خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
عندما اشتعل التوتر مؤخرًا بين “الولايات المتحدة الأميركية” و”إيران”، عززت “واشنطن” قواتها العسكرية في المنطقة بدعوى الحفاظ على أمن الدول العربية الخليجية. ولكن بعد أن تخلَّى الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، عن الأكراد؛ بدأ المسؤولون في دول الخليج يتساءلون متى ستتخلى عنهم الإدارة الأميركية وتتركهم بمفردهم أمام مختلف التهديدات.
ولعل السياسة الأميركية الجديدة والمفاجئة هي التي دفعت كل من “الإمارات” و”السعودية” إلى إنتهاج سياسة جديدة تجاه نظام “بشار الأسد”، والسعي لمزيد من التقارب مع “روسيا”، بحسب مقال تحليلي نشره موقع (وللا) العبري، نقلًا عن وكالة (أسوشييتد برس)، (AP).
أنظار العالم تتحول إلي شمالي سوريا !
وفقًا للمقال؛ فإن منطقة “الخليج العربي” احتلت، منذ سنوات عديدة، مكانة متصدرة ضمن أولويات الأمن القومي لـ”الولايات المتحدة”، ولا تزالت تلك المنطقة تضم قواعد عسكرية، بها آلاف الجنود الأميركيين الذين يعملون على تأمين خطوط الملاحة البحرية لنقل “النفط” لدول العالم.
وبعدما كاد التوتر الأخير، بين “واشنطن” و”طهران”، أن يشعل صدامًا عالميًا، فقد تحولت أنظار العالم سريعًا إلى شمالي “سوريا” لمتابعة التطورات الخطيرة هناك؛ والتي سيكون لها أثر بالغ أيضًا على دول الخليج.
المخاوف تراود دول الخليج..
وبعد أن سكت الرئيس الأميركي ولم يحرك ساكنًا لوقف الغزو التركي لمناطق الأكراد في شمال “سوريا”، بدأت المخاوف تراود قادة دول الخليج، وأخذت “الرياض” و”أبوظبي” تستخلصان العبر من قرار “ترامب” بالانسحاب من “سوريا”، بل إن دول الخليج لم تعد تضمن وقوف “الولايات المتحدة” إلى جانبها في حال إحتدام الصراع مع “إيران”.
تغيير مواقف السعودية والإمارات !
وما يزيد من قلق الدول الخليجية هو أن انسحاب القوات الأميركية من “سوريا” قد تم بعد سنوات من مطالبة “إيران” بإنهاء التدخل العسكري الأميركي في الدول التي تتخذها “طهران” جبهات رئيسة لممارسة الضغوط على “إسرائيل”.
وكانت “السعودية” و”الإمارات” قد رحبتا بانتخاب “ترامب” رئيسًا لـ”الولايات المتحدة الأميركية” واستبشرتا به خيرًا بعدما فرض المزيد من الضغوط على “نظام الملالي” في “طهران”.
لكن عندما تراجع “ترامب” عن مهاجمة “إيران”، بعدما أسقطت الطائرة الأميركية، في حزيران/يونيو الماضي، بذلت “السعودية” و”الإمارات” جهودًا لتخفيف حدة التوتر بين “واشنطن” و”طهران”، بل بدأت الدولتان في سحب قواتهما المشاركة في حرب “اليمن”، ضد ميليشيات “الحوثي”، المدعومة من “إيران”.
السعودية ترحب بالحل السياسي في اليمن !
وكان ولي العهد السعودي، “محمد بن سلمان”، قد قال في حديثه لقناة (سي. بي. إس)؛ إن المملكة منفتحة على أية مبادرة تهدف إلى إيجاد حل سياسي للأزمة في “اليمن”.
وهذا يُعدُّ تحولًا كبيرًا في مواقف “بن سلمان”، بالنظر إلى حديثه السابق مع نفس القناة، الذي أجراه العام الماضي، ووصف فيه المرشد الأعلى الإيراني، “علي خامنئي”، بأنه مثل “أدولف هتلر”.
ويمكن بكل وضوح إدراك المواقف البرغماتية لكل من “المملكة السعودية” و”الإمارات العربية” في سياستهما تجاه “سوريا”، فمنذ بداية الحرب الأهلية السورية، في عام 2011، قامت الدولتان بدعم القوى المنهاهضة لنظام “بشار الأسد”.
ولكن يبدو أن “الإمارات” قد مالت مؤخرًا إلى قبول بقاء “الأسد” في السلطة، والدليل أنها أعادت فتح سفارتها في “دمشق”، في كانون أول/ديسمبر الماضي.
السعودية على نهج الإمارات..
وكون “الإمارات المتحدة” قد أبدت استعدادها للإعتراف بنظام “الأسد”، فإن ذلك يُعد مؤشرًا على أن “المملكة العربية السعودية” قد تسير قريبًا في نفس الإتجاه، لأن الدولتين تعتبران النفوذ التركي أكثر خطرًا عليهما من النفوذ الإيراني.
فبالنسبة لحكومة “أبوظبي”، يبدو التأييد التركي للحركات والميليشيات السُنية مُقلقًا للغاية، فيما ينظر المسؤولون السعوديون لـ”تركيا” بعين الشك والريبة، لا سيما بعدما أعلن الرئيس التركي، “إردوغان”، في السابق، أن بلاده هي الوحيدة القادرة على قيادة العالم الإسلامي.
روسيا هي البديل..
وختامًا يؤكد المقال؛ على أن مواقف “ترامب” السلبية تجاء حلفاء “الولايات المتحدة” قد تدفع “السعودية” و”الإمارات” إلى تعزيز تعاونهما مع “روسيا” كبديل عن “الولايات المتحدة”.
وكانت “السعودية” و”الإمارات” قد استقبلتا، الأسبوع الماضي، الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، بحفاوة بالغة، في مؤشر على دفء العلاقات الخليجية مع الدب الروسي.
علمًا بأن الرئيس، “بوتين”، يتدخل عند الضرورة لحماية حلفائه، فقد تدخل عسكريًا في “سوريا” لحماية حليفه “الأسد”؛ والحفاظ على الوجود العسكري الروسي على سواحل البحر المتوسط.