تُزيد من تخصيب “اليورانيوم” .. هل تستطيع طهران امتلاك سلاح نووي ؟

تُزيد من تخصيب “اليورانيوم” .. هل تستطيع طهران امتلاك سلاح نووي ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تنفيذًا لتهديداتها للمرة الأولى، منذ 2015.. أعلنت “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، أمس، أن مخزون “إيران” من (اليورانيوم)، منخفض التخصيب، تجاوز الحد الأقصى المسموح به بموجب “الاتفاق النووي”.

المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، “يوكيا أمانو”، أكد أن “إيران” تجاوزت الحد الأقصى لاحتياطي (اليورانيوم)، منخفض التخصيب، البالغ 300 كيلوغرام، حسبما قال “فريدريك دال”، المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وهو ما أكده وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، حيث ذكرت تقارير وسائل الإعلام أن احتياطيات البلاد من (اليورانيوم)، منخفض التخصيب، تجاوزت 300 كيلوغرام؛ وهي الكمية المنصوص عليها في “الاتفاق النووي”.

وقال “ظريف”، في رده على سؤال لوكالة (إسنا)؛ عن تخطي “طهران” مخزون الـ 300 كغم: “طهران تخطت تلك النسبة وفقًا لبرنامجها، وذلك استنادًا لما قلناه من قبل بوضوح، بأن ما نفعله ونتصرف في شأنه يستند إلى حقوقنا الخاصة التي نتخذها بأنفسنا فقط”.

ورد على سؤال إذا كانت “أميركا” قد تفرض عقوبات على “أوروبا”، فقال: “تلك هي مشكلتهم يتعين عليهم حل مشكلتهم”.

يمكن التراجع..

ومن جانبه؛ قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، “عباس موسوي”، إنه على “أوروبا” أن تسرع من وتيرة جهودها من أجل إنقاذ “الاتفاق النووي”.

وأشار “موسوي” إلى أن خطوات “إيران” لتقليص إلتزاماتها بموجب الاتفاق النووي؛ “يمكن التراجع عنها”.

كما حذرت “طهران”، الأوروبيين، من أنها ستتخذ الخطوة الثانية بتقليص إلتزاماتها بموجب “الاتفاق النووي”، إذا لم تدخل آلية (إينستكس) حيز التنفيذ، قبل 7 تموز/يوليو 2019.

وكانت وكالة (فارس) الإيرانية للأنباء قد نقلت عن، “مصدر مطلع”، أمس، قوله إن مخزون (اليورانيوم) المخصب بنسبة 3.67 في “إيران” تخطى مستوى الـ 300 كيلوغرام.

وقال المصدر للوكالة الإيرانية؛ إن: “مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وبعد توزينهم، الأربعاء الماضي، قاموا مرة أخرى، أمس الإثنین، بتوزين المواد المخصبة، (اليورانيوم المخصب)، المنتجة من قِبل إيران، حيث تخطت السقف المحدد وهو 300 كغم”.

إجراء تأخر 60 أسبوعًا..

ثم عاد وكتب “ظريف”، على (تويتر): “لم ننتهك الاتفاق النووي”. مشيرًا إلى: “الصفقة النووية بعنوانها الرسمي، خطة عمل شاملة مشتركة”.

وأضاف أن: “الفقرة 36 من الاتفاقية توضح السبب. لقد تسببنا في استنفاد الفقرة 36 بعد الانسحاب الأميركي. لقد منحنا مجموعة الدول الثلاث، (فرنسا وبريطانيا وألمانيا)، بضعة أسابيع؛ بينما نحتفظ بحقنا. وأخيرًا إتخذنا إجراءً بعد 60 أسبوعًا. وبمجرد التقيد بإلتزامات فإننا سوف نعكس توجهنا ونعود إلى الاتفاق”.

دعوة للإلتزام بخطة العمل الشاملة..

في المقابل؛ أعربت “روسيا” عن أسفها إزاء هذا القرار، داعية “طهران” إلى التحلي بالمسؤولية فى تنفيذ اتفاق الضمانات، ومؤكدة في الوقت نفسه ضرورة منع التصعيد.

وقال نائب وزير الخارجية الروسية، “سيرغي ريابكوف”، أن: “تجاوز إيران حد الـ 300 كيلوغرام من اليورانيوم؛ أمر مؤسف، لكن لا يجب تهويل الأمر”، داعيًا كل الأطراف الأوروبية المشاركة فى خطة العمل الشاملة المشتركة إلى عدم تأجيج الوضع.

وحث “ريابكوف”، الإيرانيين، على ضرورة التحلي بأقصى درجات المسؤولية فيما يخص خطواتهم في هذا المجال، وخاصة فيما يتعلق بتطبيق “إيران” اتفاقات الضمانات الشاملة مع “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” والبروتوكول الملحق بها.

واعتبر نائب وزير الخارجية الروسي، أن “إيران” تواجه ضغوطًا غير مسبوقة وتضييقًا أميركيًا لا نظير ولا مثيل له، تجري ممارسته من خلال العقوبات، مشددًا على ضرورة أن تبقى “طهران” طرفًا في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وألا تخرج منها.

إسرائيل لن تسمح لإيران بتطوير أسلحة نووية..

وسارع رئيس حكومة تسيير الأعمال الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، باتهام “إيران” مجددًا بالكذب بخصوص أنشطتها النووية، ووعد بالكشف عما أسماه أدلة على تورطها باستمرار العمل على تطوير برنامجها النووي، مؤكدًا على أن “إسرائيل” لن تسمح نهائيًا لـ”إيران” بتطوير أسلحة نووية.

وقال “نتانياهو”، بكلمة ألقاها خلال احتفالية أقيمت أمس في “القدس” لتكريم وحدات احتياط عسكرية متفوقة: “أعلنت إيران اليوم أنها تخرق إلتزامًا واضحًا تعهدت به، عندما قامت بتخصيب اليورانيوم بكمية وتجاوزت 300 كغ”.

وأضاف: “إيران تمضي قدمًا بشكل ملموس نحو تصنيع الأسلحة النووية. وعندما كشفنا النقاب عن الأرشيف النووي السري الإيراني، أثبتنا أن الاتفاقية النووية التي أبرمت مع إيران بأكملها بنيت على كذبة كبيرة”.

وتابع “نتانياهو”: “سيتم قريبًا كشف النقاب عن المزيد من الأدلة التي ستثبت بأن إيران كذبت طول الوقت”.

وأكد “نتانياهو” على أن: “إسرائيل لن تسمح لإيران بتطوير الأسلحة النووية. وفي هذا اليوم، أقول لجميع الدول الأوروبية: “إلتزموا بتعهداتكم. لقد إلتزمتم بالتحرك عند قيام إيران بخرق الاتفاقية النووية، وإلتزمتم بتفعيل آلية العقوبات الأوتوماتيكية التي حددها مجلس الأمن. إذاً، أقول لكم: قوموا بذلك”.

إجراءات لاحقة ردًا على إنتهاك الصفقة..

من جانبها؛ أعربت “بريطانيا” عن قلقها العميق من تجاوز “إيران” الحد المسموح لمخزون (اليورانيوم) المخصب، داعية إياها للإلتزام بـ”الاتفاق النووي”، مشيرة إلى أنها تبحث إجراءات لاحقة ردًا على إنتهاك الصفقة.

وقال وزير الخارجية البريطاني، “غيريمي هانت”، في تغريدة نشرها، أمس، على حسابه في موقع (تويتر): “أشعر بقلق عميق إزاء إعلان إيران أنها إنتهكت إلتزاماتها الحالية في إطار الاتفاق النووي”.

وأضاف “هانت”: “بريطانيا تبقى متمسكة بتطبيق الاتفاق واستخدام كل الآليات الدبلوماسية لخفض التوتر في المنطقة. أحث إيران على تجنب إتخاذ أي خطوات إضافية بعيدة عن خطة العمل الشاملة المشتركة، وعلى الإلتزام بها”.

وقال مسؤول في مكتب رئاسة الوزراء البريطانية، في حديث لوكالة (رويترز): “أكدنا بصورة متكررة أن تمسكنا بخطة العمل الشاملة المشتركة يتوقف على مدى إلتزام إيران بمباديء الاتفاق، وندعو سلطات البلاد إلى التراجع عن خطوتها الأخيرة”.

وأضاف المسؤول: “نجري مناقشات عاجلة مع شركائنا في إطار خطة العمل الشاملة المشتركة حول خطواتنا اللاحقة بالتوافق مع بنود الصفقة”.

كما قال مصدر بـ”وزارة الخارجية الألمانية”؛ إن “ألمانيا” تشعر بقلق شديد بشأن إعلان “إيران” تجاوز حد مخزون (اليورانيوم) المخصب، المنصوص عليه في “الاتفاق النووي”، المبرم بين “طهران” والقوى العالمية، في عام 2015.

وقال المصدر: “ندعو إيران إلى التراجع عن هذه الخطوة؛ وعدم تقويض الاتفاق النووي أكثر من ذلك”، مضيفًا أن بلاده ستدرس بعناية مع الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق؛ الخطوات التالية بشأن “إيران”.

واشنطن ستواصل ممارسة أقصى درجات الضغط على طهران..

ودعت “الولايات المتحدة” إلى إلزام “إيران” بعدم تخصيب (اليورانيوم) على الإطلاق، ردًا على تجاوزها الحد المسموح به وفقًا لـ”الاتفاق النووي”، مؤكدًة على نيتها مواصلة ممارسة أقصى درجات الضغط على “طهران”.

وأصدر “البيت الأبيض” بيانًا؛ قال فيه: “إتخذ النظام الإيراني اليوم إجراءات لزيادة تخصيب (اليورانيوم). كان من الخطأ السماح لإيران، في إطار الاتفاق النووي معها، بتخصيب (اليورانيوم) على أي مستوى كان”.

وأضاف “البيت الأبيض”: “قليل من شك في أن إيران إنتهكت شروط الصفقة حتى قبل إبرامها. وعلينا إعادة المعيار القديم لمنع انتشار السلاح النووي، والذي لا تستطيع إيران بموجبه تخصيب (اليورانيوم) على الإطلاق”.

وتابع البيان: “الولايات المتحدة لن تسمح، مع حلفائها، لإيران بإنتاج أسلحة نووية، وستتم مواصلة ممارسة أقصى درجات الضغط على النظام الإيراني حتى تغيير قادته نهجهم. على النظام الإيراني أن ينهي طموحاته النووية وتصرفاته الخبيثة”.

قلق أممي..                      

وذكر المتحدث باسم “الأمم المتحدة” أن الأمين العام للمنظمة الدولية، “أنطونيو غوتيريش”، يشعر بالقلق إزاء إنتهاك “إيران” لجزء من “الاتفاق النووي” وحثها على مواصلة التقيد بجميع إلتزاماتها النووية بموجب الاتفاق.

وقال المتحدث، “ستيفان دوغاريك”، للصحافيين: “قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بتحرك من هذا القبيل لن يساعد في الحفاظ على الخطة، (الاتفاق)، ولن يضمن مزايا اقتصادية ملموسة للشعب الإيراني. من الضروري أن يتم التعامل مع هذه القضية.. من خلال الآلية التي حددتها خطة العمل الشاملة المشتركة، (الاتفاق النووي)”.

وكانت “واشنطن” قد انسحبت من “الاتفاق النووي” مع “إيران”، في آيار/مايو عام 2018، وأعادت فرض عقوبات عليها بسبب “أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط”، ما رفع حدة التوتر بين “الولايات المتحدة” و”إيران”.

وردًا على إعادة العمل بـ”العقوبات الأميركية”، أعلنت “إيران”، في آيار/مايو 2019، نيتها تعليق تنفيذ عدد من إلتزاماتها في حال لم يساعدها الأوروبيون والروس والصينيون في الإلتفاف على التدابير الأميركية.

ليس كافيًا لإنتاج سلاح نووي..

صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية، قالت تعليقًا على الخطوة الإيرانية؛ أنه لا يعد رفع كمية (اليورانيوم) المخزنة وحده عاملًا كافيًا لتنتج “إيران” سلاحًا نوويًا، ولكنه أقوى مؤشر من جانب “طهران” على أنها تتحرك لاستعادة مخزونها الكبير من (اليورانيوم)، والذي تطلب الأمر ستة دول كبرى عدة سنوات لإقناعها بإرساله إلى الخارج.

ويقول قادة “إيران”؛ إن هذه الخطوة مبررة وتأتي كرد فعل على تخلي إدارة الرئيس، “دونالد ترامب”، عن “الاتفاق النووي”، العام الماضي، وإعادة فرض العقوبات، التي أضعفت الاقتصاد الإيراني وقدرتها على بيع “النفط”، وهو أهم صادرات البلاد.

وتُصر “إيران”، بحسب الصحيفة الأميركية، على أن عملها النووي لا يزال سلميًا بموجب “الاتفاق النووي”، الذي تم إبرامه عام 2015، ولكنها تؤكد حقها في إيقاف الإلتزام ببعض أو كل بنود الاتفاق بسبب إعادة فرض “الولايات المتحدة” للعقوبات ضدها.

واستعرضت الصحيفة أبرز النقاط المحورية التي يمكن إثارتها بعد القرار الإيراني.

إلى أي مدى وصل خرق إيران للاتفاق النووي ؟

بحسب “الاتفاق النووي”؛ الذي أبرمته “إيران” مع القوى العالمية، في 2015، يُسمح لها بالاحتفاظ حتى 300 كيلوغرام من (اليورانيوم) المخصب بنسبة نقاء 3.67، وهو المستوى الذي يمكن استخدامه في أغراض مدنية مثل الوقود وغيرها، ويعد هذا جزءًا صغيرًا من مخزون (اليورانيوم) الذي كان بحوزة “إيران” فيما مضى قبل شحنه خارج البلاد.

وتقدر “جمعية الحد من التسلح”، وهي مجموعة لمنع انتشار الأسلحة النووية؛ ومقرها “واشنطن”، بحسب (نيويورك تايمز)، أن “إيران” ستحتاج إلى ثلاثة أضعاف كمية (اليورانيوم) المخصب بنسبة 3.67، إذا ما أرادت تخصيب (اليورانيوم) بكمية تكفي لصنع قنبلة نووية.

وترى الصحيفة الأميركية، أن زيادة مخزون (اليورانيوم) لدى “إيران” لا يعني بالضرورة أنها تنوي التخلي عن إلتزامها بعدم تصنيع أسلحة نووية، ولكن أعلن المسؤولون الإيرانيون، الشهر الماضي، أنهم سيضاعفون إنتاج (اليورانيوم) المنخفض التخصيب إلى أربعة أضعاف، مما يثير احتمال أن يتمكنوا من البدء في تخزين كميات أكبر من 300 كيلوغرام.

هل إنتهكت إيران بذلك الاتفاق النووي ؟

كانت هذه نقطة خلاف كبرى بين المسؤولين الإيرانيين والأميركيين، إذ ترى “طهران” أنها لا تزال طرفًا في الاتفاق؛ على العكس من “واشنطن” التي ترى أن “إيران” خرقته. وأعلنت “طهران” أنه إذا تم إعادة فرض العقوبات المتعلقة بالسلاح النووي، فسيكون ذلك سببًا كافيًا لوقف تنفيذ إلتزامها بالاتفاق.

موقف الدول الأوروبية..

وتحاول الدول الأوروبية، الموقعة على الاتفاق، الحفاظ عليه خوفًا من بدء حرب بين “الولايات المتحدة” و”إيران” في حالة انهياره، وحثوا “إيران” على التقيد بمتطلبات الاتفاق؛ لكنهم لم يحددوا الإجراء الذي قد يتخذونه في حالة عدم انصياع “إيران” لـ”الاتفاق النووي”.

المحلل الإيراني في مجموعة (أوراسيا)، “هنري روما”، يقول إن: “تردد الأوروبيين هو ما يجعل موقفهم غير معروف حتى هذا الوقت”. وأكد دبلوماسيون من “بريطانيا وفرنسا وألمانيا”، الأسبوع الماضي، في “مجلس الأمن” أنهم يريدون “تنفيذ الاتفاق النووي بشكل كامل”.

دور مجلس الأمن..

أعتمد “مجلس الأمن” قرارًا، في 2015، أشاد فيه بـ”الاتفاق النووي” وأنهى العقوبات المفروضة من “الأمم المتحدة” ضد “إيران”. ويتضمن القرار رقم 2231، ما يُعرف بـ”حق العودة”؛ والذي يسمح بفرض هذه العقوبات إذا أشتكت أطراف أخرى في الاتفاقية من أن “إيران” لم تلتزم بـ”الاتفاق النووي”، ومثل هذه الخطوة – بحسب الصحيفة الأميركية – من شأنها على الأرجح أن تقضي تمامًا على الاتفاق.

فوضى حقيقية..

وترى (نيويورك تايمز)؛ أن هذه النقطة جدلية بين الخبراء، فعلى الرغم من أن “الولايات المتحدة” عضو في “مجلس الأمن”، إلا أنها انسحبت من “الاتفاق النووي”، العام الماضي، وقد لا يكون لديها أفضلية قانونية في المطالبة باستخدام هذا الحق، وحتى لو طالبت باستخدامه، قد ترفض الدول الأخرى التي تريد الحفاظ على الاتفاق استخدامه.

ويقول “ريتشارد نيفيو”، خبير سابق بشأن العقوبات في وزارة الخارجية الأميركية، أنه: “من غير المعروف ماذا قد يحدث إذا طلبت الولايات المتحدة استخدام ما يعرف بحق العودة، ولكن المؤكد الآن أننا في فوضى حقيقية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة