حادث المهندس بشير الغامض .. الداخلية تبرأ نفسها بنشر فيديوهات وتشييع وسط أهازيج تطالب بالقصاص

حادث المهندس بشير الغامض .. الداخلية تبرأ نفسها بنشر فيديوهات وتشييع وسط أهازيج تطالب بالقصاص

وكالات- كتابات:

تواصل “وزارة الداخلية” العراقية؛ نشر مقاطع فيديو لقضية المهندس “بشير”، الذي غادر الحياة فجر اليوم؛ بعد أسبوع من فقدانه الوعي، في محاولة من الوزارة لتبرئة منتسّبيها وساحتها من: “تعذيب” الضحية”، وإثبات أن ما تعرض له كان على يد مجموعة من السجناء.

ونشرت الوزارة في آخر مقطع فيديو؛ مشاهد من السجن المركزي للمهندس “بشير”، حيث قام بأخذ كيس من الملابس قبل أن يعترضه أحد السجناء بينما كان في طريقه إلى الحمام لاستبدال ملابسه، ليتمكن المهندس “بشير” بعدها من الدخول إلى الحمام قبل أن يقتحم عدد من السجناء الحمام وسحب “بشير” بالقوة والاعتداء عليه وضربه بشكلٍ جماعي.

فيديوهات لا تجيب علامات استفهام كثيرة..

وبالرغم من أن مقطع الفيديو يُظهر بالفعل اعتداء السجناء عليه؛ بتطابق مع الرواية التي خرجت بها “الداخلية”؛ أول مرة، بأن الاعتداء من قبل السجناء جاء بسبب قيام “بشير” بأخذ ملابس: بـ”القوة” من أحد السجناء، لكن الكثير من التفاصيل الغامضة تُثيّر الشكوك بالرواية.

من بين هذه التفاصيل؛ نقلت مصادر عن ذوي المهندس “بشير”؛ أن الكيس الذي أخذه الضحية تابع له وجلبه شقيقه إليه إلى السجن وليس تابع لسجين آخر، كما أنه من المسَّتبعد أن يقدم السجناء على الاعتداء على سجين بهذه القوة والقسوة بسبب أخذ ملابس من سجين آخر، والدخول بورطة جريمة “قتل” داخل السجن وأمام أنظار عناصر الأمن، الأمر الذي دفع للاعتقاد بقوة، بأن اعتداء السجناء على المهندس “بشير” جاء بدفع وتشجيع من “عناصر الأمن” ربما، خصوصًا وأن “وزارة الداخلية” تؤكد بنفسها إنها عاقبت الخفر في السجن المركزي لعدم تدخلهم بالوقت المناسب وتخليص الضحية.

كما أن مقطع الفيديو لم يُظهر الكيفية أو نوع الضربة التي أوصلت الضحية: لـ”الموت السريري”، حيث أن الموت السريري هو: “موت الدماغ”، وهذا لا يحصل إلا بصدمة وضربة كبيرة وقوية جدًا وغالبًا تحدث نتيجة الحوادث المرورية القوية، أو اختراق الجمجمة بجسم صلب.

كما أن مقطع فيديو آخر مسّرب للضحية خلال تواجده بالتوقيف في مركز الشرطة وقبل نقله إلى السجن المركزي، لم تنشره “وزارة الداخلية” ولم تُقدم تفسيرًا له، حيث يظهر فيها الضحية “بشير”؛ وهو يُحاول منع شخص مدني يحمل: “هراوة أو قضيب معدني” من الدخول إليه في قفص التوقيف، ويقول له بالعبارة: “أخي أنت مو شرطي”، الأمر الذي يفتح باب التساؤل عن هوية الشخص المدني الذي يتعامل بهذه الحرية داخل مركز الشرطة ويُحاول ضرب شخص موقوف.

الفيديو الأخير هذا، يكشف عن وجود: “تواطؤ”؛ ربما من قبل عناصر الأمن، فكما سُمح لشخص مدني الدخول لمحاولة ضرب الضحية، سيسمح بذات الطريقة ربما لدفع سجناء لقتل الضحية.

وتبقى الأوساط الإعلامية والشعبية تنتظر تفسير “وزارة الداخلية” على مقطع الفيديو للضحية؛ “بشير”، في مركز الشرطة وعن هوية المدني الذي يُحاول الدخول إلى الضحية وضربه.

“عار على من يسكت”..

نعى ذوي المهندس “بشير خالد”، اليوم الإثنين، فقيدهم الذي غادر الحياة صباح اليوم بعد أيام من الغيبوبة نتيجة التعذيب الذي تعرض له داخل أحد سجون “وزارة الداخلية”، في كلمات تستصرخ العراقيين: لـ”انتفاضة حتى القصاص”، في أحدث تطورات للقصة التي شغلت الرأي العام؛ وهزت الأوساط الشعبية والإعلامية والأمنية.

وبعد (07) أيام من الغيبوبة، غادر المهندس “بشير” الحياة، نتيجة الفشل الكلوي، حيث فقد الوعي ورقد في المستشفى منذ أيام بعد تعرضه: لـ”تعذيب” لا تزال تفاصيله غامضة ومتضاربة، عقب أن دخل “مركز شرطة حطين”، ثم تحويله إلى “السجن المركزي”؛ التابع لـ”وزارة الداخلية”، إثر مشّاجرة بين المهندس ولواء بالشرطة الاتحادية.

وقال ابن عمة الضحية؛ “نشأت البكري”، في منشور على حسابه في (فيس بوك): “انتقل إلى رحمة الله الشاب المهندس المغدور الشهيد بإذنه تعالى بشير خالد لطيف، ذهب إلى الله وجسمه مليء بآثار التعذيب لتكون شاهدة على وحشية وبربرة هذه الدولة”.

وأضاف: “ترك هذه الدنيا بتعذيبها وكذبها وتلفيقها وانتقل إلى رحمة رحمن رحيم، عار على الشعب العراقي إن سكت، عار على الدولة إن سكتت، عار على الإنسانية إن لم تنتفض اليوم في العراق، انتفاضة حتى القصاص.. انتفاضة حتى القصاص”.

وفي منشور سابق، كان “نشأت البكري”؛ قد كتب بسطور مطولة عن ذكرياته مع ابن عمته، وجوانب من حياة وشخصية الضحية، حيث وصفه بأنه: “صديقه الأقرب، الإنسان الذي كان قطعة من النقاء في هذا العالم، صاحب الأخلاق العالية وملك المواقف المشرفة التي لا تُنسى، كان دومًا سندًا لأصدقائه، وملاذًا لكل من احتاجه”.

وأضاف: “منذ طفولته، كان عقله متقدًا، وذكاؤه لامعًا، لم يعرف الكسل يومًا، فاجتهد وسهر الليالي حتى تخرج من ثانوية المتميزين، واضعًا نصب عينيه حلمه في الهندسة المدنية. لم يكن مجرد طالب، بل كان فارسًا في سباق مع الزمن، يطارد المعرفة، يصقل مهاراته، حتى فاقت خبرته عمره بسنوات”.

وأوضح أن: “بشير كان يرسم مستقبله بحماس، منذ تخرجه قبل (06) سنوات؛ وهو يعمل أكثر من (19) ساعة يوميًا ! (نعم وفعلًا وبدون مبالغة كان يعمل 19 ساعة يوميًا وأحيانًا يسهر ليومين متتالية بسبب العمل، خطط لتجهيز نفسه وتنظيم وقته من أجل دراسة الماجستير في مجال الهندسة، ومن بعدها الدكتوراه، كان يؤمن أن العراق بحاجة لعقولٍ مثله، وكان دائمًا يقول لي: “نشأت، من كثر ما الطموح براسي جبير، أريد أسابق الزمن حتى أحققه، ويطلع هذا الإنجاز من بغداد، مو من مدينة ثانية…” كان يحلم بأن يرفع اسم بغداد عاليًا، أن يُعيّد إليها أمجادها بإنجازاته”.

وتابع: “لكن المدينة التي أحبها، المدينة التي تغنّى بحنانها وجمال معالمها، خانته… غدرته بوحشية لا توصف. بشير لم يُمنح فرصة ليحقق أحلامه، بل ضُرِب وعُذِّب بطريقة دموية، وكأن من أذاه لم يكن إنسانًا، وكأن القلوب تحجرت فلم ترحم روحه النقية”.

تشييع وسط أهازيج تطالب بالقصاص..

وشيَّع ذوو ومحبو وأصدقاء وجمع من الجماهير، المهندس “بشير”؛ الذي فارق الحياة في أولى ساعات صباح اليوم الإثنين، نتيجة فشل كلوي وتعذيب شديد، في قضية غامضة لم تفك أسرارها حتى الآن.

وأقيمت صلاة الجنازة على روح المرحوم في “جامع برهان الدين” في “حي الجامعة”؛ غربي “بغداد”.

وانطلقت مراسم التشييع من “جامع البرهان” بعد انتهاء صلاة الجنازة إلى مثواه الأخير، فيما تعالت أصوات المشيعين المطالبين بالقصاص من المتورطين بهذه الجريمة التي أودت بحياة المهندس.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة