خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
“نهر النيل”؛ أهم ممر مائي حول العالم من منظور الجغرافيا السياسية، وهو يعتبر مصدر الحياة بالنسبة للدولة المصرية.
ويعبر “النيل”، عبر عشر دول إفريقية: “مصر، والسودان الشمالية والجنوبية، وإثيوبيا، وأوغندا، وكينيا، وتنزانيا، وروندا، وبوروندي، والكنغو الديمقراطية”، ثم يصب في “البحر الأبيض المتوسط”، بعد تشكيل دلتا “مصر” الكبرى. بحسب “مركز دراسات السلام الدولي” الإيراني.
مصر ونهر “النيل”..
وتنبع المشكلة الأساسية للصراعات الجيوسياسية والتوتر بين الدول الأعلى استفادة من “النيل”، وأعني “مصر”، على حقوق توزيع المياه. ذلك أن “مصر” لا تضخ أي مياه في مجرى “نهر النيل”، لكنها تحصل حتى الآن على أعلى حصة من المياه؛ باعتبارها أكثر دول المنطقة من حيث الكثافة السكانية، ولذلك تُعتبر المستفيد الرئيس من مياه “النيل”.
ويعيش 95% من الكتلة السكانية، في “مصر”، على امتداد “نهر النيل”، ويحصل 97% على احتياجاتهم من مياه الشرب والزراعة عبر “نهر النيل”. وقد زادت “مصر” من رقعتها الزراعية بنحو: 7 مليون هكتار ببناء “السد العالي”.
وعليه؛ تُعتبر “مصر”، المحافظة على تدفق “نهر النيل”، أولوية إستراتيجية، وتسعى إلى توطيد العلاقات مع الدول أعلى النهر.
الصراع “المصري-الإثيوبي”..
لكن التماسك الجيوسياسي، في هذه المنطقة؛ يفتقر للمصداقية، إذ تتعاون دول حوض “النيل” بصعوبة؛ لأن كل طرف يبحث عن تحقيق الاستفادة القصوى من “النيل”؛ في: الزراعة والاستهلاك المنزلي والصناعة، وكذلك بناء السدود لإنتاج الكهرباء المائية.
وبشكل واضح تسيطر “إثيوبيا” على نسبة 85% من منابع مياه “النيل”، وهي بصدد تطوير بنيتها التحتية للكهرباء المائية، وهذا الموضوع قد يقلل تدفق مياه “النيل الأزرق”؛ بنسبة 9% تقريبًا.
وتستطيع “إثيوبيا” بالمضي قدمًا في مشاريع بناء السدود، وبخاصة سد “النهضة”، التأثير على استفادة “مصر” من مياه “النيل”. وتُعرف البلدان بالسيادة السلبية، حيث إساءة استغلال “نهر النيل” بتقنيات السيطرة على المصادر المائية.
الدور الإسرائيلي..
وتعتقد القيادة الإثيوبية أن الوقت قد حان، بالنسبة للجانب المصري، حتى يقوم بغيير سياسة الاستفادة غير السليمة من مياه “النيل”، والجلوس إلى طاولة المفاوضات من أجل مناقشة سياسات التوزيع العادل للمياه.
من ثم؛ تعرف البلدين الأهمية الجيوسياسية لـ”النيل”. وتتبنى “إثيوبيا”؛ التي تريد تقسيمًا عادلًا لمياه “النيل” تحت السيادة الإسرائيلية، ردود فعل هجومية إزاء سياسات “مصر” المائية. لأن “إثيوبيا” أكبر حليف لـ”الكيان الإسرائيلي” في منطقة شرق القارة الإفريقية، حيث يزداد النفوذ الإسرائيلي في القطاعات “الاقتصادية-التجارية” الإثيوبية.
على سبيل المثال، قال السفير الإثيوبي، “رتا آلامو”، في الذكرى السنوية لافتتاح السفارة الإثيوبية بـ”إسرائيل”، بتاريخ 30 تشرين ثان/نوفمبر 2020م: “تجمع إثيوبيا وإسرائيل؛ علاقات تاريخية ومعنوية خاصة، كانت قد بدأت منذ اللقاء التاريخي لملكة سبأ مع الملك سليمان”. وأعرب عن استعداد بلاده دعم وتطوير العلاقات الثنائية، لاسيما في المجالات الاقتصادية.
بدوره؛ قال مساعد مدير عام الشأن الإفريقي بالخارجية الإسرائيلية: “إسرائيل حريصة على تطوير العلاقات الثنائية، فيما يخص القضايا الإقليمية والعالمية”. وأعلن دعم “إسرائيل” المقترح الإثيوبي بخصوص التحول إلى عضو غير دائم في “مجلس الأمن” و”منظمة الصحة العالمية”.
ويتم تفسير هذا الدعم بنوع من الإمتياز الإسرائيلي، للجانب الإثيوبي فقط؛ لمضاعفة الضغوط على “مصر”، إذا تواجه “إسرائيل” مشكلة كبيرة في توفير المياه، لأنها تحصل على الحصة الأكبر من “مرتفعات الجولان”، لذلك تسعى للسيطرة على مصادر مياه “النيل”.
وكانت “إسرائيل” قد وقعت اتفاقية مع “مصر السادات”؛ لإمداد “إسرائيل” بعدد 800 مليون متر مكعب من مياه “النيل” سنويًا، مع هذا فقد فشلت حتى الآن في إجبار “القاهرة” على تفعيل هذه الاتفاقية.