خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
يرى كثير من المحللين أنه حتى بعد رضوخ رئيس حكومة بغداد، “عادل عبدالمهدي”، لمطالب المتظاهرين وتقديم استقالته، إلا أن الأزمة السياسية في “العراق” لم تنته بعد، فقد تعهد المتظاهرون باستمرار الحراك في الشوارع، إلى أن يتحقق التغيير الكامل في السلطة.
ومن جانبها تلتزم “طهران” الصمت، لكنها بالتأكيد تدرس خطواتها التالية، إذ أن المرشد الأعلى الإيراني، “علي خامنئي”، لن يتخلى بسهولة عن “العراق”، الذي لا يمكنه، حتى الآن، التوقف عن إعتماده على جارته الشرقية، “إيران”. بحسب الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي، “جي ألستر”.
الاستقالة بعد خُطبة “السيستاني” !
يرى الكاتب الإسرائيلي؛ أنه بعد شهرين من الاشتباكات الدموية والمشاهد القاسية – التي لم تعهدها البلاد منذ الغزو الأميركي عام 2003 – استقال رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، وفقًا لمطلب المتظاهرين.
وقُتل في التظاهرات ما لا يقل عن 450 شخصًا، معظمهم من المتظاهرين العُزَّل، الذين تعرضوا لإطلاق نار حي وقنابل مسيلة للدموع من قِبل قوات الأمن، التي لا يُعرف من فيها موالٍ لـ”بغداد” ومن موالٍ لـ”طهران”.
فيما أوضح “ألستر”؛ أن رئيس الوزراء، “عبدالمهدي”، لم يوافق على تقديم استقالته إلا بعد خطبة المرجع الشيعي الأعلى، “علي السيستاني”؛ مشيرًا إلى أن “عبدالمهدي”، تم تعيينه، قبل قرابة عام؛ كمرشح توافقي من قِبَل كتلة (فتح)، الموالية لـ”إيران”، وكتلة (سائرون)؛ التي يتزعمها رجل الدين الشيعي، “مقتدى الصدر”.
تشكيل حكومة جديدة سيستغرق شهورًا..
إن رجل الدين الشيعي الطاعن في السن، “علي السيستاني” – الذي عادة لا يتدخل في الأمور السياسية إلا وقت الأزمات – قد أعرب عن دعمه للمتظاهرين، خلال الأسابيع الأخيرة، وأبدى رفضه للتدخل الأجنبي، لكنه في يوم الجمعة الماضية؛ طلب سحب الثقة من الحكومة، وقال إنها لم تستجب لمطالب المتظاهرين الذين نادوا بالإصلاحات الجذرية وبمحاربة الفساد الذي يسرق مستقبلهم.
وبعد سويعات من خطبة الجمعة، صدر إعلان الاستقالة من مكتب “عبدالمهدي”. ومع ذلك، فمن الواضح أن الأزمة في “العراق” لم تنتهي بعد. إذ بقي المحتجون في الشوارع ووعدوا بعدم الانسحاب حتى يتم التغيير الكامل في السلطة، ولقد قُتل العشرات منهم بالرصاص في ذلك اليوم أيضًا، وحتى رغم سحب ثقة البرلمان من حكومة “عبدالمهدي”؛ إلا أنها ستظل قائمة بتصريف الأعمال، حتى يتم تشكيل حكومة جديدة، وقد يستغرك الأمر عدة أشهر. ومن جانبها، تطالب الحركة الاحتجاجية بإجراء انتخابات جديدة بطريقة مختلفة وتحت إشراف مستقل.
القيادة الدينية في العراق ليست كمثيلتها في إيران !
في ظاهر الأمر، تمثل استقالة الحكومة العراقية ضربة لـ”إيران”، التي بذلت الكثير من الجهود كي يظل، “عبدالمهدي”، في منصبه.
إذ أقنع قائد (فيلق القدس)، “قاسم سليماني”، السياسيين العراقيين بمواصلة دعمهم لرئيس الوزراء، وأطلق الميليشيات الشيعية الرصاص الحي على المتظاهرين من أجل سحق الانتفاضة الشعبية. ومع ذلك، فإن الوسيلة التي أثبتت نجاحها في “إيران” لم تنجح في “العراق”، الذي لا يزال يكافح في عصر ما بعد “صدام”، والذي لا يحكمه نظام مستقر ولا إيديولوجية مشابهة لتلك التي يتبناها “نظام الملالي” في “إيران”.
ففي حين أن رجال الدين الشيعة، في “إيران”، هم أساس الحُكم وجزء أصيل من النخبة الحاكمة، فإن القيادة الدينية الشيعية، في “العراق”، قد نأت بنفسها عن النشاط السياسي اليومي وعارضت المؤسسة الحاكمة الحالية.
تغلغل النفوذ الإيراني..
يضيف “ألستر”؛ أن “طهران” تلتزم الصمت، منذ التطورات الأخيرة في “بغداد”، لكنها بالتأكيد تُعيد ترتيب أوراقها وتدرس خطواتها القادمة.
وعلى الرغم من سقوط الحكومة الموالية لـ”إيران”، فإن النفوذ الإيراني الكبير في “العراق” لن يزول في يوم وليلة.
فبالإضافة إلى الميليشيات الشيعية العراقية الموالية لـ”إيران”، هناك أيضًا العديد من السياسيين العراقيين موالون لـ”طهران”، ولقد أظهرت “الوثائق الإيرانية”، التي تم تسريبها مؤخرًا، مدى تغلغل النفوذ الإيراني وسيطرته على مفاصل القوة العراقية، منذ الغزو الأميركي عام 2003، سواء من خلال الإيديولوجية أو المال أو السلطة.