5 مارس، 2024 7:26 ص
Search
Close this search box.

جهود أممية لانقاذ الحدباء من مخاطر انحرافها

Facebook
Twitter
LinkedIn

وقع مكتب يونسكو العراق ومحافظة نينوى اتفاقاً للبدء بمشروع إتمام اليونسكو لسلسة من الدراسات بهدف حماية أحد أهمّ المواقع الأثرية في المنطقة: منارة الحدباء. وبعد اجتماعات عديدة ومهمّة خاصّة أجراها أحد خبراء المنظمة، التقى مدير مكتب يونسكو العراق محمد جليد مع محافظ نينوى أثيل عبد العزيز النجيفي في إربيل لتوقيع “برنامج تعاون تنفيذي من أجل دراسة وتوثيق الاستقرار والحفاظ على منارة الحدباء”.
ويقضي هذا المشروع بقيام اليونسكو ببحث شامل حول مواد البناء والخصائص الجيولوجية والتحليل الهيكلي خلال فترة 12 شهراً، قبل اتخاذ القرار حول نوع الإجراء الترميمي الواجب اعتماده. وقد تمّ تحديد الأولويات الواجب معالجتها خلال زيارة ميدانية قام بها خبير في اليونسكو في حزيران 2012.

وتعتبر منارة الحدباء الواقعة في الموصل إحدى أبرز خصائص الجامع النوري الكبير، الذي تمّ تشييده في العام 1172. ومن خلال انحرافها بـ 253 سم عن خطها العامودي لسنين، تعاني المنارة من خلل بنيوي خطير وهي مهدّدة بالانهيار. ويأتي برنامج التعاون هذا، وهو الأول من نوعه في المنطقة منذ 20 عاماً، ليقود محافظة نينوى ومدينة الموصل في عملية اتخاذ القرارات الصائبة والقيام بالإجراءات المطلوبة من أجل الحفاظ على المنارة المائلة التي جلبت الشهرة للمدينة الشمالية.

 جامع النوري الكبير
والجامع النوري أو الجامع الكبير أو جامع النوري الكبير هو جامع تاريخي يقع في الساحل الأيمن (الغربي) للموصل. وتسمى المنطقة المحيطة بالجامع محلة الجامع الكبير.
بناه نور الدين زنكي في القرن السادس الهجري أي أن عمره يناهز التسعة قرون. يُعتبر الجامع ثاني جامع يبنى في الموصل بعد الجامع الأموي. أعيد إعماره عدة مرات كانت آخرها عام 1363هـ (1944م).
يشتهر الجامع بمنارته المحدَّبة نحو الشرق، وهي الجزء الوحيد المتبقي في مكانه من البناء الأصلي. عادة ما تقرن كلمة الحدباء مع الموصل وتعد المنارة أحد أبرز الآثار التاريخية في المدينة. تتهدد المئذنة بسبب إهمالها بالانهيار، وكانت هناك عدة محاولات لإصلاحها من قبل وزارة السياحة والآثار العراقية، إلا أن هذه المحاولات لم تكن بالمستوى المطلوب. ما زالت المئذنة بحالة خطرة و مهددة بالانهيار.
يشتهر الجامع بمنارته المائلة والتي تسمى غالبا منارة الحدباء وسابقا المنارة الطويلة وتعتبر أعلى منارة في العراق.  وكلمة الحدباء هي أحد القاب الموصل وقيل ان هذا اللقب ياتى من اسم المنارة.  صورة المنارة مطبوعة على الدينار العراقي الجديد من فئة عشرة آلاف دينار.
الراجح ان سبب انحنائه نحو الشرق هو الريح السائدة الغربية في الموصل، حيث تؤثر هذه الرياح على الاجر والجص المبنية منه هذه المنارة فأدت إلى ميلانها إلى جهة الشرق.  عوامل أخرى هي التغيرات في درجة الحرارة والتفاوت في أسس البناء للمئذنة.  تفسير آخر يقول ان إبراهيم الموصلي تعمد هذا الميلان لكي يقلل من الخسائر في حال سقوطها، لانه غرب المنارة كان (وما يزال) هناك بيوتا كثيرة ولكن إذا سقطت نحو الشرق ستقع على صحن الجامع وتقلل الخسائر. المنارة مهددة بالانهيار،  ويبدو أن السبب هو المياه الجوفية التي تحيط بها، والتي أدت إلى اهتراء قاعدة المنارة.  وقد درجته مؤسسة الصندوق العالمي للآثار والتراث في قائمة الأكثر مائة آثر مهددة في العالم.
وتنتشر في الموصل الكثير من الخرافات حول سبب الانحناء، ومنها ان النبي الخضر مر بالمنارة فمالت خجلا منه، أو ان الإمام عليا جاء لزيارة حفيده علي الأصغر فانحنت احتراما له، ويستدلون باسم منطقة (دوسة علي) المجاورة.  خرافة أخرى تقول انه لما أسري بمحمد إلى السماوات السبع، مر بالموصل فانحنت له، وهذا مستحيل حيث بنيت المئذنة بعد وفاة محمد بقرون.  وقال النصارى ان المنارة انحت لمريم العذراء والتي يقال أنها مدفونة قرب أربيل، أي باتجاه ميلان المنارة.

المنارة الاعلى في العراق
تقع المئذنة في الركن الشمالي الغربي من حرم الجامع ويلاحظ أن بعض مآذن العراق السابقة واللاحقة تقع في ذلك الركن كما في مئذنة المظفرية ومئذنة جامع البصرة التي بنيت في عهد المستنصر بالله على أن وقوع المآذن في أركان المباني انتشر في مناطق أخرى من العالم الإسلامي مثل الرّباط في سوسه ومسجد الحاكم بالقاهرة.
للمنارة قسمين أحدهما اسطواني وآخر منشوري، القسم الاسطواني يعلو القسم المنشوري ويشمل على سبعة أقسام زخرفيه أجريه نافرة على شكل حلقات. ولها مدخلان يصل كل منهما بواسطة درج إلى الأعلى، فجعل المعمار إبراهيم الموصلي سلمين في باطن المنارة كل منهما منفصل عن الآخر، يلتقيان عند منطقة الحصن في الأعلى، فالصاعد إلى الأعلى لا يرى النازل إلى الأسفل، وعمد المعمار على جعل سلمين للمئذنة وكان الهدف الأساسي تخفيف ثقل المئذنة الكبير على القاعدة.[  وهذا النوع من السلالم انتقل تأثيره إلى منارة سوق الغزل التابعة لجامع الخلفاء، والمئذنة المظفرية في أربيل،  ومئذنة خانقاه الأمير قوصون بصحراء السيوطى (736هـ/ 1336م).
اعيد ترميم المنارة في أوائل القرن العشرين على يد عبودي الطنبورجي.  كان في بدن المنارة فجوة وكانت المسافة بين حوض المنارة والفجوة حوالى عشرين مترا. جمع الطنبورجي عشرة من خيرة البنائين في الموصل، وصعد على سطوح الأبنية المجاورة ودرس اتجاه الرياح والمناخ. اتضح له ان عملية الترميم يجب أن تتم من الخارج وليس من الداخل، مما يصعب العملية ويزيدها خطرا. جمعوا كل المستلزمات الضرورية وبداوا يتدربون على عملية دقيقة لرفع الطنبورجي إلى مكان الفجوة، وكان متصرّف الموصل قد كلّف البناء بترميم الفجوة مقابل أي مبلغ يطلبه. وفي اليوم المنتظر اجتمع ممثلين عن الأوقاف وموظفين من الآثار من بغداد وصعد الناس اسطحهم لكي يتابعوا العملية. صعد الطنبورجي بنجاح ومن دون أي اشكالية، إلى أنه توقف عن العمل فجأة وتقلب وجهه واشتد، فساله من في الأسفل إذا أراد النزول ولكنه لم يجب، والا به يضع يده بسرعة داخل الفجوة ويخرج منها حية كانت داخل المنارة، اسقطها ثم قتلها من في الأسفل وتصاعدت هلاهل النساء فرحا. واستمر العمل مدة حوالى ساعة أعاد فيها البنّاء ترميم الفجوة وإكمال النقوش. ولكي يثبت الطنبورجي انه لم يكن يشخى المرتفعات، اكل لفّة الكباب التي اعدها مسبقا وسط الهلاهل والتصفيق. حين عرض عليه الاجر جزاء عمله، قال الطنبورجي «أنا آخذ أجوري من صاحب البيت» ويقصد به الله أي انه لم ياخذ أي اجر مقابل عمله.
في العام 1401هـ (1981م) قامت شركة إيطالية بمحاولة لتثبيت المنارة، علماً بأن القصف على الموصل في فترة الحرب العراقية الإيرانية كسّرت بعض أنابيب المياه تحت الأرض وتسببت في تسرب أدت إلى اضعاف بنية المنارة. ازداد احتداب المئذنة منذ تلك الفترة بحوالي 40 سنتيمتر. وفي محاولة أخرى قامت وزارة السياحة والآثار العراقية بمحاولة ترميم المنارة بضخ كميات من الاسمنت المسلح إلى قاعدة المنارة للحفاظ عليها، إلا أن هذه العملية لم تكن أكثر من حل مؤقت، وبالرغم من كل المخاطر النى تهدد المئذنة، فقد قال بهنام أبو الصوف أن احتمالية انهيار المنارة في المستقبل المنظور ما زالت قليلة

 

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب