جولات “بن سلمان” العربية .. محاولة لتحسين صورته .. وإثباته أنه مازال يمسك بزمام الأمور بالمملكة !

جولات “بن سلمان” العربية .. محاولة لتحسين صورته .. وإثباته أنه مازال يمسك بزمام الأمور بالمملكة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

ما بين الرفض والقبول.. بدأ ولي العهد السعودي، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، الأمير “محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود”، الخميس الماضي، جولة خارجية عربية لزيارة “الإمارات والبحرين ومصر وتونس”.

ونقلت وكالة الأنباء السعودية، (واس)، عن بيان للديوان الملكي: “بناءً على توجيه خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وإنطلاقًا من حرصه على تعزيز علاقات المملكة إقليميًا ودوليًا، واستمرارًا للتعاون والتواصل مع الدول الشقيقة في المجالات كافة، غادر الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، الخميس، لزيارة عدد من الدول العربية الشقيقة”.

وهذه هي أول جولة خارجية يقوم بها، “بن سلمان”، منذ تفجر أزمة مقتل الصحافي السعودي، “جمال خاشقجي”، بقنصلية بلاده في مدينة “إسطنبول” التركية.

جولته قد تقود لأحد أمرين..

وأثارت الجولة العديد من ردود الأفعاد؛ ما بين مؤيد ومعارض لها، وصلت إلى حد الاحتجاجات في بعض الدول وإلى جمع التوقيعات الرافضة للزيارة، فقال “عبدالباري عطوان”، في (الرأي اليوم) اللندنية؛ إن هدف الجولة هو “الإيحاء بأن ولي العهد السعودي لا يعبأ بردود الفعل العربية والدولية الناجمة عن اتهامه بالوقوف خلف عملية الاغتيال، والطريقة البشعة التي تمت بها، وإنه ما زال الحاكم الفعلي للمملكة العربية السعودية، ولا يواجه أي أخطار، أو مؤامرات داخلية، للإطاحة به”.

ويرى “عطوان” أن: “جولة الأمير بشقيها العربي والدولي ربما تقود إلى أحد أمرين، إما إعادة تأهيله وعودته إلى المجتمع الدولي بأقل قدر من الخسائر، أو محاصرته وربما عزله، وإذا كان هناك خيار ثالث بين الاثنين، وهذا غير مستبعد، فإن هذا يعني استمراره ضعيفًا وليس بالقوة التي كان عليها. ونترك الإجابة للأيام المقبلة”.

مشيرًا إلى وجود معسكرين: “الأول يقوده الرئيس، (الأميركي دونالد) ترامب، ويريد تبيض صفحة ولي العهد السعودي، وتبرئته من جريمة اغتيال خاشقجي وكل تبعاتها، وآخر يريد تجريمه، وفرض عقوبات عليه والحكومة السعودية ويقوده الرئيس إردوغان، (حتى الآن)، وأعضاء بارزين في الكونغرس الأميركي، ومعظم وسائل الإعلام الأميركية والأوروبية”.

ويوضح أن: “المال سلاح قوي ربما يرجح كفة المعسكر الأول نظريًا، فالصفقات تتقدم على المباديء وقيم حقوق الإنسان في العالم الغربي، ولكن لا يجب التقليل من تيار مدني وبرلماني قوي يحظى بالدعم، من وسائل إعلامية نافذة”.

إعادة ترتيب التحالفات في المنطقة..

فيما يتساءل “خالد دراج”، في (الحياة) اللندنية، عما إذا ما كان بإمكان جولة “محمد بن سلمان” العربية أن “تعيد ترتيب التحالفات” في المنطقة.

مضيفًا أنه: “هل تتجه السعودية فعليًا إلى إعادة ترتيب خريطة تحالفاتها العربية، وبالتالي تعيد النظر في ركائز وأسس علاقاتها العربية على ضوء ما تمليه مصالحها العليا ؟”.

ويرى الكاتب أن التحالف في مفهوم السعودية “لا ينبني أبدًا على صك كامل من الولاء والتوافق الأبدي كما يصوره القافزون على الحقائق، بقدر ما هو تحالف مصالح كبرى متبادلة لا تقبل الإبتزاز أو الإنتهازية أو المساومة”.

ممارسة أدوار محورية..

وتحت عنوان: “جولة هامة وأدوار محورية”، تقول (اليوم) السعودية، في افتتاحيتها: “الثقل السياسي الذي تتمتع به المملكة يؤهلها – عن جدارة واستحقاق – لممارسة أدوار محورية، تنصب في قنوات إمكانية حلحلة الأزمات العالقة التي تمور على ساحات بعض بلدان المنطقة، كما هو الحال على الساحات الفلسطينية، السورية، واليمنية”.

كما يشير “عبدالله العتيبي”، في (الاتحاد) الإماراتية، إلى تأثير التحالف “الإماراتي-السعودي” على المعادلات الإقليمية، قائلاً: “التحالف الذي يقوده المحمدان قويٌ ومؤثرٌ وذو وزنٍ ثقيل في المعادلات الإقليمية والدولية، وهو تحالف يبني على الماضي وإرثه العريق ويشيّد على الحاضر ومواجهة تحدياته وصعوباته وفرصه وإمكاناته”.

ويضيف: “لا شيء مثل الأزمات الكبرى في إيضاح الحليف من العدو المتربص والكاشح، والمواقف فيها هي التي تظهر معادن الرجال ومكانة الدول”.

ويقول الكاتب إن هذا “الحضور المهيب للسعودية والإمارات وحلفائهما من الدول العربية” جاء “بعد غياب غير قصير عن التأثير العربي في التوازنات السياسية بالمنطقة من قِبل الدول العربية، غياب خلق فراغًا ملأته الدول الإقليمية من إيران إلى تركيا وصولاً إلى قطر”.

وتقول (الخليج) الإماراتية في افتتاحيتها، تحت عنوان: “محمد بن سلمان، الزيارة التاريخية”، إن زيارة ولي العهد السعودي لـ”الإمارات” كانت “استثنائية بكل المقاييس، وأثبتت أن قادة البلدين أكثر إلتصاقًا بهموم المنطقة، وأكثر إصرارًا على مواجهة المؤامرات، التي تُحاك ضدها، سواء كانت من القريب أم من البعيد”.

متحالفون أميركيًا ظاهريًا وباطنيًا..

بينما “محمد البيرق” يختلف في وجهة نظره بشأن ذلك التحالف، وذلك في مقاله بصحيفة (تشرين) السورية، تحت عنوان: “ما بين عرب (الناتو) والـ (ناتو) العربي”.

فيقول أن: “العرب المتحالفون أميركيًا ظاهريًا وباطنيًا، أعياهم التفكير بشكل القوة المقترحة، وكيفية محاكاة الغرب، وهم الذين فشلوا أشد الفشل في تحقيق أي تعاون عربي ماعدا التعاونات الشفهية التي خطّوها سابقًا ولم تكن إلا حبرًا على ورق لتكون نقشًا على أطلال”.

رسالة تؤكد حاجة العالم للسعودية..

ويقول “مبارك آل عاتي”، في (صوت الأمة) المصرية، إن: “جولة ولي العهد تبعث برسالة للعالم أجمع تؤكد أن العالم بحاجة ماسة إلى دور السعودية كدولة ذات نظام سياسي مستقر في المنطقة لتحجيم الأنظمة المتطرفة، وللمساهمة في استقرار الاقتصاد العالمي من خلال تمكنها من حفظ التوازن في أسعار النفط والمواءمة بين العرض والطلب لتحقيق الاستقرار العالمي ودعم اقتصاديات الدول كافة”.

رفض شعبي للزيارة..

فيما تحدثت (الرأي اليوم) اللندنية عن وجود “رفض شعبي يواجه، بن سلمان، في أول جولة منذ مقتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، بسفارة بلاده بإسطنبول”.

وتقول الصحيفة إنه: “وسط استمرار التحفظ السعودي على إعلان أسماء الدول العربية التي يزورها ولي العهد، محمد بن سلمان، تتصاعد وتيرة الرفض الشعبي، ببلدان عدة محتملة الزيارة، لأسباب في صدارتها اتهامات ترفضها المملكة، بالتورط في مقتل الصحافي، جمال خاشقجي، وتدهور أوضاع اليمن”.

وتقول (القدس العربي) اللندنية؛ إن 100 صحافي مصري وقعوا على بيان قالوا فيه إنهم “يرفضون استقبال ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في مصر لأسباب إنسانية ومهنية ونقابية ووطنية”، وأن: “مكانه قفص الاتهام في محكمة دولية”.

كما تتحدث (البعث) السورية إلى “رفض شعبي واسع في تونس والجزائر وموريتانيا ومصر لزيارة بن سلمان”.

وفي السياق ذاته؛ تحدثت (العربي الجديد) اللندنية عن رفض سياسيين وصحافيين زيارة ولي العهد السعودي لـ”القاهرة”، قائلة: “سياسيون وصحافيون مصريون ندّدوا بزيارة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى القاهرة، كونه أحد مهندسي جريمة إنتزاع جزيرتي، (تيران وصنافير)، المصريتين، إلى جانب كونه متورطًا في مقتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، فضلاً عن جرائم التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن”.

فتح آفاق جديدة للتعاون بين المملكة والعديد من الدول..

فيما قال الكاتب والمحلل السياسي السعودي، “سعود الريس”، لموقع (سبوتنيك) الروسي: “إن هذه الزيارات من شأنها أن تعزز العلاقات وفتح باب الحوار والنقاش حول العديد من الملفات والتعاون بين الدول والمملكة العربية السعودية، وخاصة وأن المملكة تعرضت لحملة قوية استهدفتها بشكل مكثف، ولكن هذا انعكس بالإيجاب على السعودية من خلال فتح آفاق جديدة للتعاون بين العديد من الدول والمملكة”.

مضيفًا: “أنه فيما يخص قضية مقتل خاشقجي والحديث عن الموقف التركي، فتركيا استغلت قضية الصحافي خاشقجي لصالح أزمتها وعلاقتها مع الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك الأزمة السورية كما أن تركيا راهنت على حشد المجتمع الدولي ضد المملكة وتجييش عواطف المجتمع الغربي ضد المملكة؛ والهدف الأول هو هيمنة المشروع التركي على العالم العربي وإضعاف المملكة وزعزعة علاقاتها مع العالم الغربي وذلك من خلال توظيف وسائل الإعلام”.

ليؤكد أنه مازال يمسك بمقاليد الحكم للمملكة..

على جانب آخر؛ قال الكاتب والمختص في الشؤون الدولية، “توفيق شومان”: “إن الهدف من جولات ولي عهد السعودية، الأمير محمد بن سلمان، هو ليؤكد على أنه مازال يمسك بمقاليد الحكم للمملكة، أما بالنسبة للملفات الدولية والنزاعية ليست أساسية في هذه الزيارات كاليمن ومكافحة الإرهاب وغيره، كما أنها تناقش في المحافل الدولية من قبل وزراء الخارجية والمبعوثين الأممين، ولكن زيارات ولي العهد الهدف الأول منها هو تدعيم وجوده كولي عهد للمملكة العربية السعودية”.

وأضاف “شومان” أن سبب تراجع “تركيا” عن حدة التصعيد ضد “المملكة العربية السعودية”، إلى انتقال ملف “خاشقجي” إلى “الولايات المتحدة الأميركية”، ولكن دون أن يعني ذلك أن “تركيا” لن يكون لها دور.

حيث كان قد ألمح وزير الخارجية التركي، “مولود غاووش أوغلو”، إلى إمكانية لقاء ولي العهد بالرئيس، “رجب طيب إردوغان”، خلال “قمة العشرين”.

محاولة لتحسين صورته..

غير أن “جمال عيد”، رئيس الشبكة العربية لحقوق الإنسان في “مصر”، وأحد المعارضين لزيارة “بن سلمان” لـ”مصر”، يعتبر أن جولة “بن سلمان” ليست سوى محاولة لتحسين صورته، باعتبار أنها تمثل المحاولة الأولى له للخروج من البلاد، بعد التداعيات الكارثية لعملية قتل الكاتب السعودي، “جمال خاشقجي”، في قنصلية بلاده في “إسطنبول”.

ويرى “عيد” أن اختيار ولي العهد السفر إلى دول، معظمها لا يقل استبدادًا عن “السعودية”، يظهر إلى أي مدى فشلت هذه المحاولة، رغم جهود الحكومات غير الديمقراطية، على حد قوله، في تلك الدول، والتي حرصت على إظهار أنه مُرحب به دون وجود حرية لدى الناس في التعبير عن رأيهم في الزيارة.

ويعتبر “عيد” أن السلطات في “مصر” هي واحدة من الدول التي سعت لترتيب الترحيب بـ”بن سلمان”، وإلباسه لباس الترحيب الشعبي، عبر مجموعة ممن يصفهم بـ”المواطنين الشرفاء”، الذين تم تسييرهم في “ميدان التحرير” رافعين الأعلام السعودية، ويضيف أن السيدة الوحيدة التي رفعت لافتة معارضة لزيارة “بن سلمان”، وسط كل من حشدتهم الدولة، إنتهى بها الأمر في قبضة الشرطة.

ويستثني “عيد”، تونس، من ضمن الدول العربية التي شملتها جولة “بن سلمان”، ويقول إنها الحالة التي يمكن القياس عليها، فيما يتعلق بالترحيب بالزيارة، فحيث تواجد مناخ الحرية في “تونس”، والكلام لـ”عيد”، فإن الناس والصحافة والنقابات عبرت بقوة عن رفضها لتلك الزيارة.

ترجيح بعد الذهاب إلى “بيونس آيرس” بعد شكوى “هيومان رايتس ووتش”..

ويخلص “عيد” إلى القول؛ بأن جولة “بن سلمان” فشلت فيما هدف إليه ولي العهد وهو تحسين صورته، مضيفًا أن هناك مذكرة مقدمة للنائب العام الأرجنتيني، من قِبل (منظمة هيومان رايتس ووتش) لحقوق الإنسان، وأنها بانتظار قبولها لملاحقة “بن سلمان”، وهو ما يرجح، وفقًا لـ”عيد”، أن ولي العهد السعودي لن يذهب إلى “بيونس آيرس” لحضور “قمة العشرين” المزمعة.

وكانت منظمة (هيومن رايتس ووتش) الأرجنتين؛ قد طالبت باستغلال بند في دستورها متعلق بجرائم الحرب للتحقيق في دور ولي العهد السعودي، “محمد بن سلمان”، في جرائم محتملة ضد الإنسانية في “اليمن” ومقتل الصحافي، “جمال خاشقجي”.

ويعترف الدستور الأرجنتيني بالإختصاص العالمي لجرائم الحرب والتعذيب، وهو ما يعني أن السلطات القضائية يمكنها التحقيق في تلك الجرائم ومحاكمة مرتكبيها بغض النظر عن مكان وقوعها.

وذكرت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان أنها أرسلت طلبها إلى القاضي الاتحادي، “أرييل ليخو”. ولم يرد كل من مكتب “ليخو” ومكتب المدعي العام الأرجنتيني على طلبات للتعليق.

وأفادت “سارة ليا ويتسون”، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بـ (هيومن رايتس ووتش)، بأن المنظمة تقدمت بهذا الطلب لـ”الأرجنتين” لأن الأمير “محمد” سيحضر افتتاح “قمة مجموعة العشرين” في “بوينس آيريس” هذا الأسبوع.

وقالت: “قدمنا هذه المعلومات لممثلي الإدعاء في الأرجنتين مع أمل بأن يحققوا في تورط ومسؤولية محمد بن سلمان عن جرائم الحرب المحتملة في اليمن، وكذلك تعذيب المدنيين، ومن بينهم جمال خاشقجي”.

ونسبت وسائل إعلام أرجنتينية إلى مصادر قضائية القول إن من غير المرجح بشدة أن تأخذ السلطات على عاتقها القضية ضد ولي العهد السعودي، الحاكم الفعلي للمملكة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة