وكالات – كتابات :
أحصى موقع (بلومبيرغ) الأميركي عددًا من الأهداف التي يتحتم على “الولايات المتحدة” تحقيقها من خلال الإلتزام بإطالة الوجود العسكري الأميركي، في “العراق”، لما في ذلك من مصلحة عراقية داخلية، وإقليمية، ومصلحة أميركية بشكل خاص حماية لمصالحها الوطنية.
حرب أبدية أخرى..
وبعدما أشار (بلومبيرغ)، في تقرير له؛ إلى أن إدارة “جو بايدن”، استخدمت، في الفترة الماضية، مصطلحات مثل: “الحروب الأبدية” و”المصلحة الوطنية”، في الدفاع عن قرار “بايدن”؛ الخروج النهائي من “أفغانستان”، وفق نظرية أن تحقيق هذه المصلحة يتطلب إنهاء الحروب الأبدية، قال (بلومبيرغ) أن الوجود في “العراق”، المستمر منذ 18 سنة، يبدو كأنه: “حرب أبدية” أخرى.
لكن الموقع الأميركي؛ اعتبر أن إطالة الوجود العسكري الأميركي: “شرط ضروري لعدد من الأهداف الأميركية المتداخلة، بما في ذلك الحفاظ على السلام الهش للبلاد، وحماية حلفاء الشرق الأوسط، ومنع عودة ظهور (داعش)؛ والنفوذ الخبيث لإيران”. وأضاف إنها: “كلها تصب في المصلحة الوطنية الأميركية”.
وتساءل الموقع؛ عما إذا كان “بايدن” يرى هذه الحقائق؛ مذكرًا بأن لديه تاريخ من الأفكار التصوفية والمتهورة حول الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أنه عندما كان عضوًا في “مجلس الشيوخ”، تبنى اقتراحًا بتقسيم “العراق” على أسس عرقية وطائفية من دون أن يفكر كثيرًا فيما إذا كان العراقيون يريدون التقسيم بهذه الطريقة.
مسألة مختلفة عن أفغانستان..
وأشار (بلومبيرغ) إلى أنه؛ يبدو أن “بايدن” مقتنع بأن “العراق” مسألة مختلفة عن “أفغانستان”، ولهذا فإنه بدلاً من سحب جميع القوات الأميركية، قرر أن مهمتهم ستتحول من محاربة الأعداء إلى مساعدة العراقيين على القيام بالمهمة.
وبعدما أكد التقرير الأميركي؛ على مهارة فكرة هذا التحول، أوضح إنها تسمح لكل من “بايدن”؛ ورئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، بإرضاء القواعد الانتخابية المحلية التي تدعو إلى خروج أميركي كامل، إذ أن بإمكان الرئيس الأميركي أن يتظاهر بأنه حتى لو أنه لم يسحب الجنود الأميركيين: “إلى الوطن”، إلا أنه أخرجهم من خط الجبهة.
وتابع بأن؛ بإمكان “الكاظمي”، من جهته، في هذه المرحلة التي تسبق الانتخابات العراقية، أن يُرضي الميليشيات والأحزاب السياسية المدعومة من “إيران”، التي تدعو إلى رحيل الأميركيين.
لماذا يجب أن تبقى القوات الأميركية في العراق ؟
وتابع التقرير في استعراض أسباب تحتم بقاء القوات الأميركية قائلاً؛ إن استمرار الوجود العسكري الأميركي سيؤدي إلى تحسين كفاءة الأجهزة الأمنية العراقية، وتعزيز الروح المعنوية للجنود الذين مثلهم مثل نظرائهم الأفغان، تحملوا على مدى سنوات؛ الكثير من العبء وتكبدوا كلفة بشرية كبيرة خلال محاربتهم الجماعات الإرهابية.
وأوضح التقرير أن “بايدن” لا يستطيع اتهام العراقيين، كما فعل بشكل مخجل مع الأفغان، بأنهم غير راغبين في: “المحاربة من أجل أنفسهم”.
واعتبر (بلومبيرغ) أن “بايدن” لا يمكنه الجدال بأن خطرًا وشيكًا يتهدد القوات الأميركية في “العراق”، موضحًا أنه: “لا توجد قوة شبيهة بـ (طالبان) على وشك الاستيلاء على بغداد”، مذكرًا بأن القوات العراقية كانت، وبدعم من “الولايات المتحدة”، هي التي استعادت الأراضي التي خسرتها لصالح (داعش)، وهي التي لا تزال تمنع الإرهابيين من العودة.
وبرغم ميزة القوات العراقية هذه، إلا أن التقرير أكد ان التدخل الأميركي يُعتبر أمرًا حيويًا في حماية الجيش العراقي من التهديدات الأخرى، كاحتمال اختراقها من جانب الميليشيات المدعومة من “طهران”.
وأضاف أن الوجود الأميركي من شأنه أن يمنع حدوث صراع طائفي وعرقي داخل القوات المسلحة – بين الكُرد والعرب على سبيل المثال – والخروج عن السيطرة.
التأثير الإقليمي..
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الوجود العسكري الأميركي في “العراق” يُعتبر أمرًا حيويًا بالنسبة إلى المصالح الأميركية في الجوار الإقليمي الأوسع، موضحًا أنه يتم إمداد الحلفاء من الكُرد السوريين، عبر مناطق شمال “العراق”، مشيرًا إلى أن الكُرد على جانبي الحدود، راهنوا على الأميركيين، لكن ثقتهم أهتزت بسبب الانسحاب في “أفغانستان”.
وأشار التقرير إلى وجود لاعبين آخرين في المنطقة؛ لديهم أسباب للاحتفال بما جرى في “كابول”، ويأملون أن يتكرر هذا قريبًا في: “أربيل والسليمانية وبغداد”.
وعلى سبيل المثال، أوضح أن (حزب الله) اللبناني؛ سيرحب بإخراج القوات الأميركية من “العراق”، لأن ذلك سيتيح له زيادة إمداداته من الأسلحة من “إيران”، للسيطرة على “لبنان” ودعم الرئيس السوري، “بشار الأسد”، وتهديد “إسرائيل”.
وأشار أيضًا إلى أن انسحاب “بايدن” من “أفغانستان”: “جعل إسرائيل تنظر بقلق”، لأن الانسحاب من “العراق” سيترك أهم حليف لـ”أميركا” في الشرق الأوسط، تحت عرضة لخطر أكبر من الكراهية من جانب “إيران”.
وتابع التقرير أن حلفاء آخرين في المنطقة، مثل: “السعودية والإمارات”، أصبحوا أكثر حذرًا في رهاناتهم مؤخرًا، وهو ما تمثل في محادثاتهم مع “إيران”، حيث برز “العراق”، كوسيط رئيس. وأشار إلى أن مؤهلات “الكاظمي”، على لعب دور الوسيط النزيه، تعتمد على كونه على مسافة متساوية من “إيران” والدول العربية، لكن إذا أخرجت “الولايات المتحدة” من المشهد، فالاحتمال الكبير هو أن يصبح “الكاظمي”: “دمية في يد طهران”.
ولفت التقرير إلى أنه بدلاً من أن يكون “العراق” ساحة يمكن للإيرانيين وعرب الخليج أن يجروا محادثات فيه، فإنه سيتحول سريعًا إلى منطقة صراع، مع تأثيرات ذلك المزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء المنطقة.
وختم تقرير (بلومبيرغ) بالقول؛ إنه حتى “البيت الأبيض”، الحريص على “التمحور” بعيدًا عن الشرق الأوسط، يتحتم عليه أن يرى أن هذا من شأنه أن يتعارض بشكل مباشر مع المصلحة الوطنية لـ”الولايات المتحدة”.
وأعرب عن الأمل: “ألا يستسلم، بايدن، لميوله المتهورة، ويبقى على المسار الصحيح في العراق”.