وكالات – كتابات :
دخلت العلاقات “العراقية-التركية”، مرحلة جديدة من التوتر، عقب قيام قوات خاصة تابعة لـ”أنقرة”، بتنفيذ عملية عسكرية وتدمير أحد الأنفاق المهمة، علاوة على زيارة وزير الدفاع التركي، دون تنسيق مع “بغداد”.
ويرى مراقبون أن التوتر الأخير، بين “بغداد” و”أنقرة”، هو من تداعيات المواقف الإقليمية المتصارعة، بعد أن كانت العلاقات بين البلدين آخذة في التحسن.
وكان هناك تنسيق بعد الزيارات المتبادلة بين الحكومتين، لكن هناك قوى إقليمية تتحكم في القرار العراقي، الأمر الذي أعاد أجواء التوتر من جديد، وهو ما يمكن أن يكون له مردود سلبي على البلاد.
أسباب توتر العلاقات..
ويرى المحلل السياسي العراقي، “عبدالقادر النايل”، أن سبب التوتر الأخير في العلاقات، (التركية-العراقية)، التي كانت قد شهدت تحسنًا، خلال الفترة الماضية، يعود إلى الزيارة التي قام بها وزير الدفاع التركي للداخل العراقي، دون علم السلطات في “بغداد”.
وأشار في حديثه لشبكة (سبوتنيك)، الروسية، إلى أن تلك الزيارة؛ جاءت عقب قيام القوات التركية الخاصة بتدمير أهم نفق عسكري في “العمادية”، شمال “العراق”، كانت تستخدمه عناصر “حزب العمال الكُردستاني”، حيث كانت تكلفة هذا النفق المالية كبيرة، ومنذ سنوات استفادت (PKK)، من النفق من أجل الإحتماء داخله، وشكل معسكرًا مهمًا لهم، فضلاً عن أنهم أصبحوا يستخدمونه للوصول للداخل التركي.
وأوضح المحلل السياسي، أن رد الفعل العراقي الغاضب، جاء متأثرًا بالغضب الإقليمي الإيراني، وانزعاج ميليشيات (الحشد الشعبي)، التي أبرمت مؤخرًا اتفاق “سنجار”، مع “حزب العمال الكُردستاني”، لأن المعلوم أن هناك اتفاق قديم بين “العراق” و”تركيا”، يُنص على السماح للأتراك بالدخول للأراضي العراقية بمسافة عشرين كيلو متر.
نزاع بين أجانب !
ولفت “النايل”؛ إلى أن النزاع الموجود الآن؛ هو بين أجانب على الأراضي العراقية، وكان يفترض من السلطات الحكومية طرد منظمة (PKK)؛ من الأراضي العراقية، لأن الدستور الحالي يُنص على عدم استخدام الأراضي العراقية في استهداف دول الجوار؛ أو إيواء منظمات إرهابية، تستهدف دول الجوار.
وهنا نتساءل لماذا جرى، تحت هذه المادة، طرد منظمة (مجاهدي خلق) الإيرانية من “العراق”، بالرغم من أنها سياسية معارضة للنظام الإيراني، ولا تطرد منظمة الـ (PKK) التركية، وهي منظمة مسلحة أعلنت عن هجمات على “تركيا” وتجاوزت على العراقيين في عدة مدن، شمال “العراق” ؟.
وقال “النايل”؛ إن هذه الإزدواجية تكشف أن غضب السلطات الحكومية، في “العراق”، نابع عن توجيه خارجي، وكان يفترض بها أن تغضب عندما اعتقلت قوة من وحدة النساء في “حزب العمال الكُردستاني”، ضابط استخبارات في الجيش الحكومي تابعًا لـ”وزارة الدفاع”، في “سنجار”، ووجهت امرأة إهانة كبيرة لهذا الضابط، لذا نحن مع كون سيادة “العراق” واحترامها واجب من جميع دول الجوار، بما فيها “تركيا”، لكن يتطلب أن يتم طرد “حزب العمال”، من الأراضي العراقية أيضًا.
أزمة التعامل العراقي..
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة “بغداد” والسفير السابق في “الخارجية العراقية”، الدكتور “قيس النوري”، أن من أولى مسلمات العلاقات الدولية، خاصة بين دول الجوار الجغرافي، السعي لتطويق أي أزمة تنشأ بينهما، وهو سلوك يهدف إلى استبعاد التأزم السياسي بين الدول ضمانًا لعلاقات سياسية واقتصادية سليمة تنعكس إيجابًا على الشعوب.
وتابع “النوري”، في حالة السلوك السياسي لنظام “بغداد”؛ نجد أنه يسعى دائمًا لاستثمار الفرصة لتعظيم بوادر أي أزمة مع جيرانه، ويتغافل تمامًا عن السلوك التدخلي، واسع النطاق في الشأن العراقي.
تبعية مجانية..
وفيما يخص التصعيد الأخير مع “تركيا”، قال أستاذ العلوم السياسية، إنه يندرج وفق معطيين أساسيين، الأول، هو ما أسفرت عنه المواقف الإيرانية السلبية الأخيرة، تجاه “تركيا”، ليأتي التصعيد العراقي انسجامًا مع الموقف الإيراني، وهو بهذا لا يختط سياسية عراقية وطنية، وإنما سياسة تبعية مجانية واضحة.
أما المعطى الثاني؛ فإن دوافعه داخلية، في محاولة من النظام لصرف الإنتباه عن الفشل المريع لهذا النظام في الإيفاء بأبسط المتطلبات الأمنية والمعيشة للشعب العراقي، من خلال تصعيد الأزمات بدل اللجوء إلى حلها.
إدانة عراقية واضحة..
أعلنت “وزارة الخارجية” العراقية؛ استدعاء القائم بأعمال السفارة التركية، احتجاجًا على زيارة وزير الدفاع التركي إلى الأراضي العراقية: “دون تنسيق”، فيما وصفت التواجد التركي: “بغير المشروع”.
وذكر بيان للوزارة؛ أن: “وكيلها الأقدم، نزار الخيرالله، استدعى الإثنين، القائم بأعمال السفارة التركية لدى بغداد؛ وسلمه مذكرة احتجاج عبرت فيها الحكومة العراقية، عن استيائها الشديد وإدانتها من قيام وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، بالتواجد داخل أراضيها دون تنسيق أو موافقة مسبقة من قبل السلطات المختصة، ولقائه قوات تركية تتواجد داخل الأراضي بصورة غير مشروعة”.
وأدانت الوزارة، تصريحات وزير الداخلية التركي؛ بشأن نية بلاده إنشاء قاعدة عسكرية دائمة في شمال “العراق”.
ونقل البيان، عن “خيرالله”، قوله إن: “حكومة بلاده ترفض، بشكل قاطع؛ الخروقات المتواصلة لسيادة العراق وحرمة أراضيه وأجوائه، من قبل القوات العسكرية التركية، وأن الاستمرار بمثل هذا النهج لا ينسجم مع علاقات الصداقة وحسن الجوار والقوانين والأعراف الدولية ذات الصلة”.
وشدد وكيل “وزارة الخارجية” العراقية؛ على ضرورة: “تذكير الجارة تركيا، بأن الركون إلى الحلول العسكرية أحادية الجانب لا يمكن أن يكون السبيل الناجع لتسوية التحديات الأمنية المشتركة”.
وتفقد وزير الدفاع التركي، “خلوصي أكار”، السبت الماضي، قاعدة عسكرية لبلاده، شمالي “العراق”، فيما أكد أن “تركيا” عازمة على إنهاء الإرهاب وتوفير السلام للمنطقة.
وتُنفذ القوات التركية، في السنوات الماضية، عمليات مكثفة ضد المسلحين الأكراد، الذين تعتبرهم إرهابيين، في كل من “العراق” و”سوريا”، قائلة إن ذلك يأتي ردًا على هجمات نفذها أو خطط لشنها عناصر “حزب العمال الكُردستاني”، الذي تحاربه “تركيا”، على مدار أكثر من 3 عقود، داخل البلاد وخارجها.