25 أبريل، 2024 8:45 م
Search
Close this search box.

جغرافية المدينة القديمة وكثرة المدنيين .. اسباب “إستعصاء” معركة الموصل

Facebook
Twitter
LinkedIn

“بقي القليل لكنه الأصعب”.. بهذه العبارة لخص قائد قوات مكافحة الإرهاب العراقية الفريق الركن “عبد الغني الاسدي” تطور عمليات استعادة الجانب الأيمن لمدينة الموصل، في وقت يرفع تنظيم “داعش” شعار الثبات ويخطط محارباً معركته بشراسة حتى الموت في مساحة ضيقة محشوة بالسكان.

من جانبها استعادت القوات العراقية السيطرة على اكثر من نصف الجانب الأيمن (الغربي) منذ بدء العمليات العسكرية في 19 شباط/فبراير الماضي، فيما تحدثت اللجنة الأمنية في الحكومة المحلية لمحافظة نينوى عن استعادة ما نسبته 75% من هذا الجانب، وأياً يكن الأمر ما زال التنظيم يعول على منطقتين يتحصن فيهما مقاتلوه جيداً.

تحصن “داعش” داخل الجغرافية المساعدة للمدينة القديمة..

المنطقة الأولى عبارة عن مجموعة أحياء قديمة وازقة ضيقة على شكل متاهات، تسمى بـ”المدينة القديمة” وتقع في مركز الموصل على الضفة اليمنى لنهر دجلة، وتعد اهم معاقل تنظيم “داعش” حالياً اذ يعض عليها بالنواجز مستغلاً “الكثافة السكانية العالية، والمساحات الضيقة التي تقيد حركة العجلات العسكرية”، كما أنها منطقة هشة فيما تعرضت للقصف فان منازل كثيرة ستتضرر لأنها “متراصة وصغيرة ومتهالكة لقدمها”.

لذا فان سلاح الطيران، الذي يعد حاسماً في هذه الحرب، سيكون مقيداً إلى درجة كبيرة مما يدفع القوات المهاجمة للترجل، وهذا ما يريده المتطرفون الذين ارتدوا الأحزمة الناسفة حتى صاروا قنابل موقوتة داخل المنازل وبين المدنيين.

وللمدينة القديمة رمزية لـ”داعش”، حيث يقع الجامع النوري الكبير الذي ألقى فيه زعيم التنظيم “أبو بكر البغدادي” خطبته العلنية اليتيمة معلناً عن دولة الخلافة في تموز/يوليو 2014، من هنا فان القوات العراقية تحاول الوصول إلى هذا الجامع لتحقيق نصر معنوي كبير، لكن لن يقضي على وجود داعش في المدينة.

تنظيم “داعش” من جانبه، هيأ مكاناً ثانياً له اطلق عليه “ارض الثبات”، وهي عبارة عن ثلاثة احياء كبيرة متجاورة “17 تموز ومشيرفة والهرمات” على الطرف الغربي للمدينة، واختارها بفعل عامل الجغرافيا أولاً، فمن جهة الشمال يحدها نهر دجلة ومن الشرق يحيطها “واد عميق”، ومن الغرب مفتوحة على الريف الذي يشقه الطريق الرئيس المؤدي إلى سوريا، لكن ليس ثمة سبيل للفرار ابعد من 10 كلم لان القوات العراقية تضرب طوقاً على الموصل وتحاصرها تماماً.

ما يميز هذه الاحياء انها كانت اول موطئ قدم لـ”داعش” عندما هاجم الموصل، وسيطر عليها في حزيران/يونيو 2014، حتى اطلق على احدها “حي الفتح”، ومنذ ذلك الحين تتمركز عناصره داخلها بكثرة كما نقلوا إليها عائلاتهم، التي تزاحم المدنيين الموجودين بكثرة بعدما اجبروا على البقاء بالرغم من القصف الجوي والمدفعي الشديد.

“داعش” يستغل المدنيين كعادته أسوأ استغلال..

حتى ساعة كتابة هذه السطور، يسيطر تنظيم “داعش” بقوة على هاتين المنطقتين بل انه يعزز وجوده فيهما ويستعد لخوض معاركه الأخيرة فيهما، مستفيداً من التقدم البطيء للقوات العراقية في الأسابيع الثلاثة الماضية بعد وقوع مجزرة منطقة “موصل الجديدة”، التي راح ضحيتها نحو 150 مدنياً جراء القصف الجوي للتحالف الدولي والمفخخات التي فجرها المتطرفون لاعاقة تقدم القوات قبل شهر تقريباً.

آنباء المناطق التي مازالت تحت سيطرة “داعش” تؤكد على انه يتمسك بالمدنيين على نحو غير مسبوق ليكونوا حطباً للحرب، وان عناصره لا يترددون في قتل كل شخص يريد الفرار ويبررون ذلك بالقول: ان “من يسعى للذهاب إلى المناطق الخارجة عن سيطرة دولة الخلافة فهو كافر وجزاؤه القتل”.

في هذه المعارك يتم توريط السكان المحليين ودفعهم إلى فوهة المدفع.. فقد اجبر التنظيم المتطرف سكان الاحياء الغربية على مشاركة منازلهم مع عائلات مقاتليه التي نزحت من مناطق أخرى بالمدينة.

وفي المناطق التي تشهد قتالاً فان القناصين يعتلون سطوح المنازل ويتنقلون من منزل إلى آخر، حتى تعرض العشرات منها للقصف، وراح بسببه مئات الضحايا، كان أخرهم يقدر بنحو 30 فرداً دفنوا تحت الأنقاض يوم 10 نيسان/ابريل الفائت، في حي اليرموك قبل ساعات من تحريره، بحسب ما أكده “برزان احمد” أحد أقارب الضحايا.

القوات العراقية تدرك تماماً أهمية الموصل القديمة والأحياء الغربية، ومدى صعوبة استعادتها، لذا تتقدم نحوها من أربعة محاور، وكلما اقتربت منها أبطأت تقدمها وكانت أكثر حذراً.

كما رجحت بعض الآراء الأمنية تراجع احتمال حدوث انهيار بين صفوف مقاتلي داعش، لذا سيكون لزاماً مواصلة القتال الشرس لحين انتزاع آخر شارع من المدينة، وهو ما يزيد فاتورة الضحايا المدنيين وخسائر القوات العراقية، ويوسع دائرة الدمار في الموصل.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب