جوالات “الكاظمي” الخارجية .. هل تنقذ الاقتصاد العراقي من أزمته أم مجرد استعراض إعلامي ؟

جوالات “الكاظمي” الخارجية .. هل تنقذ الاقتصاد العراقي من أزمته أم مجرد استعراض إعلامي ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

منذ تسلمه رئاسة الوزراء، أجرى “مصطفى الكاظمي”، جولات خارجية لاقت اهتمامًا واسعًا داخل “العراق”، فبدأت من “أميركا” لتشمل عدة دول أوروبية وعربية وإقليمية، كان آخرها زيارة “تركيا”، والعامل المشترك لتلك الزيارات هو جلب الاستثمارات والمساهمة في إعادة الإعمار ومحاولة إنقاذ الاقتصاد العراقي من الإنهيار، الذي بات وشيكًا، وسط ويلات وآهات الشعب العراقي التي زادت بعد تخفيض سعر “الدينار” العراقي مقابل زيادة قيمة “الدولار” الأميركي.

رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، قال في مؤتمر صحافي، عقده أمس الأول الإثنين: “حصلنا خلال زيارتنا إلى أنقرة على تمويل ومنحة تركية؛ أقرت في مؤتمر الكويت”، مبينًا أن: “الأتراك مستعدون الآن لدعم الحكومة بـ 5 مليار دولار”.

الزيارات لم تجنِ فائدة..

إلا أن تلك الزيارات انتقدها بعض المسؤولين والمتابعين للشأن العراقي، فقد أكدت عضو لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية، “ندى شاكر جودت”، السبت الماضي، أن الحكومة العراقية لم تضع آلية صحيحة للتعامل مع الدول. فيما أشارت إلى إن زيارات رئيس الوزراء، “مصطفى الكاظمي”، الإقليمية والعربية والدولية لم يجنِ منها “العراق” أي فائدة.

وقالت “جودت”، في تصريح صحافي؛ إن: “العراق لم يجنِ أي فائدة من زيارات الكاظمي الخارجية”، مضيفة: “نسمع هنالك اتفاقات وعقود، لكن لم نرَ شيئًا على أرض الواقع”.

وأوضحت، إن: “العراق بلد واعد للاستثمارات، والدول تتكالب من أجل الحصول على فرص استثمارية داخل البلاد، لكن لم يحدث ذلك بسبب حلقات الفساد الموجودة في الدولة العراقية”، لافتة إلى إن: “الحكومة لم تضع آلية صحيحة للتعامل مع الدول لتحقيق إنجازات محلية”.

وانتقدت “جودت”، سياسة الحكومة من الناحية الاقتصادية، مؤكدة إن: “الشريحة العامة وقعت فريسة لفساد الطبقة الحاكمة، فالموازنة الجديدة قد تتضمن خفض رواتب الموظفين، ومن جهة أخرى هناك صعود في سعر الدولار مقابل انخفاض سعر الدينار، وتدمير للبنى التحتية والاقتصاد العراقي”.

انعكست سلبًا على أداء وزارة الخارجية..

وفي السياق، اتهمت لجنة العلاقات الخارجية النيابية، يوم السبت، “الكاظمي”، بإضعاف دور الدبلوماسية العراقية.

وقال عضو اللجنة، “رامي السكيني”، في تصريح له؛ إن: “أغلب زيارات رئيس الوزراء إلى دول أوروبا وجدناه في الكثير من الأحيان يأخذ دور وزارة الخارجية”.

ويوضح “السكيني”، أن: “زيارات الكاظمي الأوروبية والإقليمية انعكست سلبًا على أداء وزارة الخارجية”، منوهًا بأن: “الدبلوماسية العراقية تنطوي بطبيعتها على الخطاب والتوازن؛ وأن لا يكون منصب وزير الخارجية منصب فخري يُدار شكليًا”.

لم تحمل أي مخرجات إيجابية..

من جهته؛ وصف المحلل السياسي، “أثير الشرع”، تلك الزيارات؛ بإنها “إعلامية”، قائلاً إن: “تلك الزيارات لم تحمل أي مخرجات إيجابية لصالح الشعب العراقي واقتصاده”، لافتًا إلى إن: “الكاظمي عقد مذكرات تفاهم غير ملزمة التنفيذ، ولم يعقد أي اتفاقيات تخدم العراق”.

ويؤكد إنه: “لم يتمخض عن تلك الزيارات إصلاح حقيقي ينتج عنه اقتصاد رصين وشركات تعمل في العراق وتستثمر في محافظات البلاد الفقيرة”.

ويضيف “الشرع”، إن: “رئيس الحكومة والوفود المرافقة له لم تعمل على خدمة العراقيين”، مطالبًا، الكاظمي: “بكشف نتائج زياراته للرأي العام وللبرلمان العراقي”.

لبناء العلاقات وطمأنة الجيران..

فيما يرى رئيس مركز “بغداد” للعلاقات الدولية، الدكتور “مناف الموسوي”؛ أن: “هذه الزيارات تأتي ضمن إطار بناء العلاقات وطمأنة الجيران بأن الوضع في العراق مختلف، ومن الممكن التعامل معه على أساس المنفعة المتبادلة، وهذا الموضوع نجح فيه السيد الكاظمي”.

وتابع “الموسوي” بالقول: “يستخدم الكاظمي اللغة الدبلوماسية لتخفيف الضغط أو لتقليل حجم التدخلات الخارجية في العراق، والتي تتوافق مع ضغوطات الداخل، في ظل أزمة اقتصادية ومظاهرات ينبغي إيجاد حلول سريعة لمعالجتها”.

وأضاف “الموسوي”؛ قائلاً: “الورقة الأكثر قوة بيد الكاظمي؛ هي ورقة الاستثمار، خصوصًا مع انخفاض التبادل التجاري مع دول الجوار بسبب فيروس (كورونا)، حيث يمكن تعويض ذلك من خلال دخول شركات الدول من أجل الاستثمار في العراق”.

الحراك يتجاوز حقيقتين..

ويقول موقع (ميدل إيست آون لاين)؛ أن هذا الحراك الذي يهدف في ظاهره إلى تدعيم الوضع الداخلي وإخراج العراق من أزمته الاقتصادية الخانقة؛ يتجاوز حقيقيتين :

الأولى: إن حكومة السيد “الكاظمي”؛ هي حكومة انتقالية مؤقتة تهدف إلى إقامة انتخابات مبكرة حرة نزيهة ضمن فترة زمنية محددة، وهو شأن داخلي لا علاقة للخارج فيه لا من بعيد ولا من قريب.

الثانية: إن تدعيم موقع الدولة الخارجي يستلزم استقرارها ومتانة جبهتها الداخلية، وهذا ما تهمله حكومة السيد “الكاظمي” تمامًا.

ويساءل الموقع حول أسباب اتجاه السيد “الكاظمي” إلى الخارج، هل هو هروب من الأزمات الداخلية أم هو استقواء بالجوار على شركاء الداخل في سبيل تغيير معادلة وحسابات الانتخابات القادمة ؟.. وهل إهمال الشأن الداخلي أمر وارد في الحكومات الانتقالية ؟.. وكيف يمكن إجراء انتخابات في وضع هش مثل الذي يعيشه “العراق” الآن ؟

مجرد استعراض إعلامي..

ويضيف (ميدل إيست آون لاين)؛ أن أزمة “العراق” الاقتصادية، التي تعصف به على مستوى رواتب الموظفين، وأضيفت إليها أزمة انخفاض قيمة “الدينار” العراقي مقابل “الدولار”؛ وزيادة الضرائب والمكوس، والاغتيالات المتكررة وإنفلات الوضع الأمني بما يرافقه من تجاهل حكومي أو تشكيل لجان لا تغني ولا تُسمن من جوع، والأزمة مع “إقليم كُردستان” والاختلاف في التعامل معه بين حكومة من جهة والبرلمان من جهة أخرى، يضاف إليها أزمة (كورونا) وما خلفته من ظلال سلبية على الحياة الاقتصادية والعامة، وغياب مفردات البطاقة التموينية وتلاشيها، وأزمة الخدمات الأساسية مثل الكهرباء التي اختفت في غفلة من الزمن، ومشاريع البنى التحتية المتهالكة حتى أن “بغداد” تغرق من أقل موجة مطرية.. كل ما تقدم وما فاتنا ذكره يرافقه صمت حكومي مطبق وغياب التحركات اللازمة لمعالجة الأزمات الداخلية المتفاقمة؛ يثبت بأن التحركات الخارجية ما هي الا ذر للرماد في العيون واستعراض إعلامي، فما فائدة نجاح السياسة الخارجية إذا كان الداخل تتلاطمه أمواج الأزمات !

موضحًا الموقع أن ما يجري ببساطة سيؤدي إلى نتيجة لا تُحمد عقباها تتمثل في: استعصاء المشاكل على الحل أولاً؛ بمرور الوقت. ثانيًا؛ فقدان ثقة المواطن بالحكومة وإجراءاتها. وثالثًا؛ عزوف الجمهور عن الإلتحاق بركب الانتخابات ما يعرض العملية الديمقراطية إلى خطر جسيم.

إن البدايات الصحيحة تؤدي حتمًا إلى نهايات سعيدة، وسيرة الحكومة الانتقالية المؤقتة لا تبشر بخير وقد لا تجري الانتخابات في موعدها؛ وإن جرت لن تكون إلا صورة طبق الأصل عن سابقاتها من حيث المشاركة والنتائج.. لذا فإن الحكومة والبرلمان مطالبين بترتيب الأولويات إنطلاقًا من أوضاع الداخل والاهتمام بالمواطن ووضعه الأمن ومعاشه وتطلعاته أكثر من أي ملف آخر إذا أردنا انتخابات مبكرة ناجحة واستقرارًا سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة