12 يناير، 2025 11:01 ص

تونس .. بلد لا تتحرك مياهه الراكدة إلا بالتظاهر !

تونس .. بلد لا تتحرك مياهه الراكدة إلا بالتظاهر !

خاص : ترجمة – لميس السيد :

على ما يبدو أن شهر كانون ثان/يناير هو موعد التظاهرات والثورات في العالم العربي.. حيث خرج المتظاهرون التونسيون، الأسبوع الماضي، لينددوا بسياسات تقشف جديدة في ميزانية عام 2018، في احتجاجات تراوحت بين المظاهرات السلمية والهجوم على المباني الحكومية، وردت الحكومة بالاعتقال السريع لمئات المتظاهرين، وفي نهاية الأسبوع أعلن الرئيس، “باجي قائد السبسي”، عن زيادة المساعدات المقدمة للأسر المحتاجة، ويعتزم معالجة أنظمة التقاعد والرعاية الصحية غير الكافية في البلاد.

على خلفية ذلك، ترى صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية، أن المظاهرات التي تشهدها تونس هي العلامة الأكثر ديموقراطية من الانتخابات لهذا البلد، فأصبح اقتصادها قائم على الاحتجاج والاعتصام والتظلم المستمر.

30 احتجاج كل أسبوع لأسباب اجتماعية واقتصادية..

على مدى السنوات العديدة الماضية، كشفت بيانات عن أحداث الاحتجاجات في تونس وردود المسؤولين من الصحف المحلية، فمنذ ثورة كانون ثان/يناير 2011، قام في المتوسط، حوالي 30 احتجاجاً وإضراباً، بحسب ما ذكرت صحيفة (الشروق) اليومية، كل أسبوع. ومع تراجع المخاوف بشأن الدستور والتوازن السياسي بين القوى العلمانية والإسلامية منذ عام 2014، فإن النسبة الأكبر من الاحتجاجات كل عام كانت تتجه لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك مسائل العمالة، وحماية العمال، وتكلفة المعيشة، وبرامج الرعاية الاجتماعية، حيث وصلت نسبة الاحتجاجات بهذا الشأن نحو 87 في المئة بحلول عام 2016.

وتتركز العديد من الاحتجاجات ضد المسؤولين المحليين المميزين بالفشل الروتيني، وما يتبعه ذلك من تأخير الأجور دون سبب عادل، وفشل البلدية في الحفاظ على الطرق ممهدة للسير، وإضرابات المعلمين في  المدارس التي تعاني نقصاً في التمويل. وفي حوالي 15 في المئة من الاحتجاجات، تفاوض المتظاهرون مع السلطات السياسية، وأحياناً يتم التوصل لحل، ولكن في ظل غياب دولة رفاهية قوية ومستجيبة، أصبحت الاحتجاجات وسيلة روتينية – وفعالة أحياناً – للمفاوضات الاجتماعية بين المواطنين والعمال والمسؤولين الحكوميين.

تراجع تأثير الاحتجاجات السياسية وتقدم الإضطرابات العمالية..

تساءلت الصحيفة الأميركية؛ كيف يمكننا تقييم فوائد الاحتجاج الاجتماعي في تونس ؟.. لقد اعتبر علماء الاجتماع، منذ وقت طويل، أن التحول الديمقراطي يشكل فرصة لتحقيق مساواة اجتماعية كبيرة. فمن الناحية النظرية، سيصوت المواطنون في انتخابات حرة لمصالحهم المادية، أي فوز السياسيين والأحزاب التي تعد بخفض الأسعار، وعلى القادة الديمقراطيين الذين يواجهون الاحتجاج الاجتماعي أن يكونوا أكثر قابلية لمنح تنازلات بما يتماشى مع مطالب المتظاهرين لضمان استمرار مناصبهم في دورات الانتخابات المقبلة.

وعلى الرغم من أن الاحتجاجات هي الطريق الوحيد لحل أزمات تونس، كما تصف الصحيفة الأميركية، إلا أنه من الملاحظ أن تأثيرها بدأ يتلاشى بعد عهد “زين العابدين بن علي”، الرئيس الأسبق لتونس، حيث بدأ ينخفض سقف إستجابة الحكومة لمطالبات المتظاهرين منذ ذلك الوقت. وعلى الصعيد الاجتماعي، لا يزال المواطنون التونسيون ودولتهم في طريق مسدود.

ولذلك فليس غريباً على الإطلاق أن التنازلات تأتي للاحتجاجات ذات الطابع العمالي والإضطراب الاقتصادي، وإحصائياً يقدر ذلك بنسبة 75 في المئة من أساليب الإضطراب، ويشمل ذلك مظاهر مثل الإعتصام على الطرق واحتلال المباني الصناعية والحكومية، وإعاقة استخراج الموارد المعدنية التونسية.

وقد أدت احتجاجات “قفصة”، التي عرقلت نقل الفوسفات، إلى إنخفاض الإنتاج إلى 40 في المئة من مستويات ما قبل الثورة نتيجة للاحتجاج المستمر. والدليل على أن تلك الاحتجاجات تأتي بنتائج جدية، هو أن المتظاهرين الذين حاصروا حقول النفط في محافظة “تطاوين” الجنوبية لأكثر من شهر في عام 2017، قد حصدوا وعوداً لـ 3500 وظيفة محلية و32 مليون دولار، لتمويل التنمية المحلية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة