23 ديسمبر، 2024 6:13 ص

جولات “الكاظمي” الخليجية .. تسويق انتخابي لنفسه أم لعبور العراق إلى “الحضن العربي” ؟

جولات “الكاظمي” الخليجية .. تسويق انتخابي لنفسه أم لعبور العراق إلى “الحضن العربي” ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يقوم رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، بزيارات خليجية متتالية.. فبعد أربعة أيام من زيارة أجراها إلى “المملكة العربية السعودية”، أجرى يوم الأحد، زيارة إلى دولة “الإمارات”؛ لم تكن مُعلنة مسبقًا، وكانت ملفات الاقتصاد والاستثمار أبرز المحاور المُعلنة للمباحثات في الدولتين الخليجيتين.

وخلال زيارته إلى “السعودية”؛ جرى التوقيع على 5 اتفاقيات ومذكرات تفاهم، إضافة إلى إعلان “الرياض”؛ تأسيس صندوق مشترك مع “بغداد”، رأس ماله 3 مليارات دولار. وأعلنت “الإمارات” تخصيص 3 مليارات دولار للاستثمار في “العراق”، بهدف تعزيز العلاقات الاقتصادية والاستثمارية بين البلدين.

وكشفت مصادر سياسية أن وجهة “الكاظمي” الخليجية المقبلة؛ ستكون إلى دولة “قطر”، وذلك كله يأتي ضمن مساع سياسية تتعلق بشخص رئيس الوزراء، ومنها سعيه الحثيث إلى عقد القمة الثلاثية: “المصرية-العراقية-الأردنية”، في العاصمة، “بغداد”.

المصادر أوضحت أن “الكاظمي” يسعى، من خلال هذا الحراك، إلى كسب التأييد والدعم السياسي العربي والخليجي، قبل الانتخابات البرلمانية العراقية، في 10 تشرين أول/أكتوبر المقبل، والتي يُشارك فيها (تيار المرحلة)، التابع لرئيس الوزراء العراقي؛ بقيادة عدد من مستشاريه المقربين.

لافتة المصادر؛ إلى أن: “الكاظمي، من اليوم الأول لتسلمه المنصب؛ محسوب على المحور القريب من الولايات المتحدة الأميركية والبعيد عن إيران؛ على العكس من رؤساء الحكومات العراقية، بعد عام 2003، إذا ما استثنينا منهم، حيدر العبادي وإياد علاوي”.

تظل الاتفاقيات محل التسويق الإعلامي..

تعليقًا على تلك الزيارات، قال “هاشم الشماع”، عضو مركز “العراق” للتنمية القانونية، أن الزيارات الخليجية، التي قام بها السيد “الكاظمي”، تُعد بلا شك مهمة جدًا في إطار عودة “العراق” إلى محيطه العربي؛ أو عودة العرب إلى “العراق”، بعد أن تخلوا عنه وأحدثوا فراغًا كبيرًا في مجال التواصل والعلاقات الاقتصادية والتجارية، لكن تبقى هذه الأهمية ليست منحصرة بـ”العراق” فقط، بل ستكون الفائدة أيضًا لـ”السعودية” و”الإمارات”؛ كونهما سيكونان في الساحة العراقية الاستثمارية الواسعة، على صعيد الطاقة والتجارة والاقتصاد، لكن تبقى هذه الاتفاقيات والزيارات في دائرة التسويق الإعلامي والخطابي ما لم يكون هناك فواعل حقيقية على أرض الواقع، والعراقيون اليوم محتاجون إلى الفعل وقد سأموا الاستعراضات والخطابات.

أبعاد زيارات “الكاظمي”..

أما فيما يتعلق بتوقيت الزيارات، يقول “الشماع”؛ أن “العراق” بدأ حراكه الدبلوماسي، فهناك عدة أبعاد؛ منها ما يخص “العراق”، ومنها ما يخص دول الجوار، أما ما يخص “العراق” فهو بحاجة ماسة لتنشيط اقتصاده بعد أن ضرب (كورونا) جسده، وكذلك هبوط أسعار “النفط”، كما أنه وجد في هذا الوقت بالذات إلى تصفير خلافاته مع الجوار، لا سيما “السعودية”، التي كانت هناك قطيعة بين البلدين استغرقت خمسة وعشرون عامًا؛ بسبب إقدام “صدام حسين” على دخول “الكويت”، فزيارة “الكاظمي” إلى “الرياض”؛ وهذا الاحتفال والاستقبال الحافل صفر جميع الخلافات؛ وفتحت صفحة جديدة على أن تترجم إلى أرض الواقع، أما ما يخص “السعودية” و”الإمارات” فهما بحاجة إلى زيادة التحشيد الدولي للخروج من المستنقع اليمني بحفظ ماء الوجه، وكذا يكون “العراق” منفذ الخليج إلى “أوروبا” من خلال زيادة عدد المنافذ، بالإضافة إلى (عرعر)، وتقليل الزخم على ميناء (أم قصر)، كما أن “العراق” أرض خصبة للاستثمارات الخليجية، لا سيما الإماراتية والسعودية، هذا بالإضافة إلى المحاولة الجادة لسحب “العراق”، قدر الإمكان، من الدائرة الإيرانية التي تربطها بـ”العراق” حدود مشتركة وعلاقات سياسية وتبادل تجاري يكاد يصل إلى العشرين مليار.

محاولة لتقليص التأثير الإيراني..

وأوضح “الشماع”؛ أن هذا الانفتاح هو محاولة لتقليص العلاقة التجارية والتأثير السياسي الإيراني على الساحة العراقية، فإذا ما أردنا أن نعادل مدى الفائدة من هذه الزيارات والانفتاح سنجد أن الفائدة الخليجية أكبر في “العراق” من الفائدة العراقية في الخليج، وعليه فإذا أراد “العراق” أن يستغل هذا الانفتاح؛ عليه أن يستثمر مواقفه السياسية وموقعه الجغرافي المهم .

توطيد العلاقات بوابة العودة للمنظومة العربية..

كما أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة “بغداد”، الدكتور “إحسان الشمري”، أن “مصطفى الكاظمي”؛ يريد أن يُعيد مبدأ التوازن في ملف العلاقات الخارجية، والإنتهاء من فصل العلاقات الاتحادية، التي وصف بها “العراق” أنه كان تابعًا لـ”إيران”.

وأضاف “الشمري”، أن فلسفة الحكومة العراقية تعتمد على الجوار والمحيط العربي المساعد للأزمات الداخلية، وللتأكيد على الهوية العربية التي غابت عن المشهد العراقي.

وأوضح الشمري أن الخليج يمثل دول الارتكاز في الرؤية العراقية للمنظومة الخليجية، وكذلك طبيعة ريادتها الاقتصادية وهو الشيء الذي يبحث عنه العراق، لافتا إلى أن العراق ينظر إلى أن توطيد العلاقات بوابة للعودة للمنظومة العربية.

التوغل الإيراني يُمثل التحدي الأكبر !

وفي السياق نفسه، أكد المحلل الاقتصادي الإماراتي، “نائل الجوابرة”، أن “العراق” ركيزة أساسية للدول العربية، وباتت هناك آمال كبيرة لعودة هذا البلد الشقيق للحاضنة العربية بشكل كامل من جديد، لأنه جزء لا يتجزأ من الوطن العربي.

وأضاف “الجوابرة” أن بعض الدول تُريد إبعاد “العراق” عن الحاضنة العربية، ويجب علينا دعم هذه الخطوة بقوة من أجل العراقيين، مشيرًا إلى أن عجلة العودة يجب أن تبدأ من الدعم السياسي على أن يليه دعم اقتصادي قوي.

وأشار “الجوابرة” إلى أن “العراق” يمتلك ثروات عديدة، ويمكن أن يتم تعزيز العلاقات في ملف الطاقة، وكذلك مشاريع اقتصادية كبيرة أيضًا في جميع المجالات مع دولة “الإمارات”.

واستكمل “الجوابرة”: “التوغل الإيراني؛ أكبر تحدٍ قد يواجه عودة العراق للحضن العربي”.

وأوضح أن تواجد القوات الأجنبية في “العراق”؛ يؤثر بشكل سلبي على المواطن العراقي، وعلى الاقتصاد وتدني الخدمات والإنتاج النفطي، لذلك سيكون هناك عمل على عودة “العراق” إلى بوابة العرب.

يهييء لنفسه قبول الدول إعادة انتخابه..

بينما، قال المحلل السياسي، “وائل الركابي”؛ إن جولة “الكاظمي”، الخليجية، لا أتصور أنه بحث خلالها الحصول على مردودات اقتصادية لـ”العراق” الآن؛ بقدر ما أنه يهييء لنفسه قبول هذه الدول إعادة انتخابه في منصبه، حتى يبقى رئيسًا للحكومة في دورة أو دورتين.

ورأى أن: “الكاظمي؛ يُريد أيضًا إيصال تصور إلى هذه الدول؛ التي تُريد أن تُبعد العراق عن محور إيران، بأنه موجود، وكذلك هي كانت رسائل إلى الأحزاب الإسلامية الشيعية، وإلى إيران أيضًا؛ بإعادة العراق إلى الحضن العربي”.

ورأى “الركابي”؛ أنه: “إذا أجريت انتخابات حرة نزيهة، فإن الكاظمي لا يستطيع، بحزبه الجديد، الحصول إلا على مقعد واحد أو مقعدين في الانتخابات، وذلك لأنه لا يوجد هناك تعاطف شعبي مع ما يطرحه الكاظمي”.

وأوضح أن: “العراق حاليًا بلد يختلف عما يريد أن يأخذه الكاظمي إليه، وهو نحو التطبيع، وكذلك إقامة علاقات مع الدول الخليجية وجعل النظام فيه مدنيًا علمانيًا بعيدًا عن وجود الأحزاب الإسلامية الشيعية، وإبعاد الحشد الشعبي”.

وأكد “الركابي” أن: “الجهات المسيطرة على العملية السياسية في العراق؛ هي أحزاب إسلامية شيعية: (سائرون، الفتح، النصر، ائتلاف دولة القانون، وتيار الحكمة)، فهذه كلها تمتلك قاعدة بعيدة عن توجهات الكاظمي ولها الأغلبية”.

وبخصوص وضع العراقيل أمام “الكاظمي”، ومن ضمنها الموازنة، قال “الركابي”؛ إن: “الموازنة بائسة وأضرّت بالشعب العراق، كونها أبقت سعر صرف الدينار العراقي منخفضًا أمام الدولار الأميركي، وبالتالي فإن هذه أكذوبة، وإن دولة القانون هي معارضة أساسًا على مجيء الكاظمي للسلطة”.

وتابع: “رفض (دولة القانون)؛ سببه أيضًا أن الموازنة معروف جدًا أنها مُررت لأسباب سياسية كبيرة، إضافة إلى الفساد الكثير فيها، وكذلك أن سعر الدولار أمام الدينار العراقي لا يزال مرتفعًا، وبالتالي فإن هذه الموازنة ولدت بائسة”.

الخلافات تؤدي إلى عدم استقرار الوضع الأمني..

وقال المستشار العسكري العراقي السابق، “صفاء الأعسم”: “لاحظنا في السنوات العشر الأخيرة، كلما كانت علاقة العراق بدول الجوار تحديدًا ليست جيدة، كلما كان الوضع الأمني في البلاد غير مستقر”.

مضيفًا، في تصريحات لموقع (سبوتنيك) الروسي: “لاحظنا أن دول الجوار لديها عمق داخل العراق يستند على الكثير من الجهات التنفيذية، سواء كانت كتل أو أحزاب، وبالتالي هذا العمق يؤثر على المستوى الأمني وحتى على المستوى الاقتصادي الداخلي، وحالة عدم الاستقرار، حيث كان الكثير من أعضاء التنظيمات الإرهابية بها جزء كبير من بعض دول الخليج، واستمرت عمليات النزوح ولم نلاحظ تعاون في هذا الموضوع”.

وتابع “الأعسم”: “كان لتركيا تأثير كبير على الوضع، وخاصة الجانب الأمني، فيما يتعلق بدخولها إلى العراق وبناء قواعد عسكرية؛ بدأت بواحدة وتجاوزت اليوم 10 مواقع، بدون موافقة من بغداد، وفي الحقيقة كانت السياسة الخارجية العراقية، خلال الفترة الماضية، خجولة”.

وأشار المستشار العسكري إلى أن: “الانفتاح على دول الجوار؛ سيكون عاملاً مهمًا في استقرار المنطقة بشكل عام، والعراق بشكل خاص، وهي نتائج توصلنا لها من خلال تجارب السنوات السابقة، لذا فإن جولات رئيس الحكومة لدول الجوار حتمًا ستؤثر في استقرار العراق والوضع السياسي لرئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي”.

وحول العقبات التي يمكن أن تقف في طريق هذا التوجه الذي يتبناه “الكاظمي”، قال “الأعسم”: “كل دول الجوار لها مصالح داخل العراق، وأي خلاف مع دول الجوار حتمًا سوف يؤدي إلى الإساءة للوضع الأمني، والجميع لاحظ هذا الموضوع، منذ العام 2014، وحتى اليوم”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة