26 أبريل، 2024 2:42 م
Search
Close this search box.

“جام جم” الإيرانية تكشف .. مشروع تزييف التاريخ الشيعي !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص: ترجمة- د. محمد بناية:

لطالما سّعى الإنسان وراء الفضائل؛ ولم يتورع عن ارتكاب الرزائل في سبيل الوصول للفضيلة، ربما كانت هذه العبارة مبرر الوصول إلى الهدف، لكن بالحقيقة كل شيء نشأ من مفهوم واحد وهو أمر الرزيلة؛ فلا يجب أن تنزل الفلسفة إلى الرزيلة للوصول إلى أهدافها ومقاصدها. بحسّب ما استهل “محمد حسين الوند”؛ في مقاله التحليلي المنشور بصحيفة (جام جم) الإيرانية.

بعبارة أبسّط ليست المقاصد الشر الوحيد المتولد عن الرزيلة، وليست العامل المحفز داخل البشر؛ وإنما الفلسفة قد تكون مفتاح كشف جريمة صامتة، تلك الجريمة التي كان من دواعيها اتخاذ قرار تأليف مسلسل (الحشاشين) المُّثير للجدل.

دعونا نعود قرون للوراء، وتحديدًا عند أول اصطكاك للسيف في ميدان الحروب الصليبية. ومنشأ الجذور الأولى لتطور أمر “الرزيلة” وتم اعتراضه في المواجهة المباشرة، هو مبدأ دمج الشائعة مع الحقيقة، وتقديمها للآخرين بحيث يستطيع كلا من الطرفين القيام بدور أكثر وضوحًا في تمثيل الحق في المنافسة القوية بينهما.

وأنا وبكل شفافية؛ لا أقصد إحقاق الحق في جبهات الحروب الصليبية، وإنما هذه الفترة ذاتها باعتبارها مصدر الكثير من الكذب وخليط تزييف الحقيقة لصناعة التاريخ المرجو؛ وهو شيء لا يمكن انكاره بحسّب الوثائق وأوقوال المحللين التاريخيين في الجبهة الصليبية كأمر منظم؛ وهو كما قيل يُعرف في علم المعلومات الآن باصطلاح المنظم؛ بمعنى البناء على بُنية تحتية تتكون من علاقات وعقيدة مصممة خاصة بالوصول إلى هدف خاص في شكل أعمال منسّقة وموجهة؛ والتزييف المنظم في هذا المشروع كان التحسّين الذات المستمر للمفهوم محل تأكيد وأهمية.

ويمكن تتبع أثر ذلك في سرقة علوم العالم الإسلامي وحتى سرقة أرض الهنود الحمر واحتلال “فلسطين” المستمر حتى الآن.

لماذا “الحشاشون” ؟

للأجابة على سؤال لماذا كتّبت هذا المقال كرد فعل على مسلسل (الحشاشين)، أقول: إن (الحشاشين) نموذج كامل على مشروع تحسّين الذات وتزييف الحقيقة تحت ما أسميته صناع التاريخ؛ حيث صُّنع هذا المسلسل على أساس مفاهيم خاصة لتيار القوة الغربية وبميزانية صهيونية مباشرة في السينما باسم “مصر”؛ وما حصل هو نفس السلوك المنظم رغبة في مطالب معينة؛ هذا العمل الذي نبّت في غضون ستة أشهر بميزانية مليون دولار.

ولعلك تسأل نفسك لماذا السينما المصرية ؟.. يجب أن أقول إن “مصر” والتيارات المخبوءة في التربة الغربية والنظم الجديدة تربطها علاقات قديمة، تضرب بجذورها في معتقدات التصوف اليهودي ومشروع إنشاء أقسام من المعتقدات الغربية تقوم على التاريخ المصري.

والواقع أن تاريخ “مصر” وما وراء النهر القديم؛ يحظى كمجال مفضل من حيث الإمكانيات لتجذير المعتقدات الجديدة والانحرافات التأريخية، إنما يحظى باهتمام تيارات القوة الغربية. وعليه فإن “مصر” تُعتبر أحد المناطق الرئيسة لاستثمارات تيار القوة في منطقة ما وراء النهر، تلك الجغرافيا التي ينتشر فيها وفق التقارير الاستخباراتية عدة أجنحة ناشطة كسواعد لتيار الغرب، تُمثل مكانًا قد يكون بسهولة أفضل غطاءً لصناعة أثر موجه.

والتسّرع في بناء هكذا مشروع من الآثار الأخرى لتيار القوة؛ هذا التيار يمتلك إعلام بلا منازع، وأصبح المشروع في غضون ستة أشهر جاهز للتسّليم للتسّويق.

ماذا يُريد “الحشاشون” ؟

صدق أو لا، فالإعلام هو أداة الغرب الرابحة. وربما من منظورك صناعة مسلسل بهدف التأسيس لمرجع تاريخي هو مسألة غير معقولة، لكن يكفيك أن تُلقي نظرة حولك حتى تُدرك أن المصدر المعلوماتي لأطفالنا أصبح (غوغل) وأفلام الإنميشن والمسلسلات بدلًا من الكتب والدراسات وكل المشّقة التي تحتاج بالعادة إلى تحليل الداتا والإحاطة بعدة لغات، ومن المتوقع أن تظل هذه المصادر والمعلومات في الأذهان بعد عشرين عامًا، وتكتسب مكانة عالية في تاريخ البحث على محركات البحث، فهل تكون زاوية رؤية المحللين الصحيحة مفيدة أم الصور المثيرة والبيانات مثل (الحشاشين) ؟.. من ثم يستحيل إنكار حقيقة أن الإعلام هو السلاح الحاد الفائز بالنسبة لتيار الغرب في ترويج مفاهيمه والتاريخ المصطنع؛ حيث يخطو مشروع تزيف الحقيقة في (الحشاشين) على مفاهيم من جنس التاريخ العسكري والتاريخ الشيعي الإيراني.

وبداية من النخبة الميليشاوية وحتى الداعشية المتوحشة، كان التركيز في تزيف التاريخ العسكري الإيراني وتحديدًا المقاتل الإيراني في (الحشاشين)، على تعمد تضخيم اسم “إيران” باعتبارها أول مبدع لحرب العصابات في العالم والنزول به إلى مستوى الإرهاب؛ ووفق الوثائق البحثية فقد كانت قوات “حسن الصباح” التأديبية من النخبة، والمُلتزمة بمباديء الأسس الأخلاقية الشيعية، تلك القوات التي كان الزهد والتقشف أساس رئيس في تعليمهم، قوات تعزف حتى عن الزواج في إطار إنجاز وتنفيذ المهام الصعبة الموكلة إليهم، يُحافظون باستمرار على استعدادهم النفسي والبدني للقيام بالمهام، في المقابل يصور لك أهل اللهو أن كل هدف (الحشاشين) من حمل السكين هو النساء وآلات اللهو والخمر والمخدرات.

والطريف في الروايات المصطنعة للمتحدثين باللغة الإنكليزية من كتاب التاريج والجوالين حول العالم؛ من مثل “فیتزغرالد” المزور هذا الكم من الأكاذيب التي لا يمكن أن أنقلها لك كلها في مكان واحد، بداية من ربط قوات “حسن الصباح” خطأً باسم “الحشاشين” بمعناه الوضيع، وحتى ربط كلمة “الحشاشين” بالأشخاص الذي يُدخنون مخدر الحشيش بحيث يلقي الخوف في القلوب، وبغض النظر عن المصادر الصحيحة عن التاريخ الإيراني الحافل، لا يجب تجاهل حقيقة أن “الصباح” الذي كان وقواته من “إيران”، إنما نهض على روح مقاومة للاستعمار وتحررية فضلًا عن الإلتزام بالقيود الشيعية، كما في التاريخ العسكري الإيراني وحتى ما نقرأ في كتاب الملوك (شاهنامه) على لسان البطل الإيراني “رستم” يتعرض للشماتة بسبب حالة التصوف، والرجل يعتبر القتال عارًا ويتعرض للهجوم، وبغض النظر عن تحررية وتشّيع “الصباح” وفرقته، فالرواية المؤكدة أنه كان شديد الزهد، أضف إلى ذلك أي عقل سليم يتقبل أن يضطلع مجموعة من الفجرة بتنفيذ هكذا مهمة صعبة، تسببت وفق الوثائق التاريخية في زلزلة الحكام المتعطشين للدماء.

داعش”.. العقيدة المهزومة لتيار القوة..

الطريف أن مشروع تأمين وتجهيز الميليشيات مثل (داعش) وغيرها من التنظيمات الإرهابية، هو أحد المباديء الأساسية في عقيدة تيار القوة ضد القوة الإيرانية في الشرق الأوسط والعالم، والتي لم تفشل فقط في القيام بدورها، وإنما انطفأت كشعلة كبريت في مهب النسّيم اللطيف للشجعان الإيرانيين في الشرق الأوسط، هذا المشروع الذي كان من المقرر أن يكون بمثابة تنبّيه لنا، لكنه يرفع من قوة تمكيننا بنفس مقدار تخريب الغرب، هذا المشروع الذي أدى إلى توقف الغرب عن الاستمرار في استراتيجياته المدونة وتسبب في استسلام الغرب لـ”حرب غزة” ربما يتستطيع تحقيق أهدافه بهذه الوسيلة، لكنه مجددًا أخطأ في حساباته مع السّد الإيراني وتلقي صفعة قوية في إطار عمليات (الوعد الصادق)، الأمر الذي ألقى بهم في لعبة جديدة أكثر تعقيدًا.

ومسلسل (الحشاشين) الذي هو نتاج ملايين الدولارات وتعاون عدة دول، ككل المنتجات الإعلامية الغربية الأخرى؛ يقدم للمتلقي ما يُريد ممزوجًا بدمامل متقرحة عبر الاستفادة من شكل الأكشن والإثارة وجودة التصوير، هذه الطعمة التي اكتشف حتى المتلقي البسّيط سوءها ولزوجتها، هي عمل مبالغ فيه ويخفي الأكاذيب والكلام الفارغ خلف مشاهد الحب والأكشن المثير.

لماذا اللغة العربية.. ولماذا رمضان ؟

من الغريب أن اتخذ تيار الغرب قرار تقديم هذا العمل باللغة العربية وخلال شهر رمضان المعظم للمخاطب العربي، أي حين يكون التركيز الأكبر من التأثير على جمهور غريب عن الثقافة الإيرانية، ما أدى إلى الاهتمام بالمسلسل والتعلق بهذا العمل وكذلك شيوع اسم المسلسل، في حين أن أكثر من نصف العرب وهابيين ويعادون الإيراني الشيعي، يجلسون حتى وإن فهموا أكاذيب وافتراءات مسلسلهم، لمشاهدة المسلسل الغربي ويروجون له، وهو في ذاته أمر محسّوب لنجاح العمل.

لكن ما يبقى هو الحقيقة. فقد يكون الحقد أكبر خصائص تيار القوة. ومن خلال كل ما مروا به وما يريدون من إخفاء أنفسهم، فلا يمكن إخفاء حقدهم على نظام الكون، وهو ما أدى إلى أن كل ما يرون تكون نهايته فاشلة، قال تعالى: {ويمكرون ويمكروا الله والله خير الماكرين}.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب