس قسم العلاقات والإعلام في “العتبة العباسية”، في “كربلاء”، “مشتاق عباس معن”؛ إن عناصرهم ممنوعون من: “الدخول في النشاط السياسيّ أو الإرتباط الحزبيّ”، ويسمح لهم: “بالاشتراك في العمليّة الانتخابيّة كناخبين حصرًا، وليس كمرشّحين”.

بداية تفكك..

واستبعد “جياد” حصول نزاع عنيف بين جناحي الحشد، لكن من المرجح أن يفرز الانفصال بينهما تداعيات يُجهل حتى الآن حجمها.

يفتقد (حشد العتبات) إلى إطار قانوني لإدارة قواته خارج قوانين (هيئة الحشد الشعبي)، كما يوجد تأخير في تنفيذ أمر حكومي يربطه برئاسة الوزراء.

ووجه “معن” دعوة إلى رئيس الوزراء، خلال المؤتمر، من أجل: “إتمام خطوات هذا الإرتباط وبشكل عاجل”، وبالتالي إنهاء صلاتهم بـ (هيئة الحشد الشعبي).

لكن أشار “مالك” إلى وجود مخاوف من أنه في حال انسحاب فصائل (حشد العتبات)، يمكن للأخرى “الولائية”، احتكار موازنة الهيئة وإمكاناتها العسكرية وثقلها السياسي.

وأثارت تحركات (حشد العتبات) قلق الفصائل المرتبطة بـ”إيران”، التي رفض قادتها التفاعل مع طلبات تعليق وجهتها لهم (فرانس برس).

لكن صرح زعيم فصيل (عصائب أهل الحق)، “قيس الخزعلي”، إلى تلفزيون عراقي عام، الشهر الماضي؛ أن انفصال التنظيمات المرتبطة بالمرجعية الدينية الشيعية يمكن أن يقود أيضًا إلى انسحاب فصائل (الحشد العشائري) المُشكل أساسًا من مقاتلي عشائر سُنية، ما سيؤدي إلى “نهاية الحشد”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة