24 سبتمبر، 2024 11:34 م
Search
Close this search box.

“حرب البحر الأحمر” .. كيف تغير “الغواصات المُسيّرة” مسار الصراع لصالح الحوثيين ؟

“حرب البحر الأحمر” .. كيف تغير “الغواصات المُسيّرة” مسار الصراع لصالح الحوثيين ؟

وكالات- كتابات:

أدخلت جماعة (الحوثي) اليمنية سلاحًا جديدًا هو: “الغواصات المُسيّرة” في النزاع المشّتعل في “البحر الأحمر”، فكيف يمكن أن يؤثر ذلك على هذا الصراع ؟

كانت جماعة “أنصار الله”؛ (الحوثيون)، في “اليمن” قد تمكنت من تعطيل جزء كبير من حركة مرور السفن في “البحر الأحمر” منذ بضعة أشهر، باستهداف السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى “إسرائيل”، على خلفية الحرب المستمرة على “قطاع غزة”.

ونشر موقع (ميدل إيست آي-Middle East Eye) البريطاني؛ تقريرًا يرصد احتمالات أن تُغيِّر “الغواصات المُسيَّرة” مسّار النزاع في “البحر الأحمر” لمصلحة (الحوثيين).

الغواصات المُسيّرة.. سلاح يوظّفه “الحوثيون”..

اعتمد (الحوثيون)؛ في معظم هجماتهم، على طائرات مُسيَّرة رخيصة، وتمكنوا بها من تنفيذ تعهداتهم بتعطيل الملاحة البحرية المتجهة إلى “ميناء إيلات” الإسرائيلي المُطّل على “البحر الأحمر”؛ وهو ما أثار غضبًا كبيرًا في العواصم الغربية.

وعلى الرُغم من الحملة العسكرية الشرسة التي شّرعت فيها “الولايات المتحدة” و”بريطانيا” للردِّ على (الحوثيين)، تعهَّدت الجماعة بمواصلة حظر الملاحة في بحار الشرق الأوسط على “إسرائيل” ومؤيديها، ما دام العدوان الإسرائيلي على “غزة” مستمرًا.

في هذا السيّاق؛ كشفت الجماعة اليمنية خلال الأيام الماضية؛ عن سلاح جديد في ترسانتها، وهو سلاح الغواصات المُسيَّرة؛ إذ نقلت قناة (المسيرة) اليمنية، خطابًا لزعيم الجماعة؛ “عبدالملك الحوثي”، يوم الخميس 22 شباط/فبراير، قال فيه: “أدخلنا سلاح الغواصات إلى المواجهة في البحر الأحمر، وهو سلاح مقلق للعدو”.

وأنذر (الحوثيون) شركات الشحن والتأمين؛ بأن أي سفينة ترفع علم “إسرائيل” أو تكون مملوكة كليًا أو جزئيًا لإسرائيليين سيُحظر عليها العبور في “البحر الأحمر” و”خليج عدن” و”بحر العرب”.

وذكرت وكالة (رويترز-Reuters)؛ أن البيانات المرسّلة إلى شركات التأمين على الشحن من “مركز تنسّيق العمليات الإنسانية”؛ التابع لـ (الحوثيين) – الذي أنشأته الجماعة لتنسّيق مرور السفن غير المحظورة – أشارت إلى أن السفن المملوكة لأفراد أو كيانات أميركية أو بريطانية، أو التي تبُحر تحت أعلام هذه الدول، صارت ممنوعة بالفعل من العبور في المنطقة.

فما هي الفوائد التي ستعود على (الحوثيين) من ضم هذا السلاح إلى ترسانتهم العسكرية؛ في سيّاق عملياتهم المستمرة في المنطقة ؟

الغواصات المُسيَّرة سلاح رخيص وفعّال..

قالت “الولايات المتحدة” إنها شنّت، الأسبوع الماضي، خمس غارات على منصات متنقلة لإطلاق صواريخ (كروز) مضادة للسفن لدى (الحوثيين)، واستهدفت كذلك غواصة مُسيَّرة، وزورقًا سّطحيًا مُسيَّرًا (من دون طاقم إبحار).

ويوم الجمعة 23 شباط/فبراير 2024، قال مسؤولون أميركيون، لشبكة (CNN) الأميركية؛ إن إدارة الرئيس الأميركي؛ “جو بايدن”، تُكافح لوقف الهجمات المستمرة التي يُشّنها (الحوثيون) ضد السفن في “البحر الأحمر”، “لكنهم يواصلون مفاجأتنا؛ ولا نملك فكرة جيدة عمّا لا يزال بحوزتهم”.

وأوضحت الشبكة الأميركية أن نقاشًا يدور داخل “البيت الأبيض” حول: “الطريقة الأمثل” لوقف الهجمات الحوثية على السفن؛ حيث يرى البعض داخل الإدارة أن: “استخدام القوة وحده غير فعال”. بينما أشار بعض المسؤولين إلى أنه: “من المكلف للغاية وغير العملي الاستمرار في إطلاق صواريخ بملايين الدولارات على طائرات بدون طيار وصواريخ حوثية رخيصة”.

لم يكشف (الحوثيون)؛ حتى الآن، عن تفاصيل التقنيات المسّتخدمة في سلاحهم الجديد، ومعظم التحليلات الواردة ليست إلا تخمينات؛ إذ سارع كثيرون إلى اتهام “إيران”، حليفة الجماعة، بأنها هي التي صنعت مُسيَّرات بحرية وأمدَّت بها (الحوثيين).

وقال تقرير صادر عن (المعهد البحري الأميركي)؛ إن صورًا نشرها الجيش الأميركي، الأسبوع الماضي، لمُسيَّرات تصدى لها كشفت عن: “بقايا شبّيهة لمكونات المُسيَّرات التي تستخدمها إيران”، و”تبدو هذه المُسيَّرات مشابهة لطوربيدات أو زوارق مُسيَّرة انتحارية تُهاجم أهدافها تحت الماء”، و”مدى هذه المُسيَّرات البحرية أكبر من مدى الطوربيدات؛ ولكنها أبطأ؛ ما يجعلها أكثر فعالية في مهاجمة الأهداف الثابتة مثل السفن المتوقفة أو الراسية في الموانيء”.

أما أبرز ميزة للغواصات المُسيَّرة، فهي صعوبة رصدها، وكونها أرخص بكثير من الصواريخ، وهو ما يمكّنها من الظهور فجأة أسفل السفينة المستهدفة وتفجيرها. ويُقال إن المركبة البحرية المُسيَّرة التي أعلنت الحكومة الأوكرانية أنها استخدمتها أواخر العام الماضي؛ في إغراق السفن الروسية في “البحر الأسود”، لم يتكلف إنتاجها سوى: (250) ألف دولار، وزعمت “هيئة الإذاعة البريطانية”؛ (BBC) أنها: “أرخص من أنواع كثيرة من الصواريخ بعيدة المدى”.

واستخدمت البحرية الأوكرانية؛ هذا الشهر، غواصة مُسيَّرة تحمل: (320) كيلوغرامًا من المتفجرات، في الهجوم على سفينة إنزال روسية في “البحر الأسود”، وتمكنت من إغراق السفينة.

“فارع المسلمي”، وهو زميل باحث في معهد (تشاتام هاوس) البحثي البريطاني، قال لموقع (MEE)، إنه: “من الواضح أن (الحوثيين) لم يحصلوا على هذه التكنولوجيا بين عشّية وضحاها، وإنما تحيَّنوا الكشف عنها في توقيت مهم”، ونحن: “لم نر حتى نصف قدرات (الحوثيين) في تكنولوجيا الغواصات”، و”أظن أنه لا يزال هناك أشياء كثيرة سيفاجئوننا بها”.

الأثر المتوقع لاستخدام الغواصات المُسيَّرة..

“ألبرتو ريزي”، زميل زائر وباحث مشارك في (المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية)، قال للموقع البريطاني؛ إن “أوكرانيا” برهنت بالفعل على خطورة هذه المركبات البحرية المُسيَّرة؛ إذ: “تستطيع مهاجمة السفن في أكثر المواضع عرضة للخطر، ويصعب اعتراضها واستهدافها؛ ما يعني أنها خطر كبير على الناقلات وسفن الشحن”.

ومع ذلك؛ أوضح “ريزي” أن: “الغواصات والزوارق المُسيَّرة أكثر تعقيدًا بكثير من المُسيَّرات الجوية في البناء والتطوير، وإذا كانت إيران لديها بعض القدرات المعتبرة في هذا المجال، إلا أنه من المسّتبعد أن يكون لدى (الحوثيين) الكثير منها في ترسانتهم”.

من جهة أخرى؛ فإن تأثير عمليات (الحوثيين) في “البحر الأحمر” أصبح واضحًا للعيان؛ إذ قال رئيس “هيئة قناة السويس” المصرية إن عائدات “قناة السويس” انخفضت بمقدار النصف تقريبًا؛ في كانون ثان/يناير؛ بعد بداية الهجمات.

وقال المسؤول المصري إن دخل القناة انخفض من: (804) ملايين دولار في أوائل عام 2023؛ إلى: (428) مليون دولار عن المدة نفسها في بداية عام 2024، وقد انخفض كذلك عدد السفن المارة في القناة بنسّبة: (36%).

وكشف مؤشر (شنغهاي) للشحن بالحاويات؛ أن تكاليف الشحن العالمية ارتفعت بأكثر من: (300%) بسبب الحصار الذي فرضه (الحوثيون).

وقال “المسلمي”؛ الباحث في (تشاتام هاوس)، إنه حتى لو تمكنّت الضربات الجوية الأميركية والبريطانية من الإضرار بقدرات (الحوثيين)، فإن شركات الشحن والتأمين تراجعت بالفعل عن استخدام هذا المسّار الملاحي في المدى القريب.

وأوضح الباحث؛ للموقع البريطاني، أن: “اليمن أكبر مساحة بنحو: (44) مرة من لبنان، كما أنه يطل على بحر شاسع. ولم يُعد تصنيع الصاروخ يتطلب أن يكون لديك عالِم صواريخ”.

واستبعد “ريزي”، الباحث في (المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية)، أن يكون للمُسيَّرات البحرية الجديدة تأثير واضح في القريب العاجل، لأن سفن الشحن بدأت تتجنب هذا المسّار البحري على أي حال، إلا أن نجاح هذه الهجمات يُمهِّد الطريق لجماعات ومنظمات أخرى قد تسّتفيد من قدراتها العسكرية المنخفضة في إنتاج هذه المُسيَّرات واستخدامها في مواجهة أعدائها الأقوى منها.

وأشار “ريزي” إلى أن: “التطورات التكنولوجية تخفِّض عتبة الفوارق الاقتصادية والتقنية اللازمة لتصنيع المُسيَّرات التي يمكن استخدامها في مهاجمة السفن”، و”هذا يجعل الجماعات المسلحة الأخرى القريبة من المضايق البحرية المهمة خطرًا مستقبليًا؛ إذ يمكنها أن تسّتلهم ما فعله (الحوثيون)، وتنفذ هجمات مماثلة في أماكن أخرى”.

كانت جماعة (الحوثي) قد أعلنت في البداية عن استهداف السفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة إلى “ميناء إيلات” الإسرائيلي، في إطار الضغط على “إسرائيل” لوقف حربها على “قطاع غزة”.

لكن بعد أن شّكلت “الولايات المتحدة” تحالفًا أطلقت عليه: “حماية الازدهار”، وبدأت مع “بريطانيا”، توجيه ضربات جوية تستهدف أهدافًا لـ (الحوثيين) في “اليمن”، أعلنت الجماعة المدعومة من “إيران” عن استهداف السفن الأميركية والبريطانية أيضًا في “البحر الأحمر” و”بحر العرب”.

وفي ظل هذا النزاع في “البحر الأحمر”، أعادت إدارة الرئيس؛ “بايدن”، تصنيف (الحوثيين) كمنظمة إرهابية، بعد أن كانت إدارة الرئيس السابق؛ “دونالد ترامب”، قد رفعت عنهم ذلك التصنيف.

ويُمثل هذا النزاع في “البحر الأحمر” فصلاً من فصول العدوان الإسرائيلي المستمر على “غزة”، والذي تسبب في استشهاد أكثر من: (30) ألف فلسطيني وإصابة عشرات الآلاف وتدمير القطاع بشكلٍ كامل، دون أن يتمكن الاحتلال من تحرير أسراه أو القضاء على “المقاومة الفلسطينية”.

وعلى وقع تلك الحرب الإسرائيلية المدمرة على “قطاع غزة”، يتبادل (حزب الله) وفصائل فلسطينية في “لبنان” مع الجيش الإسرائيلي، بوتيرة يومية منذ 08 تشرين أول/أكتوبر الماضي، قصفًا متقطعًا؛ أسّفر عن قتلى وجرحى من الجانبين، بالإضافة إلى ضحايا بين المدنيين اللبنانيين. كما تُشنّ إسرائيل هجمات جوية على الأراضي السورية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة