خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في إشارة إلى إشتعال الوضع بين “الهند” و”باكستان”، شهد إقليم “كشمير”، أمس الأربعاء، مواجهة جوية نادرة بين “الهند” و”باكستان”، فيما تبادل البلدان الاتهامات بإسقاط طائرات مقاتلة تابعة لهما، ما أثار مخاوف من اندلاع حرب شاملة بين الجارتين.
وتطور الأمر حتى وصل إلى إعلان “إسلام آباد” إغلاق مجالها الجوي، في حين ردت “نيوديلهي” بإغلاق خمسة مطارات وإلغاء العديد من الرحلات. وتواصلت الدعوات الدولية بتحكيم العقل وضبط النفس بين الدولتين النوويتين.
يأتي هذا التطور بين الجانبين بسبب استهداف سلاح الجو الهندي لمعسكر تابع لمسلحي تنظيم (جيش محمد) داخل القسم الباكستاني من منطقة “غامو” و”كشمير”. وقد إعترف هذا التنظيم بمسؤوليته عن الهجوم على حافلة كانت تقل أفرادًا من الجيش الهندي داخل القسم الهندي من “غامو” و”كشمير”، وأسفر ذلك الهجوم عن مقتل أكثر من 40 عسكريًا.
الجنرال “آصف غفور”، المتحدث باسم الجيش الباكستاني، صرح في مؤتمر صحافي: “لا نريد التصعيد، لا نريد الذهاب نحو الحرب”.
وقال “غفور” إن المقاتلتين الهنديتين تم إسقاطهما بعد أن حلقت الطائرات الباكستانية، في وقت سابق، عبر خط المراقبة إلى الجانب الهندي في استعراض قوة وضربت أهدافًا غير عسكرية بينها مستودعات إمدادات.
من جهتها؛ أغلقت “الهند” خمسة مطارات، على الأقل، أيضًا وتم إلغاء العديد من الرحلات؛ كما أعلن مسؤولون، رفضوا الكشف عن أسمائهم. ولم تدل “هيئة الطيران المدني” الهندية بأي تعليق على الفور.
وقالت “باكستان”، في البداية، إنها أسقطت مقاتلتين هنديتين في مجالها الجوي وأسرت طيارين، إلا أن المتحدث باسم الجيش ذكر، لاحقًا، على (تويتر)، أن “باكستان” أسرت فقط “طيارًا واحدًا”.
كما طالبت “وزارة الخارجية الهندية”، من جانبها، بـ”الإفراج الفوري والعودة الآمنة للطيار”، داعية “باكستان” إلى ضمان سلامته.
وأكدت “الهند” خسارة إحدى مقاتلاتها وإسقاط مقاتلة باكستانية.
دعوات “لتحكيم العقل” و”ضبط النفس”..
وبهدف نزع فتيل الأزمة؛ دعا رئيس وزراء باكستان إلى محادثات مع “الهند” محذرًا من العواقب الكارثية المحتملة في حال عدم “تحكيم المنطق”.
وقال في كلمة نقلتها قنوات التليفزيون: “هل يمكننا تحمل عواقب أي خطأ في الحسابات مع طبيعة الأسلحة التي لدينا ولديكم ؟”.
كما دعت “الولايات المتحدة”؛ مع “الصين” و”الاتحاد الأوروبي”، إلى أن يسود “التعقل”.
وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، قال بعد حديثه إلى نظيريه الهندي والباكستاني: “نحن نشجع الهند وباكستان على ممارسة ضبط النفس، وتجنب التصعيد بأي ثمن”.
كما دعت “فرنسا” إلى “التهدئة”، في “كشمير”، حيث تصاعد التوتر في الساعات الأخيرة، وفق متحدث باسم “وزارة الخارجية الفرنسية”.
وحثت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، “فيديريكا موغيريني”، البلدين على ضبط النفس، وقالت في بيان: “نتوقع من البلدين أن يمارسا أقصى درجات ضبط النفس؛ وتجنب المزيد من التصعيد في الوضع”.
وحضت “الصين” الجانبين على “ضبط النفس” والحوار.
بوادر للتهدئة..
تعليقًا على الأحداث؛ قال السفير الباكستاني السابق، “جويد حفيظ”، أن “باكستان” لا تريد التصعيد مع “الهند”، ولكن الأخيرة هي التي شنت غارات على بلاده بينما “باكستان” تستخدم الحق في الدفاع عن النفس، مؤكدًا أن هناك بوادر تشير إلى السعي للتهدئة بين الجانبين لأن الحرب لا تحل المشاكل.. متوقعًا إتجاه الأوضاع نحو مزيد من التهدئة بين البلدين.
وقال “جويد” إنه لا يوجد ما يسمى (جيش محمد)؛ فهو محظور منذ زمن بعيد، والحديث عن وجودة ما هو إلا دعاية هندية.
وسائل الإعلام تبث الكراهية بين البلدين..
مدير مركز “الباب” للدراسات، “جاسم التقي”، وصف العلاقات بين البلدين بأنها لطلما كانت “مبنية على الشكوك، وسوء الظن، وإنعدام الثقة المبادلة بينهما”.
ولفت كذلك إلى “عدم وجود آلية ثابتة لبناء الثقة بين البلدين، وأيضًا إزلة الكراهية”، مشيرًا إلى “دور سلبي تقوم به وسائل الإعلام في كلا البلدين على بث الكراهية بين البلدين”.
مضيفًا أنه: “على الرغم من قيام الهند بخرق السيادة والمجال الجوي لباكستان، إلا أن الحكومة الباكستانية تتحمل المسؤولية الكبرى والتراخي حيال نشاط جماعة (جيش محمد)، التي قامت سابقًا بهجوم إنتحاري على البرلمان الهندي”.
بسبب نشاط المجموعات الجهادية..
كما اعتبر الباحث في الشؤون الجيوسياسية، “صلاح النشواتي”، أن: “هذا التصعيد الخطير الذي شهدناه بين الدولتين يتعلق بالدرجة الأولى بنشاط بعض المجموعات الجهادية التي تنطلق من الأراضي الباكستانية نحو دول الجوار، والاتهامات المتبادلة، ففي حين أن نشاط هذه المجموعات هو نشاط هجومي محدود وبدون هدف واضح، إلا أنه نشاط مدروس ليشكل صاعق لمواجهة بين باكستان ودول الجوار، وبالأخص الهند، حيث التوترات والنزاعات الدائمة والضاربة في تاريخ العلاقات الثنائية”.
تديره المخابرات الأميركية..
ورأى “النشواتي” أن: “هذا الصراع يُدار بشكل غير مباشر من قِبل الاستخبارات الأميركية، التي تهدف إلى رفع درجة التوتر بين الهند وباكستان إلى الحالة الحرجة، مع الحرص على عدم وقوع حرب شاملة، وذلك في إطار قطع الطريق أمام الصين في استثمار باكستان بميزاتها الجيوسياسية لخدمة المشاريع التنموية الإستراتيجية كطريق الحرير الجديد، بالمزامنة مع إطلاق سباق الشد والجذب على باكستان بين الإخوان المسلمين في تركيا وقطر من جهة، وبين باقي دول الخليج من جهة ثانية”.
مضيفًا أن: “كل هذه الإجراءات تُشكل عوامل ضغط كبيرة على الحكومة الباكستانية، وترفع من كلف الاستثمار الإستراتيجي في المنطقة، بحيث تسعى واشنطن وحلفائها إلى إفقاد المشاريع التنموية الصينية لجدواها الاقتصادية، عن طريق رفع المخاطر وكلف التنفيذ، ومحاولة تخفيض نسب النمو الاقتصادي في الصين من خلال التفاهمات الموضعة بين الطرفين تحت ضغط الحرب التجارية، ما يكسب الولايات المتحدة الأميركية المزيد من الوقت لتمكين السيطرة على المحيط الهندي، وفرض النفوذ في بحر الصين الجنوبي، بغية تحقيق إستراتيجيتها الدولية..”.
مساع سعودية..
وأوضح أن: “الموقف السعودي؛ فهو موقف داعم لمكافحة كل أشكال الإسلام السياسي والتنظيمات الجهادية، في حين يستمر الاستثمار الأميركي التركي في تنظيم (القاعدة) وملحقاته، في ظل إنزعاج واشنطن من تقارب الرياض وبعض الدول الحليفة الأخرى من الصين، فالرياض تدعم بشكل كبير استقرار باكستان والصين وتسعى لعقد شراكة متينة مع الدولتين، وتتعهد بالمقابل بالوساطة لحل النزاعات “الباكستانية-الهندية”، والتي يلعب فيها تنظيم (جيش محمد) الدور الرئيس، وذلك في مسعى سعودي لقطع الطريق أمام إيران وتركيا وقطر في باكستان، وإبعادهم عن المشاريع الإستراتيجية المربحة والمؤثرة في موازين القوى، وهو ما يشكل أحد عوامل الضغط على الساحة الباكستانية”.
مناوشات لن تصل للحرب..
فيما قال الكاتب المصري، “محمد سيد أحمد”: “أعتقد أن هناك صعوبة للحرب الفعلية بين دولتين نوويتين.. لكنها مناوشات بين الطرفين.. وسوف تتدخل القوى الدولية لوقفها.. لأن مثل هذه الحرب يمكن أن تتطور وتوصلنا إلى حرب عالمية.. تؤدي إلى تدمير كوكب الأرض”.