وكالات – كتابات :
نشرت صحيفة (ذا هيل) الأميركية، التي تهتم بشؤون السياسة والتجارة والعلاقات الدولية، مقالًا للكاتبة والمؤلفة؛ “كيمبرلي ويل”، أستاذة في كلية الحقوق بجامعة “بالتيمور”، حول الجدل بشأن “هانتر بايدن”، ابن الرئيس الأميركي، والقضايا المثارة ضده بعد تسريب البيانات التي كانت موجودة على جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به.
وفي مطلع مقالها؛ تُشير الكاتبة إلى أنه في الأوقات الأهدأ كانت القصة حول؛ “هانتر بايدن”، نجل الرئيس الأميركي، وجهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به، وما يُثار حول المحسوبية والفساد المحتمل تُهيمن على التغطيات الإخبارية الممتدة على مدار الساعة. إنه ليس ابن “جو بايدن” فحسب، ولكن “وزارة العدل” الأميركية؛ (DOJ)، و”مكتب التحقيقات الفيدرالي”؛ (FBI)، كانا يُحققان معه في جرائم ضريبية محتملة وقضايا أخرى؛ منذ عام 2018.
وفي أعقاب انتهاك الرئيس السابق؛ “دونالد ترامب”، لسيادة القانون، والذي أسفر عن عدة تحقيقات مدنية وجنائية، لكن دون مساءلة حقيقية ذات بال؛ (مع استثناءات نادرة، مثل مستشار الأمن القومي السابق؛ مايكل فلين، ورئيس الحملة الرئاسية السابق؛ بول مانافورت، اللذين عفا عنهما ترامب)، من الصعب أن نرى فضيحة “هانتر بايدن”، على أنها أمرًا مُشينًا.
وتقول الكاتبة إن الأميركيين فاقدي الحِسْ للغاية تجاه مثل هذه الأمور. ومع ذلك يظل؛ “هانتر بايدن”، يُمثل مشكلة سياسية خطيرة – إن لم تكن جنائية – لعائلة الرئيس الأميركي.
وتزعم الكاتبة على أنه يجب الأخذ في الاعتبار أن هناك فرقًا كبيرًا بين تضارب المصالح المتصوَّر أو الفعلي من ناحية، وبين الجريمة من ناحية أخرى. وفي هذه المرحلة تقول الكاتبة: تندرج العبثيَّات التي لا تُعد ولا تُحصى التي قام بها؛ “هانتر بايدن”، ضمن الفئة الأولى، ولا يختلف ذلك عمَّا قامت به شخصيات عديدة في السياسة الأميركية.
وفيما يلي بعض النقاط الأساسية حول المسؤولية الجنائية المحتملة؛ لـ”هانتر بايدن”، في هذه المرحلة:
01 – دور “هانتر بايدن” في شركة “بوريسما”..
توضح الكاتبة أن “هانتر بايدن” عمل في مجلس إدارة شركة الطاقة الأوكرانية؛ (بوريسما)، من: 2014 إلى 2019، وكان يتقاضى راتبًا يصل إلى: 50 ألف دولار شهريًّا.
وبالفعل خلُصت لجنتان بقيادة جمهوريين في “مجلس الشيوخ”؛ إلى أن هذا العمل في الغالب يُمثل تضاربًا محتملًا في المصالح، إن وُجِد. والأهم من ذلك أن اللجنتين لم تجدا أن المُرشح الرئاسي؛ آنذاك، “جو بايدن”، ارتكب أي خطأ بشأن الضغط على “أوكرانيا” لإقالة المدعي العام؛ “فيكتور شوكين”، عندما كان نائبًا للرئيس “أوباما”.
كما ثَبُت عدم صحة ترجيح الجناح اليميني الراديكالي في الحزب (الجمهوري)؛ بأن هذه الخطوة كانت لحماية ابنه، وليس من أجل التصدي بالطرق القانونية للفساد في الحكومة الأوكرانية. وإذا كان هناك نشاط إجرامي قائمًا بالفعل، لكانت الآلية التي تقف وراء: “الكذبة الكبرى” قد كشفت ذلك الآن، بما في ذلك المحامي الشخصي السابق لـ”ترامب”؛ “رودي غولياني”، الذي أُرسِل إلى “أوروبا” للضغط على الرئيس الأوكراني؛ “فولوديمير زيلينسكي”، من أجل فتح تحقيق حول؛ “هانتر بايدن”؛ مما أثار دعوى عزل “ترامب” الأولى. ومن ثم فإن اتصال (بوريسما) ربما لن يُنتج عنه اتهامات جنائية ضد؛ “هانتر بايدن”، في المستقبل.
02 – “هانتر بايدن” يتعامل مع شركة طاقة صينية..
تستمر الكاتبة في إدعاءاتها لتبييض سمعة نجل الرئيس الأميركي الحالي لأغراض سياسية دولية بحتة؛ قائلة: أن الأمر يبدو مريبًا، ففي عام 2017، أبرم “هانتر بايدن”؛ اتفاقية مع شركة صينية لها صلات بالحكومة الصينية، هي شركة (سي. إي. إف. سي تشاينا إنريغي-CEFC China Energy)، للقيام بأعمال استشارية. وفي نهاية المطاف دفعت شركة (سي. إي. إف. سي): 4.8 مليون دولار لكياناتٍ يُسيطر عليها؛ “هانتر بايدن”، وعمه “جيمس بايدن”؛ (الأخ الأصغر لجو بايدن).
زاعمة: وليس هناك دليل ملموس على أن؛ “جو بايدن”، كان على علم بهذه الاتفاقية أو استفاد منها شخصيًّا، وليس معروفًا أيضًا ما طبيعة العمل الفعلي الذي قام به؛ “هانتر بايدن”، ليتقاضى مثل هذه المبالغ، أو أين توجد هذه الأموال الآن.
وبالطبع تُركز الكاتبة في مقالها؛ كما إدارة “بايدن”، على ما تزعمه من فساد الشركة “الصينية” ومحاولاتها إغواء ابن الرئيس الأميركي: ونظريًّا يمكن أن تُركِّز “وزارة العدل” جهودها على الجرائم الضريبية المحتملة؛ (فشلت الوزارة في حساب الدخل المرتبط بشركة “سي. إي. إف. سي” الصينية، على سبيل المثال)، والضغط الأجنبي غير القانوني، وغسيل الأموال، بل الرشوة.
وقبل عامين من توقيع الصفقة، أرسل ممثل شركة (سي. إي. إف. سي) إلى؛ “هانتر بايدن”، قطعة من الماس عيار: 2.8 قيراط، يقول “بايدن” إنه رفضها. وعلى الرغم من أن “هانتر بايدن”؛ محامٍ عينته شركة (سي. إي. إف. سي) مستشارًا فنيًّا لديها، إلا أنه عندما أُلقِي القبض على مسؤول (سي. إي. إف. سي) لاحقًا انتدبت الشركة شخصًا آخر للدفاع عنه.
وهناك أيضًا أشياء أخرى على الكمبيوتر المحمول؛ السييء السمعة، الخاص بـ”هانتر بايدن”، على الرغم من أن معظم البيانات تالفة ولا يمكن الإقرار بصحِّتها وموثوقيتها (بحسب مزاعم الكاتبة). ومن المنطقي أن “وزارة العدل” ستتعقب هذه الأشياء الغريبة وغيرها للتأكد مما إذا كانت ترقى إلى أي شيء ينتهك القوانين الجنائية.
03 – ليس من السهل إثبات وجود نية جنائية..
تدعي الكاتبة أنه لإثبات أي مسؤولية جنائية، يجب على المدَّعين إثبات أن؛ “هانتر بايدن”، كان لديه معرفة أو نية جنائية، وهو أمر يصعب إثباته، خاصة بالنظر إلى سوابق هانتر بايدن مع المخدرات وغيرها من المشكلات الشخصية.
إن انتهاك “قانون تسجيل الوكلاء الأجانب”؛ (FARA)، يجب أن يكون “متعمدًا”، وليس بسبب الحماقة أو الخطأ. وبالمثل، لكي ترقى أفعاله إلى مستوى جرائم الضرائب الفيدرالية، يجب على الحكومة إثبات التهرُّب المتعمد من مدفوعات الضرائب. ووفقًا لـ”دائرة الإيرادات الداخلية”؛ (IRS)، في الحكومة الفيدرالية لـ”الولايات المتحدة”، إن: “مجرد التقصير المتعمد” لا يكفي، وقد دفع “هانتر بايدن”، كثيرًا من إلتزاماته الضريبية بالفعل.
ووفقًا لموقع الويب الخاص بـ”وزارة العدل” الأميركية؛ لا يقع غسيل الأموال، إلا إذا أجرى شخصٌ ما معاملة مالية: “وهو يعلم أن الممتلكات المتضمنة في تلك المعاملة تُمثل عائداتٍ لبعض الأنشطة غير القانونية”، ويقصد هذا الشخص الانخراط في نشاطٍ غير قانوني، أو ارتكاب احتيال ضريبي، من بين عوامل أخرى. وتتطلب الرشوة تورُّط شخص في منصب يتحمَّل بموجبه واجبات ائتمانية؛ (مؤتمن عليها)، مثل موظف عام، تسلَّم “هانتر بايدن”؛ قطعة الماس، وهو غير مسؤول عن أي واجبات من هذا القبيل، وبهذا لا يمكن إثبات الرشوة ضده.
والسجلات الحكومية لا تكشف؛ حتى الآن، عن أدلة كافية لإثبات وقوع أي جريمة بما لا يدع مجالًا للشك؛ (على الرغم من أن هيئات المحلِّفين الكبرى تعمل سرًّا لكي يصير من المستحيل معرفة ذلك). وعلى أية حال فإن تاريخ “هانتر بايدن”؛ في الإدمان على المخدرات، والوفاة المبكرة لأخيه؛ “بو بايدن”، في عام 2015، فضلًا عن قضية طلاقه الشائكة ومشكلات الديون إبَّان إرتباطاته بشركة (سي. إي. إف. سي)، يمكن أن تقوِّض قضية الحكومة فيما يتعلق بالنوايا الإجرامية اللازم توافرها.
04 – عدالة ناجزة..
تُلفت الكاتبة إلى أن حقيقة متابعة “وزارة العدل” الأميركية؛ لهذه القضية، في ظل إدارتين رئاسيتين وحزبين سياسيين متنافسين تُبين أن نظام العدالة الأميركي يمكن أن ينجح في تحقيق العدالة، وهذا خبر ممتاز لمن يهتم منا باستمرارية الديمقراطية وسيادة القانون.
ومن اللافت للنظر بلا ريب؛ أن هذا التحقيق استمر دون وقوع حادث سياسي في عهد المدَّعي العام لـ”ترامب”؛ “بيل بار”، الذي انشقَّ عن “ترامب” بعد رفضه تسمية مدَّعٍ خاص أو تسييس التحقيق بطريقة أخرى خلال الانتخابات الرئاسية لعام 2020. ومن اللافت للنظر أيضًا أن “جو بايدن”؛ لم يخْتَر المدَّعي العام الذي كان يعلم أنه يمكن أن يُنهي التحقيق الجنائي مع ابنه أيضًا، وأنه لم يتَّخذ أي خطواتٍ ملموسة لمنح؛ “هانتر بايدن”، معاملة خاصة منذ أن أصبح رئيسًا.
وبالنظر إلى الطبيعة البغيضة للسياسات الوطنية وكثرة المعلومات المضلِّلة هذه الأيام، تقول الكاتبة إن حقيقة أن التحقيق يجري مع؛ “هانتر بايدن” – على حد تعبير “بار” – “يجري التعامل معه بمسؤولية”، حتى يومنا هذا تُعد إشارة إيجابية على نحو مثير للدهشة بوجود حكم قانون فعَّال في “الولايات المتحدة”.
05 – انتخابات التجديد النصفي التي تلوح في الأفق ستضخم من القضية..
تقول الكاتبة إن قصة “هانتر بايدن”؛ غامضة كفاية لدرجة أنه إذا نجح الجناح اليميني الراديكالي للحزب (الجمهوري)، في تحقيق الأغلبية في “مجلس النواب”؛ في تشرين ثان/نوفمبر، فإنه بلا شك سيُحوِّل تلك القضية إلى حمَّام دمٍ سياسي على مدار الساعة وطوال أيام الأسبوع للديمقراطيين.
وعلى الرغم من عدم وجود دليل علني واضح على ارتكاب؛ “هانتر بايدن”، أية جريمة حتى الآن – وتفوح رائحة النفاق من تلاعب الجمهوريين بالعقول بشأن الفساد المستمر خلال سنوات “ترامب” – تحتوي سردية “هانتر بايدن”؛ على تفاصيل ضارة عديدة من شأنها أن تجعل رسائل البريد الإلكتروني؛ لـ”هيلاري كلينتون” تبدو طريفة، بحسب الكاتب.
وبالفعل قال النائب؛ “جيمس كومر”، (جمهوري من ولاية كنتاكي)، الذي يبدو أنه في طريقه إلى الوصول لرئاسة لجنة الرقابة في “مجلس النواب”، إذا سيطر الجمهوريون على المجلس، إن الأمر: “سيدور برُمَّته حول هانتر بايدن”، واصفًا القضية بأنها تُمثل: “تهديدًا للأمن القومي”. ومن الصعب أن نتخيل كيف سينجو الديمقراطيون من هجمات الانقضاض السياسي ضدهم، بغض النظر عن الحقيقة المطلقة، والنواب الجمهوريون يعرفون كيف يقومون بذلك بلا شك.
وهناك أمر واحد مؤكد: يحتقر الناخبون الأميركيون ظاهريًّا الفساد في السياسة، على الرغم من أن أولئك الموجودين على طرفي الصراع أكثر استعدادًا للتغاضي عنه عندما يقع من جانب أناسٍ ينتمون إلى حزبهم السياسي.
والأمر الذي يجب أن يُلفت نظر الناخبين من قصة “هانتر بايدن” – مثلما فعلت فضائح “ترامب” – هو أن الوقت قد حان لانتخاب أشخاص يتمتعون بالنزاهة، ويُحافظون أيضًا على ما يُثبِت نزاهتهم. وهذا يعني أن التصويت في الانتخابات لا يجب أن يكون على أساس الانتماء الحزبي، ولكن على أساس الحقائق والقيم. وللأسف قد فات أوان ذلك، بحسب ما تختم الكاتبة.