25 أبريل، 2024 4:40 م
Search
Close this search box.

تونس .. اتحاد الشغل يضع “سعيد” في مأزق صعب و”الحوار الوطني” في مهب الريح !

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

أعلن الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل؛ “نورالدين الطبوبي”، في خطوة غير متوقعة، إثر لقائه رئيس الجمهورية؛ “قيس سعيد”، الأحد الماضي، عن رفض الاتحاد المشاركة في “الحوار الوطني”؛ الذي أعلن عنه “سعيّد”، وفق الصيغة المضمنة في المرسوم الرئاسي، عدد (30)، المتعلق بإحداث “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة”، معتبرًا أن هذا المرسوم: “لا يمكن أن يحل المعضلة التي تعيشها تونس اليوم”.

وتوجه الأمين العام لاتحاد الشغل التونسي، في اختتام أشغال هيئته الإدارية الوطنية، الإثنين 23 آيار/مايو 2022، بمدينة “الحمامات” الساحلية، برسالة إلى رئيس الجمهورية؛ “قيس سعيد”، قائلاً إن: “التنازل في الاتجاه الإيجابي من أجل مصلحة البلاد من شيم الكبار”.

وأعلنت المنظمة الشغلية في بيان الهيئة الإدارية عن: “إضراب وطني في القطاع العام والوظيفة العمومية للدفاع عن الحقوق الاقتصادية للموظفين، واحتجاجًا على رفض الحكومة زيادة الأجور”.

ويُعتبر “الاتحاد العام التونسي للشغل”؛ قوة اجتماعية رئيسة في البلاد، إذ ينضوي تحت لوائه نحو مليون عضو، ما يُعطيه القدرة على شل الاقتصاد وتعطيله بالإضرابات.

فهل من علاقة بين إعلان الاتحاد الإضراب الوطني في كل القطاعات العمومية؛ ورفض المشاركة في “الحوار الوطني” ؟.. وهل من مشروعية لـ”الحوار الوطني” في غياب “الاتحاد العام التونسي للشغل” ؟.. ما أسباب رفض الاتحاد المشاركة في الحوار ؟.. هل من آفاق لـ”الحوار الوطني” دون تشريك المنظمات الوطنية والأحزاب السياسية ؟..

مرسوم رئاسي يُنظم “الحوار الوطني”..

أصدر الرئيس التونسي؛ “قيس سعيد”؛ قبل أيام، مرسومًا رئاسيًا يقضي بإحداث “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة”، بهدف: “إعداد مشروع دستور جديد”.

وبحسب المرسوم الصادر بالجريدة الرسمية للدولة التونسية؛ (الرائد الرسمي)، تتألف الهيئة من لجنة استشارية في المجالين الاقتصادي والاجتماعي؛ يرأسها عميد المحامين؛ “إبراهيم بودربالة”، ولجنة استشارية قانونية مكونة من عمداء كليات الحقوق والعلوم السياسية، ولجنة حوار وطني؛ يرأسها العميد وأستاذ القانون؛ “الصادق بلعيد”، تقوم بتأليف مخرجات اللجنتين الاستشاريتين السابقتين في تقرير يُرفع لرئيس الجمهورية.

مصدر الصورة: BBC

وأشار المرسوم إلى أن التقرير النهائي لـ”الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة”؛ سيُقدم لرئيس الجمهورية في أجل أقصاه؛ 20 حزيران/يونيو المقبل، أي قبل موعد الاستفتاء المُعلن سابقًا؛ في 25 تموز/يوليو المقبل.

ويقوم محتوى عمل اللجان أساسًا على مخرجات الاستشارة الوطنية التي جرت في شهر آذار/مارس المنقضي، وعرفت نسبة مشاركة ضعيفة لم تتجاوز: 500 ألف مشارك، ما دفع العديد من المراقبين والحقوقيين للتشكيك في نتائجها.

هذا؛ ويرى ملاحظون أن الطابع الاستشاري للجان، واشتغالهم على نتائج الاستشارة الوطنية التي أعدها الرئيس؛ “قيس سعيد” مسبقًا هو مجرد غطاء شكلي لمشروع الرئيس القائم على إلغاء دستور سنة 2014، وصياغة دستور جديد، وتغيير النظام النيابي الحالي بنظام رئاسي بسلطات تنفيذية واسعة للرئيس.

حوار بلا متحاورين !

كما أنه لا معنى لمشاركة المنظمات الوطنية في الحوار؛ (عمادة المحامين، الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، اتحاد الفلاحين، الاتحاد التونسي للمرأة، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة)، دون مشاركة الأحزاب السياسية الفاعلة وباقي منظمات المجتمع المدني، وخصوصًا “اتحاد الشغل”، إضافة لوجود قرارات رئاسية جاهزة سيتم الاستفتاء عليها؛ في 25 تموز/يوليو القادم.

وقال الناطق الرسمي باسم اتحاد الشغل؛ “سامي الطاهري”، إنّ: “الحوار الذي يتحدّث عنه سعيّد؛ هو حوار مشروط ومخرجاته جاهزة، وبالتالي فإنَّ اتحاد الشغل لن يُشارك فيه”، داعيًا إلى: “الجلوس وطرح القضايا الملحّة للمواطن التونسي على طاولة الحوار”.

وفي حديث لبعض الصفحات الإعلامية الإلكترونية المحلية، اعتبر “الطاهري”؛ أنّه: “لا يمكن لرئيس الجمهورية؛ قيس سعيد، مهما كانت قدراته، أن يحلّ أزمة البلاد من دون حوار مع المنظمات الوطنية ومع الأحزاب السياسية التي لم تتورط في العشرية الماضية”، مؤكدًا رفض الاتحاد الدخول في: “حوار مشروط ومسبق وبمخرجات جاهزة”.

ولفت إلى أنّه: “مهما كان الرئيس سعيد قادرًا على الإعجاز؛ فلن يتمكن وحيدًا من حل أزمة متراكمة”، مضيفًا أنّ: “الحوار المشروط والمحددة نتائجه مسبقًا، أكدنا وملتزمون بموقفنا بعدم المشاركة فيه”.

من جانبه؛ اعتبر “بلقاسم حسن”، نائب رئيس المكتب السياسي لـ (حركة النهضة)، أن “قيس سعيد” يُحاور نفسه منفردًا في “الحوار الوطني”، ويقوم بانقلابات على المنظمات الوطنية، على غرار انقلاب 25 تموز/يوليو، والانقلاب على “اتحاد الفلاحين” وحل الهيئات الدستورية، على غرار “مجلس القضاء” و”الهيئة العليا للانتخابات” والبرلمان.

يُشار إلى أن الحوار الذي دعا إليه رئيس “تونس”، استبعد بعض الأحزاب السياسية، على رأسها (حركة النهضة)، التي استثناها كذلك من المشاركة في لجنة للإعداد لمشروع تنقيح دستور “جمهورية جديدة”، واكتفى بإشراك بعض المنظمات الوطنية الهامة في البلاد.

إضراب عام ورفض للمشاركة.. خلفيات موقف الاتحاد..

جاء إعلان “الاتحاد العام التونسي للشغل”؛ عن الإضراب الوطني كخطوة تصعيدية، ربطها البعض بوجوده خارج منظومة “الحوار الوطني”، التي وضع شروطها وضوابطها الرئيس؛ “قيس سعيد”، دون التشاور مع الاتحاد في محاور الحوار الكبرى ومحدداتها المرجعية.

ويرى مراقبون أن تزامُن إعلان أمين عام اتحاد الشغل؛ رفض المشاركة في الحوار، مع قرار الإضراب، فيه دلالات وخلفيات معينة، ولا يتم اتخاذ مثل هذه القرارات إلا في الأحداث الكبرى التي تعرفها الدولة التونسية، ابتداءً من الإضراب العمالي، 26 كانون ثان/يناير 1978، ضد خيارات الحكومة الليبرالية، التي كان يقودها في ذلك الوقت الوزير الأول؛ “الهادي نويرة”، وترافق مع أحداث دامية وقمع شديد من السلطات، مرورًا بالإضراب العام؛ يوم 12 كانون ثان/يناير 2011، قبل يومين من سقوط نظام “زين العابدين بن علي”، والإضراب العام الثالث؛ 13 كانون أول/ديسمبر 2012، احتجاجًا على الهجوم على مناضليه، الثلاثاء، أمام مقره في العاصمة، والرابع؛ يوم 17 كانون ثان/يناير 2019، للزيادة في أجور العاملين بالوظيفة العمومية والقطاع العام، في انتظار تنفيذ أو التراجع أو المضي في تنفيذ الإضراب الذي أعلن عنه يوم أمس الأول ولم يُعين له تاريخًا محددًا.

وتُشير تقارير إعلامية إلى أن الاتحاد يحرص دائمًا على لعب دوره كاملاً في المشهد السياسي، على أساس أنه: “أقوى قوة في البلاد”؛ وفق توصيف أنصاره، حيث سبق أن اقترح خارطة طريق للإصلاحات، وعرض قيادة المفاوضات تحت إشراف؛ “قيس سعيد”، لكن الأمر لم يسِر بالشكل الذي أراده، بالرغم من أنه نأى بنفسه عن المعارضة التي تقودها (حركة النهضة)، وجعل نفسه ضمن “الطريق الثالث”.

إلى ذلك، أرجع الكاتب الصحافي وعضو جمعية البحوث والدراسات التونسية؛ “توفيق المديني”، موقف الاتحاد الرافض للمشاركة في الحوار لعدة أسباب، أهمها عدم وجود تطابق بين الرؤية السياسية للرئيس؛ “سعيد”، ورؤية الاتحاد في طرحه لكيفية إعداد دستور جديد وإصلاحات سياسية كبرى مُعَدَّة سلفًا، لم يتمّ إشراك الاتحاد فيها، وليس له علم بتفاصيلها، ويخشى الاتحاد أن يتم تمريرها بالقوة وتُحْسَب عليه.

ومن بين الأسباب الأخرى التي ذكرها “المديني”؛ في منشور على صفحته بـ (فيس بوك)، هي أن “الاتحاد العام التونسي للشغل” لا يرفض تغيير شكل النظام السياسي والنظام الانتخابي الحالي، بل يرفض النظام القاعدي الذي يُريد الرئيس “سعيد” تطبيقه في “تونس”.

آفاق الحوار: ما الفرضيات الممكنة ؟

في تصريحات إعلامية لإذاعة (موازييك) المحلية، أكد وزير الشؤون الاجتماعية؛ “مالك الزاهي”، أن الهيئة الإدارية لاتحاد الشغل ما زالت في إنعقاد دائم، وباب الحوار والنقاش مع المنظمة مازال مفتوحًا.

وقال “الزاهي”: “ما يمكنني تأكديه أن كل شيء وارد ما دام باب الحوار مفتوحًا”، في إشارة لإمكانية تراجع رئيس الجمهورية، وتعديل المرسوم عدد (30)، المتعلق بإحداث “هيئة استشارية من أجل جمهورية جديدة”.

مصدر الصورة: رويترز

تصريحات وزير الشؤون الاجتماعية؛ تُحيل إلى فرضيتين لمستقبل “الحوار الوطني”:

الفرضية الأولى: إقدام الرئيس “سعيّد” على تقديم تنازلات لاتحاد الشغل، وهو أمر صعب بسبب أسلوبه: “المتشدد” في المفاوضات، بحسب مراقبين، وهو ما يجعل الباب مواربًا للاتحاد للمشاركة في “الحوار الوطني”، وبالتالي زيادة في رصيد المشروعية والثقة في مخرجات “الحوار الوطني”، خصوصًا إذا ما تم تكليف الاتحاد بإدارة الحوار مثلما طلب، وتقديم ضمانات بألا تكون مشاركته شكلية، وإنما: “قوة اقتراح كما يُريد”، وهو ما من شأنه أن يبعث رسائل إيجابية للداخل، لما للاتحاد من حضور قوي اجتماعيًا وسياسيًا وللخارج، بما أن الاتحاد لاعب مؤثر في المفاوضات التي تُجريها الحكومة مع البنوك والصناديق المالية الدولية.

الفرضية الثانية: أن يذهب الرئيس في الحوار بدون “اتحاد الشغل”؛ في شبه عزلة اجتماعية وسياسية، خصوصًا مع انسحاب عمداء كليات الحقوق من اللجنة الاستشارية المكلفة بإعداد الدستور، وما سيترتب عليه من مواجهة مع أقوى منظمة في البلاد، ينضوي تحت لوائها أكثر من مليون عامل، وقطاع واسع من العمداء والأكاديميين والمحامين الرافضين للحوار بصيغته الحالية.

وقد تكون بداية المواجهات مع السلطة بإضراب وطني عام وشامل، تليه تحركات اجتماعية وحقوقية، بالتنسيق مع المجتمع المدني والأحزاب السياسية المعارضة للرئيس؛ (التي يلتقي معها الاتحاد سياسيًا)، ما سيدفع للتشكيك بشدة في مصداقية ومشروعية هذا الحوار، ويُضعف نسبة المشاركة الشعبية في الاستحقاقات الانتخابية القادمة، سواء تعلّق الأمر باستفتاء 25 تموز/يوليو أو بالانتخابات البرلمانية؛ في 17 كانون أول/ديسمبر من السنة نفسها.

كما أن هذه الخطوة ستُزيد من عزلة الرئيس خارجيًا، خاصة أن الإدارة الأميركية و”الاتحاد الأوروبي” يشترطان العودة للمؤسسات الديمقراطية، وإشراك مختلف الأطراف السياسية في البلاد في الخطوات “الإصلاحية”، التي يعتزم “سعيد” القيام بها لتغيير الدستور والنظام السياسي، وإلا فلن يكون هناك دعم دبلوماسي ومالي وقروض.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب