25 أبريل، 2024 4:20 ص
Search
Close this search box.

حتى لا تتكرر كارثة أفغانستان في “بغداد” .. كيف يعالج الـ”ناتو” الفجوة بين ما يريده الغرب وما يحتاجه العراق ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

دعا موقع (وور أون ذا روكس) الأميركي، المتخصص في الشؤون العسكرية، في ضوء التجربة الأفغانية، إلى قيام تنسيق أفضل لسياسات “حلف شمال الأطلسي”، الـ (ناتو)، مع الحكومة العراقية، وفهم أكبر من جانب الحلف لمنطق المؤسسة الأمنية العراقية.

وكتب التقرير الأكاديمي والخبير العسكري، “بيتر داهل ثرولسين”، الذي يدرس في الكلية الملكية العسكرية الدنماركية، وخدم لصالح حلف الـ (ناتو)، في: “العراق وأفغانستان والبوسنة وكرواتيا”. وجاء التقرير تحت عنوان: “خطأ في بلاد ما بين النهرين: الطموحات المتضاربة في مهمة الـ (ناتو) في العراق”.

أخطاء أفغانستان تلاحق الوضع العراقي..

وأشار التقرير؛ إلى أن الإنهيار السريع للحكومة الأفغانية تسبب بنقاش حاد وواسع داخل حلف الـ (ناتو)؛ حول الخطأ الذي حدث، مضيفًا أنه أصبح من الواضح بشكل مؤلم الآن؛ أنه كان هناك عدم تطابق طويل الأمد بين أهداف مهمة الـ (ناتو) والواقع الذي يواجه الحكومة الأفغانية، ولا سيما قواتها الأمنية.

ولفت التقرير إلى أنه كانت هناك أدلة، خلال العامين الماضيين؛ على عدم تطابق مماثل في مهمة الـ (ناتو) في “العراق”، وإلى أن الخبير، “بيتر ثرولسين”، قاد عددًا من مستشاري الـ (ناتو)، رفيعي المستوى؛ العاملين في “وزارة الدفاع” العراقية، حيث أتيحت له الفرصة للتدقيق وملاحظة بعض التناقضات والتعقيدات وجوانب القصور في النهج العراقي لـ (الناتو).

وتابع التقرير؛ أن الـ (ناتو): “يقوم بعمل مهم في العراق، والحكومة العراقية تُشعر بالإمتنان لوجوده، ولكن لتحقيق النجاح، يتحتم على قيادة الـ (ناتو) أن تجعل مصالحها تتماشى مع مصالح العراقيين، الذي يتواجد الحلف من أجل مساعدتهم”.

ودعا أولاً إلى: “تنسيق أفضل لسياسات الـ (ناتو)؛ وتواصله مع الحكومة العراقية، وثانيًا؛ إلى فهم منطق المؤسسة الأمنية العراقية؛ بدلاً من مجرد محاولة إعادة إنشائها على صورة جيش الـ (ناتو)”.

مهمة منزوعة الصلاحيات في العراق !

واعتبر التقرير؛ أن تحسين مهارات الجيش العراقي ومستوى النجاح بذلك؛ ليس مهمة سهلة بالنظر إلى أن “العراق” مر بما يقرب من 20 عامًا من الصراع. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مهمة الـ (ناتو)، في “العراق”، هي مهمة استشارية بدعوة من الحكومة العراقية، وبالتالي فإنها مهمة غير قتالية؛ ولها تأثير محدود للغاية على الحكومة العراقية.

ولهذا، يعتبر التقرير أن لا وجود: “لجزرة ولا عصا حقيقية، إذا لم يتفق العراقيون على أولوية”.

وذكر التقرير بأن مشاركة الـ (ناتو) الحالية، في “العراق”، بدأت في عام 2015، من خلال برامج لتقديم المشورة والمساعدة والتدريب لقطاع الدفاع العراقي، كما تم إنشاء صندوق مالي لدعم مختلف جوانب بناء القدرات.

وتابع؛ أنه في العام 2018، تم إنشاء مهمة رسمية: مهمة الـ (ناتو)، في “العراق”، وشملت مدربين عسكريين يقدمون تدريبات على المستوى التكتيكي في مراكز عراقية مختلفة وخبراء مدنيين وعسكريين يقدمون المشورة على المستوى الإستراتيجي في “وزارة الدفاع” العراقية.

وبينما قادت “كندا” مهمة الـ (ناتو)، من 2018؛ حتى تشرين ثان/نوفمبر 2020، فإنه عندما تولت “الدنمارك” إدارة بعثة الحلف، في تشرين ثان/نوفمبر 2020، كانت في حالة متهالكة بدرجة ما، وذلك بسبب الوضع الأمني ووباء (كورونا)، وتم إيقاف جميع أنشطة البعثة تقريبًا، بين كانون ثان/يناير وآب/أغسطس 2020.

اما خلال أواخر الصيف والخريف، فقد عمل طاقم البعثة والقيادة الكندية من أجل تجهيزها، قدر الإمكان؛ قبل أن تتولى “الدنمارك” القيادة، وفي 31 تشرين أول/أكتوبر، أعلنت البعثة عن: “القدرة التشغيلية الكاملة”.

عدم تطابق يتزايد..

وذكر التقرير؛ أنه سرعان ما أتضح أن المهمة لم تكن جاهزة تمامًا، وأن الأهم من ذلك، أن الخطة الاستشارية على المستوى التكتيكي، والتي تمت صياغتها من أجل توجيه أنشطة البعثة على الأرض في “بغداد”، لم يكن لديها الموارد اللازمة أو دعم “وزارة الدفاع” العراقية بشكل حاسم.

وتابع أنه: “لم تكن الحقائق على الأرض متطابقة مع الاتصالات الإستراتيجية، لحلف شمال الأطلسي، والطموحات في المقرات الرئيسة”.

ولفت إلى أن هذا الإختلال تعزز، في شباط/فبراير 2021، عندما أعلن الأمين العام لحلف الـ (ناتو)، “ينس ستولتنبرغ”، زيادة مهمة الـ (ناتو): من 500 إلى: 4000 فرد، وأن الـ (ناتو) سيوسع أنشطته الاستشارية لتشمل مؤسسات عراقية إضافية؛ مثل “وزارة الداخلية” و”وزارة البيشمركة” و”جهاز مكافحة الإرهاب”.

وبعدما أشار إلى أن الهدف من إعلان “ستولتنبرغ”؛ كان إظهار أن الـ (ناتو) ملتزم بقوة بمكافحة الإرهاب، وأنه فاعل على ساحة الأمن الدولي، إلا أنه في “بغداد”، فوجيء كثيرون ممن يعملون في مهمة الـ (ناتو)، مضيفًا أنه كان من الواضح أن رسائل الـ (ناتو) لم يتم تنسيقها مع أصحاب المصلحة الفعليين في “العراق”.

كما أشار التقرير الأمني؛ إلى أن الخبير، “بيتر ثرولسين”، كان يعمل في ذلك الوقت كمدير للقسم الاستشاري الوزاري؛ ورئيسًا لجميع مستشاري الـ (ناتو) العاملين في “وزارة الدفاع” العراقية، وأنه رأى بنفسه الإحباط الذي سببه ذلك.

وتابع أن: “لعبة الأرقام” بأكملها كانت تُمثل نقطة حساسة للغاية بالنسبة للحكومة العراقية، وأنه من وجهة نظر عراقية، فقد فاجأتهم الزيادة البالغة: 3500 شخص، وأنهم في حين علموا من خلال الحوار المكثف بين مهمة الـ (ناتو) والحكومة العراقية؛ أن المهمة كانت على وشك التوسع، إلا أنهم مع ذلك، لم يعرفوا شيئًا عن الرقم، موضحًا أن الوضع السياسي في البلاد كان شديد الهشاشة، ولم يكن أحد يرغب في أن يظهر علانية مرتبطًا بمأزق للسماح لمثل هذا العدد الكبير من القوات الأجنبية بدخول البلاد.

فجوة بين ما يريده الغرب وما يحتاجه العراقيون..

وذكر التقرير؛ أنه عندما تم الإعلان عن توسيع المهمة، كانت مقرات الـ (ناتو)، في “مونس”، في “بلجيكا”، و”نابولي”، في “إيطاليا”، تُعد خطط عمليات منقحة، مضيفًا أنه بعد عامين من بدء المهمة، كان الحلف بحاجة ماسة إلى خطة استشارية جديدة على المستوى التكتيكي، لأن الخطة الحالية لم تكن مدعومة بالكامل من قبل “وزارة الدفاع” العراقية.

وعلى سبيل المثال؛ أشار التقرير إلى أن خطط الـ (ناتو) كانت تدعو إلى أن يُدمج العراقيون جهازي استخباراتهم العسكريين في جهاز واحد، وأن يدمجوا قياداتهم العسكرية الخمس في ثلاثة، لكن بعد قرابة شهر من التباحث مع العراقيين، في أواخر العام 2020، تبين أن “وزارة الدفاع” العراقية لا تريد تنفيذ هذه الاقتراحات، وبالتالي فإن خطة الحلف كانت تفتقر إلى فهم منطق المؤسسة الأمنية العراقية، وبدت وكأنها تُعبر عن رغبات الغرب؛ وليس عما يريده العراقيون فعليًا أو هم بحاجة إليه.

كما أشار إلى أنه كان من المفترض أن يخضع طيران الجيش للقوات البرية؛ وأن يخضع الدفاع الجوي لسلاح الجو، لكن ذلك كان يتعارض مع الطموحات العراقية.

باختصار، اعتبر التقرير أن العناصر المهمة في الخطط التي طرحت، كانت تعكس طريقة حلف الـ (ناتو) في القيام بالأمور، وليس طريقة العراقيين. وأضاف أن هذه الأمثلة تعكس مدى صعوبة تطوير وتنفيذ خطة في بيئة أمنية معقدة ومتوترة سياسيًا، مشيرًا إلى أن منطق علاقات القوة العراقية ونظامها، كان متعدد الأجندات العلنية والسرية.

ولفت التقرير إلى أنه عندما تكون المهمة: “مدفوعة بالطلب”، فقد يكون من الصعب إنْ لم يكن من المستحيل، خلق الملكية والمشاركة بشأن المشورة غير المطلوبة، موضحًا أن مقر الـ (ناتو)، في “نابولي”، كان في أحيان كثيرة مقتنعًا بأننا ببساطة بحاجة إلى أن نكون أكثر قوة، مشيرًا إلى أن جنرالاً في الـ (ناتو)؛ تساءل: “هل صفعت يدك على الطاولة ؟”، متناسيًا على ما يبدو أن الـ (ناتو) لا يتواجد في “العراق” كقوة احتلال.

تطوير مهمة الـ”ناتو” في العراق..

ودعا التقرير إلى إعادة التفكير في نهج الـ (ناتو) من أجل إنجاح الحلف مهمته، وبالتالي تعزيز أمن “العراق” والحلف أيضًا.

وقال التقرير: “يحتاج صناع القرار في الـ (ناتو)؛ أولاً إلى مواءمة طموحاتهم مع طموحات صناع القرار العراقيين”.

وأشار إلى أنه: “إذا كان الـ (ناتو) موجودًا لدعم الحرب ضد الإرهاب في مهمة مدفوعة بالطلب، فيجب على الـ (ناتو) أن يستمع فعليًا إلى العراقيين ويعكس رسائلهم، وأن محاولة التحدث في وقت واحد إلى جمهور غربي يُركز على بقاء الـ (ناتو)، وآخر عراقي قلق بشأن وجود القوات الأجنبية في البلاد، سوف يُعيق آفاق المهمة”.

وثانيًا، اعتبر التقرير؛ أنه: “يجب على مخططي الـ (ناتو) تقليل معاييرهم لتحقيق النجاح”، مشيرًا إلى أن مهمة الحلف في “العراق”، تخضع لمطالب غير واقعية من جانب مقر الـ (ناتو).

وختم التقرير بالإشارة إلى أنه رغم التناقضات والتعقيدات وجوانب القصور في نهج الـ (ناتو)، إلا أن البعثة حققت تقدمًا حقيقيًا، منذ تشرين أول/أكتوبر 2020، على صعيد تطوير خطة استشارية جديدة بالتعاون الوثيق مع العراقيين. وتابع أن المستشارين أيضًا أقاموا علاقات قوية مع محاوريهم الرئيسيين وأنخرطوا مع العراقيين على جميع المستويات داخل “وزارة الدفاع”.

وتابع؛ أنه، بحلول شباط/فبراير 2021، كان للبعثة مفهوم استشاري جديد أشاد به العراقيون؛ وخطة استشارية جديدة وافق عليها العراقيون، وهو ما شكل المرة الأولى التي يشهد فيها العراقيون بأنفسهم المهمة تكمل خطة مفصلة للعمل كما يريدونه، كما أتيحت لهم الفرصة لتقديم ملاحظات، وجرى التخلي عن أحلام الـ (ناتو) في دمج جهازي الاستخبارات العسكريين في جهاز واحد، وقيادتهم العسكرية الخمس في ثلاثة.

وبناءً على ذلك، أصبح بالإمكان زيادة التركيز على التطوير المؤسسي، وهو ما كانت “وزارة الدفاع” العراقية تتوقعها، على صعيد برامج التخطيط العسكري، وتوجيه الموارد البشرية وتطوير العقيدة.

وختم التقرير بالقول؛ إن: “هذا التقدم يوضح ما يمكن للصبر والفهم والتوافق الأكبر، أن يحققه، وهو ما يجب أن يكون نموذجًا للنجاح، في العراق للبعثات الأخرى القادمة للحلف أيضًا”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب