خاص: كتبت- نشوى الحفني:
أعلن وزير خارجية “سلطنة عُمان”، انتهاء الجولة الخامسة من مباحثات البرنامج النووي بين الوفدين الإيراني والأميركي، في “روما”، أمس الجمعة.
وقال “بدر البوسعيدي”؛ عبر منصة (إكس): “انتهت اليوم في روما الجولة الخامسة من المحادثات بين إيران والولايات المتحدة؛ مع تحقيق بعض التقدم من دون أن يكون حاسمًا”.
وأبدى أمله أن يتم توضيح: “القضايا العالقة” في الأيام المقبلة.
محادثات معقدَّة لا يمكن إنهاءها ببساطة..
بينما تحدثت “إيران”؛ في أعقاب انتهاء الجولة الخامسة، عن محادثات: “معقدَّة” مع “واشنطن”.
وصرح وزير الخارجية الإيراني؛ “عباس عراقجي”، للتلفزيون الرسمي، أن: “المفاوضات معقدَّة جدًا إلى درجة لا يمكن إنجازها في اجتماعين أو ثلاثة”، واصفًا التواصل مع “واشنطن” بأنه: “مهني” جدًا.
وبدأت “طهران” و”واشنطن”، محادثات في 12 نيسان/إبريل، بشأن البرنامج النووي الإيراني.
ويُعدّ هذا التواصل الأرفع مستوى بين البلدين منذ الاتفاق الدولي المبَّرم مع “طهران” في العام 2015؛ حول برنامجها النووي، والذي انسحبت منه “الولايات المتحدة” في الولاية الأولى للرئيس؛ “دونالد ترمب”، (2017-2021)، في العام 2018.
استخدام سياسة “الضغوط القصوى”..
عقب ذلك؛ أعاد “ترمب” فرض عقوبات على “إيران” في إطار سياسة “الضغوط القصوى”، وهو يسّعى إلى التفاوض على اتفاق جديد مع “طهران” التي تأمل برفع عقوبات مفروضة عليها تخنق اقتصادها.
لكن مسألة تخصّيب (اليورانيوم) هي النقطة الخلافية الرئيسة في المحادثات.
وفي حين اعتبر الموفد الأميركي إلى الشرق الأوسط؛ “ستيف ويتكوف”، الذي يُمثّل “واشنطن” في المحادثات أن “الولايات المتحدة”: “لا يمكنها السماح حتى بنسبة واحد في المئة من قُدرة التخصيّب”، ترفض “طهران” هذا الشرط مشددّة على أنه يُخالف الاتفاق الدولي المبَّرم معها، وتتمسّك بحقّها ببرنامج نووي لأغراض مدنية.
تباين التصريحات الإيرانية..
وتتبّاين التصريحات من الجانب الإيراني حول المفاوضات، إذ شدّد المرشد الأعلى في “إيران”؛ آية الله “علي خامنئي”، على أن بلاده لا تنتظر الإذن من: “هذا أو ذاك” لتخصّيب (اليورانيوم)، مبّديًا شكوكًا بإمكان أن تُفضّي المباحثات مع “الولايات المتحدة” إلى: “أي نتيجة”.
وعشية المحادثات؛ أعلنت “إيران” أنها منفتحة على: “مزيد من عمليات التفتيش” لمنشآتها النووية.
وقال وزير الخارجية الإيراني؛ “عباس عراقجي”، للتلفزيون الرسمي: “نحن واثقون بالطبيعة السلمية لبرنامجنا النووي، وبالتالي لا مشكلة لدينا من حيث المبدأ في مزيد من عمليات التفتيش والشفافية”.
وأضاف أن: “خلافات جوهرية” ما زالت قائمة مع “الولايات المتحدة” محذّرًا من أنه إذا أرادت “الولايات المتحدة” منع “إيران” من تخصّيب (اليورانيوم): “فلن يكون هناك اتفاق”.
وحدّد الاتفاق الدولي المبَّرم مع “طهران” حول برنامجها النووي سقف تخصيّب (اليورانيوم) عند: (3.67) في المئة. إلا أن “إيران” تقوم حاليًا، وفق “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” بتخصيّب (اليورانيوم) حتى نسبة: (60) في المئة، غير البعيدة عن نسبة: (90) في المئة المطلوبة للاستخدام العسكري.
وردًا على الانسحاب الأميركي من الاتفاق المبَّرم بين “إيران وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا”؛ (والولايات المتحدة قبل انسحابها)، وكذلك “الصين وروسيا”، تحرّرت “إيران” تدريجيًا من الالتزامات التي ينص عليها.
إعادة فرض العقوبات..
وجرت المحادثات؛ الجمعة، قبيل اجتماع لمجلس “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، مقرّر في حزيران/يونيو 2025، في “فيينا”، سيتم خلاله التطرّق خصوصًا إلى النشاطات النووية الإيرانية.
وينصّ الاتفاق الدولي المبَّرم مع “طهران”، والذي بات اليوم حبرًا على ورق رُغم أن مفاعيله تنتهي مبدئيًا في تشرين أول/أكتوبر 2025، على إمكان إعادة فرض العقوبات الدولية على “إيران” في حال لم تفِ بالتزاماتها.
وفي هذا الإطار؛ أكّد وزير الخارجية الفرنسي؛ “جان-نويل بارو”، الشهر الماضي، أنّ بلاده و”ألمانيا وبريطانيا” لن تتردّد: “للحظة” في إعادة فرض العقوبات على “إيران” إذا تعرّض الأمن الأوروبي للتهديد بسبب برنامجها النووي.
تناقضات في الموقف الأميركي..
في تعليقه؛ يرى المدير التنفيذي لبرنامج (سيغال) في معهد (واشنطن) لسياسة الشرق الأدنى؛ “روبرت ساتلوف”، أن السمة الوحيدة الثابتة في سياسة الرئيس الأميركي؛ “دونالد ترمب”، تجاه الشرق الأوسط، هي عنصر المفاجأة، مشيرًا إلى أن التساؤل الأساس، سواء من قبل الحلفاء أو الخصوم، يتمحور حول الكيفية التي قد يُطبّق بها “ترمب” هذا النهج في أي مفاوضات مصيّرية محتملة مع “إيران” بشأن برنامجها النووي.
وفي مقال نشرته (ذا هيل)؛ لفت “ساتلوف” إلى أن الغموض في استراتيجية “واشنطن” لا يعود إلى صمت مسؤوليها، بل إلى كثرة تصريحاتهم المتناقضة. وأوضح أن “ترمب” نفسه بعث برسائل متباينة بشأن “إيران”.
ففي بعض المواقف؛ ركز “ترمب” على هدف ضيّق يتمثل في منع “إيران” من امتلاك سلاح نووي، من خلال اتفاق يسمح لها بتخصّيب محدود لـ (اليورانيوم)، مقابل رقابة أشد وأطر زمنية أطول من تلك التي نص عليها الاتفاق الذي أبرم في عهد الرئيس الأسبق؛ “باراك أوباما”.
وفي مواقف أخرى؛ بدا مؤيدًا لفكرة منع تخصّيب (اليورانيوم) بالكامل كضمانة حاسمة لمنع “طهران” من تطوير قنبلة نووية.
صفقة مؤقتة..
ويرى “ساتلوف” أن هذه التصريحات حملت ارتياحًا ضمنيًا للقيادة الإيرانية، التي تخشى ضربة عسكرية لكنها اعتادت التعايش مع العقوبات الاقتصادية الأميركية.
ويُضيّف أن “ترمب” حاول أن يكون كل شيء لجميع الأطراف، على الأقل في العلن، متسائلًا عما إذا كان من الممكن تحقيق كل هذه الأهداف المتضاربة في إطار مفاوضات واحدة.
ويجيَّب “ساتلوف” بأن ذلك ممكن، لكن من خلال صفقة مؤقتة، وهي النتيجة التي تسعى إليها “طهران”، ويجب على “الولايات المتحدة” أن ترفضها، لأنها تمنح “إيران” ما تُريده دون تقديم تنازلات حقيقية.
انتصار لـ”طهران” فقط..
ويُحذر “ساتلوف” من أن “ترمب” قد يُعلن: “انتصارًا دبلوماسيًا تاريخيًا” عبر اتفاق يزعم أنه يمنع “إيران” من امتلاك قنبلة نووية، بينما يسمح لها بالاحتفاظ بحقها في الطاقة النووية المدنية، وهو ما من شأنه أن يُخفف من التوتر القائم، ويُعيّد عقارب الساعة إلى الوراء بالنسبة للبرنامج النووي الإيراني، ويفتح المجال أمام مفاوضات مستقبلية أوسع.
لكن مثل هذا الاتفاق المؤقت؛ كما يرى الكاتب، سيكون انتصارًا لـ”طهران” فقط، لأنه يمنحها الحماية من أي عمل عسكري أميركي أو إسرائيلي، ويُعفيها من عقوبات أممية جديدة، من دون التخلي عن حقها في التخصّيب الذي حصلت عليه بموجب اتفاق 2015.
ويُضيف أن “طهران” لا تُمانع مناقشة ملفات مثل الإرهاب أو دعم الجماعات المسلحة، لأنها ببسّاطة تنكر ضلوعها فيها. وخلال الفترة التي يوفرها اتفاق كهذا، يمكن لـ”إيران” أن تعمل على تعزيز دفاعاتها الجوية وتحسيّن قُدراتها العسكرية، مما يُقلّص احتمالات نجاح أي ضربة مستقبلية ضدها.
الفرصة لا تزال قائمة..
يرى “ساتلوف” أن مستشاري “ترمب” قد يُحاولون إقناعه بأن بإمكانه تحقيق إنجاز دبلوماسي تاريخي من دون مطالبة “إيران” بتفكيك برنامجها النووي أو تغيّير سلوكها الإقليمي. لكنه يعتبر أن مثل هذا الطرح يُشبّه ما فعله مستشارو “أوباما”، وهو طرح خاطيء برأيه.
ويختم “ساتلوف” بالقول إن اللحظة الحالية مناسبة لـ”الولايات المتحدة” لاستخدام ما تملكه من نفوذ لإجبار “إيران” على المفاضلة بين مستقبل قاتم مصحوب بالتخصيّب وامتلاك أدوات تخريبية، أو مستقبل واعد خالٍ منها.