خاص : ترجمة – لميس الشرقاوي :
يعيش العالم نوبة غير مسبوقة من الهلع؛ مدعومة بعدة عوامل بعد اجتياح فيروس “كورونا” عشرات الدول حول العالم، على رأسها التغطية الإعلامية التي تُفاقم الأزمة وتصوراتها بالنسبة للمتلقين.
في ذلك الإطار تتوقع صحيفة (سايكاتريك تايمز)، المهتمة بالصحة النفسية والعقلية؛ أن تتفشى عدة اضطرابات في الفترة المقبلة، وحتى بعد إنحسار فيروس “كورونا”، منها الرفض الاجتماعي وكراهية الأجانب؛ كإحدى أوجه التأثير المجتمعي لتفشي الأوبئة المعدية.
مع تزايد المخاوف بشأن تهديد وباء “كورونا”، يبدأ الناس في إكتناز الأقنعة والمستلزمات الطبية الأخرى. وهي غالبًا سلوكيات مرتبطة بالقلق، واضطرابات في النوم، وحالة صحية متدنية بشكل عام. قد يكون الأفراد المصابون بمرض عقلي عُرضة بشكل خاص لآثار الذعر والتهديد المصاحبان للأزمة.
ترتبط الأمراض المزمنة، بما في ذلك الأمراض المُعدية مثل: “السل وفيروس نقص المناعة البشرية”، (الإيدز)، بمستويات أعلى من الاضطرابات النفسية مقارنةً بعامة السكان، حيث تظهر الدراسات أن معدلات الإكتئاب ترتفع عادةً بعد العدوى. تقول الصحيفة أنه على الرغم من أن آثار فيروس التاجي على الصحة العقلية؛ لم يتم دراستها بشكل منهجي، فمن المتوقع أن يكون لـ”كورونا” تأثيرات متتالية، خاصة بناءً على ردود الفعل العامة الحالية.
الرفض الاجتماعي وعدم الثقة الطبية والتآمر..
تؤدي الأوبئة إلى وصم الأفراد المتضررين وشخصيات السلطة وأخصائيي الرعاية الصحية. وشوهد هذا الإتجاه في العديد من البلدان، خاصة مع الرجال والنساء من أصل آسيوي، ولا سيما الصينيين، الذين أصبحوا ضحايا الوصمة الاجتماعية وكراهية الأجانب، ويسير ذلك بالتوازي مع مستويات عالية من التسييس والتهديدات عبر “الإنترنت” وفي التفاعلات الشخصية. كما هو الحال مع معظم التفاعلات المحملة بالوصمة، تُحدث تلك العملية بسبب المعلومات المحدودة والتقييمات المتسرعة والأحادية الأبعاد والاستجابة الدفاعية. من الضروري أن يعمل جميع المتخصصين في الرعاية الصحية، وخاصة الأطباء النفسيين، كصوت العقل ويُساعدون في نشر المعلومات الصحيحة القائمة على الأدلة.
خلال الجائحة المُعدية، “كورونا”، إرتبط انعدام الثقة الطبي بنظريات المؤامرة. في إحدى الدراسات الأميركية، أيد ما يصل إلى نصف أولئك الذين شملهم الاستطلاع اعتقادًا واحدًا على الأقل في نظرية المؤامرة المتعلقة بالصحة.
يمكن أن يؤدي عدم الثقة في المنظمات الطبية إلى تعزيز مشكلة الوصم الاجتماعي والتمييز العرقي والإثني، ويؤدي إلى انخفاض الإلتزام بالتوصيات الصحية. ولذا، يجب على الأطباء الحفاظ على عرض علمي قائم على الحقائق ومحايدة للتوصيات مع التأكيد على أهمية الممارسات العامة لمكافحة العدوى في أعقاب إنحسار “كورونا”.
القلق واضطرابات الوسواس القهري..
تظهر آثار تهديدات الأمراض المعدية في شكل القلق والذعر: القلق بشأن الإصابة بالعدوى، والقلق بشأن مرض الأحباء، والقلق عند ظهور الأعراض ذات الصلة – حتى ولو كانت طفيفة – يؤدي عدم وجود علاج نهائي للفيروس التاجي إلى تفاقم القلق بسهولة.
هاجس التلوث، وهو استمرار القلق غير المرغوب فيه بشأن أن شخص ما متسخ ويحتاج إلى الغسيل أو التنظيف أو التعقيم، وهو أمر شائع جدًا في مرضى “الوسواس القهري”؛ يمكن أن تتفاقم بسهولة مخاطر التنظيف والغسيل المبالغ فيهما، وهي سمة أساسية من سمات “الوسواس القهري”، التي تُصاحب خطر الأوبئة المعدية. وتشمل مضاعفات تنظيف الجلد المفرط الجفاف والتشقق الذي يمكن أن يؤدي إلى العرضة بشكل أكبر للعدوى، بالإضافة إلى التهاب الجلد التأتبي. والخوف من الإصابة بمرض جديد مثير قد يؤدي إلى تفاقم السلوكيات السلبية، حيث يجب أن يتنبه الأطباء في الطب النفسي إلى المشاكل المحتملة بين مرضى الوسواس القهري في الفترات المقبلة.
الاضطرابات الذهانية: عدم ثقة طبية متطرفة..
من الناحية النظرية، فإن أكثر الأمثلة الصارخة؛ وربما الأكثر إثارة للاهتمام لنظريات المؤامرة هي عدم الثقة الطبية المتعلقة بالمرضى الذين يُعانون من اضطرابات ذهانية. عادة، قد يؤدي التعرض المتكرر لوسائل الإعلام إلى استعراض حقائق مقلقة إلى جانب عدم الثقة في المنظمات والحكومة، بالإضافة إلى سوء إسناد الأعراض الجسدية وتفشي الأوهام. وبالمثل، يمكن أن تؤدي المخاوف بسرعة إلى إنهيار وظائف معينة في الجسم.
ومن ضمن ما يُفاقم أزمة الاضطراب النفسي لدى متابعي أزمة “كورونا”، هو إضافة الوقود إلى النار بعرض المزيد من المناقشات حول نظريات المؤامرة المتعلقة بالفاشيات المعدية، مثل “فيروس نقص المناعة البشرية” و”الإيبولا”، في وسائل الإعلام السائدة. في المقابل، يؤثر نقص المعرفة حول الأوبئة، والإصابة بأمراض تنتقل عبر الحيوانات، وآثار التغيرات المناخية، على المرضى والأصحاء على حد سواء.
وفي ظل تفشي المعلومات غير المؤكدة على الإنترنت بالتوازي مع تفشي “كورونا”، يجب على الأطباء استبعاد الأسباب العضوية وطمأنة المريض بعدم وجود عدوى.
يُثير تفشي “كورونا” الحالي الخوف على المستوى المجتمعي. على المستوى الفردي، قد يؤدي إلى تفاقم القلق والأعراض الشبيهة بالذهان، وكذلك يؤدي إلى مشاكل عقلية غير محددة، (على سبيل المثال، مشاكل المزاج، واضطرابات النوم، والسلوكيات الشبيهة بالرهاب، والأعراض الشبيهة بالذعر). ولذلك يجب على الأطباء النفسيين نشر ممارسات مكافحة العدوى السليمة ومساعدة مجتمعاتهم على الحفاظ على إجراء التواصل الميداني لتجنيب المرضى النفسيين والمعرضين لذلك النوع من الأمراض، الكثير من المعاناة.