13 يناير، 2025 12:02 م

 حرب “دور العبادة” في العراق تستعيد صورتها الدامية

 حرب “دور العبادة” في العراق تستعيد صورتها الدامية

‏تستعيد دور العبادة السنية والشيعية في بغداد الصورة الدامية التي كانت عليها ابان سنوات الحرب ‏الاهلية الطائفية في ظل تزايد استهدافها مؤخرا باعمال القتل والتفجيرات العشوائية.‏

ومع تصاعد التوتر الطائفي في بلاد تحكمها الغالبية الشيعية منذ اسقاط نظام صدام حسين عام 2003 ‏بعد عقود من حكم السنة، تحول العنف اليومي خلال الاسابيع الماضية من استهداف للقوات الامنية ‏خصوصا، الى ما يشبه “حرب دور العبادة”.‏
ويقول المحلل السياسي احسان الشمري لوكالة فرانس برس “هناك تصاعد في وتيرة الهجمات ‏المتبادلة التي تستهدف دور العبادة السنية والشيعية، وذلك في محاولة لاعادة انتاج العنف داخل النفس ‏العراقية”.‏
ويضيف “الرعب يتسلل الى النفوس، وشبح الحرب يسيطر على المشهد العراقي، الحرب السياسة ‏والمذهبية والامنية”.‏
ويعيش العراق منذ 10 سنوات على وقع اعمال عنف يومية قتل فيها عشرات الآلاف.‏
ومنذ انسحاب القوات الاميركية نهاية عام 2011، تركزت معظم الهجمات على القوات الحكومية ‏والمناطق الشيعية، وهي اعمال عنف غالبا ما يتبناها تنظيم “دولة العراق الاسلامية”، الفرع العراقي ‏لتنظيم القاعدة.‏
الا ان هدفا جديدا اضيف الى لائحة الاهداف المعتادة لهذه الهجمات بالتزامن مع تصاعد حدة ‏التظاهرات السنية المناهضة لرئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي والتي تتهمه بتهميش السنة.‏
فعلى مدى الاسابيع الماضية، عادت المساجد السنية الى دائرة الاستهداف بالاحزمة الناسفة والقذائف ‏الصاروخية والقنابل اليدوية، فيما تواصلت الهجمات ضد الحسينيات الشيعية.‏
ولا تتبن اي جهة اعمال العنف الطائفية هذه.‏
وفي واحد من اعنف هذه الهجمات، قتل 41 شخصا واصيب العشرات بجروح في انفجار عبوتين ‏ناسفتين الجمعة استهدفتا مصلين قرب مسجد سني وسط بعقوبة (60 كلم شمال شرق بغداد).‏
وجاء ذلك غداة مقتل 12 شخصا في هجوم انتحاري بحزام ناسف عند مدخل حسينية شيعية في كركوك ‏‏(240 كلم شمال بغداد) مساء الخميس.‏
واستهدفت في نيسان/ابريل الماضي سلسلة هجمات بعبوات ناسفة وقذائف صاروخية وقنابل يدوية ‏نحو عشرة مساجد سنية في بغداد وبعقوبة ومناطق اخرى، وعددا من الحسينيات ايضا، قتل واصيب ‏فيها العشرات.‏
ويقول وكيل رئيس ديوان الوقف الشيعي الشيخ سامي المسعودي لفرانس برس ان “الاستهداف الحالي ‏للمساجد والحسينيات (…) يمثل مراهنة على عودة العراق الى مربع الطائفية”.‏
ويضيف “عندما تستهدف حسينية سيتبادر الى الذهن ان السنة هم الذين قاموا بها، وحين يستهدف ‏مسجد سيقال ان الشيعة قاموا بذلك، لكن في الحقيقة (…) نحن مجمعون على ان من يقوم بهذه الاعمال ‏هم التكفيريون وتنظيم القاعدة”.‏
وتحدث المسعودي عن استهداف اكثر من 45 جامعا وحسينية تابعة للوقف الشيعي منذ بداية العام ‏الحالي، معتبرا ان ما يحدث “هجمة شرسة تتعرض لها دور العبادة”.‏
بدوره، قال مصدر مسؤول في الوقف السني رفض الكشف عن اسمه “نحن مهددون، حتى اننا لم ‏نذهب الى الدوام يوم الاثنين الماضي بعدما تلقينا تهديدات بمهاجمة مقر عملنا” في بغداد، مشيرا الى ‏‏”استهداف اكثر من عشرة مساجد في بغداد وحدها خلال شهر”.‏
وتدفع هذه الحوادث العديد من العراقيين الى تجنب الذهاب الى المساجد والحسينيات، وتعيد الى ‏اذهانهم ايام الحرب الطائفية بين 2006 و2008 حين كانت دور العبادة الهدف الاول لاعمال العنف.‏
ويقول احسان احمد وهو تاجر (سني) يسكن في منطقة البيجية في غرب بغداد “توقفت عن الذهاب ‏لتادية الصلاة بعد اغلاق المسجد القريب من بيتنا بسبب الهجمات”.‏
ويضيف “اخر هذه الهجمات كان انفجار عبوة بالمؤذن قبل نحو اسبوعين حين اندفع المؤذن رحمه الله ‏الى العبوة قرب باب الجامع ووقف عنده يحذر المصلين من الاقتراب (…) وفجاة انفجرت العبوة ‏واستشهد هو”.‏
ويسأل احمد “كل هذا حدث امام عيني، فكيف لي ان اذهب مجددا؟ حتى ان زوجتي واولادي يمنعونني ‏من الذهاب”.‏
من جهته، يقول علي (29 عاما) (شيعي) الذي يعمل حارسا امنيا في شركة خاصة “الناس باتوا ‏يترددون في الذهاب الى الحسينيات مع انني لم اتوقف عن ذلك. علينا ان ندرك ان هناك من يحاول ‏العودة بنا الى الوراء وان نواجه ذلك”.‏
وتصاعد التوتر الطائفي في العراق بشكل كبير عقب مهاجمة قوات الامن الشهر الماضي لاعتصام ‏مناهض لرئيس الحكومة في الحويجة غرب كركوك قتل خلاله 50 شخصا، ما اطلق شرارة اعمال ‏عنف تحمل طابعا طائفيا قضى فيها اكثر من 200 شخص.‏
وحذر المالكي الذي اعلن مؤخرا عن اجراءات امنية جديدة لحماية دور العبادة، في مناسبات عدة خلال ‏الاسابيع الماضية من الانزلاق نحو نزاع طائفي جديد و”حرب لا نهاية لها”، معتبرا ان السبب ‏الرئيسي للعنف هو “الحقد الطائفي”.‏
وجدد من جهته ممثل الامين العام للامم المتحدة مارتن كوبلر الجمعة قوله ان العراق “يتجه نحو ‏المجهول”، مشيرا الى ان “الاطفال الصغار يحرقون داخل السيارات وهم احياء، والمصلون يقطعون ‏اشلاء خارج مساجدهم. لقد فاق الامر حد عدم القبول به”.‏
وتقول ليلى شيروان (سنية) وهي ربة منزل “اذهب منذ اكثر من 25 سنة الى المسجد لاصلي، لكنني ‏توقفت عن ذلك عندما بدات الاحداث الطائفية قبل سنوات”.‏
وتضيف “في زمن صدام كنا نقول +لا يوجد امل+، واليوم تاكدنا بالفعل ان الامل في هذا البلد مات ‏ولن يحيا مجددا”.‏

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة