جوار العراق مرعوب من احتراب طائفي .. لكنه متحفز لملء فراغ ألسلطة هناك

جوار العراق مرعوب من احتراب طائفي .. لكنه متحفز لملء فراغ ألسلطة هناك

برغم ان دول الجوار قلقة من التوتر الطائفي في العراق ومن احتمالات تفجر صراع طائفي بين ابنائه الا انها تتحفز لموطئ قدم في هذا البلد يتيح لها نفوذا يملآ فراغ السلطة الذي قد ينشأ عن اي انهيار للتحالف الحاكم الهش الذي يعاني من صراعات مريرة بين فصائله .

ففي وقت سابق قال العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز لدبلوماسيين أمريكيين إنه عندما أطاحت الولايات المتحدة بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين فإنها قدمت بذلك العراق لايران على “طبق من ذهب”.

وتعزز هذا التقييم الذي ورد في برقية دبلوماسية تعود لعام 2005 سربها موقع ويكيليكس مع ظهور خلافات طائفية أعقبت انسحاب ما تبقى من قوات أمريكية من العراق هذا الأسبوع بعد نحو تسع سنوات من الاحتلال.

وكان لقرار رئيس الوزراء العراقي الشيعي نوري المالكي بالسعي لاعتقال طارق الهاشمي النائب السني لرئيس العراق لاتهامات بالإرهاب أثره في دفع الائتلاف الحاكم الهش في العراق إلى حافة الانهيار وأثار ذلك شبح تجدد حرب أهلية مما سيكون له تداعيات مقلقة على كل دول الجوار.

وقال مسؤول سعودي “الحكومة السعودية قلقة من رحيل القوات الامريكية لأن النفوذ الإيراني يمكن ان يصبح الآن مباشرا بعد أن كان غير مباشر. ليس هناك أي عامل يحقق توازنا مع الحكم الإيراني.. لذلك فإن الأوضاع قد تزداد سوءا.”

وحولت الفوضى التي أعقبت الغزو الامريكي للعراق عام 2003 والإطاحة بصدام البلاد إلى حلبة للتدخلات الاقليمية حيث ساندت كل من السعودية وإيران وسوريا وتركيا أطرافا مختلفة في صراع اتسم بالفوضى واجه فيه الشيعة السنة والعرب الاكراد.

ومن جانبها تخشى الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة من احتمال أن تتسبب الانتفاضة في سوريا المجاورة في حدوث اختلال في التوازن الطائفي الدقيق الذي حققته والذي لن تكفل له حماية القوات الأمريكية.

ويقول زعماء شيعة عراقيون إنهم يخشون من انهيار نظام الحكم في سوريا الذي يهيمن عليه العلويون الشيعية والمتحالفون مع إيران مما قد يؤدي لقيام حكومة سنية متشددة في دمشق على أعتاب العراق وربما قد يمتد العنف الى العراق نفسه ويشجع المسلحين السنة هناك.

وقال ستيفن بيديل من مجلس العلاقات الخارجية ومقره الولايات المتحدة “الطبيعة تكره الفراغ.. وفراغ السلطة النسبي في بغداد سيستدرج الدول المجاورة.” ويعتقد أن إيران هي الخاسر الأكبر من تجدد القتال أكثر من أي قوى رئيسية اخرى في المنطقة خاصة في ضوء تصاعد العنف في سوريا حليفة طهران التي سمحت لإيران بأن تمدد نفوذها حتى البحر المتوسط.

وكان ينظر لنظام الحكم الديني في إيران باعتباره أكبر الفائزين بعد سقوط صدام مع ظهور المالكي الحليف القديم وحزب الدعوة الذي ينتمي له باعتباره أقوى قوة سياسية في العراق.

لكن على الرغم من ان هذه المعادلة السياسية التي تأتي في صالح إيران قد تتغير اذا تجددت الاضطرابات ضغطت طهران من اجل انسحاب القوات الامريكية معتبرة وجودها على حدودها الغربية مصدر تهديد مستمر.

وقال المحلل الإيراني غلام حسين ميروارزي “أحدث الانسحاب الأمريكي فراغا في السلطة بالعراق مما دفع إيران والسعودية لشغله حتى يزيدان من نفوذهما بالمنطقة.” ومضى يقول “من خلال زيادة نفوذها في العراق تهدف إيران إلى تحدي منافسيها السنة في المنطقة خاصة بعد (احتمال) فقد حليفها الوثيق في سوريا.”

ويقول مسؤولون إيرانيون إنهم يريدون هدوء واستقرار العراق ولا يسعون إلى احتكار الشيعة للسلطة. لكن بينما بدأت العقوبات الدولية تحدث تأثيرها على الاقتصاد الإيراني مما أدى إلى ارتفاع أسعار البضائع المستوردة في طهران زادت التوترات المتصاعدة مع السعودية من عزلة ايران السياسية.

وفي الوقت ذاته أصبح الصراع بين فصائل موالية للزعيم الاعلى الايراني آية الله علي خامنئي والرئيس محمود أحمدي نجاد واضحا بشكل متزايد.

وقال حسين فرششيان المحلل الإيراني “نظرا للمشكلات الداخلية في إيران والتطورات في سوريا لن تتمكن إيران من القيام بدور امني محوري في العراق بعد الانسحاب الأمريكي.”

وعلى الجهة المقابلة من الخليج تعتبر السعودية العراق منذ زمن طويل محور ارتكاز التقسيم الطائفي الذي يمكن ان يثير اضطرابات بين الأقلية الشيعية عندها والتي تتركز في المنطقة الشرقية المنتجة للنفط من المملكة.

وفي الأشهر القليلة الماضية أصبحت هذه المخاوف فيما يبدو اكثر إلحاحا بعد أن ألهمت انتفاضات الربيع العربي الأغلبية الشيعية في البحرين التي تحكمها عائلة سنية تعتبر واحدة من اكبر حلفاء السعودية.

كما اندلعت احتجاجات صغيرة بين شيعة السعودية واستمرت طوال العام. وتتهم الرياض قوة اجنبية لم تذكرها بالاسم بالتحريض على العنف ملمحة إلى أن ايران هي المسؤولة.

هذه التوترات تفسر نوعا ما سبب الفتور الذي يقابل به الملك عبد الله -الذي تضم قبيلة والدته شمر الآلاف من السنة العراقيين- رئيس الوزراء العراقي الشيعي.

وفي عام 2008 قال رئيس المخابرات السعودي الأمير مقرن بن عبد العزيز لدبلوماسيين أمريكيين إن الملك عبد الله لا يعتبر رئيس الوزراء العراقي موضع ثقة وإنه إيراني “مئة بالمئة” طبقا لبرقية سربها موقع ويكيليكس.

وفي الأسابيع القليلة الماضية اعتقد مسؤولون عراقيون إن هناك يدا أجنبية وراء الدفع لمزيد من الحكم الذاتي للمحافظات التي تسكنها أغلبية سنية والمتاخمة للسعودية وسوريا والأردن.

وبسبب كل ما سبق يبقى نفوذ السعودية التي لم تعد بعد فتح سفارتها في بغداد التي أغلقتها عندما غزا صدام الكويت عام 1991 محدودا.

وقال جمال خاشقجي وهو رئيس تحرير سابق لصحيفة سعودية له صلة بالأسرة المالكة “ماذا يمكن أن يحدث أسوأ مما حدث بالفعل؟ انسحاب الامريكيين سيؤثر على إيران اكثر من السعودية لأن السعودية ليس لها وجود قوي في العراق.” وأضاف “لديها أصدقاء هناك لكنها ظلت بعيدة.”

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة