خاص : ترجمة – د. محمد بناية :
أثر قرار البرلمان، الذي فتح عمليًا الباب للانسحاب الإيراني من “الاتفاق النووي” سريعًا، على ارتفاع سعر العُملة، في حين أن نمو الأسعار في سائر الأسواق، (مع الأخذ في الاعتبار لإرتباط الاقتصاد المحلي بتقلبات سعر العُملة)، إنما يُنذر بتغييرات جذرية.
وقد ترك قرار البرلمان الأخير، والذي يهدف إلى تعليق تنفيذ البروتوكول الإضافي، وينص على إلزام الحكومة تخصيب (اليورانيوم) بنسبة 20%، تأثيرًا مباشرًا منذ الساعات الأولى للإعلان عن القرار، على الأسواق الإيرانية وارتفع سعر صرف الدولار إلى 26 ألف طومان، وإزداد سعر العُملة من 800 ألف إلى مليون طومان. بحسب صحيفة (الديمقراطية) الإيرانية الإصلاحية.
وتأثر سوق السيارات وتوقف مسار خفض الأسعار، وكذلك باقي الأسواق. ورغم أن البرلمان كان قد رفع شعار: “دعم الحياة المعيشية للمواطن”، لكنه لم يفشل فقط، منذ بدء العمل قبل أشهر قليلة، في اتخاذ أي إجراء من شأنه تنفيذ الشعارات، لكنه بذلك القرار يُهدد بشكل مباشر حياة المواطنين.
لقد أثبت المجلس عدم وجود أي برنامج يستهدف تحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، وإنما يتخذ القرارات دون التفات إلى تبعاتها على حياة الشعب.
ويمكن متابعة تداعيات هذه المشاريع على أسواق المال والاستثمار المأزومة بالدولة. والحقيقة أن هذا القرار لم يكن متوقعًا، بل إن البعض وصف هذا القرار بالمخالف للقوانين العُليا، وأعلن “بهروز كمالوندي”، المتحدث باسم هيئة الطاقة الذرية: “تنفيذ البروتوكول الإضافي؛ لا يأثر مطلقًا على مسار تخصيب (اليورانيوم)، لكن عدم التقيد بذلكم البروتوكول سوف يزيد الشكوك حيال البرنامج النووي الإيراني”.
اقتصاد مهزوز وقرارات خاطئة..
يعيش الاقتصاد الإيراني أسوأ حالاته، خلال الأربعين عامًا الماضية، بسبب القرارات الخاطئة، وإنهيار البنية التحتية، وتداخل القوانين، والأنشطة الموازية من جهة، وكذلك العقوبات الدولية من جهة أخرى، وهذه الأوضاع تزداد سوءً يومًا بعد آخر.
ويعتقد الكثير من خبراء الاقتصاد في ضرورة الحد من الإجراءات المتسرعة أو العاطفية أو تلكم التي تراعي المصالح الفئوية.
وقد أثبت البرلمان، في دورته الحادية عشر، عدم وجود خطة واضحة ومسجلة تساعد في إنقاذ المواطنين من الأزمات الاقتصادية. ويسأل نقاد البرلمان: لماذا يخلط نواب البرلمان بين الكثير من المفاهيم الجذرية ؟.. ألا يملكون القوة العسكرية ويتحدثون بالوقت نفسه مع دول العالم عن مكاسب جديدة ؟!.. لماذا يظن النواب أن التفاوض مع قوة أجنبية يمثل نهاية التسليح العسكري أو نقطة ضعف ؟.. ألا يعي بعض المسؤولين أن للتنمية الاقتصادية مفاهيم، وأن العقوبات في ظل تفشي وباء (كورونا) وتدهور أوضاع التصدير النفطي، إنما تزيد من سوء أوضاع دولة يعتمد الجزء الأكبر من إنتاجها على استيراد المواد الأساسية ؟..
الآن، وبعد مرور خمسة أشهر، على إنطلاق أعمال الدورة البرلمانية الحادية عشر، ماذا صدر من قرارات تستهدف تغيير الأوضاع الاقتصادية، وكان أثرها ملموسًا على حياة المواطنين ؟.. أما وقف بعض النواب على معاني الشعارات التي يطلقون ؟..
والحقيقة أنهم يعلمون الإجابة على كل هذه الأسئلة، لكنهم أكثر شوقًا لإثبات مدى عجزهم في المسائل الاقتصادية.
إنهيار المعيشة..
يُصارع الشعب الإيراني، منذ مدة طويلة، المشكلات الاقتصادية، والكثير من أبناء الشعب يحتاج إلى دعم معيشي لتجاوز مشاكل الحياة، بينما البرلمان ينزع اللاصقة عن جروح الإيرانيين العميقة ويناقش موضوعات غير ذات قيمة مثل: “توفير السلع الأساسية”؛ و”تأمين المعيشة”.
والموتوقع بعد وصول الرئيس الأميركي المنتخب، “جو بايدن”، للسلطة الأميركية، تراجع مستويات التضخم مهما كان مستوى الاضطراب في سوق العُملات والذهب، وإزداد الأمل في العودة الأميركية لـ”الاتفاق النووي” وعودة الأوضاع الإيرانية إلى ما كانت عليه، قبل الانسحاب الأميركي وتفعيل العقوبات.
صحيح أنه لا يُجدر الثقة بالولايات المتحدة، لكن حين يتعلق الموضوع بحياة الإيرانيين، فالأمر يستدعي الاستفادة من القرارات العقلانية في تحقيق أهداف البلاد.