26 أبريل، 2024 12:25 م
Search
Close this search box.

جائحة “كورونا” تكشف .. “العمال المستقلين” في أميركا بين ضعف الأجور وظروف العمل الخطرة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – لميس الشرقاوي :

بينما يتم حث الأشخاص على البقاء في منزلهم إتقاءًا لوباء فيروس “كورونا” المتفشي اليوم في جميع أنحاء العالم، هل يُعتبر استدعاء أشخاص آخرين للقيام بمهمة إحضار الطعام أمرًا أخلاقيًا ؟

في الأسبوع الماضي، قام “مصطفى مقلد”، برحلات إلى متجر البقالة أكثر من المعتاد، حيث ذهب لشراء كميات كبيرة من أشياء مثل: “مُعقم اليدين، والمناديل المُعقمة، والطعام غير القابل للتلف” – ليس لنفسه، ولكن للعملاء الذين يستخدمونه على تطبيق خدمة توصيل الطلبات (Postmates).

يعيش “مقلد” في “سان فرانسيسكو”، حيث النهب الموسع للمتاجر منذ إندلاع أزمة تفشي (كوفيد-19) أو ما يُعرف باسم فيروس “كورونا”. وبسبب طبيعة عمله، يضطر “مقلد” للبحث مليًا عن المُنتجات المكلف بشرائها مثل: “مُطهر اليد” – الذي غالبًا ما يكون قد نفذ – بسبب الإقبال الشديد على شرائه، ويتسبب ذلك في التنقل ذهابًا وإيابًا حسب رغبة العميل لمعرفة ما إذا كان يُريد استبدال المنتج أو استرداده في بعض الحالات. وفي بعض الأحيان، يقومون العملاء بإلغاء الطلب ببساطة، معللين ذلك: “لقد استهلكت الكثير من الوقت لإحضاره”.

ممارسات الإقصاء الاجتماعي..

للأسف، إن “مقلد” وعمال توصيل الطلبات مثله يتصدرون طليعة ممارسات “الإقصاء الاجتماعي”، التي نشأت في الأسابيع الأخيرة. ومع استمرار انتشار الفيروس التاجي الجديد في جميع أنحاء العالم، يُحاول العديد من الأميركيين التكيف مع واقع المرض والوقاية منه.

في ضوء الوضع الراهن، تزايد عدد العاملين من المنازل، وتزايد إلغاء التجمعات الكبرى وباتت تتحول حياة الكثيرين لأسابيع طويلة من العزلة. وذلك يعني بالنسبة للأشخاص في مجال تسليم وتوصيل وجلب الطلبات، المزيد من الطلبات والتنقلات ومواجهة عالم مليء بالجراثيم بشجاعة، بحسب وصف موقع (وايرد-Wired) الأميركي.

على إثر ذلك؛ ارتفعت الطلبات على منصات توصيل وجلب الطلبات مثل: (Instacart) و(Postmates) و(DoorDash)، في الأسابيع الأخيرة، بل تضررت كبرى شركات التجارة الإلكترونية من الأزمة؛ ومن ذلك إعلان شركة “آمازون” أن عمليات تسليم الشحنات تستغرق وقتًا أطول من المعتاد بسبب زيادة الطلب.

أجور زهيدة وحقوق شبه معدومة للعمال !

وفي حين تضائل الطلب على خدمات مثل تطبيقات النقل التشاركي وتنزه الحيوانات الأليفة، تضاعف الطلب على تطبيقات توصيل الطلبات؛ والتي تؤشر بإرتفاع الدخل، ولكن في الوقت نفسه تُثير سؤالًا أخلاقيًا، مفاده: هل من المقبول توظيف شخص يتحمل مخاطر تتجنبها ؟

يقول مواقع (وايرد) أن الإجابة عن هذا السؤال تُعتبر معقدة أكثر مما نتخيل. بديهيًا؛ من الواجب عدم تعريض صحة شخص ما لحماية آخر، في الوقت نفسه، لا يحصل المتعاقدون المستقلون على إجازات مدفوعة الأجر أو أيام المرض؛ وعدم توظيفهم يقطع سُبل معيشتهم.

وفي سبيل مواجهة تلك الأزمة، تحركت منظمات مثل: “Gig Workers Rising”، لعمل حملات ضغط على الشركات لتقديم المزيد من الفوائد لعمالها، وصرف تعويضات عن طبيعة عملهم. وبالفعل؛ رصدت صحيفة (وول ستريت جورنال) مناقشة العديد من الشركات – بما في ذلك (Instacart) و(Postmates) و(DoorDash) – طرق تعويض العمال لديها.

يقول “سارو غايارامان”، مدير مركز أبحاث العمل الغذائي في جامعة “كاليفورنيا” في “بيركلي”: “إن المشكلة الأساسية مع هؤلاء المتعاقدين المستقلين هي أنه في مثل هذه اللحظة، ليس لديهم ما يمكن التراجع عنه”. “إذا لم تقوم بالتعامل مع هذه الشركات، فهذا يؤذي العمال”.

كما تعلق “لوران كيسي”، واحدة من أبرز منظمي حملة (Gig Workers Rising)؛ في نهاية المطاف، إن العمال المستقلين أصبحوا في الخطوط الأمامية، من حيث التعرض والمخاطر. وأظهر مسح أجري مؤخرًا لـ 600 سائق مشاركة في القيادة؛ أنه في حين أن 53% كانوا قلقين للغاية بشأن انخفاض الأرباح خلال تفشي مرض (كوفيد-19)، فإن عددًا كبيرًا 43% كانوا قلقين أيضًا بشأن الإصابة بالفيروس التاجي في العمل.

وتُقدر مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها أيضًا؛ أن 70% من الأمراض التي تنتقل عن طريق الغذاء، ليس من بينها فقط الفيروس التاجي، أو ما يُعرف باسم “كورونا”، ولكن الإنفلونزا الموسمية أيضًا. عندما يتعلق الأمر بأعمال جلب وتسليم الطلبات، فإن الخدمات في “الولايات المتحدة” تقدم خيار حماية للعملاء، حيث يترك العمال الأشياء التي يتم جلبها ليأخذها الناس. لكن هذا لا يحمي بالضرورة المورِّد من أي شيء يتواصل معه عمومًا وأثناء عملية التوصيل وقيادة المركبة في الشوارع.

العمال المستقلين.. ظروف عمل متعسفة..

أوضح الموقع الأميركي، في التحقيق الذي نشره عن أوضاع العمال المستقلين في أزمة التعامل مع “كورونا”، أن أي عمال يعملون لدى (Postmates ،Uber ،Lyft ،DoorDash ، Caviar، Amazon Flex)، أصبحوا مخيرين ما بين نصيحة المنظمات الصحية وحقائق وظيفتهم.

وتُضيف “كيسي” أن أي شخص إذا مرِض؛ يمكنه طلب إجازة بعكس العمال المستقلين، فإن مرضهم يعني توقف مصدر العائل عن الإنفاق عليه وعلى عائلته.

وإلى جانب كل ذلك، إن الأشخاص الذين يطلبون خدمات التوصيل والبريد السريع يجب أن يتحلوا باللطف في معاملة المُستخدَمين. وهو أمر يُضايق الكثير من العمال لدى تلك التطبيقات؛ لأن الكثير من الزبائن على سبيل المثال: “لا يفهمون حدود قدرات” هؤلاء العمال، بحسب وصف “روبرت”، الذي يعمل مع (Instacart وPostmates وGrubhub وDoorDash)، في وسط ولاية “فرغينيا” الغربية. وأردف أنه اضطر مؤخرًا رفض بعض عروض (Instacart)؛ لأنه يعرف أن محلات البقالة في منطقته تعرضت للنهب، وذلك لأن مقابل كل عنصر لا يمكنه الوفاء به في أحد الطلبات، يقوم (Instacart) برد أموال العميل، ويقول: “إذا اختفى نصف العناصر في القائمة، فقد فقدت نصف راتبك”.

في اقتصاد العمال المستقلين، تكون التصنيفات هي كل شيء، بمعنى أن حصول العاملين على تقييمات أعلى هو مؤشر على أنهم يعملون أكثر. والعديد من المنصات لها حد أدنى من التقييمات المنخفضة قبل تسريح العامل تمامًا، مثال على ذلك شركة “أوبر”، التي تُحدد أدنى تقييم بـ 4.6، بينما تحدده شركة “DoorDash” عند 4.2.

تقول “مولي تران”، مديرة الصحة العامة في كلية “إلمهورست”، التي تُدرس الصحة والسلامة في مكان العمل: “وتؤثر التقييمات على قدرتهم على الوصول إلى العمل. أنا متأكدة من أن الكثيرون يفكرون في أشياء مثل: هل يمكنهم إرتداء قناع ؟.. أو أن ذلك سيؤثر على تقييماتهم ؟”.

ويعتقد المدافعون عن العمال المستقلين أن الوقت قد حان للعملاء للضغط على الشركات للتعامل مع عمالهم بشكل مختلف. في الآونة الأخيرة، عرضت شركتي “أوبر” و”ليفت” لنقل الركاب؛ إجازة مدفوعة تصل إلى أسبوعين إذا تم تشخيصهم بالفيروس التاجي وتم حجرهم صحيًا. (لا تنطبق الميزة قبل تشخيص السائقين، أو الأمراض المعدية الأخرى)، في الأسبوع الماضي، أرسل السناتور الأميركي، “مارك وارنر”، رسائل إلى “Uber وLyft وInstacart وPostmates وGrubhub وDoorDash”، ليحثهم على السماح للعمال بفرض حجر صحي ذاتيًا دون أن يفقدوا رواتبهم.

في اقتصاد الحفلة، تكون التصنيفات هي كل شيء. يحصل العاملون الحاصلون على تقييمات أعلى على الأفضلية على الطلبات، مما يعني أنهم سيعملون أكثر. والعديد من المنصات لها حد أدنى لكيفية الحصول على تقييمات منخفضة قبل أن تتخطى شركة الشحن الخدمة تمامًا. في كثير من الأحيان، هذه العتبات لا ترحم: في “DoorDash”، سيؤدي تصنيف 4.2 إلى تعطيلك. على “أوبر”، إنها 4.6.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب