25 ديسمبر، 2024 8:47 م

حالة “سقوط حٌر” .. يعيشها النظام الإيراني بفعل الاحتجاجات !

حالة “سقوط حٌر” .. يعيشها النظام الإيراني بفعل الاحتجاجات !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

“الموت للديكتاتور”.. الهتاف الرئيس للمحتجين الإيرانيين في الاحتجاجات، التي عادت مرة أخرى لتضرب إيران، حيث عاود المواطنون التظاهر فى عدد من المحافظات، ويقصد بـ”الديكتاتور” هنا المرشد الأعلى الإيراني، آية الله “علي خامنئي”، وكانت موجة ثورية أولى بدأت في إيران منذ أواخر كانون أول/ديسمبر العام الماضي، واستمرت حتى أوائل العام الحالي، لكنها شهدت هدوءاً نسبياً قبل أن تعود للتفاقم الخميس الماضي 1 شباط/فبراير 2018؛ بسبب غلاء الأسعار.

تحذير من ملاقاة نفس مصير “الشاه”..

الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، كان قد حذر المرشد الأعلى للنظام الإيراني “علي خامنئي” – ضمنياً – من ملاقاة مصير “الشاه” بسبب “عدم سماع صوت الشعب”، مدافعاً في الوقت نفسه عن حقبة “الخميني”، المرشد الأول للنظام (1979 – 1989).

ووفقاً لموقع الرئاسة الإيرانية، فإن “روحاني” قال في كلمة له، الأربعاء الماضي، خلال إحتفال بمناسبة الذكرى السنوية لإنتصار الثورة الإيرانية، إنه “لا يمكن لأحد أن يمنع الناس من التعبير عن الآراء والإنتقادات وحتى الاحتجاج”.

مضيفاً أن سبب إنهيار النظام الملكي في إيران هو “عدم سماع صوت نقد الشعب”.

وتأتي تصريحات “روحاني” تعليقاً على موقف “خامنئي”، الذي ربط الاحتجاجات بالخارج و”مؤامرات الأعداء”، حسب وصفه.

ليس لديهم حق المعارضة..

كان “خامنئي” قد إنتقد، في تصريحات سابقة، كلاً من الرئيس الإيراني الحالي، “حسن روحاني”، والرئيس السابق، “محمود أحمدي نجاد”، قائلاً: إن “أولئك الذين بيدهم إدارة البلاد وشؤونها التنفيذية اليوم أو أمس، ليس لديهم الحق في تولي دور المعارضة والمنافسين، بل يجب أن يتحملوا المسؤولية”.

محاولة لركوب موجة الاحتجاجات..

في وقت سابق؛ حمّل “روحاني” التيار المتشدد، الذي وصفه بأنه “يريد فرض رؤيته على جيل الشباب”، مسؤولية إندلاع المظاهرات الاحتجاجية الأخيرة، في تصريحات فسرت على أنها تأتي في إطار محاولته ركوب موجة الاحتجاجات بهدف تعزيز مكانته لدى المرشد لتمكنه من تنفيذ بعض وعوده الانتخابية.

وقال “روحاني”، خلال اجتماع حكومي، وفي كلمة له بثت عبر التليفزيون الإيراني: إن “أسباب إندلاع الأحداث الأخيرة تكمن في إبتعاد المسؤولين عن الجيل الشباب وفرض نمط حياة الأجيال السابقة للأجيال الحالية”.

واعتبر “روحاني” أن من يعتبرون مطالب المتظاهرين بأنها “اقتصادية فقط”، يهينون الشعب، حسب تعبيره.

خطر سقوط النظام..

كما أن الرئيس الإيراني السابق، “محمود أحمدي نجاد”، قد سبق “روحاني” بإنتقاد “خامنئي” خلال رسالة وجهها للمرشد، محذراً مما وصفه بـ “خطر سقوط النظام”، على ضوء الاحتجاجات الأخيرة واستمرار الإستياء الشعبي والضغوط الاقتصادية والسياسية.

بسبب الظلم والفساد وعدم تحمل “خامنئي” مسؤوليته..

كان الشيخ “مهدي كروبي”، الرئيس السابق للبرلمان الإيراني؛ وأحد زعماء “الحركة الخضراء” المعارضة والخاضع للإقامة الجبرية منذ 7 سنوات، قد وجه، الثلاثاء الماضي، رسالة إلى المرشد الأعلى للنظام الإيراني “علي خامنئي”، هاجمه خلالها بشدة، وقال إن الاحتجاجات الشعبية الأخيرة جاءت بسبب الظلم والفساد وعدم تحمل “خامنئي” المسؤولية كمرشد للبلاد طيلة العقود الثلاثة الماضية.

وباتت الأجنحة المتصارعة داخل النظام الإيراني تٌحمل بعضها البعض مسؤولية إندلاع الاحتجاجات الشعبية؛ في محاولة للهروب من إستحقاقات الجماهير المتذمرة، بحسب مراقبين.

نحن أمام شهور قادمة من الموجات المتتالية..

حول شكل عودة الاحتجاجات هذه المرة؛ يقول “د. محمد محسن أبو النور”، لـ(كتابات)، إن الشعب الإيراني مختلف بطبيعته، فهو شعب صبور وهادئ، لذا نجح النظام في قمع الاحتجاجات السابقة، وهو ما يؤكد على أنه سيقوم بموجات أخرى.

مضيفاً أننا الآن أمام عدة أشهر أو أسابيع طويلة من الموجات المتتالية، وأرى أن هذه الموجة الثانية جاءت لسبب جوهري؛ هو عدم رغبة النظام في السماع للمتظاهرين وعدم تحقيق النظام لأي مطلب من المطالب التي نادي بها المتظاهرون، وهو ما جعل “روحاني” يصف مصير النظام الحالي كمصير الشاه.

أصبح أمام حالة سقوط حر..

حول دلالات الوعي المتنامي لدى الشعب الإيراني؛ بمقارنتهم بين حال إيران قبل نظام “ولاية الفقيه” وبعده علي مواقع التواصل الاجتماعي، يقول “أبو النور”؛ أن الدلالات واضحة جداً وهي إن الإيرانيين أدركوا أن إيران في مرحلة السبعينيات كان مفترضاً أن تكون يابان جديدة أو كوريا جنوبية، ولكنها من وجهة نظر الإيرانيين تحولت إلى كوريا شمالية.

وأكد على أن النظام الإيراني الآن أصبح أمام حالة سقوط حر، سيسقط إن عاجلاً أو آجلاً، فهي مسألة وقت لا أكثر ولا أقل.

لنجاح الموجة هذه المرة..

أما بالنسبة إلى مسألة الاستمرارية والنجاح هذه المرة، يرى “أبو النور”، أن هذه المرة على الإيرانيون انتخاب قائد ميداني لهم حتي يوحد شكل المظاهرات وأسلوب المطالب على الأرض في الداخل والخارج، بالإضافة إلى التنسيق فيما بين المدن لتخرج جموع غفيرة يصعب السيطرة عليها من قبل قوات الأمن.

تجدد الاحتجاجات لا يزال قائم..

في حلقة نقاشية عقدت في “أبوظبي”، نظّمها “مركز الإمارات للسياسيات”؛ تحت عنوان: (إيران المأزومة.. الأسباب والسياقات والمآلات)، كان قد أكد خبراء في الشؤون الإيرانية، أن إحتمالات تجدد الاحتجاجات الشعبية في إيران لاتزال قائمة، وستتعمق وضعية الأزمة في إيران، وسيزداد تآكل شرعية النظام، خصوصاً أنه لم يعالج المظالم التي أخرجت الناس إلى الشوارع، ويستجيب للمطالب التي رفعوها، معتبرين أن نجاح النظام في قمع التظاهرات وإخماد جذوتها ما هو إلا تأجيل للمشكلة فحسب.

تدلل على إخفاق النموذج الإيراني..

أكدت رئيسة مركز الإمارات للسياسات، الدكتورة “إبتسام الكتبي”، في كلمتها الإفتتاحية، أن “الاحتجاجات الأخيرة، التي شهدتها إيران، وتلك التي سبقتها، لا تنبئ فقط بتآكل شرعية النظام، وتفاقم الأزمات الهيكلية الداخلية، السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، بل الأهم أنها تدلل على إخفاق النموذج الإيراني، وهو الإخفاق الذي يظهره سعي كثير من الإيرانيين إلى الهجرة إلى الخارج، هرباً من الإستبداد السياسي، والتنكيل الأمني، والتقييد الاجتماعي، والتخلف التنموي، والشظف الاقتصادي”.

وذكرت: أنه “في 28 كانون أول/ديسمبر الماضي، إندلعت احتجاجات شعبية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بدأت في مدينة مشهد، وإنتشرت بسرعة إلى أكثر من 80 مدينة وبلدة في مختلف أنحاء البلاد، وبينما إنطلقت هذه الاحتجاجات من هموم ومطالب اقتصادية ومعيشية، إلا أنَّ المتظاهرين سرعان ما وجّهوا غضبهم وإنتقادهم إلى النظام الحاكم، وسياساته التي أدت إلى إفقار الشعب وتبديد ثروته على التدخلات الخارجية، فرفعوا شعار (لا غزة ولا لبنان، روحي فداءٌ لإيران)”.

القمع تأجيل للمشكلة..

تابعت بالقول: إنه “على الرغم من أن النظام نجح في قمع التظاهرات، وإخمادِ جذوتها، إلا أنَّ ما قام به هو تأجيل للمشكلة فحسب، فما لم يعالج المظالم التي أخرجت الناس إلى الشوارع، ويستجيب للمطالب التي رفعوها، والشواغل التي عبّروا عنها، فستبقى إحتمالات تجدّد هذه الاحتجاجات قائمة، وستزداد مشاعر السخط والإحتقان ضد النخبة الحاكمة، وستتعمق وضعية الأزمة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.

التدخل الخارجي يؤكد حجة النظام بوجود مؤامرة..

في الوقت الذي إنتقد فيه بعض المشاركين غياب الاستثمار العربي والخليجي للتناقضات والصراعات الداخلية في إيران، ذهب رأى آخر إلى القول إن أي تدخل خارجي لدعم المعارضة الإيرانية الداخلية، أو الأقليات القومية، لا يؤدي ـ كما هو متوقع ـ إلى إضعاف النظام، بل يعمل، على العكس، على إضفاء شرعية على سردية المؤامرة الخارجية التي يتذرع بها النظام لتعزيز حكمه.

أما بخصوص قوة النظام الإيراني، فتمت الإشارة إلى أن التحالف الحالي، المكون من القائد، (الحرس الثوري)، يزداد سطوة مع سيطرته على كل مفاصل البلاد، العسكرية والاقتصادية والمالية والإعلامية، فضلاً عن حالة التمدد في سياسات النظام الإقليمية.

سيناريوهات الإنتقال السياسي..

حول سيناريوهات الإنتقال السياسي المقبل في إيران، جرى ترجيح أن تتحكم مجموعة كبيرة من “المؤسسات” المتنافسة بعملية إختيار القائد الجديد، إذ يبدو “الحرس الثوري” الخليفة الفعلي للمرشد الأعلى “علي خامنئي”. وإن ما يبعث على التشاؤم من حدوث أي تحول إيجابي نتيجة لهذا الإنتقال أن أياً من المرشحين المعروفين لخلافة “خامنئي”؛ ليس أقل تشدداً من “خامنئي” نفسه بشأن السياسات الداخلية أو الخارجية، لكن القائد الجديد سيكون في موقع مريح لتوسيع نفوذ إيران السياسي – الديني في الخارج، وهذا الإنتقال السياسي سيؤثر في الشرق الأوسط بأكمله، خصوصاً دول الخليج العربية.

تعاني من ثلاث أزمات..

من جهته، قال الخبير في الشأن الإيراني، “حسن العمري”، إن “إيران تعاني اليوم ثلاث أزمات مركبة ومتداخلة: الهوية، وبناء الأمة، وبناء القوة، وأنها ستُبقى إيران تعاني حالة الإحباط واليأس، وتراجع منظومة القيم الاجتماعية، وإنحسار الثقة الاجتماعية، سواء بين مكونات المجتمع نفسه أو بين مختلف طبقات المجتمع والنظام الحاكم”.

لم تخضع لقيادة ولم يكن لديها أجندة..

أما الباحث في الشؤون الإيرانية، “ألكس فاتنكا”، فقال إن “التظاهرات التي إندلعت أخيراً في إيران كانت منطلقاتها سياسية، وليست اقتصادية فقط، فالذين خرجوا إلى الشوارع كان يحركهم غضب وسخط موجه إلى النظام الحاكم”، مشيراً إلى “حركة الاحتجاجات لم تكن تخضع لقيادة موحدة، وليست لديها أجندة”.

بدوره، قال الباحث في الشأن الإيراني، “محمد الزغول”، أنه قد “أظهرت الصراعات السياسية، والهجمات الإعلامية المتبادلة، بين التيارات السياسية في إيران، خلال الانتخابات الرئاسية في آيار/مايو 2017، حجم الفساد والانقسام في بنية النظام، وكشفت عن إختلاسات وقضايا فساد كبرى في البلاد، أضرّت بصورة النظام بشكل عام”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة