خاص : كتبت – نشوى الحفني :
تزامنًا مع زيارة رئيس الوزراء الياباني، “شينزو آبي”، لـ”إيران”؛ في محاولة للتوسط بينها وبين “أميركا” في مسعى لتهدئة الصراع المشتعل بينهما، حدث هجوم ذو نوايا مزدوجة، فقد تشير أصابع الاتهام إلى “طهران”؛ مثلما حدث مسبقًا في حادث الناقلات الإماراتية، أو قد يراد به ضرب محادثات “آبي”، حيث أن السفينتين لهما صلة بـ”اليابان”، فقد تعرضت ناقلتا نفط كانتا تبحران في “خليج عُمان”، صباح أمس الخميس، لما يبدو أنه هجوم منسق، إذ ذكرت مصادر أن إحدى الناقلتين أصيبت بصاروخ طوربيد، (فيما نفى مصدر مطلع ذلك لرويترز)، وتم إجلاء طاقمي الناقلتين إلى مكان آمن.
وبدأ الأمر، صباح أمس، عندما تحدثت “البحرية البريطانية” عن حادث غامض وقع في الخليج، داعية عبر “مركز عمليات التجارة البحرية”، التابع لها، إلى توخي “الحذر الشديد”، وذكرت المجموعة إنها تجري تحقيقًا في الأمر، وفق ما أوردت (أسوشيتد برس).
وإلى جانب “البحرية البريطانية”، قالت “البحرية الأميركية” إنها على علم بوقوع الهجوم، الذي وقع على بُعد 14 ميلًا بحريًا عن “إيران”.
وقال الأسطول الأميركي الخامس إنه تلقى نداءي إستغاثة في “خليج عُمان”، مؤكدًا على أن القوات الأميركية موجودة في المنطقة وتقدم المساعدة.
ونقلت وكالة (بلومبيرغ)، عن مسؤولين في “البحرية الأميركية”، قولهم إن ناقلتي النفط تعرضتا لأضرار نتيجة “هجوم محتمل”.
ومع مرور الوقت؛ أتضحت مزيد من التفاصيل، إذ تبين أن الأمر يتعلق بحادث طال ناقلتين ترفع إحدهما علم “جزر مارشال” واسمها، “فرونت ألتير”، فيما الناقلة الثانية اسمها، “كوكوكا كاريدغس”، وترفع علم “بنما”.
ونقلت وكالة (رويترز)، عن صحيفة (تريد ويندز) المعنية بالشحن؛ أن طوربيدًا أصاب الناقلة “فرونت ألتير”، المملوكة لشركة “فرونت لاين” النرويغية، وفي وقت لاحق قالت الشركة إن النيران اشتعلت في الناقلة.
وأفادت السلطات البحرية النرويغية؛ بأن ناقلة نفط نروغية تعرضت لهجوم في “خليج عُمان” ووقوع 3 انفجارات على متنها.
وذكرت الوكالة الأميركية، نقلًا عن مصادر ملاحية، أنه تم إجلاء طاقمي الناقلتين إلى مكان آمن، فيما أوضحت صحيفة “نرويغية” أنه تم إنقاذ طاقم “فرونت ألتير”، المكون من 23 بحارًا.
وأضافت الوكالة أن أحد أفراد طاقم الناقلتين أصيب بجروح طفيفة من جراء الحادث، الذي تسبب في أضرار بالجانب الأيمن من الناقلة.
وكانت إحدى الناقلتين، (كوكوكا كاريدغس)، محملة بوقود “الميثانول”، لكنها غير معرضة للغرق، مشيرة إلى أن الشنحة سليمة، وفق (رويترز).
الإعلام الإيراني أول من نشر عن الهجوم..
وكانت وسائل الإعلام الإيرانية أول من نشر صورًا ومعلومات عن الحادث؛ وهو الأمر الذي سيؤدي إلى توجيه أصابع الاتهام بقوة إليها، فقد أفادت وكالة (فارس) الإيرانية بأن ناقلتي النفط المستهدفتين إحداهما ترفع علم “جزر مارشال” والثانية علم “بنما”.
ونشرت الوكالة صورًا للناقلتين، مضيفة أن إحدى الناقلتين، (FRONT ALTAIR)، تتبع “جزر مارشال”، والناقلة الأخرى، (Kokuka Courageous)، ترفع علم “بنما”.
وذكرت الوكالة أنه تجري الآن عملية إخلاء الناقلتين من الطواقم، وأن سفينة إنقاذ إيرانية توجهت نحو الناقلة، (FRONT ALTAIR)، التي تحترق في “بحر عُمان”.
وقالت الوكالة الإيرانية الرسمية إن “إيران” أغاثت 44 بحارًا منهم.
ومن من التأكيدات الأخرى؛ أنه وفقًا لبيانات الشحن على “ريفينيتيف أيكون”، شوهدت “فرنت ألتير” للمرة الأخيرة في “خليج عُمان” قبالة ساحل “إيران”؛ بعد تحميل حمولتها من “الرويس” في دولة “الإمارات العربية المتحدة”.
اتهام مُسبق بهجوم على 4 ناقلات..
ولم تكن هذه السابقة الأولى لمثل هذا الحادث الذي تم اتهام “إيران” فيه، حيث تعرضت، في أيار/مايو الماضي، 4 ناقلات نفط، من بينها ناقلتان سعوديتان وناقلة تحمل علم “النرويغ” وأخرى تحمل علم “الإمارات”؛ لأعمال تخريبية في المياه الاقتصادية الإماراتية، الشهر الماضي، مما تسبب في إلحاق ضرر بالناقلات.
واتهمت “الولايات المتحدة”، “إيران”، بالوقوف وراء الهجمات، التي جاءت في وقت تصاعد فيه التوتر بين “طهران” و”واشنطن”.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي، “جون بولتون”، في وقت سابق، إنه من المرجح أن تكون ألغامًا إيرانية قد استخدمت في الهجوم.
إيران تحذر من الوقوع في الفخ..
وتمثل رد الفعل الإيراني على الحادث الأخير، فيما عبّرت عنه الحكومة الإيرانية عن قلقها وأسفها من تفجير ناقلتي النفط، وقالت إن على جميع البلدان الحذر من الوقوع في فخ كل من يستفيد من عدم الاستقرار في المنطقة. وأضافت، في بيان: “نحن جاهزون للتعاون من أجل ضمان الأمن في المنطقة؛ بما في ذلك الممرات البحرية الإستراتيجية”.
فيما أعرب عنه وزير الخارجية، “محمد جواد ظريف”، عن شكوكه بشأن الحادث.
وأوضح “ظريف”، في تغريدة على حسابه، بـ (تويتر)، أنه: “بالوقت الذي التقى رئيس الوزراء الياباني مع قائد الثورة الإسلامية، آية الله علي الخامنئي، (صباح اليوم)، أنتشرت التقارير التي تفيد بتعرض ناقلتي نفط لهجوم”.
وتابع “ظريف”: “المبادرة الإيرانية لتشكيل منتدى للحوار الإقليمي، أمر ضروري”.
ومن جانبه؛ أعرب المتحدث باسم الخارجية الإيرانية عن قلقه إزاء “الحادث المريب”.
وأكد “عباس موسوي”، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية، (إرنا)، على أن “طهران” تعتبر الحادث يتعارض مع الجهود الإقليمية والدولية الرامية للتهدئة وخفض التوترات في المنطقة.
وشدد على أن “إيران” تدعم الحوار والتعاون بالمنطقة.
ردود الفعل الدولية..
وفي خضم ردود الفعل الدولية؛ قال الأمين العام لجامعة الدول العربية، “أحمد أبوالغيط”، إنه يجب إتخاذ موقف من مهاجمة ناقلات النفط والمطارات ومنشآت النفط في الخليج. واعتبر أنه هناك من يلعب بالنار لزعزعة استقرار المنطقة؛ وأنه يجب الرد على هجمات “بحر عٌمان”.
من جهته؛ ندد الأمين العام لـ”الأمم المتحدة” بالهجوم على ناقلتي النفط، وقال إنه: “يجب الوقوف على الحقائق وتحديد المسؤولين”، مشيرًا إلى أنّ العالم لن يستطيع تحمل مواجهة كبرى في منطقة الخليج.
وأعلن “البيت الأبيض” أنّ الحكومة الأميركية تعرض مساعدتها وستواصل تقييم الموقف.
“الكرملين” بدوره؛ ذكر أنه لا أحد يعلم المسؤول عن الهجوم على ناقلتي النفط في “خليج عُمان”. أما “وزارة الخارجية الألمانية” فقد وصفت الهجمات على ناقلتي النفط بالـ”مُقلقة جدًا”.
كما أشار “وزير الخارجية الكويتي” إلى أنّ الهجمات على ناقلتي النفط في “بحر عٌمان”؛ هي تهديد للأمن والسلام الدوليين.
واعتبر المتحدث باسم رئيسة وزراء “بريطانيا” أنّ الهجوم على ناقلات مدنية غير مقبول، و”بريطانيا” مستعدة للمساعدة في أي تحقيق.
“الخارجية العراقية” من جانبها، دانت الهجوم الذي استهدف مطار “أبها” السعودي، وكذلك الهجوم على ناقلتي النفط في “بحر عُمان”، وقالت: “نقف ضد أي إعتداء ونرفض التصعيد في المنطقة وندعو إلى حل الأزمات بالطرق السلمية”.
كما أكدت رفضها أسلوب تجويع الشعوب والمس بأمنها والتدخل في شؤونها وإعتماد القوة العسكرية، مشددة على أنه: “لا بديل عن اللجوء إلى طاولة الحوار من أجل إحلال الأمن والاستقرار في منطقتنا”.
وقال وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، إن تقييم بلاده هو أن “إيران” مسؤولة عن الهجوم على ناقلتين في “خليج عُمان”. ورأى أنّ “طهران” تعمل على تعطيل حركة النفط عبر “مضيق هرمز”.
كما قال إنّ هجمات “إيران”، التي لا مبرر لها، جزء من حملة لتصعيد التوتر، لافتًا إلى أنه طلب من مندوب “واشنطن” الدائم لدى “الأمم المتحدة” بإثارة مسألة “إيران” أمام “مجلس الأمن”.
في الوقت ذاته؛ عقد “مجلس الأمن الدولي” جلسة طارئة، أمس، لمناقشة الهجوم على ناقلتي النفط.
وكانت “اليابان” سباقة إلى إعلان التحقيق في الحادث، حيث قال وزير تجارتها، “هيروشيغي سيكو”، للصحافيين، إن الحكومة تحقق في تقارير عن تعرض سفينة تحمل شحنة “لها صلة باليابان” لهجوم.
بالتوازي؛ قال وزير الطاقة السعودي إن شركة “أرامكو” السعودية “رفعت درجة الجاهزية للتعامل مع الأعمال العدائية والإرهابية”، مدينًا الهجوم على الناقلتين في “خليج عُمان”، وأكد إتخاذ بلاده “الإجراءات التي تراها مناسبة”.
من جهتها؛ حثّت “بريطانيا”، السفن التجارية التي تمُر عبر “خليج عُمان”، إلى توخي أقصى درجات الحذر.
أما “رابطة ناقلات النفط”، (إنترتانكو)، فأكدت: “تنامي المخاوف بشأن سلامة أطقم السفن المبحرة عبر مضيق هرمز؛ بعد تعرض ناقلتين إلى هجمات في وقت سابق اليوم”.
وقال رئيس مجلس إدارة (إنترتانكو)، “باولو داميكو”، في بيان: “عقب هجومين على سفينتي أعضاء، هذا الصباح، يساورني قلق شديد بشأن سلامة أطقمنا عبر مضيق هرمز”، موضحًا أن نحو 30 في المئة من “النفط الخام” في العالم يمُر عبر المضائق.
وأضاف: “إذا أصبحت المناطق البحرية غير آمنة، فإن الإمدادات للعالم الغربي بأكمله قد تتعرض للتهديد”، بحسب (رويترز).
من جانبهم، قال وسطاء شحن إن شركتا “دي. إتش. تي. هولدنغز” و”هيدمار”، المالكتان لناقلات نفط، تعلقان الحجوزات الجديدة إلى البحر بعد هجمات استهدفت ناقلتين.
بداية لموجة ثانية من سلسلة هجمات جديدة..
الموقع الاستخباراتي العبري، (ديبكا)، ذكر مساء أمس، أن الهجوم على ناقلتي نفط في “خليج عُمان” هو بداية لموجة ثانية من سلسلة هجمات جديدة من قِبل قائد “فيلق القدس”، التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني، بزعامة، الجنرال “قاسم سليماني”.
وأكد الموقع الاستخباراتي الإسرائيلي على أن “طهران” قررت القيام بسلسلة هجمات على أهداف أميركية وإسرائيلية وسعودية، ردًا على فرض “الولايات المتحدة الأميركية” عقوبات على “إيران”، وبأن الهجوم على ناقلتي النفط، اليوم، في “بحر عُمان”؛ هو بداية لموجة ثانية من هذه السلسلة، بعدما قامت “إيران” بمهاجمة ناقلتي نفط في “الخليج العربي”، في 14 أيار/مايو الماضي.
وأوضح الموقع الاستخباراتي، المحسوب على جهاز “الموساد” الإسرائيلي، أنه في الوقت الذي قررت “إيران”، بقيادة الجنرال “قاسم سليماني”، ومن قبله المرشد الإيراني الأعلى، آية الله “علي خامنئي”، فإن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، يبدو أنه “نمر من ورق”.
ارتفاع أسعار النفط..
وفور قوع حادث، أمس، ارتفعت أسعار النفط، خلال التعاملات، وجرى تداول عقود مزيج “برنت” العالمي بحلول الساعة 09:22 بتوقيت “غرينيتش”، عند 61.07 دولار للبرميل، بزيادة نسبتها 1.83% عن التسوية السابقة.
وارتفعت أسعار الخام 4.5%، وبلغ سعر البرميل 61،67 دولارًا في الـ 10 و55 دقيقة في “دبي”.
فيما تم تداول المزيج الأميركي، “غرب تكساس الوسيط”، عند 51.71 دولار للبرميل، بارتفاع نسبته 1.17% عن مستوى الإغلاق السابق.
تحالف دولي لحفظ الأمن..
تعليقًا على الحادث؛ قال الباحث في العلاقات الدولية والاقتصاد السياسي، “ناصر زهير”، إن: “الهجوم على ناقلتي النفط ببحر عُمان، يأتي بالتزامن مع محادثات طهران ورئيس الوزراء الياباني بخصوص طلب التوسط لرفع العقوبات النفطية، لذلك فإيران تريد إيصال رسالة بأنه؛ في حال عدم تصدير النفط الإيراني فإنه لن تكون هناك صادرات من دول المنطقة، وذلك من خلال استهداف ناقلات النفط”، على حد تعبيره.
وأوضح “زهير”، أن هذه الهجمات تخريبية تشبه “حرب العصابات”، ويمكن أن تُنفذ بالعديد من الطرق التي لا يمكن للقوى العسكرية التقليدية ردعها، لذلك لم تستطع القوة الأميركية في الخليج منعها، متوقعًا وجود تحالف دولي لحفظ الأمن في هذه المنطقة الهامة في حالة حدوث تصعيد.
توجد جهة تريد زيادة التوتر في المنطقة !
من جانبه؛ قال مدير مركز “الشرق الأوسط” للدراسات الإستراتيجية، الدكتور “هشام جابر”، إن: “إيران ترى أن هناك جهة ما وراء الهجوم على ناقلتي النفط لزيادة التوتر في هذه المنطقة وتوريطها”.
وأستبعد “جابر” حدوث حرب في “منطقة الخليج”، بين “إيران” و”أميركا”، لأنها ستكون كارثية على كل الأطراف، في حال حدوثها، وستمتد إلى جنوب “لبنان” و”إسرائيل” و”سوريا”، بالإضافة إلى أستهداف المصالح الأميركية في الخليج، لافتًا إلى أن الرئيس الأميركي يريد فقط أن يثير حالة من التوتر في المنطقة لزيادة إبتزاز دول الخليج العربي ماديًا.