وكالات – كتابات :
استحوذت الأحداث الجارية في “العراق”؛ على اهتمام وسائل الإعلام الغربية، والتي وصفتها بأنها الأسوأ والأطول من نوعها منذ سنوات، فيما عبر بعضها عن المخاوف على مستقبل الاستقرار السياسي والأمني في البلد، واحتمال أن يستمر الانسداد السياسي فترة أطول وعدم وجود وصفة للحل.
“إيران” طرف في أسوأ أزمة يمر بها “العراق”..
وتحدثت شبكة (سي. إن. إن) الأميركية في تقريرًا لها؛ عن الهزة التي أحدثتها استقالات النواب الصدريين من البرلمان؛ في حزيران/يونيو الماضي، وأشارت إلى اقتحامات الصدريين لـ”المنطقة الخضراء” والتظاهرة المضادة التي نظمها أنصار خصومه في (الإطار التنسيقي).
وفيما وصفتها بأنها أسوأ وأطول أزمة سياسية في “العراق” منذ سنوات، نقلت عن أستاذ العلوم السياسية في بغداد؛ “إحسان الشمري”، قوله إن: “إيران طرف في هذه الأزمة”، مضيفًا أن: “الصدر يُدرك أن إيران يمكن أن تكون هي من يدفع (الإطار التنسيقي) لمحاولة تضخيم نفوذها في المشهد السياسي بالعراق”.
كما نقلت (سي. إن. إن) عن الباحث في معهد (بروكينغز) الأميركي؛ “رنج علاء الدين”، قوله إن: “النظام السياسي في العراق على وشك إنهيار غير قابل للإصلاح، والبلد يتجه نحو حرب أهلية بين الصدر وخصومه المتحالفين مع إيران”.
إلا أن “الشمري” أعرب عن إعتقاده أن: “الأسباب الكامنة خلف هذا النزاع هي داخلية بالأساس، وليست نتيجة للانقسامات حول إيران”، موضحًا أن: “هناك تحولات تجري داخل السياسة العراقية وأطراف مختلفة لها طموحات متزايدة تسعى إلى تعزيز سلطتها”، معتبرًا أن الاتهامات المتعلقة بوجود ارتباطات مع “إيران”، صارت بمثابة أداة تستخدمها الكتل غير المتحالفة مع “إيران”؛ بهدف تشويه سمعة خصومهم.
الأطول منذ 2003..
وبينما اعتبر تقرير (سي. إن. إن) أنه برغم جهود تُبذل من أجل تخفيف التوتر، إلا أنه نقل عن “علاء الدين” قوله؛ إنه يعتقد من الصعب أن نرى “الصدر” يتراجع ما لم يحصل على الحكومة التي كان يُريدها في الأساس، مضيفًا إنها الأزمة السياسية الأطول في “العراق”؛ منذ العام 2003، مشيرًا إلى أنه من غير المُرجح أن هذه الأزمة حتى لو جرى حلها، ستكون الأخيرة في البلد.
واعتبر “علاء الدين” أن النظام السياسي يواجه معوقات كبيرة، مُحذرًا من أن الوصول إلى لحظة الاصطدام ستُشير إلى أن الانقسام وصل إلى مستويات غير مسبوقة.
التحدي الأكثر خطورة..
ومن جهتها؛ اعتبرت صحيفة (الغارديان) البريطانية؛ أن تظاهرات “بغداد” تؤجج المخاوف من وقوع المزيد من الاضطرابات في ظل عشرة شهور من الجمود السياسي حول تسمية الرئيس الجديد للحكومة.
ولفتت (الغارديان) إلى أن دعوة “الصدر” لإسقاط النظام السياسي القائم منذ العام 2003، تُشكل: “التحدي الأكثر خطورة” أمام “العراق”؛ منذ اجتاح تنظيم (داعش)؛ “الموصل”، وشارف على اقتحام “بغداد” نفسها؛ في حزيران/يونيو العام 2014.
وتابع التقرير البريطاني أن انضمام المتظاهرين من القوى المدعومة من “إيران”، إلى المواجهة في الشارع، يُعزز المخاوف من انتشار العنف داخل المكونات الشيعية وتعميق الفوضى في بلد يُعاني من سلسلة من الأزمات الاجتماعية والاقتصادية.
وأضاف إنه رغم قرار (الإطار التنسيقي) سحب مؤيدة من الشارع؛ الإثنين، واللهجة التصالحية التي أثارت إرتياح كبار المسؤولين، إلا أن المخاوف لا تزال قائمة من أن ما جرى؛ يوم الإثنين الماضي، هو بمثابة بروفة لما سيحدث في الأيام والأسابيع المقبلة، إذ من الممكن أن تتفاقم التوترات، خاصة إذا إلتزم “الصدر” بتهديده بالإطاحة بالنظام.
هل “العراق” مقبل على انقلاب ؟
أما صحيفة (جيروزاليم بوست) الإسرائيلية؛ فقد تساءلت عما إذا كان “العراق” على وشك أن يشهد انقلابًا، لكنها تابعت أن مسار البلد لا يتجه نحو ذلك، وإنما نحو المزيد من إضعاف السلطة المركزية، فيما لا يبدو أن هناك وصفة لتقوية البلد واستقراره.
وتساءل التقرير الإسرائيلي عما إذا كان “الصدر” جادًا بشأن الإصلاح أم أنه فقط من الطراز الشعبوي الذي يرفض السيطرة على السلطة، ويتصرف وكأنه متظاهر من الخارج، لكنه في الواقع بينما يُسيطر على أكبر عدد من نواب البرلمان، فإنه لا يستخدمهم من أجل تشكيل ائتلاف، وإنما للانسحاب من البرلمان، ثم يُرسل المتظاهرين إلى “المنطقة الخضراء”، ويقول الآن إنها: “فرصة ذهبية” للمطالبة بالإصلاح في “العراق”.
واعتبرت الصحيفة الإسرائيلية أن المتظاهرين لا يُنفذون انقلابًا، وفي الوقت نفسه ما من قوة أو مؤسسة أخرى في الدولة بإمكانها القيام بذلك، بما في ذلك الميليشيات الموالية لـ”إيران”؛ في ظل انقسامها ولا يمكنها بالتالي الإمساك بزمام السلطة بنفسها، حتى لو أن الجيش العراقي نفسه ليس قويًا.
وختم التقرير الإسرائيلية بالقول أن المسار العام لـ”العراق” لا يتجه نحو الانقلاب، وإنما نحو المزيد من الإضعاف لسلطة المركز الوسطي، فيما ستستمر القوى الكبرى، مثل الجارتين: “تركيا” و”إيران”، باستخدام جارهما الضعيف، أي “العراق”، وهو ما قد يؤدي إلى ظهور المزيد من المتطرفين أو يدفع إلى مزيد من النزاع الأهلي.
اللعب بالشارع !
أما وكالة (آسوشيتيد برس) الأميركية، فقد اعتبرت أن الأحداث العراقية الأخيرة، دفعت التطورات السياسة نحو مركز الصدارة، وتسببت في إغراق البلد في أزمة سياسية أكثر عمقًا، مع اندلاع الصراع على السلطة بين القوتين الشيعيتين الرئيسيتين.
وأضافت الوكالة الأميركي أن الاستيلاء على البرلمان، يُظهر أن “الصدر” يستخدم قاعدته الشعبية الكبيرة كتكتيك ضغط بمواجهة منافسيه في (الإطار التنسيقي).
إلا أن التقرير الأميركي لفت إلى وجود خطوط حمراء في الأحداث التي جرت خلال اليومين الماضيين، حيث أن الطريق المؤدية إلى مبنى “مجلس القضاء الأعلى”، القريب من البرلمان كان مغلقًا بتواجد قوات أمنية كبيرة حوله، مشيرًا إلى أن اختراق المبنى كان سيمُثل انقلابًا، ولهذا فقد أمر “الصدر” أنصاره بالإبتعاد عنه.
ومن داخل البرلمان، لفت التقرير إلى أن المتظاهر؛ “حيدر جميل”، احتل مقعد رئيس البرلمان؛ “محمد الحلبوسي”، وراح ينظر إلى زملائه المتظاهرين ويقول: “لن نتراجع إلى أن تتحقق مطالبنا”.
وفي الخارج، كان المتظاهر؛ “سمير عزيز”، يمسح العرق عن جبينه وهو يبيع حلوى السكاكر، ويقول: “أنا هنا لكي أكسب لقمة عيشي”.