8 أبريل، 2024 2:52 م
Search
Close this search box.

جرافات ” قاسم مطرود” لاتعرف الموت .. أبدا

Facebook
Twitter
LinkedIn

أي خبر حزين حملت لي الصديقة الشاعرة ورود الموسوي  حين نهضت للصلاة فجر ا!
اتصلت بي حزينة على غير عادتها والساعة كانت الثالثة بتوقيت لندن ,وبصوت متكسر قالت لي”  قبل نصف ساعة رحل عزيزنا قاسم مطرود”
أرجووووووووووووووك
قلت لها
قالت” هذه إرادة الله “
-إنا لله وإنا اليه راجعون
وماذا ستفعلين؟
أنا في الطريق الى بيته
-ورود , سلمي لي على قاسم حتى لوكان جنازة فليس من السهولة أن تنتزع حياته
سلمي لي على كلماته
ومشاريعه القادمة التي سينجزها في العالم الآخر

…….
حين أغلقت الهاتف
أجريت عملية بحث في “اللاب توب”
وجدت صورا تجمعني به من لقائنا الأخير في لندن  ديسمبر 2011
ومقالا كنت قد نشرته  استرجعت به سنوات معرفتي به , وقرأه وهو في المستشفى  وأعجب به عبر اتصال هاتفي وسألني عن شريط فيديو سجلته له كاميرا الصديق  المخرج “خالد العامري” في لقائنا الأخير بقاعة الحوار الإنساني بلندن حين حضر عرض مسرحيته ” مجرد نفايات” وأجرت معه الإعلامية عايدة الزدجالي لقاء للفضائية العمانية
فقد كان حريصا على أرشفة كل ما يخصه
وكأنه يشعر أن ضوء الحياة سيتسرب من بين أصابعه
ليغمر جسده الظلام
كان حريصا على أن يبقى في دائرة الضوء لأقصى ما يستطيع
في ذلك الإتصال سألته عن صحته فأجابني أنجزت نصا جديدا
ولدي أكثر من مشروع
فكان جوابه بليغا
وكان يمزح
وكان مليئا بالحياة
مثلما هو الآن
تماماااااا
…..
عدت لما كتبت عنه في مقالي “جرافات قاسم مطرود لاتعرف الموت”
فوجدت من المفيد اعادة نشره
ليقرأه ثانية
وهو يتكيء على أريكته في منفاه الجديد
………

رغم أن علاقتي به سبقت لقاءنا بسنوات عديدة بفضل وسائل الإتصالات الا أن لقاءنا الأول كان فوق خشبة مسرح فندق قصر البستان  خلال إقامة  مهرجان المسرح العماني  الأول عام 2004 م , في تلك الليلة التي ازدانت  بنجوم المسرح العربي  , كان  قاسم مطرود قد سبقني الى الصعود على  الخشبة لتحية الجمهور  بإعتباره  من ضمن ضيوف المهرجان وحين صعدت الخشبة كان قد نزل فتبادلنا تحية مرتبكة أمام أنظار الحضور ,  تخفي من  الأشواق أكثر مما تظهر.

ذلك المشهد ظل يتكرر في مناسبات أخرى فحين  نخطط للقاء في مهرجان يحدث ظرف يحول دون ذلك اللقاء , ولما  زرت لندن  جاء منه اتصال لأخي عدنان الصائغ  أبلغني من خلاله إنه لن يستطيع حضور الأمسية مع بدايتها   لأن لديه موعد مع الطبيب

وخزني قلبي :

الطبييييييييييب؟

سألته, متذكرا كيس الأدوية الذي رأيته  بغرفته بفندق راديسوس ساس بمسقط ولكنه طمأنني وقال: حين نلتقي سأحدثك

وبينما كانت عيناي تتجولان في وجوه الحاضرين ,لمحته فرفعت يدي , تذكرت مشهد لقائنا الأول , حيث ظلت  المنصة همزة وصل وقطع , فأردت أن يعرف الجمهور بحضوره لذا أهديت  قصيدتي”خشبة عوني كرومي ” له ولرسول الصغير الذي لمحته أيضا بين الحضور بعد أكثر من 15 سنة من آخر لقاء جمعنا بصنعاء وانسابت الكلمات محملة بالوجع مستحضرا “عوني كرومي” رسول المحبة والجمال  الذي كان القاسم  المشترك الأعظم الذي يجمعنا :

كلما أسدلت الستارة

وصفق الجمهور

للوردة النابتة فوق الخشبة

وجدنا أنفسنا

فجأة

قد التقينا

هو بابتسامته العريضة

وقلبه الذي يقطر بياضا

كقميص ملاك

وأنا بشوقي كله

فنتطاير

حتى نحط على شرفة العناق

يسألني عن بغداد

•-         هل عدت اليها؟

•-         ……………

وأسأله:

هل عدت ؟

…………………

وحين نرى

ان الإجابات عرجاء

نغير دفة الأسئلة….

يصفق الجمهور

فنعد أنفسنا بعودة قريبة

وعشاء سمكي

على شرف كأس

(أبي نؤاس)

الذي ملأوا جوفه

دخانا

…………..

وحين تفتح الستارة

على مشهد جديد

نتساءل كلانا

متى نعود ……….؟

……………..

ذات محطة افترقنا

أنا

عدت الى وحشتي

وهو

عاد

الى التراب

والجمهور يصفق….”

ولم أنتبه الا بعد سماع تصفيق الجمهور , بعد الأمسية التي قدمتها الشاعرة ورود الموسوي تعانقنا وسحبته لأسأله عما فعل مع الطبيب فقال : لاعليك , الأمر بسيط ,  لقد أخذت الجرعة الكيمياوية الأولى  , تذكرت الكبير قاسم محمد وهو يحمل لي هذا الخبر عبر الهاتف

ماالذي حصل؟ سألته فأجاب  بروح واثقة : لقد عاد المرض مجددا لكنني غير مكترث  فسأقهره أيضا , لم يكن الكلام مكابرة  بل كان بالفعل كان يضحك ويمزح وبخاصة حين بدأ رسول الصغير يرش نكاته بعد أن إنضمت الينا الفنانة أحلام عرب والمخرج جمال أمين , كان يضحك ويروي الطرائف  مثلما  كان يفعل في لقائنا بمسقط2004 م

 وتكرر لقاؤنا بعد أيام في معرض الفنان رشاد سليم وكان معنا معد فياض ونديم عبدالله , ولم يتطرق للمرض  بل كان قاسم الذي أسس أهم موقع مسرحي الكتروني “مسرحيون” ورفد المكتبة المسرحية التي تشكو من أنصراف الكتاب عن المسرح بالعديد من النصوص التي قدمت  على مسارح عربية كبيرة       ومن هذه الأعمال الجرافات لا تعرف الحزن ونشرب إذن وجسدي مدن وخرائط ودمي محطات وظل ومعكم انتصفت أزمنتي  وأحلام موضع منهار وأوهام الغابة ومجرد نفايات وعزف على حراك الجمر وليس عشاءنا الأخير ورماح الفجيعة ومواطن وحوار المصاطب وموتى بلا تأريخ ,  أقول كان  يتحدث عن مشاريع قادمة , وقوة الروح وهي سمة الكبار , حدثني الدكتور طالب عمران إنه زار الشاعر ممدوح عدوان قبل شهرين من رحيله وكان منكبا على كتابة مسلسل أنجز منه 23 حلقة فسأله :لماذا ترهق نفسك ؟ أجاب: أريد أن أكمل شغلي قبل الموت وإذا كان عدوان قد إنتصر على الموت في النهاية بدليل أنه مايزال يواصل الكتابة على صفحات الغيم ,  فقاسم مطرود الذي منذ أسبوع ينزف وأصيب بشلل نصفي كما ذكرت لي الشاعرة ورود الموسوي سيبرأ وينهض من فراشه  بردهة هالدان وارد   في “مستشفى نورث ورك بارك”, لينجز  مشاريعه  بقوة الروح التي ستنتصر على المرض كما فعل قبل عقد من السنوات , ذلك لأن جرافاته   لا تعرف الموت ولا تستكين له  .

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب